التفاوض الحدودي يترنح تحت وطأة خرائط إسرائيل ويورانيوم طهران!

الوفد اللبناني في المفاوضات اللبنانية الاسرائيلية حول الحدود البحرية

بعد 4 جولات من المفاوضات بين لبنان وإسرائيل حول ترسيم الحدود البحرية بينهما، برعاية الامم المتحدة والولايات المتحدة الاميركية، توقفت هذه المفاوضات التي كانت تجري في مقر الامم المتحدة في الناقورة بشكل مفاجئ منذ شهرين. تردد يومها أن أحد الاسباب الخفية لهذا التوقف، رغبة الاطراف ورُعاتهم إنتظار ما ستؤول إليه الانتخابات الرئاسية الاميركية، وأي رئيس سيجلس على كرسي البيت الابيض، لما لذلك من تأثير على مسار كافة الملفات في المنطقة وليس في لبنان وإسرائيل وحدها.

إقرأ أيضاً: 2020 تفك عقدة «إسرائيل شر مطلق».. حلو لـ« جنوبية»: تعليق المفاوضات هدية إيرانية لبايدن!

اليوم بات السؤال مشروعا “متى ستعاود هذه المفاوضات إجتماعاتها، بعد تسلم الرئيس الديمقراطي جون بايدن مقاليد الحكم في البيت الابيض ، وفي ظل الحديث عن ترتيب الولايات المتحدة الاميركية لملفاتها، وتحديد أولوياتها في العالم والمنطقة، خصوصا أن لبنان لديه مصلحة لإنهاء هذا الملف في ظل الازمة الإقتصادية والمالية التي تعصف به.

إشارات متناقضة

الجواب هلى هذا السؤال متعدد الزوايا والمعطيات، يشرحها لـ”جنوبية” الخبير العسكري العميد خليل حلو، فيقول:” تتعدد إهتمامات الادارة الاميركية الجديدة في العالم، وإلى الآن ليس واضحا كيفية تعاطيها مع ملفات منطقة الشرق الاوسط، علما أن ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل ليس مستقلا عن ملف العلاقة الاميركية – الايرانية”، لافتا إلى أن “الاشارات الاميركية في هذا الملف متناقضة جدا، فمن جهة نسمع وزير الخارجية الاميركي أنتوني بلينكن يصرح بأن الولايات المتحدة الاميركية لن تعاود التفاوض مع إيران إذا لم تلتزم ببنود الاتفاق النووي وهذا ما لن يحصل، لأن إيران باتت تملك إلى الآن 8 طن يورانيوم مخصب في الوقت الذي يحق لها ب300 كيلو يورانيوم مخصب، ناهيك عن عرض القوة الذي تقدمه بالتزامن مع الذكرى السنوية لتأسيس الجمهورية الاسلامية بين 1 و 10 شباط”.

يضيف:”من ناحية ثانية فإن مندوب الرئيس الاميركي للشؤون الايرانية روبرت مالي، رأى في مقال نشره على الموقع الاخباري الذي يديره (أن السياسة الاميركية تجاه حزب الله يجب أن تعتمد اللين والأهم هو الاستقرار في المنطقة)، ولذلك ليس معروفا ماذا تريد الادارة الاميركية في المنطقة وعما إذا كان سلوكها المقبل ينم عما تريده فعلا”.

ويوضح حلو ما يقصده بالقول:” إنفتاح الولايات المتحدة على إيران سيقابله خسارتها في ملف التطبيع والسلام بين الدول العربية وإسرائيل، لأن الدول العربية ستعمد أيضا الى الانفتاح على ايران وهذا ليس لمصلحة الادارة الاميركية”.

حلو لـ”جنوبية”: العودة الى الطاولة رهن بالمسار الأميركي الإيراني 

ويردف:”مصير المفاوضات حول الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل ليس واضحا بعد، صحيح أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أبدى رغبته بإكمال المفاوضات، لكن القرار بهذا الملف هو بيد حزب الله وإيران، لذلك السؤال هو هل تفاوض إيران على الحدود البحرية في لبنان قبل وضوح مسار العلاقات بينها وبين الولايات المتحدة؟ وإذا إستمرت بالتصعيد وتزويد حلفائها بشرقي سوريا بالصواريخ التي تطال إسرائيل عندها لا يمكن لإسرائيل إكمال المفاوضات على الخط البحري”.

توتر أميركي – إيراني

لا يبدي حلو تفاؤلا حول إمكانية حصول تفاهم أميركي- إيراني بوقت قريب”، ويقول:”بالعكس أرى أن هناك تشنجا وتصعيدا في هذا العلاقة، خاصة أن الولايات المتحدة تواجه إنقلاب سياستها في منيمار، وهي منطقة إستراتيجية جدا لها، وهناك عدم إستقرار في تايلاند ومع الصين ولذلك فهي لديها العديد من الملفات الملحة أكثر من ملف الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل وأعتقد أن المفاوضات لن تُستأنف في وقت قريب”.

والسؤال الذي يطرح هنا، من الآن إلى حين إستئناف المفاوضات والوصول الى النتائج المرجوة ، هل حقوق لبنان محفوظة في ظل اللغط الحاصل حول إختلاف الخرائط التي يفاوض الفريق اللبناني بناءا عليها حاليا ( قانون البحار) عن تلك التي تم تسجيلها في الامم المتحدة في العام 2011، (خط هوف)؟

يجيب حلو:”هناك مغالطات كبيرة حول كيفية إدارة لبنان لملف ترسيم الحدود، إذ أن حكومة الرئيس فؤاد السنيورة في العام 2006 لم ترتكب أي خطأ، واللجنة التي إستلمت الملف قدمت تقريرها ووافق عليه مجلس الوزراء حينها وحفظت حق لبنان عبر إدراج عبارة تقول أن “هذه الحدود قابلة للتعديل في حال إستجد أي معطى جديد حول حقوق لبنان في المنطقة الاقتصادية الخالصة”، مشددا على أنه “لم يحصل خطأ لأن لبنان أبلغ قبرص بضرورة إعلامه بأي خطوة قد تقوم بها مع الجانب الاسرائيلي، لكن الجانب القبرصي لم يقم بما وعد به لأسباب واهية، والخرائط التي تم الاتفاق بين قبرص وإسرائيل أكلت الحقوق اللبنانية، ولذلك أريد التأكيد أنه لم يحصل أي خطأ من أي رئيس وزارة منذ العام 2006 وحتى الان”.

ويشرح:”اللجنة الحالية قدمت معطيات مختلفة عما قدمته اللجنة السابقة ووفقا لقانون البحار وهذا أمر مشروع، وعادة في أي نزاع حدودي كل دولة تقدم خرائطها وتطلب أقصى ما يمكن المساحات وليصار بعدها تحكيم دولي للنزاع ومن المفروض ان يحصل تحكيم أميركي- دولي، وبالتالي لبنان لن يتمكن من الحصول على كل ما يطالب به ولن يعطي أسرائيل ما تطلبه من المنطقة الاقتصادية الخالصة”.

خليل الحلو
خليل حلو

ويشدد على أن”الامر معقد جدا ويحتاج إرادة للحل من الطرفين، خصوصا أن هناك عداوة بيننا وبين إسرائيل وهناك عوامل تؤثر على الملف مثل دور حزب الله وإيران، ناهيك عن أن إسرائيل تريد ضمانات بعدم ضرب حقول نفطها بالصواريخ “.

ويختم:”الحدود البحرية والبرية لها قوانين خاصة ترعاها، والخرائط التي تقدم للأمم المتحدة لا يعني إنهاء النزاع، وبما أن الامم المتحدة والولايات المتحدة هما من يرعى عملية التفاوض الحاصلة بقبول من الطرفين، من المفروض أن تقدم هذه الخرائط إلى رعاة المفاوضات القائمة إلى حين التوصل إلى إتفاق نهائي”.

السابق
حسن فحص يكتب لـ«جنوبية»: «النسخة المنقحة» من سيناريو اللقاء الامريكي الايراني
التالي
«قرار اغتيال سليم أُخذ منذ زمن».. الأمين: اذا لم يكتشف حزب الله القاتل فهو المتهم الأول!