محاولة «الموساد» السادسة نجحت..42 عاماً على إغتيال علي حسن سلامة!

علي سلامة وياسر عرفات

بعد 42 عاماً على إغتيال علي حسن سلامة (أبو حسن)، هو مناضلٌ فلسطيني وقياديٌ في منظمة التحرير الفلسطينية ومنظمة أيلول الأسود. وكان مسؤولاً عن الجهاز الأمني لحركة فتح يُلقب بالأمير الأحمر، كما قاد العمليات الخاصة ضد المخابرات الإسرائيلية في العالم من لبنان، واغتيل على يد إسرائيل في لبنان، بثت القناة الـ 12 الإسرائيلية برنامجاً وثائقياً كشفت فيه للمرة الأولى عن كيفية اغتيال سلامة والذي تتهمه المخابرات الإسرائيلية “الموساد” بانه المخطط الرئيسي لعملية ميونيخ في العام 1972.

وتقف وراء عملية الاغتيال امرأة عُرفت باسم اريكا تشامبرز، المرأة المجهولة التي ضغطت على زر تفجير السيارة المفخخة عن بُعد، التي أودت بحياة علي حسن سلامة (أبو الحسن).

اريكا ماري تشامبرز، هي من عائلة يهودية تشيكية أصلها من مدينة براغ، هربت الى إنكلترا إثر صعود النازية، هناك تزوجت من المهندس ماركوس تشامبرز.

في العام 1953، طلق ماركوس زوجته واختارت اريكا البقاء مع والدتها حيث عاشتا مقابل كنيس في منطقة الوست اند في لندن، قبل أن تنتقل الى المانيا بعد أن انضمت الى جهاز المخابرات الإسرائيلي “الموساد”، والتحقت بقسم “كيدون” المتخصص في عمليات الاغتيال.

بعد 5 محاولات اغتيال فاشلة لسلامة، قرر الموساد تغيير طريقة الاغتيال فأرسل تشامبرز المعروفة باسم العميلة بينيلوبي من قبل الموساد، وادعت انها تدعم اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وأن هوايتها الرسم وتحب القطط.

كيف وصلت الى بيروت؟

في تلك الأيام كان يوجد عدد كبير من رجال المخابرات الإسرائيلية “الموساد” الذين يتعقبون تحركات الأمير الأحمر، ووقعت مهمة تصفيته على عاتق اريكا، لكونها تتجول بحرية في المؤسسات الفلسطينية، بدون أن تثير الريبة. والتقت اريكا علي حسن سلامة عدة مرات، وادعت فيما بعد انها قضت معه “وقتاً ممتعاً” في فندق كورال بيتش. بل أرسلت برقية الى مسؤوليها تؤكد فيها بأن سلامة يحب ممارسة الرياضة خصوصاً السباحة والكاراتيه والتصويب بالمسدس، كما يحب قضاء بعض الوقت في حمامات الساونا.

إقرأ أيضاً: «تجارة» لبنانية وسورية بالغذاء المدعوم جنوباً..وجنون الدولار يُفجّر الشارع!

وبدأ عملاء الموساد يزورون النوادي الرياضية، وأماكن الساونا في فنادق بيروت. وقرر مايك هراري اغتيال الأمير الأحمر وهو في الساونا، فأرسل عدة عملاء ومعهم كميات كبيرة من المتفجرات لوضعها في حمام الساونا في فندق إنترناشيونال. لكن صعوبة زرع المتفجرات في المكان واخفائها جعلت قادة “الموساد” يتخذون قرارا بتغيير الخطة.

في بداية العام 1979، اتخذ قادة الموساد القرار النهائي لاغتيال علي حسن سلامة، وأطلقوا على الخطة اسم “القتل الضيق”، على أن تقوم اريكا باستئجار شقة في زاوية شارع قريب من شارع مدام كوري. وقد تم الاستئجار بواسطة الهاتف من مدينة كولونيا الألمانية، مع صاحب البناية انيس عساف. وفي العاشر من كانون الأول/ ديسمبر وقعت اريكا على عقد الايجار باسم:” منظمة الأطفال المحرومين”. وقامت بشراء اثاث لمكتبها الجديد المزعوم.

من نوافذ شقتها الواقعة في الطابق الثامن، كان باستطاعة اريكا مراقبة شقة علي حسن وجورجينا وبدأت تداوم في المكتب يومياً من الساعة العاشرة صباحاً وحتى الرابعة من بعد الظهر، ثم تعود الى فندق “كورال بيتش”، حيث تقيم.

وكانت اريكا ترسل تقارير مراقبتها لعلي حسن سلامة الى مايك هراري عن طريق صندوق بريد في روما مسجلاً باسم زيلبر ريمون.

بعد فترة عادت اريكا الى المانيا، وعندما حان موعد تنفيذ العملية، عادت مرة أخرى الى بيروت لتلقي نظرة أخيرة على سيارتي “الشيفروليه” و”الرانج روفر” اللتين يملكهما سلامة. حيث كانتا تصلان من حي الصنوبرة، متوجهتين الى شارع مدام كوري، فتمران من تحت شباكها أربع مرات كل يوم، وتبين ان الأمير الأحمر كان يعود الى بيته لتناول وجبة الغداء.

وبدأ العد العكسي، فلم يبق امام اريكا سوى عشرة أيام لتنفيذ العملية. توجهت الى مكتب لتأجير السيارات، واستأجرت سيارة من نوع “داتسون” خضراء بعد ان قدمت رخصة قيادة مزيفة، بحجة انها تريد التنزه في جبل لبنان. ولم تسافر اريكا الى الجبال بل ركنت سيارتها اليابانية في الشارع، على بُعد عدة أمتار من شقتها.

التحضيرات قبل يومين من الاغتيال

وفي نهار السبت 20 كانون الثاني، نقل عملاء الموساد الإسرائيليون 100 كيلوغرام من المتفجرات الى قاعدة بحرية تقع بالقرب من قيسارية، وحملوها على ظهر سفينة من ثلاث سفن من نوع “ساعر 4” كانت على أهبة الإبحار. في الوقت ذاته، ظلت اريكا تراقب الحركة في شارع مدام كوري، وتنام في فندق بريستول وتفكر في طريقة للهرب فيما بعد.

حوالي الساعة الثالثة بعد منتصف الليل، أي صباح الأحد، اقتربت السفن الإسرائيلية الثلاث من الشاطئ اللبناني الواقع بين بيروت وجونية تحت امرة الضابط حاييم شكيد. على متن احدى تلك السفن كان مايك هراري بنفسه ينتظر تلك اللحظة منذ زمن طويل. نقل رجال الضفادع الإسرائيليون المتفجرات الى الشاطئ حيث كان بانتظارهما سكريغر الذي رتب المتفجرات داخل سيارة غولف مُستأجرة ووضعوا السيارة بالقرب من بيت اريكا.

بالنسبة للأمير الأحمر، كان ذلك يوماً عادياً وصل الى بيته حتى يحضر نفسه للسفر الى دمشق لحضور اجتماعات المجلس الوطني الفلسطيني. وفي السعة الثالثة و45 دقيقة ودع زوجته جورجينا التي كانت حاملاً، وضع يده على بطنها وقال:” إنها بنت” فردت عليه” لا أنا اريده ولداً يشبهك”.

نزل علي حسن سلامة من بيته الى جانب سائقه جميل، أما حراسه الثلاثة فقد جلسوا في الخلف. وسارت سيارة ” الروفر” خلفه وفيها ثلاثة حراس أيضاً كما هي العادة.

النهاية

كانت اريكا رابضة بالقرب من نافذتها… تنظر الى السيارات القادمة… مئة متر، خمسون، عشرون، عشرة… مرت سيارة “الشيفروليه” بالقرب من سيارة الغولف فضغطت اريكا على الزر لتنفجر سيارة الأمير الأحمر وليمتلئ الجو بالدخان الأسود. سمعت جورجينا صوت الانفجار الذي هز الشارع وعرفت انهم قتلوا زوجها.

أما اريكا فقد خرجت من المنطقة في سيارة الـ “داتسون” التي استأجرتها وتوجهت الى شرق المدينة حيث توجهت الى الشاطئ كان بانتظارها رجال الضفادع الإسرائيليون لينقلوها الى حيفا.

من هو علي حسن سلامة؟

وُلد علي حسن سلامة عام 1940 في قرية قولة قضاء اللد لعائلةٍ ثرية، ووالده هو حسن سلامة أحد قادة جيش الجهاد المقدس في حرب 1948. بعد تدمير قرية قولة في حرب 1948، التجأت العائلة بدايةً إلى لبنان، حيثُ سكنت في مخيم شاتيلا، ثم إلى منطقة الأشرفية، حيثُ مكثت العائلة هناك عدة سنوات، وانتقلت بعدها إلى رام الله في فلسطين، وهناك أكمل علي حسن سلامة دراسة الثانوية العامة، ثم انتقل إلى القاهرة وألمانيا، حيث درس التجارة وتخرج بدرجة البكالوريوس من كلية التجارة في جامعة القاهرة عام 1963. يُعتقد أنه تلقى تدريبه العسكري في القاهرة وموسكو. كانت له شعبيةٌ واسعةٌ بين الشباب الفلسطينيين، وكان مُحاطًا بالنساء ويمتلك عددًا من السيارات الرياضية، ونتيجةً لحياة الثراء التي عاشها لقب بالأمير الأحمر. حيثُ يُشير مصطلح “الأمير” إلى الثراء وظروف معيشته، أما “الأحمر” فيشير إلى نضاله في صفوف حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية.

ابو حسن علي حسن سلامة
ابو حسن علي حسن سلامة

حاول الموساد اغتياله عام 1973، ولكنه فشل في ذلك، وكانت ضحيةُ هذا الفشل نادلٌ مغربي اسمه أحمد بوشيخي، وأصبحت هذه القضية تعرف باسم قضية ليلهامر في النرويج، حيثُ أدت إلى اعتقال عددٍ من عملاء الموساد الإسرائيلي. استطاعت إسرائيل اغتيال علي حسن سلامة بعد بحثٍ طويلٍ فيما يعرف باسم عملية غضب الله.

تولى علي حسن سلامة منصب مدير دائرة التنظيم الشعبي التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية في الكويت عام 1965، كما ترأس اتحاد طلبة فلسطين هناك. عمل في قيادة جهاز الرصد الثوري لحركة فتح (هو اسم فرع المخابرات التابع للحركة في الأردن) في يوليو 1968، وتولى قيادة العمليات الخاصة ضد المخابرات الإسرائيلية في العالم من لبنان عام 1970. كما يرتبط اسمه بالعديد من العمليات النوعية مثل إرسال الطرود الناسفة من أمستردام إلى العديد من عملاء الموساد في أوروبا، بالإضافة إلى عملية ميونخ 1972 التي قامت بها منظمة أيلول الأسود خلال الألعاب الأولمبية، حيث خطفت عددًا من الرياضيين إسرائيل وقتلت بعضًا منهم. أسس الجهاز العسكري المسمى القوة 17 لحماية الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات (أبو عمار)، ولكن بعد وفاة أبو عمار دُمج هذا الجهاز مع الأجهزة الأخرى تحت مسمى حرس الرئيس.

تزوج مرتين، الأولى من الفلسطينية نشروان شريف منصور وأنجب منها ولديه حسن وأسامة، والثانية كانت جورجينا رزق التي تزوجها عام 1978، وهي الشعب اللبناني كانت ملكة جمال الكون عام 1971، وقضى الزوجان شهر العسل في هاواي ثم أقاما في ديزني لاند في كاليفورنيا. عادا إلى بيروت عندما حملت جورجينا، وكانت في الشهر السادس عند اغتياله. درس ابنهما علي سلامة العلوم السياسية في كندا.

ووفقًا للعديد من المصادر، فإنَّ علي سلامة كان جهة اتصال سرية بين منظمة التحرير الفلسطينية ووكالة المخابرات المركزية (CIA) من عام 1970 حتى اغتياله، ولكن نفى المسؤولون الأمريكيون هذه العلاقة فيما بعد. ساعدت هذه العلاقة في حماية المواطنين الأمريكيين في بيروت، وكان دوره تسهيل الاتصالات بين الفلسطينيين والولايات المتحدة، على أمل الحصول على دعم أمريكي للفلسطينيين. كما أقام علاقاتٍ مع مختلف أجهزة المخابرات الغربية وذلك على الرغم من قيامه باغتيال عدد من ضباط المخابرات الإسرائيلية حول العالم، وكشف بعض عملاء الموساد في الوطن العربي وخصوصًا لبنان، حيث كان له الفضل في القبض على أمينة المفتي التي تجسست على الفصائل فلسطين في لبنان لصالح الموساد بعد أن قُتل زوجها على يد القوات السورية.

كان علي سلامة معروفًا بنشاطاته القتالية، لكن في الواقع لم يستطع أي شخص إثبات علاقته بأي من العمليات القتالية التي أعلن مسؤوليته عنها ولم يثبت أحد أنه هو قائد منظمة أيلول الأسود، لذلك يعتبر قانونيًا بريئًا من كل التُهم التي تسببت في اغتياله.

السابق
«طموح» باسيل بإبعاد الحريري عن السراي «بعيد المنال»..ومسعى إبراهيم يَهمد!
التالي
بشائر الربيع في الأفق..طقس مستقر ودافىء لأيام!