سروع لـ«جنوبية»: «الكابيتال كونترول» لا يمت بصلة الى المصلحة الوطنية العليا

جو سروع
تعود الاضواء إلى "الكابيتال كونترول" اليوم لسببين الاول هو متابعة اللجان النيابية دراسته في داخل المجلس النيابي، والثاني هو المظاهرة التي ستنظم ضد إقراره في الخارج. فأي فريق سينتصر؟ لا أحد يعرف لكن في لبنان الحلول كانت تأتي دائما على حساب اللبنانيين.

في الوقت الذي تستكمل فيه اللجان النيابية المشتركة اليوم دراسة مشروع قانون الكابيتال كونترول الذي أقرته حكومة الرئيس نجيب ميقاتي معدلا، وسط إستعجال رئيس مجلس النواب نبيه بري هذه الإحالة، إظهارا منه لجدية التزام المجلس ما يطلب منه، لتسهيل تنفيذ الالتزامات حيال الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، أعلنت جمعية المودعين عن تظاهرة اليوم صباحا أمام البرلمان، تحت عنوان “إسقاط قانون تشريع السرقة وشطب الودائع وحماية اللصوص”، داعية اللبنانيين “للدفاع عن جنى العمر بكل الوسائل المتاحة في وجه حكومة المصارف”، كما دعت إتحادات النقابات الحرة إلى إعلان الإضراب.

هذا التحرك الذي من المفروض أن يتم اليوم، يعني أن مواجهة ستحصل بين المودعين وبين نواب يدّعون حرصهم على الحفاظ على حقوقهم سواء أكانوا صغارا أم كبارا. ومن المفيد التذكير ان الجمعية المودعين تعتبر إقرار قانون الكابيتال كونترول بصيغته الحالية، “صك براءة للمصارف والمركزي، إذ لا يمكن إقرار قانون كهذا من دون تحديد المسؤوليات وتوحيد سعر الصرف وإعادة هيكلة المصارف”. 

الكابيتال كونترول يَعِد بأكثر مما قد يُنتج خصوصا في غياب خطة تَعاف حقيقية وجدية 

إذا لأول مرة منذ 30 شهرا، يبدو أن المجلس النيابي يعلق بين ضغط صندوق النقد، الذي يصر على إقرار القانون قبل نهاية ولاية المجلس، وبين ضغط المودعين الذي سيُترجم لا محالة، في صندوق الاقتراع في الانتخابات النيابية المقبلة. فما هي إيجابيات وسلبيات القانون الذي سيجازف النواب بإقراره  بالرغم من الاعتراض الشعبي عليه؟

يؤكد الخبير المصرفي الدكتور جو سروع ل “جنوبية” أن “كل ما يجري لا يمت الى المصلحة الوطنية العليا بصلة، لأن إقرار القانون كان يجب أن يتم منذ أكثر من عامين ونصف”، مشددا على أن “تحفّظه المبدئي والمهني على مشروع القانون، كونه يغيّر المشكلة لتناسب الحل، في حين أنّ الصح هو تغيير الحل ليناسب المشكلة”.

يضيف:” من السلبيات التي يمكن أن تُسجل على المشروع المقترح  هو أنه يعهد بإدارة القانون بمختلف حيثياته ومقتضياته إلى “لجنة خاصة” مؤلفة من وزيري المال والاقتصاد وحاكم مصرف لبنان، ويترأسها رئيس مجلس الوزراء أو وزير يَنتدبه”، لافتا إلى أن “هذه اللجنة تتمتع بصلاحيات واسعة تشريعية وتنظيمية بالانتقاء وحق الاستنساب عند اللزوم، وكذلك عُهد بمراقبة حسن تطبيق القانون والعقوبات إلى لجنة الرقابة على المصارف، وأُعطيت اللجنة صلاحيات رقابية وقانونية وإجرائية لزوم تطبيق قانون النقد والتسليف”.

مشروع الكابيتال كونترول يغيّر المشكلة لتناسب الحل في حين أنّ الصح هو تغيير الحل ليناسب المشكلة

يرى سروع أنه “عندما نفنّد مسودة القانون يتبين لنا إنها ترى “أن لبنان عانى ولا يزال من فقدان الثقة بالاستثمار فيه ما أدى إلى حركة تحويلات مصرفية هائلة إلى الخارج، وهو ما يُعرف أيضاً بهروب رؤوس الأموال، وأنه من الضروري إحتواء حركة التهافت، للتخلّص من العملة الوطنية والأصول المحلية، من خلال الحد من التضخم والحد من ردة الفعل المفرطة للمستثمرين في بيع الأصول اللبنانية”، لافتا إلى أن هذا الامر “ليس من مهمة القطاع الخاص الذي كان مركز الثقة ومصدر تعزيزها، والذي حُمّل ثقل القطاع العام وأكلاف هدره وفساده المتمادي وفقدان الثقة، وما وصلت إليه اليوم من إنعدام الوزن، هو من مسؤولية القطاع العام، وهو المسؤول الأول والأخير عن استعادة هذه الثقة بالأداء المُحَوكم جيداً، بكل مكوّناته وشفافية وفعالية سياسات وقواعد ونظم محاسبته”.

ويعتبر سروع أن “ربط (مسودة القانون) التحويلات المفرطة إلى الخارج حصراً بفقدان الثقة على أهميته ليس دقيقاً كفاية، لأن التحويلات تكاثرت عقب الأبلسة المنظمة لمصرف لبنان والمصارف، وإنكشاف الأخيرة على نقص كبير في السيولة، ما أوصل إلى الانتقاص المتمادي والمتصاعد في حقوق المودعين”.

 يضيف:”من الاهداف التي وضعها  القانون، هو المساهمة في إعادة الاستقرار المالي، وقدرة المصارف على الاستمرار، وهما يشكلان أحد الشرطين الأساسيين لإستئناف العمليات المالية، وإلى إدخال ضوابط على عمليات التحويل إلى العملات الأجنبية في شكل شفاف، لمنع مزيد من تدهور سعر الصرف حماية لاحتياطي المصرف المركزي بالعملات الأجنبية، و إلى إستعادة السيولة في القطاع المصرفي ولحماية المودعين فيه”، مشددا على أن “هذه الأهداف المتكاملة، إذا سلّمنا جدلاً أنها ليست تمنيات أو نيات حسنة فقط، بل طموح يَصبو إليه صنّاع مشروع القانون، إلا  أنه على “شرعيته”، يتعدى حدود القانون في غياب إعادة هيكلة جدية للمصارف، تُحدد بشفافية مصير الودائع ومتى وكيف وكم سيتم وصول المودعين إلى مدخراتهم”.

القطاع العام هو المسؤول الأول والأخير عن استعادة الثقة بالأداء المُحَوكم بكل

ويعتبر أنه “ليس من العدل ومن غير المقبول السماح للمودعين، بسحب ما لا يزيد على ألف دولار أميركي للفرد شهرياً بالعملة الوطنية أو بالعملة الأجنبية، وفق ما تحدده اللجنة وعلى مدى خمس سنوات، يعود إلى مجلس الوزراء تقصير هذه المدة أو إطالتها بناء على اقتراحها(اللجنة) وأي مودع يخالف الأحكام الخاصة المتعلقة بسقوف السحوبات المقررة يتعرض لغرامة لا تتعدى 10 أضعاف حدود السحب ولا تقل عن خمسة أضعاف الحدود المنوّه عنها”.

ماذا عن البند المتعلق بحماية حقوق المودعين؟ يجيب سروع:”صراحة، وبالنظر إلى ما سبق، استعيد قولين” إقرأ تفرح جرّب تحزن، أسمع كلامك يعجبني أشوف أمرك أتعجّب. وأكتفي بهذا المقدار في هذا المجال، أما استعادة السيولة إلى المصارف فيحق لنا السؤال من أين وكيف؟ فهل تكون في زيادة رأس المال نقداً من مساهمين حاليين وجدد، أم من الاحتياطي الإلزامي، أم من الإثنين معاً؟ لا أريد استباق الأمور علينا الانتظار لكي نرى”.

 يتطرق سروع إلى “بند إدخال ضوابط على عمليات تحويل العملات الأجنبية لمنع مزيد من تدهور العملة وحماية الاحتياطي من العملات الأجنبية في المصرف المركزي”، فيقول:”إن هذا البند غير كاف لـمنع المزيد من تدهور العملة، إذ أن هذا الأمر يلزمه في المقام الاول استعادة المركزي دوره في إدارة السياسة النقدية وفقاً لاستراتيجية واضحة تدعمها موارد نقدية مجزية”، سائلا “هل منع المزيد من التدهور في العملة، الحفاظ على مستواها الحالي، هو المستوى الأجدى للانطلاق منه لإدارة السياسة النقدية، والتضخم ونمو الاقتصاد وتنميته وكذلك الأمان الاجتماعي والمعيشي؟، وأين للمركزي احتياطي عملات صاف لحمايته، أم المقصود في هذا المجال الاحتياطي الإلزامي؟ “.

أخشى من زيادة نشاط الاقتصاد النقدي غير المسجّل

و يرى أن “هذا القانون على رغم كلفة بناه التحتية العملانية والعملية المرتفعة جداً، يَعِد بأكثر مما قد يُنتج وخصوصا في غياب خطة تَعاف وإصلاح حقيقية كاملة وشاملة جدية ومجزية، قابلة للتنفيذ والقادرة على دعم ما تبقى من دعائم القطاع الخاص وقدراته والبناء عليها لرفد الخطة المرجوّة بمحركات النمو”، مبديا خشيته “من زيادة نشاط الاقتصاد النقدي غير المسجّل، والذي يضطلع به عاملون إقتصاديون ECONOMIC OPERATERS فاعلون فرادى ومجموعات في داخل لبنان ومن خارجه، وبمختلف الأنشطة الاقتصادية وبأحجام مؤثرة ويتغذى من الاقتصاد المسجل وبدعم من سوق سوداء للنقد عمقها وعرضها أكثر بكثير مما قد يقدّره البعض ومنظمة ومنتظمة”.

السابق
إشتباك قضائي «صامت» بين عون وبري..وإنفتاح سعودي «حَذِر» على ميقاتي!
التالي
وجيه قانصو يكتب لـ«جنوبية»: الانتخابات مناسبة لسيادة المجتمع لا بيعة