الانتخابات والمسؤول العربي الكبير

الانتخابات النيابية

قبل أيام قليلة، التقى مسؤول عربي كبير عددا من الصحافيين اللبنانيين. كان من الطبيعي، أن يدور الحديث في هذا اللقاء عن الحرب في أوكرانيا، بكل تأثيراتها، لا سيما على المنطقة. وخلال اللقاء، تسلل سؤال من احد الحاضرين، عن رؤية هذا المسؤول للانتخابات النيابية في لبنان، في ضوء الاهتمام الذي يبديه الخارج بهذا الاستحقاق، وتشجيعه على إجرائه في موعده بمنتصف أيار المقبل، ومن دون إبطاء. فجاء جواب هذا المسؤول، الذي إشترط منذ بداية اللقاء عدم ذكر إسمه، فراح يعدد فوائد إجراء الانتخابات، وفي مقدمتها، “إعادة التوزان الى البرلمان بسبب الاختلالات التي يعاني منها حاليا،” مضيفا ان من شأن “إستعادة التوازن في مجلس النواب، أن يستقيم أمر الحكم في هذا البلد.”

اقرأ أيضاً: لبنان «يقرع طبول» الإنتخابات النيابية..وأسابيع إختبارية حاسمة!

كيف يمكن الحصول على توزان في برلمان 2022، بعدما غادر زعيم تيار “المستقبل” الرئيس سعد الحريري المسرح السياسي، وعزوف سائر رؤساء الحكومات  عن الترشح، فأجاب:” لا يمكن للسنّة إلا ان يثبتوا أنفسهم في الانتخابات، كي لا يسلّموا أمرهم لفريق آخر (“حزب الله”، كما أوحى وإن لم يسمّه مباشرة). أن أهل السنّة هم هنا منذ 1400 عام، ومن غير المسموح ألا يكونوا في قلب المسؤولية، وإلا فالاخطار ستتهدد لبنان.”

ما قاله المسؤول العربي الكبير في هذا اللقاء الصحافي، هو أيضا ما أسمعه لقيادات في لبنان ، من بينهم كما علمت “النهار”، الرئيس فؤاد السنيورة الذي أعلن عن إنخراطه في الاستحقاق الانتخابي، وإن لم يكن هو مرشحا. وهذا الموقف العربي، الذي ظهر على السطح حتى الان، ينطوي على دلالة مهمة لناحية ان الانتخابات النيابية المقبلة، ليست شأنا داخليا فحسب، وإنما هي شأن عربي في مواجهة إحتمال ان يغرق لبنان أكثر مما هو حاليا، في قبضة النفوذ الإيراني الذي يجسده “حزب الله.” ولا أدل على هذا البعد العربي لهذه الانتخابات، أن الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله إنبرى شخصيا لقيادة معارك الاستحقاق بدلا من نائبه الشيخ نعيم قاسم الذي كان يضطلع بهذه المسؤولية في دورات سابقة.

هل لهذا الاهتمام العربي تأثير، في ميزان القوى الداخلي المختل لمصلحة المحور الذي يقوده “حزب الله؟”

من الناحية المبدئية، الجواب هو نعم. لكن عند الغوص في التفاصيل، يتبيّن ان هناك تساؤلات حول كيفية إستنهاض المحور السيادي الذي عليه إستعادة التوازن في لبنان، بدءا من إنهاء الأغلبية العددية لمحور “حزب الله”، وإنتهاء بإعادة تكوين مؤسسات الحكم.

تحت عنوان “قراءة في اسباب ارتفاع عدد المرشحين المغمورين، وانكفاء شخصيات وازنة..” كتب  مدير المركز اللبناني للابحاث والاستشارات حسان القطب يقول: “إن الدفع بهذا العدد الكبير من المرشحين على الساحات الأخرى (غير الشيعية)، انما يهدف لتشتيت الاصوات وبعثرة التحالفات.” لكنه رأى في المقابل، “ان الايجابية الاساسية، والاهم، هي وصول”وجوه جديدة ذات خبرة وحضور.”

يقول الرئيس السنيورة في آخر إطلالاته، أن عنوان الانتخابات، هو “استرجاع السلطة الحصرية للدولة اللبنانية.” وإسترجاع الدولة هو أيضا مطلب عربي ودولي.

السابق
الموت يغيب الأب مارون عطالله.. حارث سليمان: رجل يحفر جدار العتمة ليستولد الصبح
التالي
حارث سليمان يكتب لـ«جنوبية»: دروس لبنانية من اجتياح بوتين لأوكرانيا