المجتمع الدولي خائف على الجيش اللبناني.. الأسباب والحلول

الجيش اللبناني

انعكاس الانهيار المالي والاقتصادي على القوات العسكرية والأمنية عموما، وعلى الجيش اللبناني خصوصاً، هو أكثر ما يُقلق عواصم العالم المعنية بالشأن اللبناني.

التقارير التي تردها من الكواليس كما من الميدان تثير المخاوف من حلول أسوأ السيناريوهات، بحيث تغرق البلاد في فوضى، ويجر انهيار الأمن الغذائي الذي وضع لبنان في مصاف الصومال واليمن وسوريا، إلى انهيار أمني كبير.

وتجري نقاشات على غير صعيد في الطرق الملائمة التي تمكّن المجتمع الدولي من الفصل بين الواقع اللبناني العام، من جهة وبين الواقعين العسكري والأمني، من جهة أخرى، لأنّه، في ظل الكوارث التي تتنامى في لبنان لا بد من المحافظة على الجهات الأمنية القادرة على “تنظيم الفوضى” و”إدارة الفقر”.

حتى تاريخه، وفي ظل القوانين الغربية التي تمنع تقديم مساعدات مالية إلى الجيوش النظامية، سارع عدد من الدول الى تقديم مساعدات عينية إلى الجيش اللبناني، ففرنسا، على سبيل المثال لا الحصر، أرسلت إلى عائلات العسكريين اللبنانيين، في خطوة تمهيدية، ألفي حصة غذائية.

إنّ الإشكالية الطارئة في النظرة إلى المؤسسات العسكرية والأمنية في لبنان، لم تعد حول قدراتها التقنية أو الهجومية أو الدفاعية، بل حول قدرتها على الاستمرار في القيام بالمهام المنوطة بها، في ظل انهيار يعكس نفسه على صحة العسكريين واستقرارهم وعلى حياة عائلاتهم.

اقرأ أيضاً: أهالي القصير يشكون من انقلاب «حزب الله» على «رفاق السلاح»!

وعلى الرغم من الضغوط التي تمارسها عواصم العالم على المسؤولين اللبنانيين لتشكيل حكومة قادرة على تنفيذ برنامج إنقاذي لعموم البلاد، إلّا أن الهواجس من إمكان انهيار أمني كبير، يدفعها إلى التفكير في السبل الناجعة التي تخفّف من وطأة الانهيار العام على المؤسسات العسكرية والأمنية، لأنّ التجربة بيّنت أنّ الطبقة السياسية في واد ومصلحة لبنان في واد آخر.

ولم يسبق أن عرفت دولة مثل هذه الطبقة السياسية اللبنانية التي تركّز على حصصها وأحجامها ومواقعها ومصالحها، من دون أن تأبه لا للانهيار التراجيدي في سعر صرف العملة الوطنية، ولا للتهاوي المرعب في القيمة الشرائية لدى المواطنين، ولا للتقاتل الأهلي من أجل الحصول على المواد الغذائية الأساسية، ولا للنقص الحاد في الأدوية، ولا لطوفان سقف الفقر الذي أغرق الغالبية العظمى من الشعب.

وتشكّل هذه الطبقة “الوصفة السحرية” لكل باحث عن نهاية دولة، وتشريد شعب، وتسييد الفوضى.

وهذا ما لا يريده المجتمع الدولي عموما والإتحاد الأوروبي خصوصاً، لأنّ بلوغ لبنان الكارثة الكبرى سيفقده دوره كمضيف للاجئين السوريين والفلسطينيين، ويحرّر المتطرفين إلى أيّ جهة انتموا، ويقسّم بينهم المنتمين إلى المؤسسات العسكرية والأمنية، وفق ما سبق أن عرفه لبنان في الحرب الأهلية، بحيث بات لكل ميليشيا لواءها العسكري.  

ولم تمر مرور الكرام، في أكثر من عاصمة، التقارير التي بيّنت أنّه في وقت ينتشر الفقر والحرمان داخل الجيش اللبناني، يتقاضى “حزب الله” رواتبه بالدولار الأميركي.

وسمح التعميق في البحث بالتدليل على دور رائد يلعبه “حزب الله” في التشجيع على التفلّت السياسي في البلاد، بحيث ظهر أنّه يساهم مساهمة رائدة في تفشيل كل المبادرات الدولية والمحلية التي سعت، مراراً وتكراراً، إلى إزالة العوائق التي تحول دون تشكيل حكومة مهمتها إنقاذ لبنان.

وكان لافتاً للاهتمام أنّه في وقت أطلق فيه قائد الجيش اللبناني جوزف عون صرخته الأخيرة التي تعبّر عن تأثير الانهيار العام على المؤسسة العسكرية، صعّدت المجموعات السياسية والإعلامية المرتبطة بـ”حزب الله” وتيرة هجومها على قائد الجيش، قبل أن يطل حسن نصرالله شخصياً و”يدلو بدلوه”.

وليسوا قلّة في دوائر القرار الدولية هؤلاء الذين يعتقدون أنّ مصلحة “حزب الله”، في هذه المرحلة، تكمن في جرّ لبنان إلى الفوضى، إذا كان البديل خسارة، ولو القليل، من هيمنته على الدولة ومقدراتها وقراراتها وتوجّهاتها، لأنّه يظن أنّه، بما يملكه من قوة وخبرة، قادر على أن يفرض نفسه على الجميع، من دون أن يجد من يتصدّى، باسم المصلحة العامة، لأيّ مهمة من المهمات المطلوبة منه، كعضو فاعل في “محور الممانعة”.

ولكن، هل يمكن إنقاذ المؤسسات العسكرية والأمنية عموماً والجيش اللبناني خصوصاً، من دون إنقاذ شامل للبنان؟

إنّ الصعوبات التي تواجه دوائر القرار في فصل هذين الموضوعين عن بعضهما البعض، تُبيّن أنّ الحلول الجزئية، مهما كانت مبتكرة، هي حلول مؤقتة جداً، ولا تستند إلى أي منطق سوى منطق العجلة.

لقد أظهرت تجارب لبنان الكثيرة أنّ الحل الثابت هو حل شامل، فوصول البلاد إلى ما وصلت إليه، لم يكن سوى وليد الحلول الجزئية التي كانت تهدف إلى معالجة المسائل الطارئة، فالتخلّص من الفراغ الرئاسي دفع إلى إزالة العوائق أمام وصول ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية، وتجاوز العملية العسكرية لـ”حزب الله” في السابع من مايو 2008 أنتج “اتفاق الدوحة” الذي سمح لهذا الحزب بإحكام سيطرته على مفاصل الدولة، والخوف على الاستقرار من ردة فعل “حزب الله” على أعمال المحكمة الخاصة بلبنان حوّل هذه المؤسسة القضائية الدولية إلى مجرّد “كاريكاتور”.

إنّ التعاطي مع الجيش اللبناني، بمعزل عن التعاطي مع الشعب اللبناني، لن ينقذه بل سيفصله عن الشعب، وتالياً سوف يُعقّد مهماته التي يقوم بها راهناً، بسهولة نسبية.

وعليه، فإنّ النصائح التي ترد إلى مواقع القرار الدولي تستند إلى المعادلة الآتية: إنقاذ الجيش من الانهيار يمر بإنقاذ الشعب اللبناني من هذا التحالف الجهنمّي بين دويلة الفساد من جهة ودويلة “حزب الله” من جهة أخرى.

السابق
لبنان الى العصر الحجري: لا كهرباء وتلفونات ولا انترنت هذا ما ينتظركم!
التالي
«حزب الله» يخترق البنتاغون عاطفيًا: وعد المترجمة بالزواج وجندها!