«حزب الله» يشهر «خراطيمه» الإيرانية.. «يحكم ولا يملك»!

علي الأمين
يتحول لبنان في زمن «حزب الله» الإيراني الهوى، إلى ساحة مفتوحة لأجندة ولاية الفقيه السياسية والعسكرية و «النووية» في المنطقة، تتوسع فوق أنقاض الدولة اللبنانية المتهالكة، عبر إرساء دويلة متكاملة يديرها عن بُعد، على قاعدة «يحكم ولا يملك»، تمتد «خراطيمها المفخخة» من إيران إلى عمق لبنان الرسمي المتفرج.

اول هدايا “حزب الله” الى حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، هي الصهاريج المحملة بمادة المازوت الآتية من ايران عبر سوريا. عنوان الهدية يتأتى من طريقة دخول الصهاريج، فهي لم تراع الاعتبارات القانونية ولا الشكلية، تلك التي تتصل بمسؤولية الحكومة، عن اعطاء الإذن بدخولها او خروجها من لبنان.

إقرأ أيضاً: خاص «جنوبية»: البواخر الايرانية تُربك الحكومة..ودويلة «حزب الله» تبتلع الدولة!

دخول الصهاريج بهذه الطريقة التي تنم، كما يظهر بشكل فاقع، عن تجاوز صريح ومستفز للحكومة الجديدة، يعكس الذهنية التي يريد “حزب الله” من خلالها، توضيح مسؤوليات الحكومة وحدود اهتماماتها كما هو يريدها، وهذا ما يبدو محل قبول من الحكومة التي لم تجد مبررا للتعليق على ما قام به الحزب، بما يظهر انها تقرّ، ان دخول النفط الايراني المهرب هو من صلاحيات “حزب الله”. 

صهاريج المازوت الايراني
صهاريج المازوت الايراني

هذا التنازل الطوعي للحكومة عن صلاحياتها، يعطي الدلالة على ما سيكون عليه الحال في مسار العمل الحكومي لاحقاً، ذلك ان الدويلة، سواء باسم المقاومة او باسم اشرف الناس، وفي النهاية باسم “حزب الله”، سيكون لديها الحرية المطلقة، في القيام بما تراه مناسبا لها، ولو كان ذلك على حساب ما تبقى من هيبة للدولة واجهزتها، وللحكومة التي ما تشكلت، لولا اطمئنان “حزب الله” الى تحكمه بها.

دخول الصهاريج بهذه الطريقة التي تنم كما يظهر بشكل فاقع عن تجاوز صريح ومستفز للحكومة الجديدة


 ‏من هنا، فان التساؤل ازاء تحكم “حزب الله”، وسيطرته على مقاليد السلطة، من الرئاسات الثلاث والحكومة والاكثرية النيابية، يتعلق بما الذي يدفعه الى تجاوز الدولة، طالما انه في قلبها ومتحكم بقراراتها، وقادر على فرط اي حكومة يشتم منها الخروج على سياسته؟!


 ‏الاجابة على هذا التساؤل تنطلق من مسار “حزب الله”، منذ أن  تأسس الى اليوم. فهو يقوم على ايديولوجية وثقافة  العداء للدولة في لبنان، كما في اي مكان خارج ايران، و كان هذا العداء يلبس لبوس الخلافات السياسية في مراحل سابقة ، بحيث كان يخفي موقفه العدائي اتجاه السلطة، معتبرا ان خلافه مع منظومة الحكم او جزء فيها، مبررا بذلك تمنعه عن الانضواء والالتزام بشروط الدولة ومقتضياتها.

لبنان اليوم بيد “حزب الله” وغير ذلك هو من باب الخداع

لكن ذلك ما لبث ان انكشف مع انتخاب ميشال عون رئيسا، حيث ظهر “حزب الله” ان مشكلته ليست مع السلطة، بل مع الدولة اي دولة، حتى لو كانت طوع بنانه، وخاضعة له. ‏ففي مسألة استحضار النفط الايراني، لم يبذل “حزب الله” جهدا يذكر، من اجل ترتيب اتفاقية بين دولتي لبنان وايران، كان يمكن ان تكون صورة على الاتفاق النفطي والتجاري، القائم بين طهران وبغداد، علما ان لبنان كان يمكن ان يحرج واشنطن، اذا ما قدمت ايران عروضا نفطية مغرية، طالما ان لبنان يعاني من ازمة مالية معروفة للجميع. ‏

صهاريج المازوت الايراني
صهاريج المازوت الايراني

باختصار لا ايران تريد تعزيز ودعم الدولة في لبنان، ولا “حزب الله” في وارد ذلك، لبنان اليوم بيد “حزب الله”، وغير ذلك هو من باب الخداع، ومن يحمي المنظومة الحاكمة ويذود عنها، بالشكل الذي شهده الشعب اللبناني وما يزال، منذ انتفاضة ١٧ تشرين، لا يمكن ان يقنع اي مواطن سوي بحقيقة مخالفة لسيطرته وتحكمه.

“حزب الله” بأدواته ومندرجاته  إنما  يذود عن المنظومة الحاكمة لا الدولة التي تزداد هشاشة مع قوافل الصهاريج المحملة بالنفط الايراني

“حزب الله” بأدواته ومندرجاته،  إنما  يذود عن المنظومة الحاكمة لا الدولة، التي تزداد هشاشة مع قوافل الصهاريج المحملة بالنفط الايراني، وبشارات النصر عن خرق الحصار الموهوم عن لبنان، فيما حصاره هو للدولة مستمر ويدوم! ‏ ‏ ‏ ‏ 

الخطابات الرنانة الممجوحة والوعود “الكمونية” الملغومة تبدو أنها الاستثمار الوحيد.. و تقدم بالطبع “أجوبة” شافية!

 ‏فقط هناك تكرار “ببغائي”، بأن ايران عرضت مساعدة الجيش وبناء محطات للكهرباء لكن الدولة رفضت، مقولة ان الدولة رفضت غير مقنعة، طالما ان من رفض لا يعتد برفضه، لكأن الرفض هي الكلمة التي يحتاجها “حزب الله”، بينما لا يُعتد برفض الدولة دخول حزب الله في الحرب السورية، ولا برفض الحكومات المتتالية تدخلاته في دول عربية وغير عربية، ولا بكل ما يقوم به على مستوى تجاوز شروط الدولة.تساؤلات كبرى تحتاج إلى ردود منطقية،  ‏ما الذي منع “حزب الله” وايران، من انجاز محطة كهرباء في البقاع او الجنوب او الضاحية، و من الذي منع “حزب الله” بتحفيز ايران على القيام بمشاريع استثمارية في البقاع او الجنوب وحتى في الضاحية؟! الخطابات الرنانة الممجوحة والوعود “الكمونية” الملغومة، تبدو أنها الاستثمار الوحيد.. و تقدم بالطبع “أجوبة” شافية!

السابق
بعدسة «جنوبية»: «السكوتر» رفيقة الطريق!
التالي
بعدسة «جنوبية»: أسعار «الأوتوكار».. نار!