العلّامة الراحل الأمين في حوار شامل مع تلفزيون لبنان.. من الشعر الى القضاء الى السياسة

السيد محمد الأمين
العلّامة الراحل السيد محمد حسن الأمين يصف في لقاء مع تلفزيون لبنان بعض القضاة على انهم خاضعون لـ"ذووي الشأن"، متطرقأً حواره الشامل الى ان "التحرر" يجب ان يشمل النساء والرجال في العالم العربي، كما واعتبر ان القضية الفلسطينية هي قضيتنا الأولى ولكن المساحة العربية لديها قابلية لـ"غرس دولة إسرائيل في المنطقة"، متحدثاً ايضاً عن هويتنا العربية والفكر السياسي والحضاري.

مع رحيل العلّامة السيد محمد حسن الأمين والذي خسره لبنان والعالم العربي بعد صراع مع فايروس “كورونا”، ينشر موقع “جنوبية” حوار للسيد الأمين، اجرته معه الإعلامية عبير شرارة في حلقة من برنامجها “خوابي الكلام” “تلفزيون لبنان” عام الـ2016، وتطرّقت من خلاله الى مختلف جوانب حياة العلّامة الراحل إن كان لناحية عمله كقاضٍ شرعي، أو كشاعر متطرقةً الى عدد من القضايا الأخرى كتاريخ جبل عامل، والصراع مع اسرائيل، وظهور الجماعات الإرهابية والفكر “الداعشي”، بالإضافة الى الحديث عن النساء والتمييز ضدّهن.

وقالت شرارة عند تقديمها العلّامة الأمين: “عندما يهْجعُ الآخرون إلى نومهم، ينصرف هو إلى عباداته، إلى عالمه وعلمه. علاّمة علم، متفكر في شؤون الدنيا والدين، بعد أن سُفِكَ دَمُ الناس، واللاّصقُ الوحيد في ما بيتهم اللغة. عندما وُلد، كان الجنوب، عُمْق الجنوب، كان كثير التراب وكثير التبغ. والمجتمع زراعي، والناس يجمع بينهم الخُبز والملح والشِّعر والفقر والحرمان. لم تكن التنمية قد وصلت، وربما لم يكن “الزفت” قد وصل، كان كل شيء زفتاً، إلا الطرقات”.

إقرأ أيضاً: كلمات في الرّيح 382 (مرثيّة العلّامة السيد محمّد حسن الأمين)

وتابعت: “بعد أن أنهى دراسة الصفوف الابتدائية والمتوسطة، في بلدته شقراء، حيث وُلد ونشأ وترعرع في بيت علماء، هاجر إلى النجف، حيث تخرّج في كليّتها عالماً، فقيهاً، وعاد إلى عاصمتي الجنوب البحريتين: صور وصيدون، وسكن إليهما. في صيدا كان الناس، من كل الطوائف، تؤمّ منزله، وتحتكم إليه، ليس في شرعها، فحسب، بل في المسائل الوطنية الشّائكة، حيث أسلم إليه المبدعون الثقافيّون أمرهم، وهو المفكر في شؤون الدنيا، والدين، والشاعر واللغوي. وهو، منذ مطلع شبابه شارك في إصدار مجلة “النجف”، ثم مجلّة “الكلمة”، وكتب العديد من المقالات في مجلة “عبقر”، وبحث في الاجتماع العربي الإسلامي، وفي القومية والإسلام، وفي الإسلام والديموقراطية، وفي حقوق وواجبات المرأة، وفي وضعها الحقوقي بين الثابت والمتغيّر. هو أديب، شاعر، ناقد، رجلُ حوار من الطراز الأول، يجمع إليه ثقة محبّيه، متأصّل في الفقه الاجتماعي، الشاهد على صورة حركة الناس في الوطن العربي، خصوصاً أحوال الشّعب الفلسطيني وثورته ومخيماته. المتعدد هو المختلف، سماحة العلاّمة المفكّر السيد محمد حسن الأمين”.

وخرجت شرارة بالحوار التالي:

• سماحة السيد بدأنا بسنة جديدة، سنة الـ2016، مرّت علينا سنة جداً صعبة، وعلى العالم العربي، وسوف نبدأ بالحديث عن عيد المولد النبوي الشريف، وأيضاً، عيد الميلاد المجيد، اللذين اجتمعا، السنة الماضية، في يومين، مثل “التوأم”. سماحة السيد، كيف السبيل إلى جمع مهمات الكنيسة والمسجد في مواجهة “العالم الخراب”؟

أولاً، أنا أبارك للبنانيين والعرب والمسلمين، وأكاد أقول للعالم كله، هذا الحدثان/المناسبتان، اللتان، شاءت دورة الجغرافيا والفلك، أن تجمعهما في هذا العام.
وكما تعلمين، فإن الإنسان كائن غامض، ولذلك يصدر عنه، التفاؤل والتشاؤم، لمجرد مصادفات، أحياناً فأنا أمام اجتماع هذين الحدثين، أشعر بتفاؤل، وإن كنت لا أستطيع أن أفسره علمياً، ولا أن أفسّره تاريخياً، لكنه يتجاوب مع شعور داخلي، هو جزء من تكويني الفكري والثقافي والديني، والذي يختلف كثيراً عما هو سائد في مجتمعنا، فأحسُّ أن في هذه المناسبة، إشارة عميقة إلى وحدة الأديان، أي إلى الغايات التي تتطلع إليها هذه الأديان. وأن المسلمين والمسيحيين، كلاهما، بحاجة إلى إعادة النظر في الأطر وفي الزوايا التي يتفرّقون فيها، وأن يستعيدوا جوهر المسيحية وجوهر الإسلام، جوهر المسيح(ع) والنبي(ص)، ليدركوا _توّاً – أنها رسالة واحدة، وهذا لا يعني أنني أستبعد الأديان الأخرى، ولكن الآن، كلامنا على المسيحيين والمسلمين، أن جوهر الرسالتين واحد، وأن غاياتهما الأساسية، هي واحدة، بطبيعة الحال. أنا أتفاءل أن الحوار وحوار الحضارات، هو قدر هذا الكائن الإنساني، ولو تأخر قليلاً، ولو سبقته إرهاصات، أو لنُسمِّها، ما يقال، بعملية “المخاض” الذي يسبق الولادة، أريد أن أرى في هذا الواقع المؤلم، داخل العالم العربي والإسلامي، وهذا الصراع المؤذي، أريد أن أرى فيه، ما يشبه المخاض الذي يسبق الولادة، وإنني مؤمن – تماماً – أن هذا ليس قدرنا، وإنما هي مرحلة من مراحل التاريخ، التي تجعل التاريخ ينحرف، ولكن، لا بد أن يعود إلى الصعود، وأن الحضارة الإسلامية، والحضارة المسيحية، سيكونان ركيزتين أساسيتين لهذا الحوار، ولهذا الصعود الذي نتمناه للبشر كافة، فكيف للبنان.

• سماحة السيد حضرتك من عائلة دينية ووالدكم السيد علي الأمين، وطبعاً، كما نعلم، أن السيد محسن الأمين رجل ذاع صيته في الشرق، فكم لعبت المراجع الدينية، من أدوار في حياة جبل عامل في مرحلتي: الشهيد الأول والشهيد الثاني؟

هذه المرحلة تاريخية خصبة وطويلة جداً، ومن الصعب اختصارها، ضمن مقابلة محدودة، تماماً، ولكنني أحاول أن أختصر، قدر الإمكان لأقول: إن تاريخ جبل عامل، وابتداء من الشهيد الأول، وما قبل الشهيد الأول، وصولاً إلى من ذكرت من علمائنا، إلى والدي وإلى غيره من العلماء الكبار. في بعض الأحيان يخيَّل لي، أن جبل عامل لم يوفق، أو لم تعطه صدف التاريخ، فرصة أن يكون لأبنائه قيادات على مستوى هذه السلسلة الذهبية من العلماء الذين نشروا المدارس والعلوم في أنحاء وفي قرى جبل عامل، لدرجة قد لا يصدقها الحاضرون، حالياً. فمثلاً، أنا أعطي مثالاً واحداً، فقط عن عشرات المدارس: مدرسة شقراء، التي كانت في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، تحتوي على أربعمئة طالب. فإذا يعني، أربعمئة طالب؟ يعني (ليسوا طلاّب ابتدائية)، بل طلاب من سن العشرين فصاعداً، أي هي جامعة كانت، وكان المدرسون، يتوافدون إليها من علماء جبل عامل. وكان، طبعاً يديرها أحد العلماء الكبار من عائلتنا، هو السيد علي محمود الأمين. وهذه المدرسة وُجدت قبل هذا الوقت، في القرن الثامن عشر، أيضاً، وهكذا في بقية الأماكن، في جبل عامل، فبالتالي، هناك محتوى حضاري لهذه البقعة من الجغرافيا، والتي يسمّيها البعض “الجنوب”، وأنا أقول: “الجنوب”، تسمية جغرافية، أفضِّل أن أسميها، تسميتها الفكرية الثقافية فأقول: “جبل عامل”. والحقيقة، في المصادر التاريخية، نرى أن الكلام على جبل عامل، وكأن جبل عامل هو وحدة متكاملة بذاتها، وإن كانت غير منفصلة عن مصادر المعرفة والعلم، سواء في النجف أو في إيران او في غير ذلك من البلدان.

ما تعرّض له جبل عامل من ضغوط ومصادرة للحرية، لم يجعل استجابته لذلك استجابة محبطة، ولكنها تحوّلت إلى إصرار على تأكيد الذات

• سماحة السيد كأنك تقول إن علماء جبل عامل، ظُلموا، في مكان معيّن؟

بالتأكيد، يوجد شيء من ذلك، أي ظُلموا حتماً، وبكل أسف، إن المرحلة التي أتكلم عنها، تعرفينها، أي هي مرحلة الإمبراطورية التركية العثمانية والتي كان في سلوكها السياسي وفي سلوكها الإداري، هناك نوع من التمييز.
كان جبل عامل يعاني شيئاً من الحصار، ومن هنا أنا أعيش هاجس الحرية، ومن هنا أفسر التاريخ، وأفسر ميلاد الحضارة البشرية الجديدة، على أساس من مبدأ الحرية، التي أعتقد أنها تتلازم، تلازماً كلياً مع إرادة الإبداع عند الكائن الإنساني؛ ولكن، في مثال جبل عامل بالذات، أكاد أقول: إن ما تعرّض له من ضغوط ومصادرة للحرية، لم يجعل استجابته لذلك استجابة محبطة، ولكنها تحوّلت إلى إصرار على تأكيد الذات، وعلى التمسك بالفكر وبالعلم وبالأدب، واستطاعت أن تتجاوز هذه المراحل الصعبة، رغم أنه وقعت مآس كبيرة وشُرِّد عدد كبير من العلماء خصوصاً، في جبل عامل، ومنهم أجدادي الذين شُرّدوا. وأحدهم شرّد إلى مدينة طرابلس، ولكنه عندما ذهب إلى طرابلس، أيضاً أقام حركة جديدة هناك، وهذا ما يدل على أن العاملين، كانت لنهضتهم آثار تتجاوز جبل عامل، والذين ذهبوا إلى إيران، هناك القليلون الذين يعرفون أن التشيع وثقافة التشيع في إيران مدانة لعلماء جبل عامل.

• سماحة السيد بما أنك تحدثت عن المدرسة التي كانت في القرن الثامن عشر والتي كان يديرها السيد علي محمود الأمين، فإذاً أنتم عائلة عريقة، عائلة وسلالة النبي، حدثنا، قليلاً، كم أن هذا الصيت وكم أن الوالد أثّر في تنشئتك، وفي أيضاً اختيارك لسلوك طريق أن تكون علاّمة، وتكون مرجعاً؟

أنا أشكرك على هذا السؤال، لأنه يطرح نفسه، بالنسبة لي شخصياً، او لبعض علماء من العائلة، لأقول: إنه لا يمكن للمرء أن يختار قدره بصورة كاملة، وأن العوامل التي تتحكم في تعيين قدر الإنسان، بالإضافة إلى وعيه الذاتي ورؤيته الشخصية، فإن عوامل المحيط، عوامل البيئة التي يعيش فيها. أنا نشأت في بيت ديني، وكان بيتنا في شقراء هو، مرجعاً للمنطقة كلها، عندما يأتون ويتحاكمون. وأذكر أنه، كان يطيب لي، وأنا، دون الرابعة عشرة من عمري، أن أجلس وأسمع المحاكمة، تصوّري – أن المشاكل التي كانت تحصل بين الناس، قلّما يُراجعون فيها المحاكم الموجودة في المنطقة، وكانت هناك محاكم وإنما يفضّلون أن يبتّوها وأن يفصلوا فيها، أمام أحد العلماء المعروفين المشهورين. طبعاً كل حكم يصدر ضد فريق، ولمصلحة فريق معين. أنا لا أذكر أن أحداً ممن صدرت أحكام ليست في مصلحتهم، رفضوا تلك الأحكام أو استأنفوها، أو ذهبوا إلى مكان آخر. ووالدي، بهذه الحالة، كما غير من العلماء الكبار، لم يكن يستعمل سلطة معينة. كانت هيبة العالم والثقة الكبيرة بالعالم، تجعل الناس يقتنعون بحكمه. وأذكر إنه كان، إذا صدف أن أحداً لم يقتنع بالحكم، وراجع الحكمة، فيأتي الفريق الآخر ليقول له: “أنا معي حكم من السيد علي مهدي الأمين”؛ فيقول له القاضي، حتى عندما يكون مدنياً، “إنه معه حكم من السيد علي مهدي الأمين، وأيضاً جايي إنتِ تقيم دعوة؟”.

كانت هيبة العالم والثقة الكبيرة بالعالم، تجعل الناس يقتنعون بحكمه

فكان يقوم مقام القاضي في كل هذه الأمور، دون ان يكون مرتبطاً بالدولة، بطبيعة الحال، لأنه عُرض عليه القضاء ولم يقبل، وهذا امر طبيعي. هو لم يكن عالماً فحسب، أيضاً، كان ضليعاً في اللغة العربية وبآدابها وتراثها، وقريباً جداً من الناس. ولكن، حريص أن يخصص أوقات محددة لمقابلة الناس، وأوقاته الأخرى. هي في البحث وفي الدرس وفي طلب العلم. وأنه منذ بدأت سن السابعة عندي، بدأ يفرض عليّ الدروس اليومية في اللغة العربية في النحو، في المنطق في الفقه وخصوصاً في الشعر. فأنا أذكر أني حفظت مئات الأبيات الشعرية، قبل سن الرابعة عشرة، وكتبت، أيضاً، كتبت ما خجلت أن أظهره لصغر سنّي، ولكن في ما بعد، أظهرت قسماً منه، واستمريت في كتابة الشعر.

• سماحة السيد بما أنه ذكرنا الشّعر “فينا نمرّ قلنا شي بيتين”؟

أقول لك، إن أول قصيدة نُشرت لي، هي مقطوعة شعرية ولست محرجاً في أن أقرأها، رغم أن موضوعها غزل، وليس شعراً دينياً، إذا صح التعبير، وهي في عام 1962، وكنت فتى في الخامسة عشرة من العمر أو السادسة عشرة، وكان في الراديو العراقي برنامج للشعراء الشباب وبـ الشعراء الشباب، يقصدون أنه من كان دون الخامسة والعشرين. والنجف معروفة بأنها بلدة فيها عدد غزير من الأدباء والشعراء والمثقفين. فأحدهم، وهو أصبح أستاذاً لي، في ما بعد، وهو السيد مصطفى جمال الدين رحمه الله. سمع مني أبياتاً، وقال لي أرسلها إلى الإذاعة، لأني لا أظن إن ما يقال في هذا البرنامج، أفضل مما تكتب أنت.
فأنا ترددت في الأمر، ولكن نزلت على رغبته، وأرسلت هذه الأبيات للإذاعة:

قولي لأمّكِ إن يوماً رأتْ كُتُبي
لديكِ واستشعرت في وجهك القلقا
وطاف في وجنتيك الورد من خجلٍ
وابتل خدّاكِ من خفْريهما عرقَ
وهدهدت رعشة بيضاء صافية
نهديك فارتجفا في الصّدر واعتنقا
قولي لها: إن أرادت حرقَها غضباً
إن أنتِ أحرقتِها يا أمّيَ احترقا
ماذا جنى وهو عصفور على غُصنٍ
ماذا عليه إذا بالحُسْنِ قد علِقا
أنا التي أشعلت بالحُبّ خافقهُ
فقلبُهُ بالهوى لولايَ ما خفقا
ما ذنبُهُ وعبير الورد أسكرهُ
ما ذنبه لو أحبّ الورد أو عشِقا
هذه هي الأبيات التي نالت جائزة الشعراء الشباب في ذلك الحين.

• سماحة السيد أعرف أن لقب شاعر ولقب قاض، لا تحبّهما ولا تحبّذهما، مع أنه في فترة الستينات والسبعينات، ذاع صيتك كشاعر وكرئيس محكمة؟

وأنا، فعلاً أعتزّ، أي أن البعض قد يسيء فهم هذه المسألة، فيظن أني لا أحب عملي او موهبتي؛ بالعكس أنا خُلقت لأن أكون قاضياً، وخُلقت لكي أكون شاعراً، لكن، هذا نوع من الاحتجاج على ما يُشاع عن سلوك بعض القضاة، وسلوك بعض الشعراء. وبالتالي، معجب أنا بشعراء كبار جداً، ودرست حياتهم وتاريخهم، فلاحظت أنه يوجد ثغرات كبيرة بحياتهم وبتاريخهم، وأن الشعراء ميّالون، بصورة عامة، إلى النرجسية، وإلى عدم العدالة في تقييم الآخرين.

القضاة يتدخّل معهم ذوو الشأن، أحياناً، ويذهبون إلى ذوي الشأن وإلى السياسة و… طبعاً بامور لا قيمة لها، وزائلة

هناك شيء من الأنانية أيضاً عندهم. لكن هذا لا يعني أيضاً أنه لا يوجد شعراء يحترمهم الإنسان ويحترم سلوكهم، وهم شعراء حقيقيون، ولكن – كما قلت – بصورة عامة. فأنا قمت بما يجب علي، وأقوم بما يجب علي تجاه القضاء. أنا قضيتُ 40 سنة في القضاء، أي أنا دخلت القضاء مبكراً أيضاً، والحمدلله، كانت مرحلة بالغة الأهمية. وكنت أمارس عملي في القضاء بكل إخلاص وأمانة وإصرار على الدقة، وبالتالي، كان في العمل صعوبات، ولكن كان في هذا العمل شيء من الفرح، وسأقول لك لماذا شيء من الفرح؟ القاضي عندما يحكم في قضية، وهو واثق من حكمه – تماماً – ويكون في هذه القضية إنصاف لمظلوم، في مواجهة ظالم، يشعر (القاضي) بمكافأة لا تعادلها مكافآت الدنيا. وخاصة عندما يهتف هذا المظلوم: “تعيش العدالة”، مثلاً، وهذا يسعدني كثيراً. لذلك، أنا مارست عملي القضائي طيلة أربعين سنة، بكل جد وبكل إخلاص، مع فارق أساسي، هو أني – والقاضي، كما تعلمين، عنده صلاحيات واسعة وهو غير ملزم بالدوام، أساساً، وكنت أداوم يوماً واحداً في الأسبوع وأنجز أعمالي كلها، فهي مهنة، هي جزء من اختصاصي. لكن مع الأسف، تلاحظين أنت، وأنا مع احترامي للجميع، إن القضاة يتدخّل معهم ذوو الشأن، أحياناً، ويذهبون إلى ذوي الشأن وإلى السياسة و… طبعاً بامور لا قيمة لها، وزائلة…

• سماحة السيد من هنا أريد أن أسألك من خلال خبرتك في مجال القضاء، والقضاة، هناك عندنا ثغرات كثيرة. كيف ممكن العمل على هذا الأمر؟

أنا أعتقد، يا سيدة عبير، إن القضاء ليس وظيفة. القضاء هو سلطة. إذا أردتُ أن أراجع التاريخ الذي نحن خلاصاته، في هذه المرحلة، نرى أهمية اختيار القضاة. القضاة كان يتم اختيارهم على أساس موازين دقيقة جداً، ليس أهمها: العلم أو الفقه، فقط، وإنما كان القضاة يختارون بالإضافة إلى كفاءاتهم العلمية والفقهية، لتاريخهم ولسلوكهم ولحسن سيرتهم، ولمعرفة شخصيتهم وقوة شخصيتهم، في ممارسة هذه المهنة في زمننا الراهن، أعتقد أن القضاة يخضعون، فقط، للامتحان في القانون وفي غيره مما يتعلق بشؤون القضاء. ويعيّنون قضاة على هذا الأساس. فيما هي هذه ركن من أركان شخصية القاضي ودور القاضي وحاجة القاضي. أما بقية الأمور التي تكلّمت عنها: المسلكية والتاريخ والعائلة والـكذا…. فهي مهملة وهنا اود القول، وأنا أعرف تاريخ القضاء، في كثير من بلدان العالم.

وخاصة أريد أن أحكي عن بريطانيا، لحد الآن، ما زال أغلبية القضاة في بريطانيا يُعيّنون من عوائل وأُسر معيّنة.
وبطبيعة الحال، هذا ليس نوعاً من التعصب أو نوعاً من اللاّموضوعية، وإنما التجربة التاريخية أثبتت أن القضاة الناجحين والحقيقيين، هم الذين ينتمون إلى سلسلة من القضاء ومن المجتمع والبيئة التي تجعل منهم قضاة حقيقيين.
لذلك، نشهد اليوم، والسلطة القضائية هي إحدى سلطات الدولة الثلاث، طبعاً، نلاحظ، أن القضاة يُعيّنون بمعايير ليست كلها مناسبة لشخصية القاضي. ولذلك، يبرز، في هذا القطاع، شخصيات قضائية لا تستحق أن تكون، في هذا القطاع.
هذا ما أراه، الحقيقة، مع احترامي لـ”أنصاف الملائكة” منهم. حتى الغربيون يسمّون القضاة “أنصاف آلهة”. أنا أريد أن أسميهم: “أنصاف ملائكة”. أنا أعرف، في القضاء الشرعي وفي القضاء المدني أناساً، حقيقة، هم “أنصاف ملائكة”، ولكن يوجد أيضاً، من هم، غير ذلك.

• سماحة السيد بما أنكم أتيتم على سيرة بريطانيا، فسوف نتحدث قليلاً عن أوروبا، برأيك نجحت أوروبا، حيث فشل الشرق في مبدأ فصل الدين عن الدولة، لماذا؟

يجب أن نعترف أن الغرب تقدّم وأن المسلمين تأخروا. وأن الإنجاز الحضاري الذي قدمه الغرب، هو إنجاز نوعي وهو بإسم الإنسانية كلها

ليكن يجب أن نعترف أن الغرب تقدّم وأن المسلمين تأخروا. وأن الإنجاز الحضاري الذي قدمه الغرب، هو إنجاز نوعي وهو بإسم الإنسانية كلها. من هنا، وجهة نظري، وهي تختلف مع وجهات نظر أخرى تنحاز إلى القطيعة مع الغرب. وجهة نظري هي التواصل الحضاري المستمر، وهذه عملية التواصل، ليست جديدة. فالغرب نفسه، في أيام الأندلس، وفي أيام اشتعال وإضاءة الحضارة الإسلامية في العلوم وفي الفلسفة وفي غيرها، الغرب كان على تواصل مع هذه الحضارة الإسلامية، وخاصة، مثلاً، في مجال الفلسفة. أي، أتعلمين أننا، نحن المسلمين والعرب، الذين نقلنا تُراث الفلسفة اليونانية العظيم، نحن نقلناه إلى الغرب ولولانا لما استطاع الغرب أن يتواصل مع الفلسفة اليونانية، وأن يُنتج العقول الكبيرة المعروفة في الفلسفة المعاصرة.

• نحن لم نستغلّ هذا الشيء؟

نعم، نحن تراجعنا. الغرب تقدّم: التكنولوجيا، العلوم، بشكل خاص هي أبو التقدّم والحضارة الغربية. في الوقت الذي كان بإمكان الحضارة العربية الإسلامية أن تسير في هذا المنهج. ولكن أتعلمين ما هو السبب في أن العرب يستطيعوا أن يبتكروا المناهج العلمية الحديثة؟ السبب هو حصار الحرية. لذلك، تجدين أن العلوم الإنسانية الأخرى: علوم اللغة وعلوم الاجتماع وعلوم الفلسفة وكذا….
ازدهرت ازدهاراً كبيراً في تاريخنا الإسلامي. وهناك علم مهم وأساسي، لم يزدهر على الإطلاق، ولا يوجد مصادر له، إلا قليلاً، هو “علم السياسة”. كان محظوراً على المفكرين والعلماء أن يُنتجوا فكراً سياسياً. ولو أتيح لهم ذلك، لتوصّل أمثال: ابن سينا والفارابي وابن رشد والغزالي، لتوصلوا إلى الصيغة السياسية المتقدمة المعروفة بالديموقراطية، اليوم، في عالم الغرب، والتي تتلازم مع المنجزات الحضارية التي حققها هذا الغرب.

• سماحة السيد كيف الخروج من هذا الأمر؟

كيف الخروج؟ الجواب جاهز لديّ، أي ما زلت أؤكد أن ما كان ينقصنا لكي نبدع، لأن الحضارة إبداع، الحقيقة، ما كان ينقصنا، ما زال ينقصنا الآن، نحن تحرّرنا مما يسمونه بـ”الوصاية التركية”، مع أن البعض يرى، أنها كانت وصاية شرعية يعني إسلامية، ولكننا عُدنا وخضعنا، لوصايات أخرى، وأقيمت في أقطارنا، وفي بلداننا أنظمة سياسية ثيوقراطية، أي ذات استبدادية، ملكية، وراثية….. إن علينا أن نركز، وانطلاقاً، ليس من التأثّر بالحضارة الغربية، فقط، من قراءة الإسلام نفسه، قراءة حقيقية وجديدة، لنكتشف أن الإنسان في الإسلام تقوم كرامته “ولقد كرّمنا بني آدم وحملناه في البر والبحر”، تقوم كرامته على أنه كائن مختار.

نحن تحرّرنا مما يسمونه بـ”الوصاية التركية” ولكننا عُدنا وخضعنا، لوصايات أخرى، وأقيمت في أقطارنا، وفي بلداننا أنظمة سياسية ثيوقراطية، أي ذات استبدادية، ملكية، وراثية

• سماحة السيد وكأنك تقول: ينقصنا الثقافة الدينية، ثقافة الإسلام؟

نعم، ثقافة الإسلام الحقيقية، أي جوهر الثقافة الإسلامية. لأني لا أستطيع أنا كمفكر وكعامل في حقل التنشيط الحضاري والتجدد الحضاري، لا أستطيع أن أعتمد نموذجاً بعيداً عني، أستطيع أن أستفيد منه، ولكن، لا بد أن أبحث عن الجذور العميقة الموجودة في تراثي وفي تاريخي. والاجتماع الإسلامي، اجتماع ما زال مشدوداً إلى التراث، لا بمعناه الإيجابي، بل بمعناه السلبي. يعني لا يشعر هؤلاء بأننا مسؤولون ومطالبون أن نبدع وأن نقدم اجتهاداً في الإسلام، في الشريعة، في العقيدة، يتناسب ومتطلبات بناء الحضارة والحياة في هذا العصر.

• سماحة السيد، من ضمن الذي يجري في عالمنا العربي، يعني “داعش” وما يسمى بالدولة الإسلامية، هي برأيك محصلة لثقافة النظام السياسي ومعارضته ومؤسساته الدينية والنقابية… إلخ؟

أيضاً، هذا موضوع يطول الحديث فيه، ولكن باختصار، أستطيع أن أقول: إن نشوء ظاهرات كداعش وغيرها من الحركات المتطرفة في العالم العربي والإسلامي في التفاصيل الدقيقة، يمكن أن يقرأ المرء المراحل التي نشأت فيها هذه الحركات. ولكن أنا أحاول أن أستخلص المغزى من نشوء هذه الحركات، بصورة عامة. فأقول: إنها لم تكن لتنشأ، لولا كانت أنظمتنا السياسية، مع أنها هي أنظمة علمانية وليست أنظمة دينية، فإذن العنف والضغط السياسي كان بالتأكيد سيؤدي إلى ردّات فعل مشابهة. وأكاد أقول: إن ما يجري، الآن، من هذه الحركات العنفية، هي هذه ردة الفعل المؤسفة والتي تتذرّع الإسلام، وأن السلطة اليوم تحكم بإسم الدين، هي تحكم بإسم الله على الأرض، وهذا غير موجود في الإسلام، وليس موجوداً في الأديان. الدولة أو السلطة هي مجموعة من أبناء شعب معيّن، يقوم بينها وبين الناس عقد اجتماعي، لكن تدير شؤونهم، ولا علاقة لها بالدين.

• هذا توضيح جميل وهو ينبهنا لموضوع الدولة ولموضوع الدين.

وإنه، هناك فارق أساسي وليس هناك أي تناقض على الإطلاق حُكِمَ بإسم الإسلام فترة أكثر من قرن، منذ الخلافة الأموية إلى آخر الإمبراطورية العثمانية. دول كانت تحكم بإسم الإسلام، ماذا نتج عن هذا الحكم؟ بالعكس، وصلنا إلى هنا، فالدولة إذن شأن آخر، الدولة شأن يختاره الناس، والدّين هو شيء مقدس وهو يجيب على أسئلة، يستحيل على السياسة ويستحيل على العلم، أن يجيبا عنها.

• سماحة السيد: بما أننا نتحدث عن دور الإسلام ودور الدولة، السيد السيستاني يصدر فتاوى إصلاحية لها علاقة بتشكيل الدولة بالعراق وأدوارها، كيف تنظر لهذا الموضوع؟

لحدّ الآن، وحسب تتبعي للمداخلات التي يقوم بها المرجع السيد السيستاني، ألاحظ أنها كلها تصبّ في هدف إقامة دولة العدالة، يعني بمعنى الدولة المدنية، ولم ألاحظ، على الإطلاق، السيد السيستاني تكلّم على دولة دينية في العراق. إنه، حتى الآن، يتكلم على دولة العدالة والمساواة بين المواطنين، وأنا أحيّيه على هذا الأمر.

• سماحة السيد، كان في مهرجان الشعر العربي، هناك شعار لك: “إن الشعر هو لغة الحوار الأسمى بين الإنسان والكون”، كيف تفسّر “الإنسان والكون”؟

هذا شعار أنا كتبته في مهرجان الشعر العربي الذي أٌقيم في النجف الأشرف عام 1970. كان لا بد أن يكون للمؤتمر شعار يُوضع فوق المنصة، فتكلّمنا عن شعارات كثيرة. قلت لهم أنا عندي رؤية من خلال مقال لي، “الشعر هو لغة الحوار الأسمى بين الإنسان والكون”، فوضع هذا الشعار، وكان موضع قبول وإعجاب من المشاركين وما زلت أؤمن أن الشعر هو أسمى أشكال الحوار مع الوجود، ومع الكون ومع الإنسان، بالمقارنة مع كل الفنون الأخرى، التي تملك أهمية كبيرة في هذا الحوار الإنساني الطويل، والذي لن ينتهي بين، الإنسان والوجود، بين الإنسان والكون، بين الإنسان والحياة، بين الإنسان والمرأة…
إنه لغة الحوار الأسمى، والسبب في ذلك أن الشعر لا يُماثل العلم ولا يُماثل الفلسفة، الشعر هو الحدس الإنساني، يعني هو، إذا صح التعبير، المكنون الداخلي الغامض عند الكائن الإنساني الذي لم يستطع الإنسان بعد أن يستخدمه، الشعراء الحقيقيون وحدهم هم الذين يستطيعون استخدامه في إنتاج الحقائق.

• بما أنك أتيت على ذكر المرأة، والإسلام أنصف المرأة وسماحتك كتبت في هذا المجال.

أنا من جهتي، أعتقد أن أحد أهم أهدداف الإسلام هو إنصاف المرأة، أي إنصاف الكائن الإنساني. الكائن الإنساني هو ليس رجلاً، إن الكائن الإنساني هو رجل وامرأة أيضاً، ومن الطبيعي، من الطبيعي جداً أن يكون هناك عدالة في علاقة المرأة بالرجل، وأن كرامة الكائن الإنساني، موزّعة بين المرأة والرجل.

إن الرجل والمرأة، معاً يخضعان للاستبداد في هذا الاجتماع، يعني بمعنى تحرير الاجتماع العربي هو بالضرورة سوف يُنتج تحريراً للمرأة

ولطالما أُثير هذا الموضوع وتحدثنا عنه في محاضرات. وأنا ميُال إلى مدى، ولا أريد أن أكرّر الآيات القرآنية والأحاديث وغيرها عن المرأة وتكريمها، لكن أريد القول: إنه في اجتماعنا العربي والإسلامي يسمّونه “اجتماع ذكوري”، وبطبيعة الحال أنا أقول: “لا” ليس اجتماعاً ذكورياً. إن الرجل والمرأة، معاً يخضعان للاستبداد في هذا الاجتماع، يعني بمعنى تحرير الاجتماع العربي هو بالضرورة سوف يُنتج تحريراً للمرأة، بالضرورة ولا يمكن الحديث عن تحرير المرأة تحريراً كاملاً، قبل تحرير الرجل، أي تحرير الاجتماع العربي الإسلامي، أي إعادة الاعتبار لقيم الحرية والعدالة، هو الذي سوف ينصف المرأة.

• سماحة السيد، باختصار، الوضع العام والوضع الجاري في العالم العربي، وصولاً إلى لبنان، يمكن أنه ألهانا، قليلاً، عن القضية الأساسية وهي القضية الفلسطينية، ونحن نعرف، أنك أنت، دائماً، من أنصار هذه القضية، وتتكلم في هذا الموضوع؟

ان المساحة العربية عندها قابلية لأن تُغرس دولة إسرائيل في هذه المنطقة، وبالتالي، من وجهة نظري، فإن المقاومة بمعناها المباشر، ليست وحدها هي لغة الحوار

ما زلت أعتقد أن القضية المحورية الأساسية على المستوى السياسي في العالم العربي هي القضية الفلسطينية. ولكن، هنا أريد أن أقول إن سنوات التجربة والعمل والنضج الفكري جعلني أرى أن أزمة فلسطين، ليست أزمة مقحمة على عالمنا العربي.
مالك إبن نبي المفكر الجزائري المعروف، يقول: “لا يوجد استعمار، هناك قابلية للاستعمار”. أي شعوب عندها قابلية للاستعمار. أيضاً أريد أن أقول: إن المساحة العربية عندها قابلية لأن تُغرس دولة إسرائيل في هذه المنطقة، وبالتالي، من وجهة نظري، فإن المقاومة بمعناها المباشر، ليست وحدها هي لغة الحوار. بيننا وبين إسرائيل. لغة الحوار، وهي لغة صراع، ميادينها متعددة، ومنها ميدان التقدم: التقدم العلمي والتقدم الفكري والتقدم الحضاري، هو هذا الصراع حضاري بيننا وبينها. مع أنني أعتقد أن الشعب الفلسطيني، يوجد لديه مهمات آنية ودائمة ومستمرة ومنها المقاومة المباشرة لهذا الوجود الذي يُفرغ الإنسان الفلسطيني والشعب الفلسطيني من ماهية الإنسانية، ويحوّله إلى مادة للاستغلال فقط.

• تحدّث السيد خاتمي، عندما كان رئيساً للجمهورية في إيران عن شرق أوسط إسلامي، هل يصلح مثل هذا الحل؟

“الشرق الأوسط” الإسلامي؟ لا أدري ما هي دوافعه في الكلام عن شرق أوسط إسلامي. أنا أعتقد أن الهوية هوية الشعوب، وهويتنا نحن كمسلمين، ليست هوية مقطوعة ومحددة في شيء معيّن. نحن عندنا هوية عربية، قومية، وعندنا هوية دينية إسلامية، وعندنا هوية شرق أوسطية، وعندنا هوية “أمم البحر الأبيض المتوسط”، أي أن هويتنا هي مزيج من هذه الانتماءات التي تُكوِّن وتُشكّل وجودنا الفكري والسياسي والحضاري وما إلى ذلك.

هويتنا هي مزيج من هذه الانتماءات التي تُكوِّن وتُشكّل وجودنا الفكري والسياسي والحضاري وما إلى ذلك

• والدولة الحُلُم؟

نعم، والدولة الحُلُم، فبالتالي يمكن أن تُطرح أفكار كثيرة بهذا المجال، ولكن لا يوجد فكرة نستطيع أن نعتبرها هي الفكرة النهائية والأساسية. أنا أعتقد إننا نحن لم ندخل، بعد، مرحلة الجدل او الحوار أو التفكير الفعلي في صورة المستقبل، الذي نريده، ولكن لا نستطيع أن نصفه، تماماً، إننا نتمناه ونصف أشكاله الخارجية، أما أن نُنتج رؤية مشتركة لما ينبغي أن يكون عليه المستقبل، وأن تُولد مناهج وطرق وأساليب وأحزاب في تحقيق هذه الغاية، فهذا لم يحصل حتى يومنا هذا.

وفي ختام هذه المقابلة ألقى سماحة السيد القطعة الشعرية الآتية من شعر الشباب وهي تحية للفدائيين العرب بعنوان “أغنية للفدائيين العرب”. وقد كتبها في أواخر الستينات.

مرُّوا كالريح هنا، مرُّوا
كالبرق تناقله الريح
غسلوا بالشمس نوافذنا وحقائبنا
وارتدُّوا تلهثُ خلفهمو
صُلبان كُسرت ومسيح
يتنفس في عينيه مدى طلْقٌ
والرِّيح تُولول
تجتاحُ.. تصيح
والدّنيا غارقة
والشمس على الأسوار
تنقضُّ وتنصب أعمدة النار
لن يطفو الآن
سفينك يا نوح
الأرض يغطِّيها اللهب
والأرض تطهرها الريح.

السابق
بعد عمرو دياب.. نجم عربي جديد في حياة الفنانة دينا الشربيني
التالي
«الثنائي» يَتوسع طبياً تحت «جنح الكورونا»..والبقاعيون يبحثون عن «راجح المدعوم»!