٢٠٢١ العام الأكثر إيلاماً.. تعطيل وفوضى وانهيار إقتصادي

لبنان
يودع اللبنانيون العام 2021، بعد أن أثقلهم بأحداثه السياسية الموجعة، وتطوراته الامنية الاقتصادية والمالية الصادمة، وهم يقفون على حافة أيامه الاخيرة، يتأملون الطبقة السياسية التي تمادت طوال العام في التعطيل، و شلّ البلاد و قطع الطريق على أي بادرة أمل لإنقاذهم، من الهاوية السحيقة التي ينزلقون إليها.

ليس تفصيلا أن يبدأ العام 2021 بالتعطيل السياسي، بسبب الفراغ الحكومي الذي حصل عقب إستقالة حكومة الرئيس حسان دياب في آب 2020، وأن ينتهي بشلل حكومي بسبب فرض الثنائي الشيعي، “معادلة” تفعيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي مقابل “قبع” القاضي طارق البيطار. التعطيل والشلل غير مفهومين أو مبررين، في بلد يعاني من إنهيار إقتصادي وإجتماعي غير مسبوق بحسب البنك الدولي، الذي صنّف الازمة اللبنانية، بأنها واحدة من أشد الازمات العالمية منذ منتصف القرن التاسع عشر. 

اقرأ أيضاً: 2021 عام الانهيارات.. 2022 من يوقف النزف؟

وأبلغ دليل على ذلك مشهد التضارب بين المواطنين والعسكريين على أبواب المصارف بسبب التعميم  161 الذي يسمح لموظفي القطاعين العام والخاص بالحصول على رواتبهم بالدولار “الفريش” ليبيعوها لاحقا في السوق السوداء ويكسبوا ما بين 300 أو 500 ألفي ليرة أي نحو 10 دولارات. أما الطبقة السياسية فتعاركت خلال العام 2021على الحصص والصفقات(ما حصل في المجلس الدستوري نموذجا) وعطّلت المؤسسات الدستورية وتنتظر بلوغ العام 2022 لتكمل إلتهام حقوق المواطنين وطحن كراماتهم.

أقفل العام 2021 على أزمة في السياسة سواء على مستوى الحكومة أو مجلس النواب

إذا أقفل العام 2021 على أزمة في السياسة سواء على مستوى الحكومة أو مجلس النواب ( الكباش حول تعديلات قانون الانتخاب والصراع المتوقع بين رئيسي الجمهورية ومجلس النواب، على خلفية فتح دورة إستثنائية للمجلس قبل آذار المقبل)، وعلى مستوى العلاقة بين أطراف ما يسمى “فريق الممانعة”، وأبرزها التوتر الحاصل بين التيار الوطني الحر وحزب الله، وبينه وبين رئيس المجلس نبيه بري، على خلفية التعديلات لقانون الانتخاب و”اللاقرار” الذي صدر عن المجلس الدستوري، بالاضافة إلى طبول المعارك النيابية و الرئاسية التي تُدق بين التيار الوطني وتيار المردة، وحزب القوات ناهيك عن التعثر السياسي والانتخابي الذي يعاني منه حزب المستقبل والصدمات متسلسلة ولا حلول. 

ففي إستعادة لمسلسل التعطيل الذي حصل خلال هذا العام، لم يتمكن الرئيس سعد الحريري الذي تمت تسميته رئيسا للحكومة في تشرين أول 2020، من تشكيل حكومته علما أنه عقد 20 لقاءا مع رئيس الجمهورية ميشال عون، وإستمرت فترة تكليفه ( وشلل البلاد ) تسعة أشهر، إذ حالت الخلافات السياسية الحادة بينه وبين عون ورئيس تكتل لبنان القوي جبران باسيل دون إتمامه المهمة، كما لم تنجح الضغوط الدولية على الطبقة السياسية التي مارستها فرنسا خصوصاً، منذ إنفجار مرفأ بيروت، في تسريع ولادة حكومة يشترط المجتمع الدولي، أن تضم إختصاصيين وتُقبل على إصلاحات جذرية مقابل تقديم الدعم المالي.

لم يتمكن الحريري الذي تمت تسميته رئيسا للحكومة في تشرين أول 2020 من تشكيل حكومته علما أنه عقد 20 لقاءا مع عون وإستمرت فترة تكليفه 9 أشهر

إعتذر الحريري وتمّ تكليف الرئيس نجيب ميقاتي في تشكيل الحكومة في 26 تموز،  ومن جديد حالت الخلافات بين القوى السياسية على شكل الحكومة، وتقاسم الحقائب في تشكيلها بسرعة إلى أن كانت الولادة في 10 أيلول، لكن بعد شهر على ولادتها، جُمدت إجتماعاتها بسبب تمسك الثنائي الشيعي، بتنحية القاضي طارق البيطار عن ملف تحقيقات إنفجار المرفأ، وتوالت الضغوط على مسار التحقيق بتراكم طلبات السياسيين المستدعين إلى محكمة التمييز لكف يد البيطار( الوزراء والنواب علي حسن خليل وغازي زعيتر ونهاد المشنوق ويوسف فنيانوس)، ووصل الامر إلى تحوّل تظاهرة مؤيدة للثنائي ومنددة  بالقاضي البيطار، إلى مواجهة عسكرية في منطقة الطيونة بين مناصري  الثنائي وأنصار  القوات مذكرّة بالحرب الاهلية.

إعتذر الحريري وتمّ تكليف الرئيس نجيب ميقاتي في تشكيل الحكومة في 26 تموز  ومن جديد حالت الخلافات بين القوى السياسية على شكل الحكومة

بعد أحداث الطيونة، وفي إستكمال لمسار التعطيل، إنفجرت في وجه حكومة الرئيس ميقاتي أزمة العلاقات بين لبنان ودول الخليج، على خلفية تصريحات لوزير الاعلام جورج قرداحي حول حرب اليمن. بعد شهر من إندلاع الازمة أي في تشرين الثاني، قدّم قرداحي إستقالته سعيا لتطويقها، إلا أن أسبابها بدت أكثر تعديا لإرتباطها برفض الدول الخليج،  النفوذ المتنامي لحزب الله ودعوته إلى حصر السلاح  بيد الشرعية، ثم كانت أزمة الطعن بتعديل مواد قانون الإنتخاب التي طالت شظاياها كل الطبقة السياسية، ومن المتوقع أن تستمر في بداية العام المقبل إلى حين إجتراح صفقات جديدة بينهم.

ومن الامثلة على الانقسام الحاد بين أطراف الطبقة السياسية وجماهيرها، حصول حوادث أمنية وضعت البلاد على حافة الحرب الاهلية، ومنها  حادثة إطلاق النار فب خلدة بين عرب خلدة و حزب الله، على خلفية ثأرية، كما منع أهالي شويا في الجنوب عناصر حزب الله، لإستخدام بلدتهم لإطلاق صواريخ على إسرائيل. 

هذه الأحداث بينت هشاشة الوضع الامني، وعكست ضيقا من تردي الاوضاع السياسية والامنية والاقتصادية، يحمّل اللبنانيون أسبابها لسلطة قال عنها أحد خبراء الامم المتحدة، انها تخذل شعبها ويُخشى إشتداد المأزق في العام المقبل، حيث سيشهد إنتخابات نيابية ورئاسية.

من الامثلة على الانقسام الحاد بين أطراف الطبقة السياسية وجماهيرها حصول حوادث أمنية وضعت البلاد على حافة الحرب الاهلية

من المفيد التذكير، أن من نتائج سياسة التعطيل التي إنتهجها الفريق الحاكم منذ بداية الازمة، هو  عدم إتفاقهم على خطة إقتصادية و مالية إنقاذية، تقنع كل من صندوق النقد الدولي، هو ظهور طوابير الذل أمام محطات الوقود التي شكلت أبلغ تعبير، عن تحويل شعب إمتهن الرفاهية إلى لاهث وراء تأمين الحاجات الاساسية من وقود وكهرباء وغذاء، وإرتفع ثمنها إلى مستويات غير مسبوقة، مع بلوغ سعر الدولار ما يقارب 30 ألف ليرة.

النفق الذي تُسجن فيه بلاد الارز يبدو شديد الظلمة ولا أفق لأي إنفراج

كل ما سبق يد على أن الوضع الحالي وسياسة التعطيل تُغيّر وجه لبنان، ويواجه البلد حالة فعلية من اللاقانون، تقوده إلى حافة الهاوية، مع احتمال نشوب فوضى واسعة النطاق، قد تتطوّر إلى نزاعات مسلحة داخلية. 

صحيح أن اللبنانيين لم يتوقعوا أن يمر عليهم العام 2021 بهذا السوء، لكن النفق الذي تُسجن فيه بلاد الارز يبدو شديد الظلمة ولا أفق لأي إنفراج ممكن بل أن معظم قوى السلطة يشارك في التعطيل والبعض الاخر ينتظر ما ستسفر عنه طبخة التسويات الخارجية.

السابق
عون يوقّع.. رسميا الانتخابات النيابية في 15 ايار !
التالي
«لبنان مخطوف من قبل حزب الله وإيران».. هكذا علق السنيورة حول «استقالة» ميقاتي!