ايران بين «جزرة» الاستثمارات و«عصا» الغارات!

ايران
تحت وطأة القصف الإسرائيلي على المواقع الإيرانية في سوريا، وكان آخرها فجر أمس في مرفأ اللاذقية، حلّ وزير الخارجية الإماراتي طحنون بن زايد في طهران زائراً ومبادراً، إلى تعزيز علاقة دول الخليج العربي مع الجارّ اللدود الفارسي. "العصا والجزرة"، هو الأسلوب الذي اختاره خصوم إيران، لمواجهة مشروعها الممانع في المنطقة، وذلك بعد أن وصل هذا المشروع إلى نهايته.

يتفاجأ المراقبون للساحة العربية والذين يرصدون ازماتها، بزيارات دبلوماسية واجتماعات تجري بين القوتين الكبيرتين بالخليج العربي، اللتين على طرفي نقيض، فبعد سلسلة لقاءات بين ممثلين عن السعودية وايران في بغداد قبل شهور، تأتي أمس زيارة وزير الخارجية الاماراتي طحنون بن زليد الى طهران، وذلك على الرغم من احتدام المعارك في اليمن بين التحالف العربي الذي تشارك فيه الامارات، ويدعم الجيش الوطني ضدّ انصار الله الحوثيين وجيش القبائل الشمالية المدعوم من ايران. 

غرق ايران في المنطقة 

ولشرح الواقع الحالي، فانه لا بدّ من القول، ان محطة اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني من قبل القوات الجوية الأميركية في مطار بغداد مطلع عام 2020، كانت ضربة قاصمة لطموحات إيران التوسعية في المنطقة، ليبدأ بعدها مشروعها بالانحسار، مع تقبل طهران للواقع الجديد في عودة الشراكة مع اميركا، على قاعدة تفاهم عام 2003 تاريخ احتلال اميركا للعراق، مع العلم ان اميركا ضربت بيد واغتالت سليماني، وأنقذت بيد أخرى العراق واقتصاده وساعدته على تفادي انهيار اقتصادي، فتلقفت بغداد مساعدات مالية أميركية بقيمة ثلاثة مليارات دولارات قبل عام، اثر اضطرار المصرف المركزي العراقي تخفيض قيمة العملة من 1250 إلى 1600 دينار للدولار الواحد، وذلك تحت وطأة تفاقم الأزمة الاقتصادية، بفعل سوء الإدارة الحكومية و تفشي الفساد، مع العلم ان البضائع الايرانية تغرق السوق العراقي، مستفيدة من الإعفاءات الاميركية التي تستثني العراق من العقوبات على صادراتها. 

إقرأ أيضاً: حسن فحص يكتب لـ«جنوبية»: ايران والامارات .. ما تجمعه المصالح لا تفرقه إسرائيل!

أما في لبنان، فإن نفوذ حزب الله وتحكمه بقرارات الحكومات المتعاقبة، وحيازته على الأكثرية النيابية والوزارية ارتد وبالاً عليه، فها هو الحزب بات محاصراً اقتصادياً بفعل العقوبات الخارجية والانهيار المالي الداخلي، ومتهم قضائياً بسبب مطالبته بوقف التحقيق بجريمة تفجير مرفأ بيروت، وحتى أمنياً مع تحميله مسؤولية أحداث خلدة وشويا وأخيراً الطيونة في بيروت، وما جرى من تهديدات بعدها بإشعال فتنة شيعية مسيحية تطيح بالسلم الأهلي. 

أما في سوريا، فإن الغارات الإسرائيلية شبه اليومية على المواقع الإيرانية، في دمشق والقنيطرة واللاذقية وحمص وغيرها رغم الوجود الروسي، انما تؤشر على الإصرار الدولي بوجوب انسحاب إيران وحزب الله وباقي الميليشيات الشيعية من كامل بلاد الشام، تمهيداً لعقد التسوية المنشودة على أساس مؤتمر جنيف. 

العرض الاماراتي المغري 

 هذا ومع وصول المدّ الإيراني إلى نهاية، تأتي زيارة وزير خارجية الإمارات طحنون بن زايد  إلى طهران لعرض “الجزرة” العربية المباركة من الغرب وأميركا، وهي باختصار الطلب من إيران، الانخراط في حلّ سلمي شامل في المنطقة، أساسه الاتفاق النووي المقبل المنتظر أن يوقّع في فيينا مع الدول الغربية، إضافة إلى القبول بالتسويات في سوريا ولبنان واليمن، بما يضمن تبريد الجبهات وعودة السلام لاحقاً إلى ربوع دول الهلال الشيعي، التي تحوّلت إلى نار ودمار في السنوات الاخيرة، بفعل حروب وتوترات استنزفت المنطقة كلها حتى إيران نفسها، التي تشكو اليوم من أزمة اقتصادية خانقة بفعل العقوبات الأميركية المتصاعدة عليها. 

دول الخليج العربي تصبح جاهزة من أجل الدخول في مشاريع استثمارية كبرى في كافة القطاعات الاقتصادية في إيران

والجائزة التي تزمع الإمارات وباقي دول الخليج تقديمها إلى إيران، في حال انحيازها الى الحلول السلمية في المنطقة، وذلك حسب معلومات أميركية متداولة مواكبة استقاها موقع “جنوبية”، تفيد ان  دول الخليج العربي، سوف تصبح جاهزة في الدخول بمشاريع استثمارية كبرى في كافة القطاعات الاقتصادية في إيران، وذلك بعد توقيع الاتفاق النووي ورفع العقوبات، وعقد التسويات واتفاقات السلام وانهاء الأزمات في المنطقة، وفتح صفحة جديدة قوامها السلام والمشاريع الاقتصادية العابرة للأوطان، بديلا عن المشاريع السياسية الطائفية العابرة، كما هو واقع المشروع الإيراني الحربي الحالي. 

وبحسب دراسات، تعد ايران ثاني أكبر الاقتصادات حجمًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وآسيا الوسطى، وهي يمكن ان تتحوّل بسرعة منطقة جذب استثماري للشركات العالمية، عندما يتبدل الواقع السياسي ليصبح اكثر استقرارا، فالسوق الإيراني البالغ قوامه 80 مليون نسمة ذو قيمة استثمارية كبيرة. 

السابق
البزري يكشف لـ«جنوبية» عن خيار واحد لأعياد سعيدة.. و«آمنة»!
التالي
«كابيتال كونترول».. حتى آخر «قرش»!