الأسد «جلاد» في سوريا.. و«ضحية» في الإمارات!

في زيارة مُفاجِئة، أعلنت الرئاسة السورية أن “الرئيس بشار الأسد زار دولة الإمارات والتقى نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي محمد بن راشد آل مكتوم”.  

اقرأ أيضاً: حارث سليمان يكتب لـ«جنوبية»: دروس لبنانية من اجتياح بوتين لأوكرانيا

بالمقابل اعلنت وكالة أنباء الإمارات الرسمية (وام) ان ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، استقبل الرئيس السوري لبحث “العلاقات الأخوية” بين البلدين و”السلام” في المنطقة، وفق ما أوردت “وام”. وأفادت الوكالة أن الجانبين، أكدا ضرورة “الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وانسحاب القوات الأجنبية”، من بلد به وجود عسكري لكل من روسيا وإيران وتركيا والولايات المتحدة. 

غرق بوتين في اوكرانيا 

السبب الاول لزيارة الأسد الى الامارات، حسب مراقبين، هو الموقف الصعب لحليفته روسيا وانشغالها بحربها ضدّ جارتها أوكرانيا، والتقدير أن رئيسها فلادمير بوتين، غرق في ١مستنقع حربه التي كان من المفترض أن ينتصر فيها  بأيام، لكنه وبعد 3 أسابيع، لم يحتل كييف ولم يقطع رأس الحكومة الأوكرانية، وتكبد جيشه خسائر مذلة، مما دفعه إلى البدء في إقالة المستشارين بشكل جماعي لتفادي اللوم. 

فضل الاسد بزيارته للامارات ان يشير الى استعداده للسير في ركب الخيار العربي الذي طرحه عليه قبل شهور

ولما استشعر بشار الأسد ان حليفه الروسي الاقوى، بحسب المتابعين، اصبح بخطر وان نظامه في سوريا يمكن ان يوضع بأي لحظة على طاولة المفاوضات لمقايضته بمصالح روسيا العليا، فانه فضل بزيارته للامارات ان يشير الى استعداده للسير في ركب الخيار العربي، الذي طرحه عليه قبل شهور وزير خارجيتها عبد الله بن زايد عندما زار دمشق قبل 4 شهور، وهو يقضي بالعمل على عودة سوريا الى الجامعة العربية والبدء بخطة الاعمار، في حال خروج القوات الاجنبية ومنها الروسية والايرانية من بلاده، وهو ما ورد أمس في البيان الاماراتي الخاص بزيارة الاسد بصيغة: “الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وانسحاب القوات الأجنبية”، مع العلم ان اميركا اعلنت مرارا انها سوف تسحب قواتها من سوريا اذا انسحبت القوات الروسية والايرانية والمليشيات الاجنبية الموالية لها. 

الاتفاق النووي والخلاف الايراني الروسي  

من ناحية ثانية، فان اميركا يبدو انها نجحت بفصل المسار الايراني عن الروسي في مباحثات فيينا النووية، فقد تدخلت موسكو وتمكنت من ارجاء توقيع الاتفاق النووي الجديد، كي تضمن مصالحها وهو ما اثار امتعاض طهران، فقد نقلت وكالة تسنيم الايرانية شبه الرسمية للأنباء، عن مسؤولين إيرانيين قولهم، إن مطالب ​روسيا​ في المحادثات النووية في فيينا “غير بنّاءة”.وأضاف المسؤولون الإيرانيون الذين لم تسمهم الوكالة، أن “التدخل” الروسي يهدف إلى ضمان مصالح موسكو في مجالات أخرى.وطالبت روسيا بضمانات أميركية بألا تضر العقوبات المفروضة عليها، بسبب الصراع في ​أوكرانيا​ بتجارتها مع إيران. وقد يكون الطلب حجر عثرة في المحادثات. 

اقتراب توقيع اتفاق نووي جديد بين ايران والدول الكبرى ضاعف مخاوف بشار الاسد في ان يصبح هو ونظامه ضحية للاتفاق  

ولا شك ان اقتراب توقيع اتفاق نووي جديد بين ايران والدول الكبرى، اضافة الى الخلاف المستجد بين الحليفين الروسي والايراني، اللذين ساهما بشكل فعّال في منع سقوط نظام الأسد، بتدخلهما المباشر عسكريا وماليا لصالحه في الحرب السورية التي اندلعت قبل 11 عاما، ضاعف مخاوف بشار الاسد في ان يصبح هو ونظامه ضحية مزدوجة للاتفاق من جهة، أو للخلاف الايراني الروسي حوله، يتسابق عبره الحليفان اللدودان للتفاوض على رأسه وفق بنود اتفاق “جنيف” الذي ينص على “مرحلة انتقالية” تقتضي تأسيس هيئة حكم انتقالي بسلطات تنفيذية كاملة تتضمن أعضاء من الحكومة السورية والمعارضة، وهو ما يرفضه النظام وحلفاؤه حتى الآن. 

ولهذا تأتي زيارة الرئيس السوري بشار الاسد الى الامارات، استكمالا وردا على زيارة وزير خارجية الاخيرة عبدالله بن زايد  إلى دمشق سابقا، ملوّحا الاسد بقبول العرض العربي الذي يمكن ان يحفظ نظامه، في حال وافق وعمل على انسحاب “القوات الاجنبية”، فيبيع بذلك الاسد موقعه بنفسه ويعود للعرب وجامعتهم، مفضلا تراجعه التكتيكي السياسي هذا، على ان يكون ونظامه ورقة تفاوض بخسة ايرانية او روسية،  يقدمها احدهما للاميركيين خدمة لمصالح دولته الخاصة. 

السابق
سارة سويدان المرشحة عن المقعد الشيعي في صور لـ«جنوبية»: لننتفض ضد «الصنمية» والتبعية السياسية!
التالي
خاص «جنوبية»: عائلة بيروتية تتراجع إنتخابياً وتستدرك «حريريا»!