المبادرة الفرنسية تسقط حكومياً وتُعوم دولياً!

الحكومة اللبنانية

تزداد وتيرة التطورات الداخلية والمواقف الدولية بعد أن “إنكسرت أمس جرة تأليف الحكومة بين رئيس المكلف سعد الحريري ورئيس الجمهورية ميشال عون، بعد معركة دارت رحاها على مدى 100 يوم وبلغت ذروتها أمس الاثنين بالتراشق بأوراق التشكيلة الحكومية التي إقترحها كل من رئيس الجمهورية والرئيس المكلف على بعضهما، ولم تشفع المبادرة الفرنسية وزخمها في تجنيب بلاد الارز هذا السيناريو المُر بالرغم من إعلان كل الاطراف المعنية بالتشكيل بأنها توافق على التأليف الحكومي وفقا لمندرجاتها.

إقرأ أيضاً: «حرب التشكيلات» تندلع على جبهة بعبدا – بيت الوسط!

ما حصل إلى الان وبعد الانتكاسات المتعددة التي صاحبت عملية التأليف بدءا من ترشيح السفير مصطفى أديب وصولا إلى تكليف الحريري وتعثره في عملية التشكيل، يُظهر أن المبادرة الفرنسية باتت حاليا بلا رصيد داخلي ويلزمها ضخ لدعم دولي لإعادتها إلى مفعولها الاول الذي ولّده زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى لبنان عقب إنفجار بيروت، ولعل أبلغ دليل على فقدان هذا الرصيد هو مواقف البطريريك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الداعية إلى مساندة دولية للبنان في أكثر من مناسبة وآخرها اليوم حيث طالب الامم المتحدة للعب دورها في إنقاذ بلاد الارز.

كل ما سبق يجعل السؤال التالي مشروعا، بعد ما حصل بعد ظهر الاثنين في بعبدا ما هو السيناريو المقبل وهل نحن بحاجة إلى تدخل دولي جديد؟.

يجيب مصدر دبلوماسي “جنوبية” بالتشديد على “أن المبادرة الفرنسية لا تزال قائمة ولكنها لم تعد تكفي، بل هي تحتاج إلى تحرك دولي عاجل يجري التحضير له بالتنسيق مع الاليزيه لكن لم تنضج ملامحه بعد، ولعل كلام وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان منذ يومين في مقر الاتحاد الاوروبي أبلغ دليل على أن دول الاتحاد تحضر لمحاولة جديدة لإنقاذ لبنان مستفيدة من كل الثغرات التي عانت منها المبادرة الفرنسية” .

تضيف المصادر: “هذه المرة إلمانيا تدلي بدلوها في محاولة إنقاذ لبنان مستفيدة من أدوارها الايجابية وصلاتها الاقليمية التي سبق أن إستخدمتها في أكثر من محطة دولية تمّ خلالها بحث الملف اللبناني، كما أن روسيا ليست بعيدة عن هذه المشاورات الاوروبية”.

داخليا … الوضع مقفل

على الضفة الداخلية، تبدو الآفاق مقفلة بالنسبة للقوى السياسية المعنية بتشكيل الحكومة، إذ يلفت عضو كتلة المستقبل النائب محمد الحجار لـ”جنوبية” أن “خلاصنا من الازمة التي نتخبط فيها تكون عبر إقتناع رئيس الجمهورية أنه لا جدوى من هذا العناد وعليه أن يستجيب لأصوات المتظاهرين في الشوارع منذ 17 تشرين أول 2019 بتأليف حكومة إختصاصيين ومن دون ثلث معطل”، مشددا على أن “على الرئيس عون أن يستجيب لشروط المبادرة الفرنسية التي توفر لنا الباب لوضع البلد على سكة الانقاذ، لكن ما يحصل اليوم هو أنه يعرقل تشكيل حكومة لمصلحة الحصول على ثلث معطل يريد منه التحكم هو وصهره بالبلد”.

الحجار لـ”جنوبية”: المبادرة الفرنسية لا تزال صالحة حتى يلعنوا يأسهم من الوضع اللبناني

ويختم:”المبادرة الفرنسية لا تزال صالحة حتى يقول أصحاب المبادرة أننا يأسنا من الوضع اللبناني ولن نقوم بأي خطوة جديدة بإتجاهه”.

محمد الحجار
محمد الحجار

الانانيات هي سبب العرقلة

يخالف عضو كتلة “اللقاء الديمقراطي” النائب بلال عبد الله زميله في كتلة المستقبل لجهة فعالية المبادرة الفرنسية، ويقول لـ”جنوبية”:”المبادرة الفرنسية حظوظها بالحياة باتت قليلة جدا و للأسف حتى المبادرة التي أطلقها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط للتسوية لم تلق تجاوبا”، معتبرا أن ” الانانيات والمصالح الخاصة هي التي ترسم ملامح المرحلة المقبلة فوق أنين ووجع الناس، وكأن البعض لا يعي ان البلد ينهار بالكامل واننا لسنا في موقع الاهتمام لا الاقربين من الدول والابعدين”.

عبد الله لـ”جنوبية”: الوقت ليس لإستعادة صلاحيات هذا الفريق أو ذاك

يضيف:” كل الرهانات ستسقط عندما يجوع الشعب اللبناني وستسقط كل هذه المتاريس الوهمية التي تم وضعها بين الطوائف، لأن الوقت الحاضر هو الوقت الخطأ لإستعادة صلاحيات هذا الفريق أو ذاك”، لافتا إلى أن “الخطابات العالية التي سمعناها وكأن لا قابلية للحلول و التسويات في هذا الظرف الاجتماعي الاقتصادي الصعب ما يعني انه لن يكون له اي انعكاس ايجابي لا على العملية السياسية ولا على الوضع الاجتماعي”.

بلال عبدالله
بلال عبد الله

الوضع حرج

يوافق عضو كتلة التنمية والتحرير النائب محمد خواجة على صعوبة وحراجة الوضع الداخلي و يقول لـ”جنوبية”: “شاهدنا الانعكاسات السلبية بعد فشل إجتماع بعبدا امس في إنتاج حكومة وهذا ما لمسناه في الوضع الاقتصادي و المالي وحالة اليأس التي ولدها لدى الناس”، سائلا:”لماذا نحتاج إلى مبادرة دولية جديدة بعد أن قدمت أحد أكبر الدول الاوروبية أي فرنسا مبادرتها؟ مهما كانت المبادرات لن نصل إلى نتيجة لأن نظامنا هو نظام طائفي ينتج أزمات وليس حلول”.

خواجة لـ”جنوبية”: على عون والحريري تحمل مسؤولياتهما الوطنية لتأليف الحكومة 

وشدد على أننا “حاليا نحتاج إلى تشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن لوقف الإنهيار، ولكن للأسف لا نرى إلى الآن حسا بالمسؤولية الوطنية لدى الرئيسين عون والحريري بضرورة تشكيل الحكومة، بل ما يحصل هو إمعان في لعبة المحاصصة و التشاطر على حساب اللبنانيين”.

يضيف:”لا يمكننا أن نيأس علما ان الدول العالم غير مهتمة لأمرنا وعلينا إنتاج الحل من عندياتنا و إلا سنستلم إلى الموت البطيء، والرئيس بري لا يكف عن إطلاق المبادرات وآخر محاولاته كانت منذ عشرة أيام وهو جاهز دائم لتلقف الفرص لتشكيل حكومة توقف الانهيار وتضع البلد على اول درجات التعافي”.

النائب محمد خواجة
النائب محمد خواجة

على ضفة تكتل لبنان القوي يرى عضو التكتل النائب إدغار معلوف لـ”جنوبية”أن “دلالة ما حصل يوم الاثنين هو ان الرئيس الحريري غير جاهز وغير قادر لتشكيل حكومة لأسباب ذاتية، كما أن التشكيلة التي أعلنها لم تلق تأييدا داخليا أو خارجيا”.

معلوف لـ”جنوبية”: الحلول الداخلية إستنزفت وهي بيد الرئيس المكلف 

يضيف:”أي حكومة مع سعد الحريري ستضر لبنان ولن تنفعه لأن الجميع يعرف الموقف السعودي غير الراضي عن توليه رئاسة الحكومة”، معتبرا أن “الحل في الايام القادمة يكون إما عبر التدخل الخارجي (أوروبي أو فرنسي) مدعوم دوليا كي نصل إلى طاولة حوار أو إجتماع بين الافرقاء اللبنانيين، أو عبر إنعطافة لموقف الرئيس الحريري”.

ويختم:”الحلول الداخلية إستنزفت على الآخر وهي بيد الرئيس المكلف الذي عليه ان يقبل بأن يسمي كل فريق سياسي لوزرائه في الحكومة المقبلة”.

ادغار معلوف
ادغار معلوف
السابق
بالفيديو: صاروخ من غزّة يُرعب نتنياهو.. هكذا هرب من بئر السبع!
التالي
أصوات علوية ترتفع في وجه الأسد.. مطالبات بالتنحي قبيل الانتخابات