«مبايعة» الأسد تُفجّر غضباً شعبياً وعراكاً سياسياً!

السفارة السورية
يعود اللبنانيون ليتعاركوا (ساسة وناس ) حول ملف عودة النازحين السوريين، الكل يعتبر نفسه "أم الصبي" وأنه أول من طالب بعودتهم إلى بلادهم، لكن العراضات الانتخابية السورية التي ظهرت على طول بلاد الارز وعرضها اليوم، تشير إلى أن قوى سياسية وإستخباراتية توجّه تحركاتهم. و بعيدا عن التراشق السياسي والعنصري يبقى السؤال ألم يحن الوقت لمقاربة هذا الملف بطريقة تتناسب والمصلحة اللبنانية؟

إستفاق اللبنانيون اليوم على ملف متفجر آخر،  يُضاف إلى سلسلة الملفات التي تحوّل يومياتهم إلى “جهنم حمراء”، إنه ملف النازحين السوريين الذين توافدوا اليوم في مواكب من الشمال والجنوب وعلى طول الاراضي اللبنانية وعرضها، نحو  مقر السفارة السورية في اليرزة للإقتراع للإنتخابات الرئاسية التي تجري في سوريا.

هذه المواكب أعادت إشعال فتيل الخلاف اللبناني حول مقاربة عودة النازحين السوريين إلى بلادهم، وقد تظهّر هذا الخلاف بالتراشق في المواقف، بين القوى السياسية الحليفة (وئام وهاب وجبران باسيل) والمناهضة للنظام السوري(القوات اللبنانية)، وفي تحركات على الارض قام بها افراد في منطقة نهر الكلب وأوتوستراد يسوع الملك، إعتراضا على هذه المواكب الانتخابية السورية، على إعتبار أن “من حمل من النازحين السوريين صور الرئيس السوري بشار الاسد في كافة المناطق اللبنانية يسقط عنهم صفة النازح”.

كرم ل”جنوبية”:  8 آذار مستفيدة من وجود النازحين السوريين لإستعمالهم في تحركات معينة

بغض النظر عن المواقف المتعارضة حول مقاربة ملف النازحين السوريين، ومدى “إستفزازهم” لمشاعر شريحة واسعة من اللبنانيين، بسبب مواكبهم الطنانة ورفعهم لصور الرئيس السوري بشار الاسد، فإن هذه المواكب والعراضات تدل على أن هناك تمويل من مكان ما، فالناخب السوري في لبنان وفي ظل الوضع الحالي، وفي وقت تعاني سوريا من أزمة بنزين ونقص في المواد الأساسية ليس بمقدوره التحرك بهذا الشكل،  ما يعني بحسب مصادر مواكبة، أن هناك “جهات سياسية ومخابراتية تستثمر في هؤلاء النازحين”، ليصبح السؤال التالي مشروعا: أليس من الاجدى في ظل الوضع السياسي والاقتصادي المأزوم الذي يعيشه لبنان أن يتم مقاربة هذا الملف بعيدا عن المزايدات السياسية والعنصرية ووفقا لما تقتضيه المصلحة اللبنانية؟

الكل هم “أم الصبي”

المفارقة أن جميع القوى السياسية الحليفة أو المعارضة للنظام السوري تعلن أنها “أم الصبي” وأنها من أوائل المطالبين بعودة النازحين السوريين إلى بلادهم وترجع أسباب العرقلة إلى خصومها السياسيين، لتكون المحصلة مزيد من التراشق السياسي والتوتر بين اللبنانيين، أما الحل فيبدو أنه مؤجل إلى حين بدء التسويات الكبرى في المنطقة.

كل ما سبق لا يمنع من إعادة إستكشاف مواقف القوى السياسية حول هذا الملف، وفي هذا الاطار يذكّر عضو تكتل “لبنان القوي” النائب سيزار أبي خليل عبر “جنوبية” أن “التيار الوطني الحر هو أول من تحدث عن ضرورة عودة النازحين السوريين إلى بلادهم منذ العام 2011، وقد تم إتهامنا بالعنصرية عندما بدأنا العمل على عودة آمنة وكريمة للنازحين”، لافتا إلى أن” وجودهم منذ ذلك الحين شكّل ضغطا على الاقتصاد اللبناني وتسبب بخسائر تقدّر بنحو 40 مليار دولار بحسب تقارير البنك الدولي”.

ويشير إلى أن”كل الدول الصديقة والشقيقة أصروا على تحمل هذا العبء لوحدنا، وأعتقد أن الوقت حان منذ فترة طويلة وكان على الحكومات المتعاقبة أن تتواصل مع الجانب السوري في هذا الملف لتفادي الضرر الحاصل”.

هاشم ل”جنوبية”: منظمات دولية تعمل على ابقاء النازحين

 ويتمنى أبي خليل أن “يشجع الانفتاح العربي على سوريا المسؤولين اللبنانيين، على مناقشة هذا الموضوع وهذه مسؤولية حكومة تصريف الاعمال الحالية والحكومة المقبلة أيضا، وهذا أمر بغاية الاهمية بالنسبة للإقتصاد اللبناني لأن وجودهم سرّع  في الانهيار الحاصل”، مشددا على أنه “يجب أن يتم التحضير لعودة آمنة وكريمة، لأنه حق النازحين  العودة إلى أرضهم وحق اللبنانيين العيش بأمان وسلامة، وان لا ندفع فواتير سياسية لهذا الملف” .

ويعتبر أبي خليل أن “المستفدين من هذا الملف كُثر، فهناك أفرقاء داخليين مستفيدين سياسيا وهناك جهات دولية تريد إبقائهم، لإستعمالهم كورقة ضغط في السياسة على النظام السوري، وهناك فريق داخلي تتناغم مصالحه مع مصالح الخارج ويستعمل النازحين كورقة ضغط ديمغرافي على البلد”.

المنظمات الدولية معرقلة!

يوافق عضو كتلة التنمية والتحرير النائب قاسم هاشم على أن ملف النازحين السوريين هو ملف شائك، ويقول ل”جنوبية”:”كان من المفروض أن يتم البحث في هذا الملف في فترة سابقة ولبنان هو من تخلف عن القيام بواجبه في هذا الموضوع منذ سنوات”، لافتا إلى أنه “طُرحت أفكار منذ 5 سنوات وكان يتم التنصل من حل هذا الملف، تحت حجج واهية ومنها رفض الحكومات المتعاقبة على التواصل مع النظام السوري بشكل مباشر للبحث في عودتهم”.

ويضيف:”كان لدى اللواء عباس إبراهيم ولا يزال القدرة والامكانية للتواصل مع الجانب السوري في هذا الملف، وقد شاركنا في عودة الدفعات الاولى من النازحين السوريين في الجنوب إلى بلدهم، ولكن هناك من يعمل على إبقاء النازحين السوريين في لبنان سواء على المستوى الدولي أو الداخلي”.

إقرأ أيضاً: شركات النفط تبيع السوريين..نصف البنزين اللبناني المدعوم!

يلفت هاشم إلى أنه “حتى الان لم تُعرف أسباب إمتناع بعض الاطراف الداخلية على الموافقة على عودة النازحين السوريين إلى بلادهم، بل مجرد كلام عام بأن الظروف لم تنضج بعد وكأن هناك من يحاول إنضاج عودة النازحين وفقا لمشروعه”، مشددا على أن “بعض المنظمات الدولية في لبنان تعمل على تحريض النازحين السوريين على عدم العودة وتمدّهم بالاموال لإبقائهم في لبنان”.

ويختم:”هذا ما لمسناه من خلال التواصل مع النازحين السوريين في الجنوب الذين أبدوا بداية رغبتهم في العودة إلى بلادهم وتواصلوا معنا حول هذا الموضوع، ثم عادوا وعدلوا عن قرارهم بعد تدخل الجمعيات الاممية التي قدمت لهم المساعدات المالية والعينية وفرص العمل شرط بقائهم في لبنان”.

النازحون ورقة مقايضة للتطبيع مع النظام

وعلى ضفة “القوات اللبنانية”، يشير أمين سر تكتل “الجمهورية القوية فادي كرم لـ”جنوبية” أن “القوات اللبنانية فتحت ملف عودة النازحين السوريين منذ سنوات وبكل جدية، ولكن حكومات 8 آذار وبالإتفاق مع التيار الوطني الحر، كانت تملك الاكثرية الكافية لعدم إتخاذ القرار بالتواصل مع النظام السوري لعودة النازحين، بهدف إستعماله في موضوع المقايضة حول التطبيع معه”.

أبي خليل لـ”جنوبية”: فريق داخلي يستعمل النازحين كورقة ضغط ديمغرافي 

 ويرى أن “السلطة الحاكمة مدعوة اليوم إلى حل هذا الملف بالطريقة التي تُناسب اللبنانيين وتخدم مصالحهم، بمعنى أن هناك نازحين سوريين موجودين على الاراضي اللبنانية ولا ينطبق عليهم صفة نازح بل يجب أن يغادروا فورا ويقترعوا في بلدهم”، لافتا إلى أن “الكثير منهم قطع مسافة داخل لبنان للإقتراع في السفارة في اليرزة، وتُعد أطول من المسافة التي تفصله عن مراكز الاقتراع داخل بلاده، فلماذا هذه العراضات داخل الاراضي اللبنانية والاستفزاز للشعب اللبناني  وهذا التحرك المشبوه لتفجير  الوضع في لبنان”.

 ويختم:”قوى 8 آذار مستفيدة من وجود النازحين السوريين في لبنان، لإستعمالهم في تحركات معينة وبالتنسيق مع النظام السوري، وكما كان يتم إستعمالهم سابقا لفرض التطبيع مع النظام السوري، يتم اليوم إستعمالهم لأخذ لبنان نحو مواجهات داخلية”.

السابق
منى زكي تكشف عن أصعب مشاهدها في مسلسل «لعبة نيوتن»
التالي
«العجل المدعوم المُسمّن» يَظهر جنوباً!