مسودة اتفاق بين لبنان وصندوق النقد مشروط بإصلاحات: التمويل نحو 3 مليارات على مدى 46 شهرا

صندوق النقد الدولي

بعد مفاوضات طويلة و”عسيرة” مع لبنان، أعلن صندوق النقد الدولي امس التوصل  إلى مسودة اتفاق مع لبنان  بشأن تسهيل تمويل ممتد مدته أربع سنوات  على أن تنفذ بيروت مجموعة إصلاحات اقتصادية قبل أن يقرر مجلس الصندوق ما إذا كان سيوافق على الاتفاق.ولفت صندوق النقد في بيان إن اتفاق التمويل الممتد، سيستمر على مدى 46 شهرا وإن لبنان طلب الحصول على ما يوازي نحو ثلاثة مليارات دولار.

اقرأ أيضاً: «عودة انتخابية» لسفيري السعودية والكويت..و«جرعة دولية» لميقاتي من بوابة «الصندوق»

لكن الاتفاق يتوقف على إجراء بيروت لإصلاحات تشمل خطوات فشل زعماؤها السياسيون في تنفيذها منذ اندلاع الأزمة، مثل كيفية تحديد المتسبب في خسائر النظام المصرفي البالغ حجمها 70 مليار دولار.واعلن الصندوق إن السلطات اللبنانية وافقت على تنفيذ ثمانية إجراءات إصلاحية قبل أن ينظر مجلس صندوق النقد ما إذا كان سيوافق على الاتفاق.

وتشمل هذه الإجراءات خطة للتصدي للخسائر الفادحة في النظام المالي الذي انهار عام 2019 بسبب الديون العامة الهائلة التي تراكمت بسبب فساد وهدر على مدى عقود.وقال الصندوق إن مجلس الوزراء يجب أن يوافق على استراتيجية لإعادة هيكلة القطاع المصرفي “تعترف بالخسائر الكبيرة في القطاع وتعالجها مقدما، بينما تحمي صغار المودعين وتحد من اللجوء إلى الموارد العامة”.كما يتعين على الحكومة الموافقة على “استراتيجية إعادة هيكلة المالية العامة والديون، وهي ضرورية لاستعادة القدرة على تحمل الديون”.

مجلس الوزراء يجب أن يوافق على استراتيجية لإعادة هيكلة القطاع المصرفي

وتخلف لبنان عن سداد ديونه السيادية، من بينها سندات دولارية قيمتها 31 مليار دولار، في آذار 2020.كما شملت الإجراءات موافقة البرلمان على تعديل قانون السرية المصرفية واستكمال تدقيق وضع الأصول الأجنبية لدى البنك المركزي “والشروع في تقييم مدعوم من الخارج لأكبر 14 بنكا كل على حدة”.ولم يحدد البيان جدولا زمنيا للاتفاق على برنامج، مشيرا إلى أن “السلطات تدرك الحاجة للشروع في إصلاحات في أسرع وقت ممكن”.

وتنشر  “جنوبية” النص الكامل لمشروع التفاهم مع الحكومة اللبنانية الذي وزعه صندوق النقد  باللغة الإنكليزية، وفيما يأتي الترجمة غير الرسمية الى اللغة العربية:

  • قامت السلطات اللبنانية، بدعم من خبراء صندوق النقد الدولي، بصياغة تفاهم شامل لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي يهدف إلى إعادة بناء الاقتصاد، واستعادة الاستدامة المالية، وتعزيز الحوكمة والشفافية، وإزالة العوائق أمام خلق فرص العمل، وزيادة الإنفاق على الأوضاع الاجتماعية والبنى التحتية.
  • البرنامج المتفق عليه يتطلّب موافقة من إدارة صندوق النقد الدولي والمجلس التنفيذي، بعدما وافقت السلطات اللبنانية على القيام بالعديد من الإصلاحات الحيوية قبل اجتماع مجلس إدارة صندوق النقد الدولي.

سيكون تمويل الدعم بشروط ميسّرة للغاية من شركاء لبنان الدوليين أمراً ضرورياً لدعم جهود السلطات والتأكّد من أن البرنامج مموّل بشكل كافٍ ويمكن أن يحقق الأهداف.

ضرورة اعتراف المصارف بالخسائر الكبيرة في القطاع

استجابة لطلب السلطات اللبنانية، قامت بعثة صندوق النقد الدولي بقيادة السيد إرنستو راميريز ريغو بزيارة بيروت في الفترة من 28 آذار إلى 7 نيسان لمناقشة دعم صندوق النقد الدولي للبنان وللسلطات ولبرنامج الإصلاح الاقتصادي.

وفي نهاية المهمة، أصدر السيد راميريز ريغو البيان الآتي:

توصّلت السلطات اللبنانية، وفريق صندوق النقد الدولي، إلى «اتفاق على مستوى طاقم العمل» على سياسات اقتصادية شاملة يمكن دعمها لفترة 46 شهراً، من خلال إجراءات الصندوق الممدّد والطلب إلى الصندوق الحصول على 2.173.9 مليون وحدة حقوق سحب خاصة (نحو 3 مليارات دولار أميركي). تخضع هذه الاتفاقية لموافقة إدارة صندوق النقد الدولي والمجلس التنفيذي، بعد تنفيذ جميع الإجراءات المسبقة في الوقت المناسب، وبعد تأكيد الدعم المالي من الشركاء الدوليين. يهدف البرنامج إلى دعم استراتيجية السلطات في استراتيجية الإصلاح لاستعادة النمو والاستدامة المالية، وتعزيز الحوكمة والشفافية، وزيادة الإنفاق الاجتماعي والإنفاق على البنى التحتية. هذا سيحتاج إلى استكماله من خلال إعادة هيكلة الدين العام الخارجي بما يؤدي إلى مشاركة كافية من الدائنين من أجل استعادة استدامة الدين وسدّ فجوات التمويل.يواجه لبنان أزمة غير مسبوقة أدت إلى انكماش اقتصادي دراماتيكي وزيادة كبيرة في معدلات الفقر والبطالة والهجرة.

حماية صغار المودعين والحد من اللجوء إلى الموارد العامة

هذه الأزمة هي مظهر من مظاهر نقاط الضعف العميقة والمستمرّة التي نتجت على مدى سنوات عدة من اختلال السياسات الاقتصادية الكلية، وتغذّت على العجز التوأم (المالي والخارجي)، وعلى دعم مبالغ فيه لسعر الصرف وتضخيم القطاع المالي. واقترن ذلك بمشاكل عدة في المساءلة والشفافية ونقص في الإصلاحات الهيكلية. كل ذلك ظهر في أواخر عام 2019 مع تسارع خروج الرساميل، ما أدّى إلى التخلّف عن سداد الديون السيادية في آذار 2020، تلاه ركود عميق، وتراجع دراماتيكي في قيمة العملة اللبنانية، وتضخّم ثلاثي الأرقام. وتفاقمت الأزمة بسبب جائحة كوفيد وانفجار آب/ أغسطس 2020 في مرفأ بيروت، وفيما تتصاعد الحرب في أوكرانيا، ازدادت الضغوط على الحساب الجاري وعلى التضخّم، وأرهقت إمدادات الغذاء والوقود. وتدهورت الأحوال المعيشية للسكان، ولا سيما الأكثر هشاشة، ويرجع ذلك جزئياً إلى نقص الموارد وشبكة حماية اجتماعية قوية.

«تدرك السلطات الحاجة الملحّة لبدء برنامج إصلاح متعدّد الجوانب يستجيب لهذه التحديات، يعيد الثقة، ويضع الاقتصاد على سكّة النمو المستدام، مع نشاط أقوى للقطاع الخاص وخلق فرص عمل. في هذا الصدد، تستند خطتهم (السلطات اللبنانية) إلى الركائز الأساسية:

  • إعادة هيكلة القطاع المالي لاستعادة قدرة المصارف على البقاء وعلى العمل لتخصيص الموارد بكفاءة من أجل دعم التعافي.ــــ تنفيذ الإصلاحات المالية المقترنة بإعادة الهيكلة المقترحة للدين الخارجي سيضمن استدامة الدين ويخلق مساحة للاستثمار في الإنفاق الاجتماعي، وإعادة إعمار البنية التحتية.
  • إعادة هيكلة المؤسّسات المملوكة من الدولة، وخاصة في قطاع الطاقة، لتوفير جودة الخدمات من دون استنزاف الموارد العامة.
  • تعزيز الحوكمة ومكافحة الفساد وغسل الأموال/ مكافحة الإرهاب (AML/CFT) من أجل تعزيز الشفافية والمساءلة، بما في ذلك عن طريق تحديث الإطار القانوني للبنك المركزي والحوكمة وترتيبات المساءلة.
  • إنشاء نظام نقدي وشفاف يتّسم بالصدقية والشفافية.السياسات والإصلاحات الحاسمة في هذه المجالات، إلى جانب التمويل الخارجي الكبير، أمور ضرورية لتحقيق أهداف السلطات خلال السنوات المقبلة.ويشمل ذلك تحسين المالية العامة وخفض الدين العام من خلال زيادة الإيرادات وتدابير الإصلاح الإداري، لضمان توزيع أكثر عدالة وشفافية لـ«العبء الضريبي».

ميزانية 2022 هي الخطوة الأولى الحاسمة في هذا الاتجاه. يهدف ذلك إلى تحقيق عجز أولي بمعدل 4% من الناتج المحلي الإجمالي، مدعوماً بتغيير في قيمة الواردات الجمركية (تعبير تقني للدولار الجمركي) ولأغراض الضريبة يتم القيام بها بسعر صرف موحد. هذا من شأنه أن يسمح بزيادة بدلات موظفي القطاع العام لإعادة إطلاق الإدارة العامة و/أو زيادة الإنفاق الاجتماعي بهدف حماية الفئات الأكثر ضعفاً.سيتم تمويل عجز الميزانية من الخارج، وسيتم إلغاء الممارسات التمويلية للبنك المركزي.

التسهيل سيعتمد على تنفيذ إصلاحات اقتصادية تهدف إلى استعادة الاستدامة المالية وتعزيز الحوكمة والشفافية وإزالة العوائق التي تحول دون نمو خلق فرص العمل.

سوف يسترشد مصرف لبنان بالأهداف الشاملة لتهيئة الظروف الملائمة للحدّ من التضخم بما في ذلك عن طريق الانتقال إلى نظام نقدي جديد. وسيتم التركيز على إعادة بناء الاحتياطات بالعملة الأجنبية، والحفاظ على سعر صرف واحد محدّد في السوق، ما سيساعد ويدعم القطاع المالي، ويسهم في تخصيص أفضل للموارد في الاقتصاد، ويسمح بامتصاص الصدمات الخارجية. ولاية مصرف لبنان وبنية حوكمته، سيتم تعزيزها من خلال اعتماد إصلاح واسع النطاق على صعيد التشريعات الضرورية.

يجب استعادة صحة واستمرارية القطاع المالي حتى تتمكن البلاد من مغادرة حالة عدم اليقين القائمة، وتوفير الظروف لنموّ اقتصادي قوي. مجموع احتياجات إعادة الرسملة في النظام المصرفي كبير جداً، وكذلك يجب أن تكون الخسائر معترفاً بها مسبقاً ومغطاة، مع حماية صغار المودعين. تم تصميم استراتيجية مناسبة، لكن تنفيذها يتطلب عدداً من التغييرات التشريعية.

توحيد البنك المركزي لأسعار الصرف والتي يوجد العديد منها حاليا “لمعاملات الحساب الجاري المصرح بها وهو أمر بالغ الأهمية لتعزيز النشاط الاقتصادي

ستتبع هذه الخطوات الأولية إصلاحات أخرى. إصلاحات السياسة الضريبية وإدارة الواردات ستوسع من القاعدة الضريبية وتعزّز الإيرادات المحصلة. خطط شاملة لاستعادة الكلفة في قطاع الطاقة، وإدخال أطر مؤسساتية جديدة للشركات المملوكة من الدولة ستساعد على الحوكمة وتخفض النزف من الموارد الحكومية.

تحديث إطار إدارة المالية العامة، تنفيذ قانون المشتريات الذي جرت الموافقة عليه أخيراً، وإقرار قانون المنافسة، إصلاح الأنظمة الإدارية ونظم التقاعد والتعويض سيزيد الشفافية وكفاءة الإنفاق.

سيتم استخدام المساحة المالية التي أنشئت من خلال هذه الجهود لتحسين الحماية الاجتماعية والإنصاف بين اللبنانيين والبنية التحتية وتنمية رأس المال البشري.

سيتم تعزيز أطر الرقابة المصرفية ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والتأمين على الودائع والأصول، ومكافحة الفساد.ستستكمل هذه الجهود بإصلاحات جارية بالفعل، أو ستناقش مع مؤسسات أخرى متعددة الأطراف وإقليمية لديها الخبرة والتمويل، فضلاً عن تعزيز جهود السلطات لوضع أسس لاقتصاد أقوى وأكثر استدامة.

سيتم دعم سعر الصرف من خلال تطبيق ضوابط رسمية على رأس المال”

تدرك السلطات التحديات التي تواجهها في تنفيذ جدول الأعمال الطموح هذا، لكنها تعلم أن برنامج الإصلاح بالغ الأهمية لإنهاء الأزمة الحالية، ويحظى بدعم القيادة السياسية. فقد أعربوا عن التزامهم القوي لتنفيذه ومواصلة التنفيذ الحاسم خلال فترتَي الانتخابات البرلمانية والرئاسية. السلطات ملتزمة أيضاً بالتواصل لتفسير وشرح خطط الإصلاح للجمهور.

أخيراً، تتفهم السلطات الحاجة إلى الشروع في الإصلاحات في أسرع وقت ممكن، ووافقت على استكمال الإجراءات التالية قبل عرض الأمر على مجلس إدارة صندوق النقد الدولي:ــ موافقة مجلس الوزراء على استراتيجية إعادة هيكلة المصارف التي تعترف وتعالج مقدماً خسائر كبيرة في القطاع، فيما ستعمل على حماية صغار المودعين والحدّ من اللجوء إلى الموارد العامة.

لا جدول زمني للاتفاق على برنامج مشيرا إلى أن “السلطات تدرك الحاجة للشروع في إصلاحات في أسرع وقت ممكن”

  • موافقة البرلمان على تشريع مناسب للمعالجة الطارئة في القطاع المصرفي المطلوبة بشدة من أجل تنفيذ استراتيجية إعادة هيكلة المصارف وإطلاق عملية استعادة صحّة القطاع المالي، وهو أمر أساسي لدعم النمو.
  • الشروع في تقييم مدعوم خارجياً لكل بنك على حدة لأكبر 14 بنكاً من خلال توقيع الشروط المرجعية مع شركة دولية مرموقة.
  • موافقة البرلمان على مراجعة قانون السرية المصرفية لجعله يتماشى مع القانون الدولي ومعايير محاربة الفساد وإزالة العوائق أمام هيكلة فعالة للقطاع المصرفي والرقابة عليه، وعلى إدارة الضرائب، والتحقيق في الجرائم المالية، واسترداد الأصول.ـ
  • إتمام التدقيق في وضع الأصول الأجنبية لمصرف لبنان لبدء تحسين شفافية هذه المؤسسة الرئيسية.ـ
  • موافقة مجلس الوزراء على استراتيجية متوسّطة المدى لإعادة هيكلة المالية العامة والديون المطلوبة لاستعادة القدرة على تحمل الديون، وغرس الصدقية في السياسات الاقتصادية وخلق حيّز مالي و/أو الإنفاق الاجتماعي وإعادة الإعمار الإضافي.
  • موافقة مجلس النواب على موازنة 2022 لبدء استعادة المساءلة المالية.ـ
  • توحيد مصرف لبنان أسعار الصرف لعمليات الحساب الجاري المصرّح بها، والتي هي أمر بالغ الأهمية لتعزيز النشاط الاقتصادي، واستعادة الصدقية والقدرة الخارجية، والإرادة يتم دعمها من خلال تطبيق ضوابط رسمية على رأس المال.
السابق
بين استقرار وانخفاض.. اليكم جديد اسعار المحروقات
التالي
بعدسة «جنوبية»: بين بسطات «العصائر».. والجيوب «المعصورة»!