ما قصة سرير «وير» العظيم؟

أكبر سرير في العالم سرير "وير"
تعرّفوا على سرير "وير"، أشهر وأكبر سرير في العالم.

كانت مستلزمات الخلود للنوم على مرّ التاريخ البشري خالية من التكلف لأبعد الحدود، حيث كان الناس في الماضي يكدسون كومة من القش أو التبن على الأرضية، ويغطونها بجلد أحد الحيوانات، ثم يستلقون عليها ويغطون أنفسهم بعباءة أو بطانية كي لا يشعروا بالبرد.

لم يبدأ الناس بالإنغماس في نوع من الرفاهية في هذا المجال إلا بحلول العصور الوسطى في أوروبا، فأصبحوا ينامون على فرشة محشوة بريش الطيور، أو الصوف، أو شعر الأحصنة، وذلك يعتمد على درجة الرفاهية المطلوبة، مع كون الريش الأنعم والأغلى ثمناً من بينها كلها.

أصبح السرير في حد ذاته يحظى بإهتمام معتبر أيضاً، فقد أصبحت الأسرّة تصنع من الخشب ويتم تزيينها بحلية وزخرفة منقوشة ومرسومة ومرصعة، وفوق السرير كانت توضع الفرشات والوسائد المغلفة بأقمشة ناعمة ومطرزة ترتب فوقها.

اقرأ أيضاً: شعرهن لا يشيب ولا ينقص عن مترين.. تعرّفوا على رابونزيل الصين!

أكبر سرير في العالم سرير "وير" متواجد حالياً في متحف "فيكتوريا وألبيرت" في لندن
أكبر سرير في العالم سرير “وير” متواجد حالياً في متحف “فيكتوريا وألبيرت” في لندن

بحلول القرن الرابع عشر، أصبح السرير واحداً من أكثر الأغراض التي قد يملكها مالك المنزل قيمة، ونتيجة لذلك، أصبحت بعض الأسرّة تصنع بشكل خاص من أجل إبهار الزائرين وإثارة إعجابهم وربما غيرتهم، وكان أفضل سرير في المنزل كله يوضع في الطابق السفلي في غرفة المعيشة حيث بإمكان الزائرين إمتاع ناظريهم برؤيته.

وخلال القرن الرابع عشر ميلادي، ظهر لأول مرة السرير ذو الدعائم الأربعة، وكان لهذه الأسرّة أربعة دعائم عمودية في كل زاوية من زواياها، وكانت هذه الدعائم تحمل فوقها لوحاً علوياً أشبه بسقف صغير، الذي يحمل بدوره الستائر التي يمكن ثنيها كما يمكن إسدالها، وذلك من أجل الإبقاء على السرير دافئاً من أجل الخصوصية، وكان رائجاً على الخدم أن يناموا في نفس الغرفة مع أسيادهم آنذاك.

وإبتداءً من القرن الخامس عشر، بدأت الأسرّة تصبح كبيرة الحجم بشكل غير مألوف، حيث أصبحت أبعادها تصل إلى مترين ومترين ونصف، وكان أكبرها حجماً على الإطلاق هو سرير “وير” الكبير، الذي يتواجد حالياً في متحف “فيكتوريا وألبيرت” في لندن.

يعتبر هذا السرير واحداً من أكثر قطع الأثاث أهمية في التاريخ، وهو سرير ضخم للغاية بطول 3.5 أمتار وعرض 3 أمتار ويزن حوالي 641 كلغ، حيث يحمل 4 دعائم عمودية، ويقال أنه كبير بما فيه الكفاية ليتسع لأربعة أزواج يستلقون فيه في آن واحد دون أن يلمس أحدهم الآخر.

سرير "وير" الكبير بطول 3.5 أمتار وعرض 3 أمتار ويزن حوالي 641 كلغ
سرير “وير” الكبير بطول 3.5 أمتار وعرض 3 أمتار ويزن حوالي 641 كلغ

صُنع سرير “وير” الكبير حوالي سنة 1590، خلال فترة حكم الملكة إليزابيث الأولى، وقد تمت صناعته على الأرجح بهذه الأبعاد الكبيرة من أجل استقطاب الزوار للنزل الذي كان يتواجد فيه في مدينة “وير”.

تم تزيين هيكل السرير الخشبي هذا بتصاميم من عصر النهضة، وبأشكال زخرفية جميلة على شاكلة أوراق الخرشوف والأسود، وتم طلاؤه بألوان فاتحة.

أعمال زخرفية على هيكل سرير "وير" الخشبي
أعمال زخرفية على هيكل سرير “وير” الخشبي

ذكر السرير لأول مرة في سنة 1596 على يد أمير ألماني مسافر نزل في فندق “وايت هارت”، بعد 5 سنوات، وجد السرير سبيله إلى إحدى مسرحيات شايكسبير بعنوان “الليلة الثانية عشر” حينما وصفت شخصية “السير توبي بيلتش” إحدى الأوراق البيضاء بأنها: كبيرة بما فيه الكفاية لتناسب سرير “وير” الكبير.

تم ذكر هذا السرير الكبير منذ ذلك الحين في الكثير من الأعمال الأدبية في عدة محطات آخرها رواية “دون خوان” من تأليف “بايرون” التي نشرت سنة 1821.

أعمال تخريبية على هيكل سرير "وير" الكبير
أعمال تخريبية على هيكل سرير “وير” الكبير

لسوء الحظ، تعرض هذا السرير الأثري الكبير للكثير من أعمال التخريب على يد الزوار، الذين قد يكون معظمهم على الأرجح عشاقاً قضوا الليلة عليه وشعروا بالرغبة في نقش أسمائهم على هيكله تخليداً لذكرى لياليهم تلك.

يُذكر أن، في سنة 1931 إنتقلت ملكية سرير “وير” الكبير إلى متحف “فيكتوريا وآلبرت” مقابل مبلغ 4,000 جنيه إسترليني، وهو المبلغ الذي كان آنذاك 4 أضعاف ميزانية وزارة التجهيزات الإنجليزية، جعل هذا الأمر من سرير “وير” الكبير أغلى قطعة أثاث يتم إقتنائها من طرف المتحف.

سرير "وير" الكبير
سرير “وير” الكبير
السابق
حزب الله «يستلحق» سياسياً بعد فشله معيشياً..والبقاع والجنوب بلا محروقات وكهرباء!
التالي
أسرار الصحف المحلية الصادرة يوم الأربعاء في 31 آذار 2021