رسالة مفتوحة إلى الأمين العام للأمم المتحدة من لبنان

مكرم رباح

عزيزي السيد أنطونيو غوتيريس،

أكتب إليكم كمواطن في جمهورية لبنان المحتل، الذي قمت بزيارته قبل بضعة أشهر للتضامن مع شعبه. لسوء الحظ، كان لزيارتكم تأثير معاكس، حيث إنها عززت النخبة الحاكمة ومعها سيطرة إيران على واحة التنوع التي كانت مزدهرة ذات يوم.

«أنا قادم إلى لبنان برسالة واحدة بسيطة: الأمم المتحدة تقف إلى جانب شعب لبنان»، هذه الكلمات التي أشرت إليها بمحبة في بيروت لم تعكس توجه وكالات الأمم المتحدة المختلفة، فهي استمرت بتزويد المؤسسة الحاكمة الفاسدة بفرص مختلفة ومنها التقاط الصور، المستخدمة بعقل شيطاني، يعمل لحرمان المواطنين من حقوقهم ويزيد قمع الأصوات المعارضة.

أجزم، أن جدولك المزدحم لم يسمح لك بملاحظة أن رئيس البعثة المنتهية ولايته وقائد اليونيفيل العام اللواء ستيفانو ديل كول التقى رئيس الوزراء السابق حسان دياب بزيارة وداعية. وناقشا مهمة «اليونيفيل»، والغريب أن التقارير الإخبارية عن هذا الاجتماع كانت قليلة، وقدم عدد قليل من وسائل الإعلام اللبنانية التغطية لها ربما لتسليط الضوء على افتقارها إلى الجدارة الإخبارية.

في الواقع، هذه الزيارة التافهة إلى حد ما، التي قام بها قائد «اليونيفيل» تحدد صميم الدور غير البناء للمجتمع الدولي الذي تجسدونه أنتم، أيها الأمين العام. في حين لا ينتمي رئيس الوزراء السابق دياب إلى المؤسسة الحاكمة التي اختلست أموال دافعي الضرائب اللبنانيين، إما عن طريق التعاملات المشبوهة أو القرارات غير السليمة.

ومع ذلك، فهو أيضا لم يخضع لسلطة القانون، فالمحقق العدلي الناظر في قضية انفجار مرفأ بيروت أصدر مذكرة توقيف بحقه، وهي مذكرة إحضار لم ينفذها الأمن اللبناني بعد.

أدى الانفجار الرهيب، الذي شهدت آثاره بأم العين في رحلتك الأخيرة إلى بيروت، إلى مقتل أكثر من 200 شخص وإصابة الكثيرين. صدم الانفجار الآلاف، ولم يدمر مدينتي بيروت فحسب، بل عزز سلطة «حزب الله» وهيمنة إيران واحتلالها.

في وقت سابق، وقفت المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان وممثلتك جوانا ورونيكا في حديقة صديقي المقتول لقمان سليم، قالت: «صوته ضائع – لكن الدعوة إلى الحرية والحقيقة والإصلاح لا يمكن إسكاتها»، وأضافت أن الأمم المتحدة ستواصل الضغط من أجل العدالة والمساءلة. ولكن نحن نسأل: متى سيحدث هذا؟

اختطف وقُتل لقمان على يد «حزب الله» في عمق جنوب البلاد، في منطقة سيطرة اليونيفيل وقرب واحدة من قواعدها، والتي تم تكليف قواتها بالتنفيذ الكامل لقراري مجلس الأمن رقم 1559 و1701.

عزيزي الأمين العام؛ في لبنان، لدينا 18 ديكتاتوراً مختلفاً، كل منهم يمثل طائفة أو حزباً، استخدموا الفساد والعنف والفقر وسلاح الميليشيات الإيرانية و«حزب الله» اللبناني لإخضاع شعبنا.

لدينا 18 ديكتاتوراً مختلفاً كل منهم يمثل طائفة أو حزباً استخدموا الفساد والعنف والفقر والسلاح لإخضاع شعبنا

لقد أصغى شعب لبنان لمن سبقوكم من أمناء عامين، يومها قالوا الصواب لكنهم لم يرفقوا الأقوال بأفعال. شيء يشبه إدانتكم أخيراً الغزو الروسي لأوكرانيا ومناشدتم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن يمنح السلام فرصة.

إن صفتكم التمثيلية أممياً، هو أمر نبيل، لقد قمت بهذا خلال فترة عملك كمفوض سام للاجئين وتواصل ذلك بصفتك أميناً عاماً. لكن، بشكل عام، لا تزال الأمم المتحدة تفشل بواجبها الأخلاقي لمعالجة القضايا في لبنان وفي العالم، وهو أمر للأسف لم تعترفوا به حتى الآن.

إقرأ أيضاً: خاص «جنوبية»: «نقزة» مالية من أزمة طويلة في أوكرانيا..هل «يطير» الدولار مجدداً؟

في الآونة الأخيرة، خاطب سفير أوكرانيا لدى الأمم المتحدة، سيرغي كيسليتسيا، نظيره الروسي فاسيلي نيبينزيا، قائلاً «إنه لا يوجد ما يطهر مجرمي الحرب، فيذهبون مباشرة إلى الجحيم».

السيد الأمين العام كشعبين في لبنان وسورية، يحكمنا «مجرمو حرب»، تقوم زيارتكم وكذلك كبار موظفيكم لهم بالتطبيع معهم وتمكينهم وتصويرهم على أنهم رؤساء دول.

يحكمنا في لبنان وسورية «مجرمو حرب» تقوم بزيارة الامين العام للامم المتحدة ويطبع موظفوها معهم وتمكينهم وتصويرهم على أنهم رؤساء دول

على الرغم من أنهم مجرمو حرب، يرتدون بذلات باهظة الثمن، ويسعون جاهدين للإفلات من العقاب.

إن الكثير مما أعبر عنه لكم هو ما يتوق إليه شعب لبنان والمنطقة؛ هذه مُثُل أعطيها لطلابي في الجامعة الأميركية في بيروت. منارة التعليم هذه، هي المكان الذي يستخدم فيه الشباب والشابات علمهم وعقلهم لبناء مستقبل أفضل ووضع مجرمي الحرب في السجن بدلاً من المناصب العامة.

آمل بصدق ألا تقطع رسالتي إليكم، واجباتكم المتمثلة في الإدانة والشعور بالحزن على الإجراءات التي كنتم أنتم وأعضاء المجتمع الدولي ستمنعونها بمجرد اتخاذ الإجراءات بدلاً من كلامكم المعسول.

دمتم ذخراً لجوقة الكلام العالمي

مع التحية…


السابق
جريمة نسائية..سوري أراد الزواج «ثَانِيةً» فقتلته زوجته!
التالي
«جولة لبنانية» لنساء لـ«داعش»..وقوى الأمن: «كلو تمثيل بمثيل»!