شمس الدين يطلق «المجلس الوطني لتحرير الشيعة في لبنان»

الشيخ محمد مهدي شمس الدين

في 10 كانون الثاني عام 2001 ، غادرنا الامام الشيخ محمد مهدي شمس الدين. وعلى امتداد أسابيع قليلة ( بين 25 كانون الأول 2000 الى حين وفاته في 10 كانون الثاني 2001) أودع الامام الراحل وصاياه  عبر تسجيلها شفويا والتي انتقلت لتصبح لاحقا نصا مكتوبا. بعد 21 عاما، من يقرأ نص “الوصايا” يجد وكأن هذه القامة الدينية الكبيرة في لبنان والعالميّن العربي والإسلامي ، ما زالت بيننا ، ترسم معالم الطريق ، وتحديدا في لبنان حيث تحوّل الوجود الشيعي جذريا، ليصبح اليوم أزمة عميقة بسبب النفوذ الذي يمارسه “حزب الله” بسبب ارتباطه الوثيق بإيران.

يقول الامام الراحل بداية:”  أوصي أبنائي إخواني الشيعة الإمامية في كل وطن من أوطانهم، وفي كل مجتمع من مجتمعاتهم، أن يدمجوا أنفسهم في أقوامهم وفي مجتمعاتهم وفي أوطانهم، وأن لا يميزوا أنفسهم بأي تميز خاص، وان لا يخترعوا لأنفسهم مشروعاً خاصاً يميّزهم عن غيرهم.”

اقرأ أيضاً: «وصايا» الامام شمس الدين في ذكرى رحيله.. ما أحوج الشيعة ولبنان إليها!

عن الشيعة في لبنان، يقول:” “كان الشيعة اللبنانيون طوال العهد العثماني، فئة مهمَشة عن المجتمع بالكامل، ليست لها أية مشاركة في أي قرار من قرارات الاجتماع، كانت معزولة في مناطقها، خاصة في منطقة جبل عامل واستمرت على هذه الحالة إلى أن جاء الانتداب الفرنسي وأعيد تكوين دولة لبنان في سنة 1921.”

ويضيف:”الأمر تغير نوعاً ما بعد إعلان الاستقلال، حيث حصل الشيعة على مزيد من المكاسب في تنظيم الدولة، وفي تشكيل الإدارة، وفي الميزانية العامة، وفي المجلس النيابي، فأصبحت لهم شخصية سياسية ومعنوية قائمة على نظام الطوائف المعمول به في لبنان.”

ويستعرض بإسهاب تاريخ نشوء المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى على يد الامام موسى الصدر ، وكيف “أن التطورات التي نشأت نتيجة للفتنة في لبنان، وتكوين التنظيمات والميليشيات المسلحة والحرب الأهلية، أخرجت المجلس من الحياة الفاعلة اليومية في المجال السياسي.” وقال:”في هذه المرحلة اتجه الإمام موسى الصدر، واتجه العمل العام، نحو القضايا اللبنانية والعربية العامة…وانشغل، الإمام موسى وأنا وبعض الأخوة الخواص في مكتب المجلس، بوضع صيغ إصلاحية للنظام السياسي، ووضعت عدة صيغ كان أبرزها وأنضجها صيغة ما نسميه “صيغة 1977” التي أرسينا فيها المبدأ الأساس والأهم ـ فيما أعتقد ـ في تاريخ لبنان السياسي، وهو أن “لبنان وطن نهائي لجميع بنيه” لقطع دابر أية مخاوف مسيحية من قضايا الذوبان والاندماج.”

أضاف: “هذا المبدأ هو من المبادئ التي يدين بها لبنان وشعب لبنان للفكر اللبناني الشيعي ولمؤسسة “المجلس الإسلامي الأعلى”. والحقيقة أن هذا المبدأ وضع ليس فقط استجابة وترضية للمسيحيين، بل كان ضرورة فيما نعي ـ ولا أزال أعتقد بذلك إلى الآن ـ ضرورة للاجتماع اللبناني ولبقاء كيان لبنان، ليس لمصلحة لبنان وشعبه فقط، وإنما لمصلحة العالم العربي في كثير من الأبعاد، حتى لمصلحة جوانب كثيرة من العالم الإسلامي، ونحن نمر في حقبة تاريخية مفصلية تتعلق بقضايا التنوع والتعددية السياسية وما إلى ذلك، بالإضافة إلى النظر إلى ضرورة وجود وفاعلية المسيحيين في لبنان.”

وخلص الامام شمس الدين الى القول :”من الوصايا الأساسية التي أركز عليها بالنسبة إلى المسلمين اللبنانيين، وبالنسبة إلى العرب جميعاً، هي الحرص الكامل التام على ضرورة وجود وفاعلية المسيحيين في لبنان، وعلى تكاملهم وعلى شعورهم بالانتماء الكامل والرضى الكامل، وعلى عدم أي شعور بالإحباط، أو بالحرمان، أو بالنقص، أو بالانتقاص، أو بالخوف على المستقبل، وما إلى ذلك. وهذه الرؤية ليست قائمة على المجاملة وعلى الحس الإنساني فقط، وإنما هي قائمة على حقائق موضوعية أساسية لا بد من مراعاتها.”

هذا غيض من فيض وصايا الامام شمس الدين. وكم هي الحاجة ماسة لمقارنة هذه الوصايا بإحوال لبنان الراهنة. فهل الثنائي الشيعي ، وتحديدا “حزب الله” هو على خطى هذه الوصايا؟

بحسب الكلمة التي وجهها، نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب، في الذكرى السنوية الواحدة والعشرين لرحيل الامام شمس الدين: “نحن نؤكد اننا باقون على العهد على نهجه ونهج رفاق دربه في الحفاظ على الوحدة الوطنية والعيش المشترك وعلى المقاومة، طالما بقي لبنان تحت التهديد الارهابي الاسرائيلي والعصابات التكفيرية حتى يتفق اللبنانيون على بناء دولة قادرة على الدفاع عن أرضها وشعبها في مواجهة ما يتهددها من أخطار وردع العدوان حفظا لكرامة الوطن والمواطنين”.

لا يبدو ان الشيخ الخطيب ، يقرأ في كلمته وصايا الامام الراحل. بل هو على ما يبدو، أقرب الى ما كان يقوله السفير الإيراني السابق في سوريا محمد حسن أختري الذي صرّح ان ” حزب الله” هو “الابن الشرعي للثورة الإيرانية.” ووفق ما يتذكره قيادي سابق في حركة “أمل” انه خلال لقاء جمع شمس الدين بأختري في مقر المجلس الشيعي في ثمانينات القرن الماضي، قال السفير الايراني للشيخ شمس الدين: “إذا انتهى أمر 400 ألف شيعي في لبنان، فالإسلام لن ينتهي”. عندئذ قام الشيخ شمس الدين من مقعده، وخاطب زائره بجفاء: “انتهت المقابلة”!

في ضوء الاعلان بالأمس عن التحضير لإطلاق “المجلس الوطني لرفع الاحتلال الايراني عن لبنان”، تبدو هناك حاجة تكاد تكون أولوية الأولويات في الحياة السياسية بلبنان، هو الذهاب مجددا الى وصايا الامام شمس الدين، الذي وكأنه يدعو بعد 21 عاما، الى قيام “المجلس الوطني لتحرير الشيعة في لبنان” من فخ ثنائية تدفع لبنان الى المجهول محمولة بثنائية “تفاهم ما مخايل” التي أوصلت لبنان فعلا لا قولا الى الجحيم.

السابق
تحرك احتجاجي لسائقي السيارات العمومية: الوضع لا يُحتمل!
التالي
لمواجهة «حزب الله».. جعجع يُعلن عن مرشحه في دائرة بيروت الأولى!