حسن فحص يكتب لـ«جنوبية»: ظريف «يغازل» الأميركيين و«يستنفر» المحافظين!

حسن فحص
يخص الصحافي المتخصص في الشؤون الإيرانية والعراقية حسن فحص "جنوبية" بمقال أسبوعي ينشر حصرياً على صفحات الموقع و منصاته الإلكترونية.

اثارت اشارات وزير الخارجية الايرانية محمد جواد ظريف، عن رؤية او مسودة  طرح جديد للخروج من النفق المسدود، في عملية اعادة تفعيل الاتفاق النووي واجتراح مخرج، يوفر لكلا طرفي الازمة الايراني والامريكي للالتفاف على السقوف العالية، التي وضعاها لمسألة العقوبات الاقتصادية الامريكية من جهة، وخطوات تقليص الالتزامات النووية الايرانية من جهة اخرى. هذا الكلام استفز واثار التيار المحافظ عن وجود نية لدى ظريف، ومن ورائه رئيس الجمهورية حسن روحاني، بالترويج لتنازلات ايرانية بهدف تحقيق انجاز سياسي واقتنصادي يخرج ايران من عنق الزجاجة العالقة فيه، ويمنح هذه الحكومة فرصة استثمار هذا الانجاز في الداخل خاصة في سياق المعركة الانتخابية، والسباق الى رئاسة الجمهورية لصالح قوى معارضة تتجاوز التصنيف الاصلاحي او المعتدل على حساب التيار او المعسكر المحافظ. 

اقرأ أيضاً: حسن فحص يكتب لـ«جنوبية»: «تانغو» امريكي ايراني!

طرح ظريف

الطرح الجديد الذي بدأ يروّج له ظريف والذي تتباه حكومة روحاني، يتحدث عن امكانية اللجوء الى معادلة “الخطوة مقابل خطوة”، للخروج من عقدة العودة الى المسار التفاوضي مع الولايات المتحدة، وبالتالي حل عقد الطرف الذي يفترض عليه القيام بالخطوة الاولى، وتطالب فيه طهران من واشنطن التراجع اولا عن العقوبات الاقتصادية، التي سبق ان وضعها الرئيس السابق دونالد ترمب، ثم الانتقال الى بحث موضوع عودتها الى الاتفاق النووي، في مقابل ما تطالب به واشنطن بتخلي ايران عن كل خطوات تقليص التزاماتها النووية، ان كانت تلك التي جاءت بناء على المادتين 26 و36 من الاتفاق، او تلك التي جاءت بناء على تطبيق القانون الصادر عن البرلمان، في نوفمبر 2020 تحت اسم قانون استراتيجية رفع العقوبات والدفاع والحفاظ على مصالح الشعب الايراني”.

الطرح الجديد يتحدث عن امكانية اللجوء الى معادلة “الخطوة مقابل خطوة”، للخروج من عقدة العودة الى المسار التفاوضي مع واشنطن

 الطرح الذي بدأ ظريف الترويج له يقوم في الاطار العام على اعادة تفعيل قرار مجلس الامن رقم 2231 الراعي للاتفاق النووي، الذي يلزم جميع الاطراف الالتزام وتنفيذ ما جاء فيه من شروط، وبالتالي يفتح الطريق امام الطرفين لاعتماد سياسة الخطوات المتوازنة والمتزامنة، في العودة عن الاجراءات التي قاما بها على مدى السنوات الثلاثة الماضية والتي وضعت الاتفاق النووي في دائرة خطر الانهيار.

يتضمن هذا الطرح، تعاون امريكيا اوروبيا لتخفيف خناق العقوبات الاقتصادية ضد ايران

 وقد يتضمن هذا الطرح الذي لم تكشف تفاصيله حتى الان، تعاون امريكيا اوروبيا لتخفيف خناق العقوبات الاقتصادية ضد ايران، من دون الاقتراب من الاعلان الرسمي عن ذلك، يمر في اعادة تفعيل آلية التعامل التجاري والاقتصادي التي اقرتها الترويكا الاوروبية قبل نحو عامين، والمعروفة باسم “انستكس”، ولم يتم تفعيلها تحت ضغط ادارة ترمب التي هددت بانزال العقوبات، على اي شركة او دولة تقوم باجراء معاملات مالية مع ايران، مستفيدة من هذه الالية التي كان الهدف منها مساعدة ايران في الحصول، على جزء من عائدات بيع نفطها في الاسواق العالمية، عبر تفعيل مبدأ التبادل التجاري بتصدير ما تحتاجه ايران من بضائع ضرورية فقط، من دون حق الوصول الى الاصول المالية او نقلها الى ايران. 

تخفيف العقوبات بدأ

ويبدو ان عملية تخفيف العقوبات قد بدأت عمليا، من خلال الحديث عن تقدم ملموس وجهود تقترب من نهايتها، في قضية اطلاق الارصدة الايرانية المجمدة في كل من كوريا والعراق واليابان، والتي تصل الى حدود 3 مليارات دولار في المرحلة الاولى من مجموع ارصدة تتجاوز قيمتها 15 مليار دولار في الدول الثلاثة، فضلا عن عودة ابار النفط  وحقوله ومصافيه لنشاطها على طريق استعادة كامل طاقتها الانتاجية، والعودة الى الاسواق العالمية بعد ان تراجع هذا التصدير، الى ما يقارب مئة  الف برميل يوميا بدلا عن 2 مليون ونصف المليون قبل العقوبات، وهدف صفر صادرات نفطية الذي وضعته ادارة ترمب ضد النظام قبل سنتين. 

يبدو ان عملية تخفيف العقوبات قد بدأت عمليا، عبر الحديث عن جهود تقترب من نهايتها، في قضية اطلاق الارصدة الايرانية المجمدة

وانطلاقا من مسلمة طالما اكد عليها ظريف في دفاعاته عن الاتفاق النووي، والمفاوضات التي قادها على مدى اكثر من ثلاث سنوات مع الادارة الامريكية في عهد الرئيس الاسبق باراك اوباما، والتي اكد فيها (المسلمة) بانه كان على تنسيق تام وقريب مع المرشد الاعلى للنظام، والمجلس الاعلى للامن القومي وقيادة حرس الثورة، خاصة قائد قوة القدس الجنرال قاسم سليماني في كل الخطوات التي قام بها في عملية التفاوض، والقرارات التي اتخذها والمواقف التي تم الاتفاق عليها مع الاطراف الجالسة الى طاولة الحوار والتفاوض. 

من هنا يمكن القول ان الطرح الجديد الذي يتحدث عنه ظريف، لم يأت من خارج التنسيق مع المرشد الاعلى والدوائر المختصة، التي سبقت الاشارة اليها، وانه غير ملزم على وضع الجهات الاخرى خاصة البرلمان في تفاصيل هذه الخطوات، وهذه المبادرات كونها لا تعتبر جزءً من الجهات الداخلية الضامنة للاتفاق النووي، او التي تتمتع بسلطة الاشراف والمراقبة على آليات تنفيذه وما يستجد من تعقيدات عليه.

السابق
معنى أن يكون لبنان «دولة حزب الله»
التالي
الوصفة الانتحارية