أوكرانيا وترسيم الحدود

اوكرانيا

“إن حرب روسيا على أوكرانيا لن تقف عند حدود أوروبا” هذا كان تصريح ثعلب السياسة الأميركية الهرم “هنري كسنجر” الذي ما زالت تثبت الأيام صحة أقواله وتوقعاته، فاليوم ونحن نقف على أعتاب انقضاء خمسة أشهر من اندلاع العدوان الروسي على الأراضي الأوكرانية باتت معالم الصراع العسكري في العالم محددة بثلاث نقاط رئيسة؛ ففضلًا عن شرق أوروبا هناك شرق آسيا “قضية الصين و تايوان” و الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، و كأنّ وجود هذا الشرق بات لعنة اللعنات.

اقرأ أيضاً: خاص «جنوبية» تهديدات نصرالله حول كاريش لإنقاذ عهد عون!

لا شك أن القاصي و الداني يعلم أن الصرخات الأوروبية بدأت تتعالى خصوصًا مع إيقاف شركة غاز بروم الروسية ضخ الغاز الروسي إلى ألمانيا عبر خط نورد ستريم 1 بحجة القيام بأعمال الصيانة. يترافق ذلك مع تلميحات صحيفتَي دير شبيغل الألمانية ولو فيغارو الفرنسية عن وجود خطط أوروبية لوقف بعض الصناعات في الشتاء لتوفير التدفئة إلى المنازل. كل ذلك أدى الى تشكيل قناعة راسخة عند القيادة الأوروبية باستحالة تسوية الوضع مع روسيا قريبًا فبرزت الحاجة الملحّة للبحث عن موارد غاز إضافية تصل الى القارّة العجوز قبل حلول الشتاء القادم و ذلك لسدّ نقص امداد الغاز الروسي.

الصرخات الأوروبية بدأت تتعالى خصوصًا مع إيقاف شركة غاز بروم الروسية ضخ الغاز الروسي إلى ألمانيا

أولى القبل الأوروبية كانت قطر التي تتميز بوجود احتياطات كبيرة من الغاز المسال والذي يسهل نقله؛ والتي وعدت بتأمين كميّات كبيرة من الغاز ليتمّ شحنها الى أوروبا. ثم كان التوجه الغربي نحو مصر التي وقّعت اتفاق مع العدوّ برعاية أوروبية يسمح بنقل الغاز المصري والإسرائيلي إلى أوروبا عبر محطات الضخ المصريّة، ثم كانت الجزائر التي تعهّدت بزيادة الكميّات المنتجة من الغاز و صخّها إلى أوروبا.

بدأ القلق الروسي بالازدياد خصوصًا مع وصول منصّة استخراج الغاز إلى حقل كاريش، هنا شعر بوتين بالخطر و بأنّ روسيا ستفقد ورقة الضغط الوحيدة لديها والتي تمكّنها من مفاوضة الغرب على رفع العقوبات الموجعة التي طالتها، فبدأت القيادة الروسية بالتفكير في طرق للتخريب على الترتيبات الأميركية – الأوروبية؛ أولى الخطوات كانت إفشال الإتفاق النووي الإيراني، فواهمٌ من يعتقد بقرب الغرب من عقد صفقة نووية مع إيران وذلك لأنّ الروسي لن يسمح للغرب بأن يستفيد من رفع العقوبات عن إيران وبالتالي دخول النفط الإيراني إلى الأسواق العالمية مما سيسمح بإراحة أسواق النفط العالمية قليلًا. ثمّ قامت روسيا بالتوجه نحو فنزويلا مانعةً إياها من فتح قنوات التواصل بينها وبين الولايات المتحدة الأميركية، وعلى اعتبار أنّ عرقلة نقل الإمدادات النفطيّة من الخليج العربي إلى أوروبا سهلة عن طريق زرع الحرس الثوري الإيراني بعض الألغام البحريّة في مضيق هرمز أو عن طريق الحوثيين في باب المندب في اليمن لم يبقَ امام الروس إلّا البحث عن طريقة لعرقلة مفاوضات الحكومة اللبنانية مع الوسيط الأميركي والتي كانت تتّسم بالجديّة والإيجابية حسب بيانات المسؤولين اللبنانيين فكانت رسالة المسيرات التي استنكرتها الحكومة اللبنانية و خطاب نصر الله الأخير الذي طغت عليه اللكنة الروسية.

بدأ القلق الروسي بالازدياد خصوصًا مع وصول منصّة استخراج الغاز إلى حقل كاريش

فخطاب نصر الله الأخير كان مدفوعًا بتعثّر المفاوضات النووية الإيراينة مضافًا إليه شيءٌ من نكهة روسية، ففي خطابه الأخير، أدخلَنا أمين عام حزب الله -كما عادته- في مغامرة جديدة لا ناقة للبنان فيها ولا جمل ضاربًا في عرض الحائط بيانات الحكومة اللبنانبة ومواقفها فبات بذلك لبنان الرهينة في صلب الصراع الروسي – الغربي على موارد الطاقة. فرسالة المسيرات و التهديد بالحرب عرقلت المفاوضات الإيجابية وبدت و كأنّ ضوءً أخضرًا إيرانيًا بمباركة روسية قد أُعطيَ للحزب في لبنان لأن يمنع أي اتفاق كان حتى لو ارتضته الحكومة اللبنانية والشعب اللبناني وبالتالي ظهر حزب الله مجددًا في موقع من يحقق المصالح الإيرانية والروسية على حساب مصلحة لبنان وشعبه.

خطاب نصر الله الأخير كان مدفوعًا بتعثّر المفاوضات النووية الإيراينة مضافًا إليه شيءٌ من نكهة روسية

و يبقى السؤال، هل يعود الحزب و لو لمرة واحدة الى لبنانيّته محكّمًا المصلحة اللبنانية العليا أم يرتضي أن يُبقي لبنان وشعبه رهينة صراعات الدول الكبرى والمحاور الإقليمية التي لا ناقة لنا فيها ولا جمل؟

السابق
بعدسة «جنوبية».. استنفار بسبب الحرائق واجتماع وزاري في الداخلية!
التالي
في بعلبك.. احتجز ولديه من ذوي الإحتياجات الخاصة في المنزل منذ بداية كورونا وهذا ما حلّ به!