قرض «دعم شبكة الامان الاجتماعي».. اعتراضات سياسية «لا تغني ولا تسمن من جوع»!

الفقر في طرابلس

كل الاطياف السياسية أدلت بدلوها خلال إجتماع لجنتي المال والموازنة والصحة العامة والعمل والشؤون الاجتماعية في مجلس النواب يوم الثلاثاء الماضي، لمناقشة “مشروع قانون طلب الموافقة على ابرام اتفاق قرض بين لبنان والبنك الدولي للانشاء والتعمير، لتنفيذ المشروع الطارئ ولدعم شبكة الامان الاجتماعي للاستجابة لجائحة كوفيد-19 والازمة الاقتصادية في لبنان”. 

اقرا ايضاً: لا إقفال ولا من يقفلون»..وتدن في كمية اللقاحات والإقبال عليها!

الملاحظات إنهمرت من كل حدب وصوب ولا سيما من نواب كتلة “الوفاء للمقاومة”( ثلاثة نواب تحدثوا بعد الاجتماع)، حول محاولة الجهات المانحة المس بالدستور والسيادة الوطنية، لأنها وضعت قيودا على صرف أموال المشروع وإشترطت أن يكون تحت إشرافها.

بلغة الارقام قيمة قرض البنك الدولي وقيمته 246 مليون دولار ويتضمن جزئين: الاول المساعدات الاجتماعية والغذائية، والثاني سبل توفير المساعدات لطلاب المدارس الرسمية، مع التشديد أن البنك الدولي يصر الا يدفع المال قبل التحقق من لوائح المستفيدين.

أما ملاحظات الكتل النيابية فمتعددة، أولها المس بالدستور ووجود ثغرات دستورية وقانونية، و التعدي على الصلاحيات ووضع اليد على مؤسسات الدولة، واستحداث توظيفات جديدة ومصادرة مؤسسات الدولة لمصلحة برنامج الأغذية العالمي (الذي سيتولى طبع البطاقات وتوزيعها واختيار السوبر ماركت والتعاونيات)، والتدخل في أدق تفاصيل تشكيل اللجان وتحديد الصلاحيات.

بالاضافة إلى هذه الملاحظات فإن النقاش داخل اللجان تطرق أيضا إلى معايير إختيار الاسر المستفيدة، خصوصا أن هناك بيانات حول هذه العائلات بعضها عند الدولة اللبنانية، و وبعضها الآخر في منصة لدى وزارة الشؤون الاجتماعية، ومراكز في المناطق وبيانات للجيش يوزع بموجبها حصصا 400 الف ل.ل،  ومنصة لوزارة الداخلية والبلديات ولدى رئاسة الحكومة. فأي بيانات ستعتمد وما هو معيار تحديد العائلات المستهدفة؟.

نسيب غبريل
نسيب غبريل

إيجابيات المشروع

على ضفة الخبراء الاقتصاديين كل ذلك لا يمنع من تسجيل إيجابيات عدة للمشروع، إذ يشرح الخبير الاقتصادي نسيب غبريل ل”جنوبية” أن “أول إيجابيات القرض هي  أننا بحاجة ماسة إلى دعم العائلات الاكثر فقرا، ولا نملك سيولة بالعملة الاجنبية وهذا ما سيؤمنه القرض”، معتبرا أن “المفاجأة الايجابية هي قبول البنك الدولي بإقراض لبنان هذا المبلغ رغم أن الحكومة اللبنانية قررت في 7 آذار العام 2020 التعثر عن تسديد إستحقاقاتها المالية للجهات الدولية، لأنه إجمالا فإن المؤسسات المتعددة الاطراف، توقف في هذه الحالة القبول بمنح قروض للدول التي تقوم بهذه الخطوة، خصوصا أن لبنان منذ إعلان التعثر لم يقم بأي خطوة تجاه التفاوض مع الدائنين أو التوصل إلى إتفاق تمويلي مع صندوق النقد الدولي”.

غبريل ل”جنوبية”: الصرف تحت إشراف البنك الدولي لعدم صدقية  الحكومة لدى المؤسسات الدولية

يضيف:”الايجابية الثالثة أن آلية صرف القرض (هذا موضع خلاف في مجلس النواب) سيكون تحت إشراف مباشر من البنك الدولي،  وهذا أمر جيد لأن الحكومة اللبنانية لا تتمتع بمصداقية في المؤسسات الدولية لكي يتم  تحويل الاموال إليها مباشرة، وهذا ما يعتبره النواب مس بالسيادة الوطنية، لكننا نحن من اوصلنا أنفسنا إلى هذا الوضع”، لافتا إلى أن” البنك الدولي ونتيجة خبرته بأداء الطبقة السياسية اللبنانية، يريد التأكد أن الاموال ستصل إلى الشريحة التي تحتاج فعلا إلى دعم بعيدا عن الهدر والمحسبوبيات”.

ماذا عن ملاحظة النواب بأن هناك هدرا كبيرا لأموال القرض تصل إلى اكثر من 12 مليون دولار ستذهب للموظفين الذين سيديرون المشروع؟ يقول غبريل:”انا من رأي النواب لأن هذا المبلغ  المخصص لتوظيف أناس جدد كي يقوموا بالاشراف على تنفيذ القرض، يمكن تجييره الى العائلات الفقيرة، خصوصا ان 12 مليون دولار من أصل 246 مليون دولار هو مبلغ محترم، يمكن ان تستفيد منه هذه  العائلات وانا مع تخفيق هذه المصاريف لكي تستفيد  العائلات المحتاجة بشكل اكبر”.

ويختم:”لا ريبة ولا ملاحظات لدي حول القرض وأنا ضد نظريات المؤامرة”.

الخبير والمحلل الاقتصادي البروفسور جاسم عجاقة
الخبير والمحلل الاقتصادي البروفسور جاسم عجاقة

من جهته يرى الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة ل”جنوبية” أن “الواقع الإقتصادي والإجتماعي للمواطن اللبناني، يفرض على السلطة السياسة القيام بإجراءات فورية للتخفيف من مُعاناة المواطن، خصوصًا أن الأسعار إلى إرتفاع ومصرف لبنان يتجه إلى رفع الدعم مع قرب إستنزاف إحتياطاته من العملات الأجنبية”، معتبرا أن “الحديث عن تعدّي على السيادة الوطنية نتيجة أخذ هذا القرض، هو حديث من خارج السياق نظرًا أنها ليست المرّة الأولى التي يقترض فيها لبنان. و يكمل” وإذا كانت الشروط الموضوعة من قبل البنك الدولي تُشكل عقبة للبعض، فإن الفساد المُستشري هو السبب إذ لم تعد الجهات الدولية تثق بالعمل العام في لبنان، حيث رتب الفساد خسائر بقيمة ١٠ مليارات دولار سنويًا منها ٥ مليارات مباشرة على الخزينة العامة ومنها ٥ مليارات دولار خسائر على الإقتصاد”.

عجاقة: إذا لم توافق الدولة على القرض يُمكن فرضه على لبنان بعد الإنهيار

 يضيف:”هذا القرض هو نظرة إنسانية من قبل المُجتمع الدولي إلى لبنان. بل أكثر منذ ذلك، إذا لم توافق الدولة على هذا القرض، فإن توقعاتنا أن يتمّ فرض هذا القرض على لبنان بعد الإنهيار. وفي التفاصيل أن البنك الدولي سيوزّعه على الشعب اللبناني من خلال الجمعيات أو الجيش اللبناني وسيتمّ تحميل الدولة هذا القرض لاحقًا خلال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي”.

و يختم:”من غير الطبيعي أن يتمّ توظيف أناس جدد لتنفيذ هذا القرض وتوزيع الأموال، إلا أن المُشكلة هي في غياب الثقة الدولية في الإدارات والوزارات الحكومية، وهذا أمر تمّ إثباته بعد جريمة مرفأ بيروت حيث عمدت الجهات الدولية إلى الطلب من الجمعيات والجيش إلى توزيع المُساعدات”.

السابق
فوائد الزنك وأهميته للحامل
التالي
بعد صراع مع كورونا.. وفاة أنيس النقاش في سوريا