الممارسات العدوانية ضد المفتي الأمين (4): «حزب الله» يلصق بـ«آباء المقاومة» تهمة التطبيع

السيد علي الامين - قصر العدل
يتكلم أُجَرَاءُ حزب الله من المحاميين، في الدعاوى القضائية المرفوعة ضد العلامة الفقيه المجاهد المفتي السيد علي الأمين، وكأنه هو دولة مستقلة وكيان قائم بذاته بمعزل عن الدولة والسلطة اللبنانية، أو كخارج على القانون، كما هو حال الكثيرين من المطلوبين للعدالة اللبنانية، بمذكرات توقيف وجَلب وبحث وتحرِّ، الذين لا يقوم حزب الله بتسليمهم للقضاء اللبناني، وللأجهزة القضائية والأمنية اللبنانية، رغم الكثير من تلك المذكرات والبيانات التي تنام في أدراج الأجهزة الأمنية اللبنانية المختلفة.

يحاول المُدَّعون على المفتي الأمين، أن يوهموا الجمهور والكافة – من خلال الإعلام والدعاية – بقيامه بممارسات تطبيعية مع الكيان الصهيوني، بمعزل عن حقيقة الوقائع والمجريات الميدانية!  

 ويأتي ذلك مع وضوح منطلقات وطروحات المفتي الأمين، والتي يشهد العقلاء والوطنيون والمختصون بكونها جميعها، منطلقات وطروحات قانونية ووطنية، يُصِرُّ من خلالها المفتي الأمين على عدم تجاوز دور الدولة اللبنانية في كل الملفات.. 

 ويلتمس المراقب بجلاء، أن الجزء الأكبر من انتقادات المفتي الأمين لأداء حزب الله، هو بسبب بُعد حزب الله عن مفهوم الدولة، وتجاوزه لفكرة الكيان اللبناني، وعمله بمنطق كونه يُمثِّل ولاية من ولايات الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وسعيه لترسيخ أنشطة مؤسساته، بعيداً عن منهجية الحكومة اللبنانية، لتكون هذه المؤسسات مرتبطة إدارياً مباشرة بقيادة الولي الفقيه المقيم في طهران. 

تطبيع حلفاء ايران! 

 وعندما يتهم أنصار حزب الله العلامة الأمين، في الدعاوى القضائية المُقامة ضده بالتطبيع مع العدو، فانهم  يُعطون سلطة لا يملكها، مع احترامنا لكيانه وما يُمثِّل من قيم روحية وعلمية وإنسانية في العالمين العربي والإسلامي ، وكأن  بيده السلطة والحل والعقد في مشروع التطبيع العربي الإسرائيلي! 

كل هذا دون التعرض لمواقف مجموعة من رموز وقيادات محور المقاومة، تَصب في إطار تعزيز هذا التطبيع، فأمين عام حزب الله وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أحد الخطب يوماً وصفه ” بالطيب “، مع كون أردوغان كان قد زار اسرائيل ويقيم معها علاقات اقتصادية واسعة، والجمهورية الإسلامية الإيرانية تقيم علاقات مميزة مع تركيا! 

وتقيم إيران علاقات اقتصادية واسعة مع دولة قطر، في الوقت الذي ما يزال المكتب التجاري الإسرائيلي مفتوحاً ونشطاً في عاصمتها الدوحة. وفي الوقت الذي ما زال الإعلام القطري عبر قناة الجزيرة، يطلق إسم إسرائيل على أرض فلسطين عند عرضه لخارطتها الجغرافية في النشرات الإخبارية! والشواهد كثيرة يطول المقام بعرضها، وما طرحناه منها فقط إنما هو لكيلا يكون النظر إلى القضايا بعين واحدة. 

انتقادات المفتي الأمين لأداء حزب الله سببه بُعد الحزب عن مفهوم الدولة  

 ويأتي توصيف حزب الله وأُنصاره للعلامة الأمين بالتطبيع مع العدو الصهيوني، على خلفية حضوره مؤتمر التنوع الديني البحريني، مع انه أوضح مراراً وتكراراً حقيقة ملابسات وجود الشخصية اليهودية الدينية فيه، يضاف إلى ذلك عدم ورود أي ذكر لإسرائيل في أعمال المؤتمر لا من قريب أو بعيد، ولا التعرض للحديث عن العلاقات معها سواء الثقافية أم السياسية أو غير ذلك، لا في البحث الذي قدَّمه المفتي الأمين في جلسات المؤتمر، ولا في أبحاث بقية المشاركين فيه.

الحياد الشيعي الإيجابي 

فالعلامة الأمين هو وراء الدولة اللبنانية وليس أمامها، وفي طولها وليس في عرضها، وهو يُريد لحزب الله أن يكون كذلك لتجنيب شيعة لبنان، تبعات جرِّهم ليتحملوا لوحدهم مخاطر مشروع حزب الله السياسي الخاص البعيد عن مشروع الدولة والحكومة اللبنانية، وهذا الطرح هو ما بات يُطلق عليه المفتي الأمين مؤخراً عنوان  “الحياد الشيعي الإيجابي”، وعلى هذا الأساس قام بدعم طرح البطريرك الماروني مار بشارة الراعي في حديثه عن الحياد في لبنان، ولقد كان هذا الأمر قديماً جزءاً من مسببات الخلاف بين حزب الله والإيرانيين من جهة، والمرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله من جهة أخرى. 

الكثير من قادة وكوادر هذه المقاومة هم من تلامذة مدرسة العلامة الأمين 

 ومن يقوم بجردة على خطب ومواقف وحركة وجهاد العلامة العلامة السيد الأمين، في العراق وإيران وسورية ولبنان عموماً والجنوب بنحو خاص، وفي دول أخرى في العقود الأربعة الماضية، يلتمس بوضوح الثقافة المناهضة للمشروع الصهيوني في منطق المفتي الأمين، بحيث يقطع المتابع لهذه الخطب والمواقف بأن العلامة الأمين، هو من آباء الحالة المقاومة للمشروع الصهيوني في لبنان والمنطقة، والكثير من قادة وكوادر هذه المقاومة هم من تلامذة مدرسة العلامة الأمين، وقد تربى الكثيرون منهم في دروسه وتحت منبره، وتزودوا من معين فكره وإرشاداته وتوجيهاته، يوم كان الرقم الصعب في معادلة الثنائي الشيعي، قبل أن ينقلب هذا الثنائي عليه، ويُخرجه من المعادلة، بسبب عدم انصياعه الأعمى للمشروع الإيراني ومقررات القيادة الإيرانية، ومنطق ولاية الفقيه المطلقة والأوامر الحزبية التنظيمية. 

 فالعلامة الأمين بما يُجسِّد من إمكانات فقهية واجتهادية، لا يمكنه أن يكون يوماً تابعاً أعمى ومُنقاداً، دون التَّبصُّر بالحكم الشرعي، وما تمليه عليه معرفته العميقة والدقيقة بأحكام الشريعة ومبانيها العلمية الاجتهادية، وهذا هو جوهر الاختلاف الدائر بينه وبين الثنائية الحزبية الشيعية، والذي يتصدَّره حزب الله في العامين الأخيرين في دعاويه القضائية، التي لن تنتهي إلى النتيجة التي يريدها حزب الله، رغم تعظيمه للعناوين التي يحاول استهداف المفتي الأمين من خلالها.

السابق
أهالي ضحايا انفجار المرفأ يشدّون على يد القاضي البيطار: الاستدعاءات ضربة للسلطة!
التالي
دولار السوق السوداء يشق طريقه باتجاه الـ١٨ الف!