«انفراجة ملتبسة» بين عون وبري..جلسة مقابل جلسة؟

عون ميقاتي

على وقْع تَرَقُّب التداعيات السياسية – الديبلوماسية للحملة الشعواء التي شنّها الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله على السعودية وقيادتها والتي كرّستْ أن «الأمرَ له» في اقتياد لبنان إلى «حيث يجب أن يكون (الحزب)» كذراع متقدمة للمحور الإيراني على امتداد قوس نفوذه في المنطقة، هبّتْ على الداخل «رياحٌ تجميدية» للجبهات المشتعلة على تخوم الأزمة الحكومية وملف التحقيقات بانفجار مرفأ بيروت من دون أن يكون ممكناً الجزمُ بما إذا كان الأمر أبعد من مجرّد «مقايضة موْضعية» فرضتْها ضروراتٌ محدَّدة، أم أنه الخطوة الأولى المزدوجة في مسارٍ تطبيعي يهدئ من تفاقُم سرعة الانهيار الشامل أقلّه في جانبٍ من نواحيه التي تتشابك بقوّةٍ مع الامتدادات الخارجية للواقع اللبناني والمضيّ باسترهانه لمقتضيات صراعات الإقليم.

وإذ اقتصرَ التعاطي اللبناني أمس، مع «عاصفةِ الإساءاتِ» التي وجّهها نصرالله إلى السعودية على موقفٍ أطلقه رئيس الجمهورية ميشال عون عبر صحيفة «نداء الوطن»، بقوله «كان يمكن للأمور أن تكون أهدأ بالخطاب تجاه السعودية، ومن مصلحة لبنان أن تكون علاقته جيدة معها ولذا يجب تخفيف اللهجة حيالها»، موضحاً عما إذا كان يتوقّع خطوات تصعيدية إضافية من المملكة أن «أقسى ما لديها سبق أن مارستْه منذ 2017 ولغاية اليوم»، فإنّ أوساطاً مطلعة كررتْ التحذير من «سوء تقدير» لبنان الرسمي ما ارتكبه الأمين العام لـ «حزب الله» بحق المملكة والذي أعطى موقفُ لجنة السياسة الخارجية البرلمانية الإيرانية أمس في ردّها على خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إشارةً قوية إلى أنه جاء في سياقاتِ اندفاعةٍ متعمّدة ومتعددة المحور من طهران زُج فيها الوطن… المنكوب.

عون سيوقّع مرسوم فتْح دورة استثنائية للبرلمان وميقاتي سيدعو الحكومة لـ «جلسة الموازنة»

وفي حين كانت حملة التعرّض للمملكة تتمدّد عبر صورٍ مسيئة لقيادتها وسفيرها وليد بخاري رُفعت خصوصاً في الضاحية الجنوبية لبيروت، وسارع وزير الداخلية بسام مولوي إلى الطلب من القوى الأمنية إزالتها، لم تستبعد الأوساط أن تكون «الكوّةُ» في جدارِ الأفقِ السياسي المحلي المقفل التي فَتَحتْها موافقةُ عون على فتْح دورة استثنائية للبرلمان هي في إطار محاولةِ «تخدير» الداخل بإيجابياتٍ مصطَنَعة لإزاحة الأنظار عن الوقع التخريبي لكلام نصرالله لكل مساعي معاودة وصْل ما انقطع مع دول الخليج العربي منذ تشظي العلاقات معها، إثر تصريحات وزير الإعلام (استقال) جورج قرداحي (قبل أكثر من شهرين).

ورجّحت الأوساط أن يكون توقيع عون المرتقب على مرسوم الدورة الاستثنائية للبرلمان والذي جرى التوافق عليه خلال زيارة قام بها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أمس لرئيس الجمهورية وكان «ثالثهما» رئيس البرلمان نبيه بري عبر الهاتف، هو من ضمن سلّة انطوت على مقايضةٍ وفق معادلة «جلسة بجلسة»، كمرحلة أولى، بمعنى أن يُفرَج عن دورة انعقاد مجلس النواب (انتهت دورته العادية آخر ديسمبر وموعد انعقاده التلقائي المقبل في مارس) في مقابل «سماح» الثنائي الشيعي (حزب الله – بري) بالتئام مجلس الوزراء في جلسةٍ لإقرار مشروع موازنة 2022 وربما بند أو أكثر يحمل صفحة الإلحاح، بما يعني تعليقاً لقرار «الحظر» على اجتماعات الحكومة بانتظار بت قضية المحقق العدلي بانفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار، إقصاءً أو نزْعاً لأنيابه التي تتيح له ملاحقة السياسيين.

ورأت أن عون، الذي كانت بدأت تطوّقه عريضة نيابية بتواقيع «فارِضة» لفتْح الدورة الاستثنائية، التي تعيد الحصانة للوزراء السابقين – النواب الحاليين المدعى عليهم في ملف المرفأ وبحق أحدهم مذكرة توقيف غيابية صارت قابلة للتنفيذ (وهو معاون بري النائب علي حسن خليل)، سلّف الثنائي الشيعي في توقيعه «الاختياري» مبادرة حُسن نية يصعب أن يدير الظهر لها أقله «حزب الله» فـ «يمون» على بري بـ «إطلاق سراح» أقله جلسة حكومية لبحث موضوع الموازنة (وضعتْها وزارة المال التي يتولاها وزير من حصة بري)، ليُترك أمر ما بعد «الجلسة بجلسة» للاتصالات التي ستستمرّ، رغم اعتبار البعض أن أي كسْرٍ لاحتجاز جلسات مجلس الوزراء قد يكون من الصعب العودة عنه في ظل التدهور المالي – النقدي المتسارع وبلوغ الدولار 30 ألف ليرة والتحذيرات من فوضى شاملة قد يولّدها انفجار «طنجرة الضغط» المعيشية.

إقرأ أيضاً: تصعيد «حزب الله» الخارجي «يُخلخل» الداخل..وفلتان الجائحة والدولار «يُحرق» البلد!

ولاحظت هذه الأوساط أن «الانفراجة» الجزئية ترافقت مع بقاء جبهة عون وفريقه – بري على احتدامها، بحيث بدا أن كل فريق ما زال «على سلاحه» السياسي، وهو ما عبّر عنه خصوصاً كلام رئيس الجمهورية تجاه بري والنائب علي حسن خليل واعتباره «أن معارضة رئيس مجلس النواب ألحقت الضرر بالبلد»، واصفاً ما تحدث عنه خليل في مؤتمره الأخير بأنه «كذب وافتراء».

وإذ عبّر عون عن بالغ قلقه على مصير الحكومة وتوقف عمل مجلس الوزراء «فتعطيل الحكومة خطأ جسيم ولا يحق لأي طرف ذلك، ووزراء بري يرفضون المشاركة في الجلسات»، رأى أن «ميقاتي يتخوف من أن تؤدي الدعوة الى مجلس وزراء الى استقالة الوزراء الشيعة من الحكومة. ودستورياً يمكن للحكومة أن تعقد جلستها رغم غيابهم، ولكن لست أنا في وارد تخطي الميثاقية».

وحول الاتهام بوجود عهد من رئيسين في بعبدا، لفت الى أن «مثل هذا الكلام إنما هو كذب وقلة أدب بحق رئيس الجمهورية».

وتابع: «أنا رئيس الجمهورية ولست رئيس التيار الحر وقد تخليت عن رئاسة التيار عام 2015 أي قبل الرئاسة بسنتين لكنهم هم لم يعترفوا بجبران باسيل (…) واذا كان باسيل طامحاً للرئاسة فيجب أن يكون كفوءاً ولكنهم يخافون منه لانه تربيتي ولا يقايض».

وكان ميقاتي أعلن بعد زيارة قصر بعبدا أن الاجتماع الذي عقده مع عون كان مثمراً وتم الاتفاق على فتح دورة استثنائية لمجلس النواب.

«الانفراجة» الجزئية ترافقت مع بقاء جبهة عون وفريقه – بري على احتدامها بحيث بدا أن كل فريق ما زال «على سلاحه» السياسي

وقال: «أبلغت فخامة الرئيس أن الموازنة العامة لسنة 2022 باتت جاهزة وسيتم استلامها خلال اليومين المقبلين وفور استلامها سيتم دعوة المجلس الوزراء للانعقاد».

كما كشف أنه تم الاتفاق على الإفراج عن كل المستحقات المالية لجميع الموظفين في الإدارات العامة.

السابق
هذا ما جاء في مقدمات نشرات الاخبار المسائية ليوم لاربعاء 05/01/2022
التالي
تعاون الحكومة ومجلس النواب ممر إلزامي لإجراء الانتخابات