ميقاتي لعون: «إذا بدَّك المالية» أطلبها من الحزب.. وهذا ما طلبه بري!

نجيب ميقاتي

في الزيارة الخامسة بعد التكليف، خرج الرئيس نجيب ميقاتي من قصر بعبدا بعد لقاء رئيس الجمهورية ميشال عون، أكثر تفاؤلًا من اللقاء الرابع، حيث أعلن أنه تم إحراز تقدم اليوم “حتى ولو كان تقدمًا بطيئيًا.

اقرا ايضا: طرح خافت بشأن «الداخلية».. الفرنسيون يرفضون اي تلويح بإمكان اعتذار ميقاتي سريعاً

مصادر رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي تقول، بحسب “نداء الوطن” إنه لا يتمسك بتخصيص اي حقيبة لأي طائفة ولكنه حريص على التهدئة السياسية، ولذلك دعا إلى عدم “الحركشة بوكر الدبابير”. الرئيس ميقاتي يعتبر أنه إذا أراد عون أن تكون المالية من حصته فالطريق الذي يؤدي إلى هذا الهدف هو أن يطلبها مباشرة من حليفه “حزب الله”، وإذا وافق “الحزب” مع الرئيس نبيه بري فهذا يعني أن المداورة تكون ممكنة وأن الأمور يمكن أن تنطلق عندها من نقطة الصفر من جديد. ولكن ثمة رأيان في هذا المجال: هل يطرح عون المداورة لأنه يريد أن يحصل على الداخلية والعدل في مقابل تخليه عن التطبيق الكامل لها؟ أم أنه يريد المالية فعلاً وبالتالي يكون كمن يضع العصي في دواليب عهده؟

لذلك ترى المصادر المتابعة لعملية التأليف أن تفاؤل ميقاتي أمس كان ظاهرياً فقط حتى لا يكون سلبياً. وأنه إذا بقي عون مصراً على المداورة فسيصل حكماً إلى صدام مع الثنائي الشيعي، لأنه يسأل ويرسل ملاحظات تتعلق بهذا المطلب وكأنه لن يتخلى عنه. فهل يمكن أن يغامر بمثل هذا الموقف من أجل كسر الدائرة المفرغة التي تدور فيها عملية التأليف، منذ تكليف الرئيس سعد الحريري حتى اعتذاره ومع تكليف الرئيس ميقاتي؟ وبالتالي أيضاً إذا كان “حزب الله” حريصاً على تسهيل تأليف الحكومة، وإذا كان سمّى الرئيس ميقاتي على غيرعادته، هل يمكن أن يتنازل عن مطلب الإحتفاظ بوزارة المالية؟ وهل هناك هدايا يكون مستعداً لتقديمها للرئيس عون قبل نهاية عهده؟

ماذا عن الداخلية والعدلية إذا؟ تعتبر المصادر أن عون لا يمكن أن يحصل على المالية والعدلية والداخلية. إذا أخذ المالية فبأي حقيبة أخرى سيطالب؟ وتضيف المصادر أنه إذا كان يناور ليأخذ العدلية والداخلية مقابل بقاء المالية مع الثنائي الشيعي، فهذا يعني أن الهدف قد يكون متعلقاً بالتأثير على مجرى الإنتخابات النيابية نظراً للواقع الشعبي المتداعي الذي يعيشه “التيار الوطني الحر”، ونظراً لكون من تجمّعوا حول الرئيس في انتخابات أيار 2018 سينفضّون تباعاً من حوله قبل نهاية عهده. وهذا يعني أنه سيخسر كتلة العهد القوي بعد خسارة جزء من “كتلة التيار”. ومهما يكن، فإنه لن يستطيع أن يأخذ الداخلية والعدلية وكل الطروحات التي تحكي عن أن يكون وزير الداخلية سنياً ويسمّيه عون ويوافق عليه ميقاتي، مقابل أن يسمّي ميقاتي وزير عدل مسيحياً ويوافق عليه عون، لا يتعدّى الكلام الذي تمحوه التجارب والأيام لتبقى عملية التأليف واقفة عند نقطة الصفر.

على رغم كل ذلك يبقى ميقاتي متمسكاً بمتابعة عملية التأليف. هو يريد بحسب مصادر قريبة منه أن يستفيد قدر الإمكان من الدفع الدولي في اتجاه تأليف الحكومة مراهناً على أن هذا الدفع، الذي تجلى في مؤتمر باريس قبل يومين وفي موقف الإدارة الأميركية أمس، وفي كلام البابا فرنسيس وفي وعود صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، فرصة لا يجب أن تضيع على لبنان. أكثر من ذلك فقد ذكّرت هذه المصادر بقول ميقاتي إنه سيتدخل شخصياً في كل القرارات المالية والتي تتعلق بالخيارات الأساسية التي تدخل ضمن عملية الإنقاذ المطلوبة وتحت سقف شروط المساعدات الدولية. وهو بذلك يؤكد أنه وأياً تكن هوية من يتولى هذه الحقائب فإن عمله سيكون تحت هذا السقف. هناك إنسجام مطلوب مع السياسة الدولية الرامية إلى مساعدة لبنان على إنقاذ نفسه ولا يمكن تحقيق أي نجاح خارج هذا السياق. وهو لذلك يعتبر أن التركيز يمكن أن يكون أكبر على حقيبة الطاقة مثلاً وعلى حقائب الخدمات ويفضل أن تكون بيد اختصاصيين. وتسجل المصادر القريبة منه أنه لا يلاحظ أن عون لا يزال متسمكاً بها. وتضيف أن الرئيس ميقاتي يضع أمامه هدفين رئيسيين: المساعدات الدولية وتأمين الحصول عليها واستثمارها في سبيل الإنقاذ، والإنتخابات النيابية حتى تكون مقدمة لعملية التغيير الإيجابية التي يمكن أن تحصل في السياق ذاته، وهي باتت أيضاً كما الحكومة مطلباً دولياً. ولكن في النهاية تقول هذه المصادر إنه لا يمكن العبور إلى عملية التأليف إلا بعد موافقة الرئيس عون وتوقيعه. فهل يدرك الرئيس أن عليه أن ينقذ عهده أم يعتبر أن خسارته ما بعد نهاية عهده، إذا كانت أكيدة، لا تضطره الى تقديم هدايا لمن يعتبر أنهم سيأتون بعده. يفضل عون أن يخسر كل شيء على أن يدع غيره يربح أي شيء.

وفي معلومات لـ”الجمهورية” انه حصل “تقدّم كبير” في توزيع الحقائب غير السيادية حيث تم التفاهم على صيغة تضمن تسهيل الاتفاق على الحقائب السيادية الاربع، وهذا الامر سيكون موضع تشاور بين القوى السياسية والاحزاب والرئيس المكلف خلال الساعات الفاصلة عن لقائه السادس اليوم مع عون في حال لم يطرأ ما يمكن ان يفرض تأجيله.

وأكدت مصادر مطلعة على الاتصالات الجارية في شأن ملف تشكيل الحكومة لـ”الجمهورية” أنّ المناخات التي رافقت الساعات الاخيرة في مفاوضات التشكيل، والتي عكست ارادة مشتركة تَجدّدت بدفعٍ دولي كبير، وخصوصاً فرنسي، من خلال مؤتمر الدعم رجّحت احتمالاً كبيراً بإحداث خَرق في هذا الملف. وكشفت انّ هناك مخرجاً يتم التشاور حوله، وهو ان تبقى الحقائب السيادية على توزيعها الطائفي ويتم اختيار اسماء جديدة تحظى على توافق الطوائف الاربع الكبرى: المارونية والشيعية والسنية والاورثوذكسية.

وكشفت مصادر واسعة الاطلاع لـ”الجمهورية” انّ البحث خلاله تناول إعادة نظر في توزيعة الحقائب العادية مجدداً، بعد جولة سابقة لم تكتمل فصولها قبل اليوم على وَقع تأجيل البحث في الحقائب السيادية الاربع.

وقالت هذه المصادر لـ”الجمهورية” ان عملية إعادة التوزيع ستُستكمل في اللقاء السادس اليوم، وستتناول موضوع الحقائب السيادية اذا انتهى التوافق حول مصير حقيبة وزارة العدل، التي اقترح رئيس الجمهورية ان تكون من حصّة المسيحيين بمعزل عن التوجّه السياسي للوزير الذي سيُعيّن لها، مع السعي الى ان يكون مستقلاً ويعطي الحقيبة ما تحتاجه من عناية في المرحلة المقبلة، خصوصاً انها من الحقائب الاساسية التي تواكب الاجراءات الخاصة بالانتخابات النيابية المقبلة، والتي ستكون من أبرز مهمات الحكومة العتيدة.

وكشفت المصادر العليمة انّ التفاهم على حقيبة وزارة العدل سيؤدي الى قطع نصف الطريق الى التفاهم على بقية الحقائب السيادية الاربع بتوزيعتها السابقة، فتكون الخارجية للموارنة والدفاع للاورثوذكس مثلاً، على ان تكون وزارة المال للشيعة وتبقى وزارة الداخلية للسُنّة.

السابق
طرح خافت بشأن «الداخلية».. الفرنسيون يرفضون اي تلويح بإمكان اعتذار ميقاتي سريعاً
التالي
المجرمون