عندما لا تنفع استقالة الحكومة!

الحكومة اللبنانية ميشال عون نجيب ميقاتي

قد يكون البحث في منفعة استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، أكثر خدمة للوطن من البحث الماضي في منفعة تشكيلها. حزب الله أرادها بشدة، ولكن صورية فقط، وبهدف تعطيلها!

فالحكومة التي تشكلت على الأسس المعتادة، من مذهبية وطائفية ومحاصصة، ومحميات مالية وتوزير المحسوبيات وسيطرة حزب الله عليها وعدم وجود نية في بناء دولة، متوقع منها ألا تكون نافعة لشيء.. ولكن الأسلوب نفسه يعطي النتيجة السلبية نفسها. وجاءت الأزمة الناتجة عن مقابلة الوزير جورج قرداحي لتؤكد العجز الانحداري للأداء الحكومي. وهي تدنت الى مستوى ما دون تصريف الاعمال، من دون أي نتيجة ايجابية تذكر.. فلا في الملف المالي، ولا في الكهرباء، ولا في ملف التحقيق بتفجير مرفأ بيروت ولا في ضبط الادارة العامة، ولا في ضبط الدولار والاسعار… لا أمل، لا رجاء، لا حياة لمن تنادي!

الأفق مسدود، وهذه هي نهاية الطريق التي تقود فيها هذه الطبقة السياسية البلاد

نجح حزب الله من جهته بإخراج الحكومة في الشكل، ولكنه غير قادر على إنجاحها، ولا على إنجاح أي حكومة أخرى، لا بالمضمون ولا بالأفعال. ونجاح الحكومة أو فشله ليس هماً أساسياً للحزب، الذي بين أسلوبه المهيمن ونشاطه التقسيمي يدفع بالبلاد، إما الى التقسيم وإما الى البند السابع بسبب استحالة الحلول الداخلية. وبالتالي ينجح الحزب بتحقيق نتائج كارثية إضافية للشعب اللبناني، نتائج مكللة بخيبات أمل لكل “المكبشين بحبال الهوا”! فالكثير من اللبنانيين يضعون آمالهم في “المطارح الغلط”، ويعني ذلك أن الأفق مسدودا، وهذه هي نهاية الطريق التي تقود فيها هذه الطبقة السياسية البلاد.

انتهت فترة التجارب الميقاتية بالفشل. وبقاء الحكومة لن يقدم الكثير. في حين أن استقالتها سيعطي لبنان فرصة ما بغد قد يكون أفضل. وهو في الحقيقة مستحيل أن يكون أفضل مع بقاء هذه الطبقة السياسية المتجذرة في مكانها، هذه الطبقة التي يحميها سلاح حزب الله في النهاية، بحمايته للفاسدين من حزبه ومن حلفائه ومن خصومه، وبعدم إيمانه بالدولة ولا بدورها الاقليمي ولا بقدراتها الدفاعية. فقدان ايمان الحزب بالدولة، يدفعه الى المحافظة على “ستاتيكو” قائم مع حلفائه ومع خصومه في الداخل، فهو مرتاح لتحديد هوية ودور ومحدودية حركة كل منهم. وعندما “تحز المحزوزية” يهدد بالسلاح وبالمقاتلين، والستاتيكو السياسي الأكبر والأساسي هو المحافظة على البعد الاقليمي في المحور الايراني. ولا ضير في أن موت اللبنانيين جوعاً وقهراً، بسرقة أموالهم وثرواتهم الطبيعية، وودائعهم وأحلامهم وآمالهم ومستقبل أولادهم. لأن الموت بانتظار انتصار إيران على العرب، أهم من الحياة بحسب أداء الحزب!

تكمن الصعوبة في الاتجاه الى تطيير الانتخابات النيابية المقبلة، وهي المهمة الأساسية للحكومة

إن استقالة حكومة الرئيس ميقاتي تريحه على المستوى الشخصي، لأنه بذلك يعترف بمحدودية المهمة المستحيلة التي وعد الناس بها. وهو إن لم يكن مدركاً لاستحالة المهمة قبل التكليف فتلك مصيبة، وإن كان مدركاً فالمصيبة أكبر. وتضعه في خانة سلبية جداً.

“وجودها أو عدم وجودها متل قلِّتها!” هذا هو الرأي السائد بالحكومة لدى عامة الناس، “خليها، ماشي الحال”.. لكن في الحقيقة، تكمن الصعوبة في الاتجاه الى تطيير الانتخابات النيابية المقبلة، وهي المهمة الأساسية للحكومة. علماً أن المؤشرات توحي بتطييرها!

اعتاد اللبنانيون، وللأسف، على الفراغ الدستوري والحكومي والتمديد.. والكوارث المسببة لها والكوارث الناتجة عنها. لذلك، استقال الرئيس ميقاتي أو لم يستقل فالأمر لن يغير الكثير. ولكن الاستقالة موقف ومواجهة، والموقف يفتح باباً جديداً في المواجهة.

السابق
بالصور.. المغرّدون حائرون: ماذا تحتوي «شنط» لاعبي المنتخب الإيراني؟!
التالي
مروان الأمين: قصة قرداحي بين «عبيد للإيراني» و«مرتزقة في خدمة المشروع الايراني»!