حديث فوق الإنتخابات.. منطق خارج المنطق!

ياسين شبلي

.. بعد أن وصل الحال إلى ما هو عليه، نظرت حولي فوجدت كل ما نحن فيه عبثي وغير معقول. من عملة إنهارت أمام الدولار الأميركي بحوالي 20 ضعف مما كانت عليه، إلى شعب تائه حائر لا يلوي على شيء، بعضه يحتج، وبعضه الآخر يتألم بصمت، وبعضه الأسوأ ما زال يصفق ويهلل للزعيم المفدى. لم أجد من ملجأ لي بعد هذه التجارب والسنين سوى المنطق هذه المرة، بعيدا عن العواطف السياسية والدينية والفكرية، لجأت إليه بعد أن إستبعدته من حياتي السابقة، وقلت في نفسي لأجربه ولو لمرة واحدة، علّي أجد لديه أجوبة لتساؤلاتي، في محاولة لفهم ما يدور حولي. إستقبلني بهدوء وبشاشة سائلا عن الأحوال، حدثته بكل صدق وشفافية، ما إعتدتها حتى مع نفسي التي كانت دائما ما توجهني وتسوقني، نحو الطائفة والمذهب والزعيم والقائد الملهم الذي لا يخطئ ، كيف لا وهو الحامي وهو العون والحسن، هو النبيه وهو السعد والسمير. ضحك المنطق وقال لا تحزن أيها اللبناني، لست وحدك المنكوب في هذه المنطقة، وإن كان وضعك من بين أسوأ الأوضاع، إسمع ما سأقوله لك ، ولا تأخذه على أنه حل، قبل أن تفكر به وتمحصه في عقلك، فمن أكبر مصائبنا في هذا الشرق، أننا ألغينا العقول وأممناها، ووضعناها في أيادي أشخاص منهم المتهور ومنهم المغرور، ومنهم المنافق الأفاق ومنهم الساذج، إسمع ، فكر ، وحلل الأمور ومن ثم إتخذ قرارك، الذي قد يقودك إلى بداية الطريق الصحيح، فأول الدواء هو يقينك بأن الطريق طويل، وما دمرته سنين طويلة لا يمكن إصلاحه بسنة أو سنتين، ولكن لكل هدف بداية والخطوة الأولى هي الأهم .

اقرا ايضا: القصة الكاملة لـ«المقاومات» اللبنانية على «مد الوطن».. إختلاف واتفاق ودماء!


أيها اللبناني.. غداً وأنت في طريقك إلى صندوق الإقتراع، إشحن ذاكرتك جيداً، ولا تنسى الحصاد المر لإقتراعك السابق، جراء فساد وإهمال وإستغلال وتكالب هذه السلطة على حاضرك ومستقبل أبنائك.
وأنت في الغرفة العازلة، تحمل أسماء المرشحين الذين أعطوك إياها في الخارج، لا تنسى الأموال المنهوبة بسبب الفساد .. كذلك أموالك المحتجزة في البنوك بسبب سوء إدارة المال العام..
وأنت واقف في طابور الإقتراع، تذكر جيداً وقوفك في طوابير الذل، أمام البنوك ومحطات الوقود والأفران والمتاجر ..
كذلك التقاتل في المحلات التجارية بسبب كيلو سكر أو قنينة زيت مدعوم ..

أيها اللبناني.. غداً وأنت في طريقك إلى صندوق الإقتراع إشحن ذاكرتك جيداً ولا تنسى الحصاد المر لإقتراعك السابق


لا تنسى إنك وأنت في القرن الواحد والعشرين، تعيش في ظلام وظمأ بسبب سماسرة البواخر والسدود الخاوية، بهمة مغارة وزارة الطاقة وكل الطاقات ..
لا تنسى وأنت في طريقك إلى صندوق الإقتراع، بأن الليطاني الذي خيضت بإسمه كل الحروب، وبإسم الأطماع الصهيونية بمياهه ، كما غيره من الأنهر ملوث بهمة بلديات ثنائي “التنمية والتحرير” و “الوفاء للمقاومة”.
لا تنسى إنفجار مرفأ بيروت شريان لبنان الحيوي، وضحاياه الشهداء منهم والأحياء، الذين يستكثرون عليهم مثول وزير أو نائب أو موظف أمام القاضي للتحقيق، بإسم العدل والدستور وكرامة الطائفة ..
لا تنسى هجرة أبناءك وغربتهم في المهجر، ومن يلاحقهم لينغص عليهم حتى غربتهم، بأفعاله المشينة من مخدرات ومتفجرات، كما غربتك أنت بغيابهم عنك في وطنك، الذي يلاحقونك فيه هم أنفسهم عصابات السلطة..
وإن نسيت، لا تنسى الشهادات المزورة من جامعات لبنانية، وبعضها يديرها مجالس ملية، ليدمروا بها مستقبل أجيال في دولتين، من دول محور “ولاية الفقيه”، هما لبنان بالإساءة إلى سمعة شهاداته التي يحملها شبابه، الباحث عبرها عن وظيفة في أرجاء المعمورة، والعراق الذي أمعنوا فيه قتلا وتخريبا وفسادا وإرهابا..

لا تنسى وأنت في طريقك إلى صندوق الإقتراع بأن الليطاني الذي خيضت بإسمه كل الحروب وبإسم الأطماع الصهيونية بمياهه بهمة بلديات ثنائي “التنمية والتحرير” و “الوفاء للمقاومة”


وأنت ذاهب إلى صندوق الإقتراع، لا تنسى أن ترفع الدعم عنهم، بعد أن رفعوا الدعم عن طعامك ودواءك، وأنه ممنوع عليك أن تمرض بسبب غلاء الأدوية، وبأن الدخول إلى ملكوت السماء، أسهل وأقل كلفة من دخول مشفى في بلدك ..
لا تنسى وأنت في طريقك لدخولك بلدتك للإقتراع، من أخرج شبابها منها وأدخلهم في حروب خارج الوطن، من سوريا إلى اليمن مرورا بالعراق، بإسم المقاومة وحماية ظهرها، في الوقت الذي بات ظهرك عارياً مكشوفاً أمام كل السياط والضربات.

لا تنسى أن ترفع الدعم عنهم بعد أن رفعوا الدعم عن طعامك ودواءك

لا تنسى “القوي” منهم الذي أرهبك بقوته، ولا الضعيف الذي خذلك بضعفه، ولا المنافق الذي خدعك بتملقه.
لا تنسى ولا تصدق وعودهم الجديدة، التي قد تصدر عن وجوه جديدة يطرحونها عليك بإسم الإصلاح والتغيير، بغية خداعك مرة جديدة، وتذكر بأن المؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين .

لا تنسى ولا تصدق وعودهم الجديدة التي قد تصدر عن وجوه جديدة يطرحونها عليك بإسم الإصلاح والتغيير


هذا غيض من فيض ما قد أنصحك به في الوقت الحالي، هي نصائح بسيطة وبديهية، لكنها بحاجة إلى إرادة حرة من كل تبعية أو فكرة مسبقة أو خلفية عقائدية دينية، كانت أو سياسية، إنطلق من كونك إنسان لديه إحتياجات طبيعية ككل البشر، له الحق في حياة عادية كريمة، في العيش والعلم والصحة والحرية والتفكير دون قيود ومحرمات، إلا ما يضر الغير فيما تسعى إليه لنفسك، إخلع عنك رداء الجهل والتخلف الذي قد يأتيك على شكل عبادة زعيم، أو تقديس فكرة أو قتل ووأد فكرة مضادة، حلق كما الطيور في هذا الفضاء الواسع الذي وهبتك إياها الطبيعة، كن جميلا ترى الوجود وتعيشه جميلا.. فهل أنت فاعل ؟

السابق
عراجي يحذر عبر «جنوبية»: متحور «أوميكرون» مُقلق.. وهذا المطلوب!
التالي
العراق:القاء القبض على رجل دين شيعي لإطلاقه صواريخ على مبنى مركز الرافدين!