لبنان «يقرع طبول» الإنتخابات النيابية..وأسابيع إختبارية حاسمة!

عون ومستشارة بايدن

بـ 1043 مرشّحاً، استدار لبنان نحو الانتخابات النيابية المقرَّرة في 15 مايو والتي انطلقتْ الأحزابُ وقوى المجتمع المدني في عملية تحمية سياسية – شعبية في الطريق إليها فوق «برميل البارود» المعيشي – الاجتماعي المتعدّد الفتائل والذي زاد من «زنته التفجيرية» اجتياحُ أوكرانيا بمفاعيله التي تتمدّد على مستوى العالم والتي تشي بمضاعفات «مدمّرة» على الدول الأكثر فقداناً للمناعة والتي التحقت بها «بلاد الأرز» ابتداءً من مارس 2020.

وما أن أعلن منتصف ليل الثلاثاء – الأربعاء عن قفل باب الترشيحات الى الانتخابات والتي تجاوز فيها عدد الذين تقدّموا بطلباتٍ ما سجّله استحقاق مايو 2018 (976 مرشحاً) مع مفارقة ارتفاع عدد ونسبة النساء المرشحات من 111 قبل 4 أعوام إلى 155 حالياً (بنسبة نحو 15 في المئة من مجمل الترشيحات)، حتى شخصتْ العيونُ على المرحلة التمهيدية الأخيرة قبل فتْح صناديق الاقتراع والمتمثلة في حسم التحالفات وإعداد اللوائح التي يتعيّن تسجيلها قبل منتصف ليل 4 – 5 أبريل، علماً أن قانون الانتخاب الذي قسم لبنان 15 دائرة انتخابية ويعتمد النسبية مع صوتٍ تفضيلي واحد (على مستوى القضاء أي الدائرة الإدارية) لا يتيح الترشيحات المنفردة.

الأسابيعَ الثلاثة الفاصلة عن بتّ اللوائح وشبْك الائتلافاتِ بين «حلفاء الضرورة» أو بين «الإخوة الأعداء» ستكون حبلى بالاتصالات

وفي حين انطبعتْ الترشيحات بتكريس الشابة فيرينا رشاد العميل أصغر مرشحة لانتخابات 2022 (عن المقعد المارونيّ في دائرة المتن – جبل لبنان الثانية) بعمر يناهز 26 عاماً (في لبنان على مَن يترشّح أن يكون أتمّ 25 عاماً)، فإنّ الأسابيعَ الثلاثة الفاصلة عن بتّ اللوائح وشبْك الائتلافاتِ بين «حلفاء الضرورة» أو بين «الإخوة الأعداء» ستكون حبلى بالاتصالات والحسابات وعمليات المحاكاة التي برزت بعض مؤشراتها في الترشيحات وعددها لكل حزب في هذه الدائرة أو تلك، بما راعى التراجعات الشعبية لبعضها مثل «التيار الوطني الحر» الذي اعتمد خيار المرشح الواحد في عدد من الدوائر بهدف إدارةٍ مريحة للأصوات التفضيلية المتضائلة وضمان فوز مرشّحه الأقوى.

كما ستكون هذه الأسابيع «اختباريّةً» لمسألتيْن ترتبطان بالهواجس الدائمة المتعلّقة بـ «صمود» تاريخ 15 مايو الانتخابي، الذي تتعاطى معه كل الأطراف في الداخل على أن ساعته ستدقّ في موعدها، ولكنها في الوقت نفسه لا تُخْفي التوجّس من «كمائن» قد تفخّخ مساره وتطيح به:

  • الأولى متى سيقرّ البرلمان الاعتمادات الإضافية الضرورية للانتخابات في الداخل والخارج وإكمال التجهيزات الأساسية لها (من طبع اللوائح وإعداد الأقلام وسواها) والتي أحيل مشروع القانون المتعلق بها من مجلس الوزراء على مجلس النواب، وسط إعلان نائب رئيس البرلمان إيلي الفرزلي (لوكالة الأنباء المركزية) «أن هناك تحضيرات لعقد جلسة عامة الأسبوع المقبل بعد العشرين من الجاري وعلى جدول أعمالها بالطبع الاعتمادات المالية اللازمة لإجراء الاستحقاق النيابي في موعده».
  • والثانية دينامية الانهيار الشامل الذي استعاد وتيرته المتسارعة مع هبوب العاصفة الأوكرانية ورياحها العاتية، وسط قلق عارم من مفاجآتٍ مدوّية من البوابة المعيشية قد تستدرج اضطراباتٍ أقرب إلى الفوضى، ولا سيما بحال تمادت «الفجيعة» الكهربائية التي جعلت اللبنانيين رهائن عتمة كاملة تقطعها تغذية لا تتجاوز ساعتين (من مؤسسة كهرباء لبنان) و8 من مولدات الأحياء التي باتت فاتورتها كارثية، في حين لم تظهر مؤشرات إلى أن استجرار الغاز من مصر والكهرباء من الأردن عبر سورية يقترب من أن يبصر النور في ضوء ترابُط هذا الملف الذي يستوجب تمويلاً من البنك الدولي مع خطة الكهرباء ووجوب إقرارها وبدء ترجمتها على قاعدة إصلاحية واضحة، تمهيداً لنيْل المعنيين به الإعفاء «الرسمي» الأميركي من موجبات “قانون قيصر».

ولا يقلّ إثارة للمخاوف ما ارتسم في الساعات الماضية من ملامح «مكاسرة» بين القطاع المصرفي والقضاء، ومن خلفه بعض «الجهات الرسمية» و«التموْضعات السياسية»، وفق ما عبّر عنه البيان الشديد اللهجة الذي صدر أمس عن جمعية المصارف.

نصرالله أعطى إشارة الانطلاق للسباق الانتخابي مبلوراً أهداف المعارك التي سيخوضها وأبعادها السياسية

وجاءت اندفاعة جمعية المصارف التي ستكون لها «تتمات» ويُخشى أن تنعكس على سعر صرف الدولار في السوق الموازية كما على يوميات المودعين العالقين بين احتجاز ودائعهم بالدولار التي ابتلعتها الفجوة المالية الهائلة، وبين تقنين مدّهم بالليرة النقدية، بعد تطورين:

أولهما تجميد القاضية غادة عون (محسوبة على فريق رئيس الجمهورية ميشال عون) أصول 5 بنوك وأعضاء بمجالس إداراتها وإصدارها قرارات منْع سفر بحق رؤساء هذه المجالس.

إقرأ ايضاً: خاص «جنوبية»: رغم تراجع اسعار النفط عالمياً..إنخفاض «خجول» للمحروقات اليوم!

والثاني، عملية الحجز على موجودات فرعين رئيسييْن لــ «فرنسبنك» بما فيها الخزائن والأموال، وختمها بالشمع الأحمر، وذلك تبعاً لقرار أصدرته القاضية مريانا عناني وقضى بإنفاذ الحجز التنفيذي على كلّ أسهم وعقارات وموجودات «فرنسبنك» (أعلن لاحقاً عن وقف تلبية حاجات عملائه وبينها دفع رواتب موظفي القطاع العام وغيرهم) وشركاته في كلّ لبنان تمهيداً لطرحها في المزاد العلني بحال عدم تسديده الفوري لكامل مبلغ وديعة لأحد المدّعين.

وعلى وقع هذه العناوين، بدا أن الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله أعطى إشارة الانطلاق للسباق الانتخابي مبلوراً أهداف المعارك التي سيخوضها وأبعادها السياسية، حيث أكد أمام كوادر حزبية أن هذه الانتخابات «مفصلية ومن أهم وأخطر المعارك السياسية التي تحدَّد في ضوء نتائجها بقية المعارك».

وأشار إلى أن «البديل من الانتخابات هو عدم وجود مجلس نيابي، ولذلك، يجب شحذ الهمم وعدم الاستهتار واعتبار المعركة تحصيل حاصل، والبقاء حذرين حتى إعلان النتائج»، مشدداً على «أن الهدف ليس فوز مرشحي الحزب، بل بلوغ حواصل لتعزيز وضع حلفائنا في جبيل وكسروان والشوف وعاليه وفي كل الدوائر.

ونريد أن ينجح كل الحلفاء معنا لأن المعركة اليوم ليست ضد الحزب فقط، بل لأخذ حصص من الحلفاء. وهدفنا أن نربح ويجب أن نربح لنكون موجودين في كل الاستحقاقات».

وفي موازاة ذلك، بقي الاهتمام في بيروت بزيارة نائبة الأمين العام للامم المتحدة أمينة محمد التي أبلغها عون «أن لبنان الذي عانى كثيراً من تداعيات نزوح السوريين الى أراضيه منذ العام 2011، بحاجة الى مساعدة دولية تساهم في التخفيف من الأعباء المالية الكبيرة التي يتكبدها نتيجة رعاية النازحين على مختلف الأصعدة، بالتوازن مع دعم مطالبته بعودة هؤلاء النازحين الى بلادهم»، معتبرة «أن عدم تجاوب المجتمع الدولي مع مطلب لبنان، يثير الشكوك باستخدام ملف النازحين لأهداف سياسية».

ولفت عون الى «أن لبنان بحاجة ايضاً الى مساعدات تنموية وليس فقط انسانية خصوصاً في مجال إطلاق ورشة إعادة البناء»، داعياً الى«عدم تجاهل حجم معاناة اللبنانيين نتيجة الأزمات التي تراكمت، وأتت التطورات الأخيرة خلال الأعوام الماضية لتزيدها تفاقماً».

من جهتها أعربت نائبة الأمين العام عن «الدعم الأممي للحكومة اللبنانية في المفاوضات التي تجريها مع صندوق النقد الدولي، وللتحضيرات الجارية للانتخابات النيابية».

كما انشغلت بيروت، بزيارة المستشارة الخاصة لشؤون الحقوق الدولية لذوي الاحتياجات في وزارة الخارجية الأميركية سارة منقارة، التي وصلت إلى لبنان من ضمن زياراتها الرسمية الأولى للخارج.

ونوّه عون أمام منقارة (وهي من أصل لبناني)، والتي تقوم بزيارة للاطلاع على أوضاع ذوي الحاجات الخاصة وما هو متوافر لهم من حقوق وإمكانات، بالنجاحات التي حققتْها والتي أهّلتها لتسلم مسؤولية رفيعة المستوى في الخارجية الأميركية.

السابق
أزمة القيادة مستقبلاً في الساحة الشيعية وليس في البيئة السنية!
التالي
«الجنوب الثالثة»..«جوجلة» أسماء لا «غبار» عليها!