ترحيل «الكابيتال كونترول» من مجلس الى مجلس.. «شيمته الغدر»!

يمكن للمودعين، ربما، أن يتنفسوا الصعداء بعد إلغاء إجتماع اللجان النيابية المشتركة، التي كان من المفروض أن تدرس قانون الكابيتال كونترول، لكن عليهم أن يعدوا العدة لمواجهة مجلس نيابي جديد، قد لا يقل إستهتارا وإنتهاكا لحقوق المودعين، على غرار المجلس الحالي، لأن السلطة الحالية تسعى لإعادة إنتاج نفسها .

مرة جديدة طار قانون “الكابيتال كونترول” من اللجان النيابية المشتركة اليوم. لم يكن التبرير هذه المرة بأن النواب لم يطّلعوا على خطة الحكومة للتعافي من الازمة، فرئيس الحكومة نجيب ميقاتي وبعد التأجيل السابق لجلسة اللجان أرسل مقترح الخطة المالية إلى مجلس النواب، إلا أن الكتل النيابية أصرت مجددا على عدم الحضور فطارت الجلسة، بعد أن دعا إليها رئيس المجلس نبيه بري لدرس قانون الكابيتال كونترول في ضوء الايضاحات التي طلبها المجلس من الحكومة وأرسلتها له.

هذا التطور الذي ترافق مع تحرك شعبي على مدى أسبوعين، ضد إقرار القانون من قبل نقابات المهن الحرة والجمعيات التي تتابع حقوق المودعين، يعني أن إقرار خطة التعافي المالي والكابيتال كونترول سيكون من مهمة المجلس النيابي الجديد ورئيس الجمهورية المقبل، أي سيكون جزءا من تسوية للوضع السياسي والمالي والدور الاقتصادي للبنان ضمن إطار التسوية الكبرى التي تجري في المنطقة (على حد تعبير أحد السياسيين المخضرمين)، ما يجعل السؤال مشروعا عن الضمانات التي ستدفع النواب الجدد للحفاظ على حقوق المودعين بعد أن ينالوا مأربهم من الانتخابات؟ وهل ينقسم المجلس المرتقب حول حقوق المودعين كما هو حاصل اليوم؟ والدليل هو كلام نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي (المؤيد لإقرار القانون اليوم) بأن “المجلس النيابي له موقف جذري يقول للمرة المليون أنه حريص على المودعين أكثر بكثير من حرص البعض”، أما في الجهة المقابلة فحذر عضو كتلة الجمهورية القوية النائب جورج عدوان “كل الحكومات التي ستأتي بعد الانتخابات، بأن زمن التسويات خارج المجلس النيابي لتمرير أمور معينة بين بعض الافرقاء ولّى إلى غير رجعة”. 

يجيب عضو نقابة المحامين وجمعية حقوق المودعين اللبنانيين الدكتور علي زبيب “جنوبية” على هذه الأسئلة بالقول أن “لا ضمانات بعدم غدر المجلس النيابي المقبل بالمودعين أو بالشعب اللبناني”، مشددا على “عدم الوثوق مطلقا بهذه الطبقة السياسية التي ستعيد إنتاج نفسها وكل ما يمكننا فعله أننا سنكون في الشارع وداخل اللجان للمواجهة كنقابة محامين وكإتحاد نقابات مهن حرة، وندعو كل الجمعيات والروابط والجهات المعنية للتكاتف للحفاظ على حقوق المودعين من  دون التفرقة بين الودائع الصغيرة و الكبيرة”.

زبيب لـ”جنوبية”: سنضغط لإقرار “الكابيتال كونترول” بطريقة صحيحة تمنع إستنزاف العملة الصعبة

ويؤكد “أننا نريد المحافظة على كل الودائع، بإستثناء تلك التي تكونت من الفساد وسرقة المال العام، فنحن لا غاية لدينا بحمايتها بل يتجميدها وإعادتها للخزينة العامة أو أصحابها الحقيقيين، كما نشدد على عدم إستعمال كلمة خسائر بل ديون للمودعين على المصارف”، لافتا إلى أن” تحرك جمعية المودعين اللبنانيين هو جزء من تحرك، يضم إتحاد نقابات المهن الحرة ولجنة حماية المودعين ونقابة المحامين، والمرصد الوطني لحقوق المودعين، بالاضافة إلى جمعيات وروابط مهنية ونقابية، وهم جميعا إستطاعوا منذ الاسبوع الماضي، الوقوف في وجه تمرير إقتراح قانون مفخخ ظاهره إقرار كانون كابيتال كونترول وباطنه إبراء ذمة مطلقة، للمرتكبين في السلطة السياسية والمصارف المرتكبة”.

يضيف:”ما نقوله أن هناك ضرورة قصوى للتحرك، ليس بهدف إقرار قانون الكابيتال كونترول بل بهدف إقرار رزمة كاملة من القوانين الاصلاحية التي هي ضرورة وحاجة للبلد وليس لأنها ضمن شروط صندوق النقد الدولي”، مشددا على أنه “تقنيا خطة التعافي مرفوضة، لأنها تشطب 60 مليار دولار من أموال المودعين ولذلك لا بد من التفكر والمزيد من البحث والتحليل للوصول لخطة تعافي تحمي المودعين”.

ويؤكد أن “الجمعية ولجنة حماية حقوق المودعين ستقومان بطرح صيغة جديدة للكابيتال كونترول، يتم بموجبها حماية حقوق المودعين حاضرا ومستقبلا، وفي الوقت نفسه نكون ضغطنا نحو إقرار الكابيتال كونترول بطريقة صحيحة تمنع من إستنزاف المزيد من العملات الصعبة إلى خارج البلاد”، لافتا إلى أنهم “في صدد التحضير لهذه الخطة وهم أصلا في مواجهة دائمة مع السلطة، علما أنه في المرحلة المقبلة لن تكون تحركنا كردة فعل بل المبادرين، ولا سيما في ما يخص الصياغة التشريعية و إقتراح نصوص قانون تقدم إلى مجلس النواب كمشاريع قوانين وأهمها الكابيتال كونترول”. 

في ميزان الخبراء الاقتصاديين يرى الخبير الاقتصادي الدكتور إيلي يشوعي أن “تطيير قانون الكابيتال كونترول أمرا طبيعيا”، شارحا ل”جنوبية”أنه “منذ اليوم الاول وبعد الاطلاع على مضمون القانون تبين أنه غير ذي جدوى، وتوقيت طرحه خطأ ويتضمن مغالطات كثيرة وهو يعرّض الودائع إلى خطر الزوال ولا يحمي المودعين ويضع يده على الصادرات والمردود المالي لها”، مشددا على أن “لا مكان له إلا  سلة المهملات لأنه لزوم ما لا يلزم، كونه سيعتبر الاموال الجديدة التي ستدخل على المصارف بعد إقراره معفاة، وهذا سيؤدي إلى إضمحلال حركة الرساميل، وبالتالي هدفه وضع القيود على الودائع “القديمة” وكأن السلطة السياسية تريد تحقيق مبدأ عفا الله عن ما مضى “.

يشوعي لـ”جنوبية”: هدف “الكابيتال كونترو وضع القيود على الودائع “القديمة”..  و”عفا الله عن ما مضى”

يرى يشوعي أن “مطلب صندوق النقد بإقرار الكابيتال كونترول لا معنى له، لأنه كان من المفروض إقرار هذا القانون في العام 2019 قبل تهريب 25 مليار دولار من المصارف وليس ضروري أن نتقيد حرفيا بما يطلبه منا صندوق النقد”، مشيرا إلى أن”القانون تم ترحيله إلى ما بعد الانتخابات، لأن أيا من النواب لن يجرؤ على إقراره حاليا، لأنه سيدفع الثمن في صندوق الاقتراع، لكن العين ستبقى على ما سيحمله المجلس النيابي الجديد للمودعين، بعد أن يكون قد إطمأن إلى أنه حصلوا على مبتغاهم لجهة الوصول إلى الندوة النيابية”.

ايلي يشوعي خبير اقتصادي
ايلي يشوعي خبير اقتصادي
السابق
3 بيانات لهيئة الاشراف على الانتخابات… وتحذيرات
التالي
هبوط طفيف للدولار الأسود.. كيف أقفل مساءً؟