هكذا إستوحش «حزب الله» طريق «حق» قاسم قصير..وقمَع سالكيه!

قاسم قصير
منذ 17 يوماً خرج الاعلامي والصحافي قاسم قصير والناشط في مجال الحوار الاسلامي- الاسلامي والاسلامي- المسيحي في مقابلة عبر قناة nbn ، بمواقف منفتحة وواقعية، ومن قلب الوجع الشيعي الحقيقي، وهو وجع يومي تضج به بيئة “حزب الله” عموماً والشيعة خصوصاً، ومواقف قصير تخص “حزب الله” ودوره خارج الحدود اللبنانية وعلاقته بإيران وولاية الفقيه.

وما إن إنتشر حتى إنطلقت حملة شعواء للجيش الاكتروني لـ”حزب الله”، لم تبق وتذر بحق قصير، والذي نشر خلال 24 ساعة 3 بيانات توضيحية ما قاله وتوجها ببيان اعتذار، وان مواقفه التي قالها في 6 كانون الثاني في المقابلة المذكورة، ليست الا مواقفاً سابقة اطلقها رغم ان الفارق هو في التوقيت و”حساسية” اللحظة.

وعكس الهجوم  على قصير النزعة العدائية من “حزب الله” والتي تزداد يوماً بعد يوم تلك تجاه من يبادر بالنقد الذاتي من الموالي او المؤيد او الناشط في بيئته، بل تتعدى لتصل الى ما بعد بعد التخوين والاتهام بالقبض من السفارات ودول الخليج وصولاً الى الشتائم والمس بالاعراض والتجريح الشخصي وليس انتهاءاً بهدر الدم بعد التشويه الكامل.  

ورغم ان كل ما تقدم، لن يغير في قيمة واهمية ومسيرة قصير الحافلة بالعطاء الاعلامي، وبمصداقية لا تخلو من جرأة في المواقف، الا ان الاخطر يكمن في طريقة التعاطي مع اي موقف متمايز من داخل البيئة الشيعية، اكان من الخصوم لـ”حزب الله” او من داخل بيئته.

ويقود ما تقدم وفق مصادر متابعة لـ”جنوبية”، الى ان ضيق صدر “حزب الله” يكبر من المعارضين ومن الموالين له في بيئته، كلما ارتفع منسوب الكلفة العالية التي يدفعها الحزب من جراء خياراته الخاطئة، ولا سيما خوض معارك ايران في سوريا والعراق واليمن والبحرين وحتى في ناغورني قره باخ.

وهذه الممارسات التي جرت الويلات على الجنوبيين، واودت بالاف الشبان من الطائفة الشيعية في سوريا، وجعلت من العائدين منهم مرضى نفسيين، او جيشاً من العاطلين عن العمل يرمي القنابل في صور وغيرها، ويصفي حساباته بالسلاح مع “حركة امل” وغيرها، تجعل من الاعتراف بالخطأ والتراجع عنه اصعب بكثير من المكابرة، والعناد الذي يمارسه “حزب الله” ويريد تحميل نتائج هزائمه وخساراته الى بيئته التي يفرض عليها، ان تبقى ساكتة بقوة الحديد و النار والتخوين والشتائم، او بنقل المعركة الى جبهة خصومه ومعارضيه. 

وهذا الضيق ترجمه “حزب الله” بتهديدات الى الاعلام المعارض له، والى القضاء ووزارة الاعلام والمجلس الوطني للاعلام، وضرورة التصرف قبل ان يحرك “الاهالي” لـ”تربية” الاعلام المعارض. واستبق تهديداته بسلسلة من الدعاوى القضائية ضد اعلاميين وناشطين وسياسيين امام القضاء الجزائي الذي لا يعترف به ولا يمثل امامه.  

قاسم قصير المؤسس والاسلامي المنفتح

ويقود هذا التقديم الى القول ان ما حدث مع قصير والذي يعد من الرعيل المؤسس في “حزب الله” منذ لبنات “حزب الدعوة” الاولى وصولاً الى “إتحاد الطلبة المسلمين”، ومرافقة السيد محمد حسين فضل الله، وتوليه منصب المستشار الاعلامي في السفارة الايرانية واستقالته من المجلس السياسي الاول في “حزب الله”، ورفضه تولي مسؤولية الاعلام في الحزب بطلب من الامين العام السيد حسن نصرالله، وليس انتهاءاً بمقاله الشهير في جريدة السفير في العام 1996 عندما انتقد إنقلاب”حزب الله”على تحالفه مع القوى المستقلة واليسار في الانتخابات النيابية في العام 1996.

“حزب الله” يحمل نتائج هزائمه وخساراته الى بيئته وينقل المعركة الى جبهة خصومه ومعارضيه!

فغضب “حزب الله” على قصير مرة جديدة، وفتح له كل “الدفاتر القديمة”، كما اقاله من قناة “المنار” واوقف برنامجه السياسي، كما قطعت العلاقة معه وتم “تجحميه” وإعتباره خارج “الجسم” الحزبي وخارج “ثقة حارة حريك”.

وما جرى اخيراً مع قصير من تهديدات وشتائم، وصولاً الى هتك كرامته الشخصية والاسفاف في النعوت والاوصاف وتخوينه وجعله “عميلاً” لمعراب والسعودية والاميركيين ويقبض منهم، تؤكد معلومات لـ”جنوبية” انه مقصود للنيل من كرامة وعزة نفس قصير وجعله “امثولة” لغيره من الذين يفكرون بالانشقاق عن الحزب، او حتى التجرؤ بالانتقاد الذاتي او تصويب الرأي.

وهذا ضيق الصدر وقبل ترجمته مع قصير حدث مع كثيرين كما هددهم السيد نصرالله عندما قال: “ان من يريد ان ينتقدنا او يتهمنا او يشكك بنا ويخوننا فليخرج من صداقتنا”.

فبعد 3 ايام وليال من التهديدات والشتائم والتعلقيات المسيئة لقصير وترك “حزب الله” الامور تدخل وسطاء بين قصير و”حزب الله” وتوقفت الحملات مقابل اعتذاره!

وهذا التهديد نفذ مضاعفاً مع قصير، فبعد 3 ايام وليال من التهديدات والشتائم والتعلقيات المسيئة وترك “حزب الله” الامور على غاربها ، تدخل وسطاء بين قصير و”حزب الله” وتوقفت الحملات مقابل اعتذار قصيرالى “جمهور المقاومة” ووعد بفتح صفحة جديدة من الطرفين!

ابرز ما قاله قصير في مقابلته

ومما قاله :”انا لست حزبيا وليس لي اي دور أو مسؤولية في اي موقع، انا مجرد كاتب أو صحافي أو صاحب وجهة نظر متواضعة وباحث جامعي اعمل من أجل نشر الحوار. ومعالجة المشكلات والسعي لحماية لبنان وكل العالم العربي والإسلامي وانا كنت ولا زلت مع المقاومة في لبنان وفلسطين وضد كل محتل وانا مع كل انسان مظلوم ومضطهد وانا لا أسعى لا من أجل إثارة إعلامية أو سياسية أو حزبية”.

وتابع :”ما أتمناه لمن يريد أن يناقش الآراء بهدوء وحرصا على مصلحة وطننا جميعا وان نكون جميعا جنودا من أجل وحدة وطننا ومن أجل حمايته من كل معتدي، وانا مسيرتي معروفة منذ أكثر من أربعين عاما وعملت ولا أزال اعمل ضمن قناعتي وحريتي”.

ورغم هذا البيان التوضيحي استمرت الحملة التخوينية والشتائم والتناول الشخصي ليعود ويصدر قصير بياناً ثالثاً اليوم يعتذر فيه من “بيئة المقاومة” ويوضح مواقفه في المقابلة. بيان اعتذار وتوجه قصير في بيانه اليوم الى “جمهور المقاومة التي احب بالاعتذار ان مسته مقابلتي في مكان ما”.

ولفت الى انه “بدا ان الموضوعات التي طرحتها في المقابلة على صعيد الطرح او الاسلوب أو حتى التوقيت غير مناسبة، وان كان منطلقي مصلحة المقاومة ولبنان واللبنانيين جميعا “.

ضيق صدر “حزب الله” يكبر من المعارضين ومن الموالين له في بيئته كلما ارتفعت كلفة خياراته الخاطئة! وأكد انه ملتزم” بخيار المقاومة حتى تحرير كافة الاراضي المحتلة ودعم المقاومة الفلسطينية، وأنني لم اتخل ولن افعل عن هذا الخيار، مع دعوتي الى تحاور  اللبنانيين من أجل حفظ لبنان ووحدته ولمواجهة الكيان المحتل”.

“حزب الله” واستنساخ التجربة الايرانية

“حزب الله”ومنذ تأسيسه في العام 1982 وصعوداً وبعد تلقيه التدريبات الاولى على يد الحرس الثوري في البقاع، يحاول استنساخ التجربة الايرانية الحديدية بحذافيرها ويمارسها منذ 4 عقود ويزيد عليها بضعة سنوات.

ومنذ العام 1987 و1988 ووصولاً حتى ايامنا هذه لم يترك “حزب الله” من مجال للحركات التصحيحية في جسمه بدءاً من طرد امينه العام الاسبق الشيخ صبحي الطفيلي، وصولاً الى تجحيم ومحاصرة المرجع السيد محمد حسين فضل الله في منزله بحارة حريك بعد اعلانه مرجعيته في العام 1995.

وقبلها استدعي فضل الله، الى دمشق وهدده مبعوث لخامنئي بأن اعلانه المرجعية سيؤدي الى اعلان الحرب عليه كما يقول مقربون من المرجع الراحل لـ”جنوبية”، وصولاً الى التهديدات والايذاء الجسدي بحق العديد من الشخصيات التي خرجت من جسم الحزب كالشيخ حسن مشيمش وموت العديد من قياداته الامنية والعسكرية في ظروف غامضة وخصوصاً من عملوا خلال الحرب مع “حركة امل” في اقليم التفاح وفي السنوات الاخيرة في سوريا.

معلومات لـ”جنوبية”: المرجع فضل الله استدعي الى دمشق وهدده مبعوث لخامنئي بأن اعلانه المرجعية سيؤدي الى اعلان الحرب عليه!

اما المعارضون لسياسة “حزب الله” فكان للشيعة منهم نصيب من الترويع والترهيب كرئيس المجلس الشيعي الاعلى الراحل الامام الشيخ محمد مهدي شمس الدين والعلامة السيد علي الامين والسيد الراحل هاني فحص والشيخ عباس الجوهري وكمال الحايك وصحافيون كالصحافي السيد علي الامين .

وعلى عكس مطالبته بالإصلاح في خارج بيئته وجسمه التنظيمي ومن “كيس غيره”،  يجد المتابع ان الاصلاح او اي من وجوه خارج الحسابات وممنوع التفوه فيه ككلمة وليس كنهج فحسب.

وما ينادي به  مسؤولو “حزب الله” من شعارات الاصلاح الحسينية ليس الا من باب الشعر والانشاء ولوزام احياء المناسبات العاشورائية والدينية، ولشد العصب الشيعي في كل عام، حول ملحمة عاشوراء والتي كرست مبدأ الحرية والثورة على الظلم وعدم السكوت للقمع والبلطجة والرضوخ للحاكم الظالم.

إقرأ أيضاً: النقد الذاتي ممنوع في«حزب الله»..قاسم قصير نموذجاً!

وتقول المصادر ان “حزب الله” لم يلجأ فقط الى استنساخ كل ما يمت الى الثقافة الفارسية وطقوس بلاد فارس والتي دخلت حتى في ادبيات المذهب الشيعي ، واضافة الخرافة والاسطرة على قضية عاشوراء والسيرة الحسينية، بل تعدتها الى ثقافة اللباس ومنع المظاهر الغربية، الى الشادور، وتعميم مكاتب المتعة وصولاً الى السجون والقضاء الاسلامي وتصفية المنشقين عن بنيته التنظيمية، وصولاً الى اخفاء واعتقال كل من يعارضه من داخل البيئة التنظيمية الضيقة.

ايران تفتك بمعارضيها!

ويبدو للناظر في تجربة “حزب الله” وطيلة السنوات الاربعين الماضية ولا سيما بعد التحرير في العام 2000 ان ما قام به من اعتقال وتنكيل وتخوين بحق الخارجين من جسمه وبيئته، وحتى المعارضين له، هو استنساخ لما قامت به “الثورة الاسلامية” بتوجيهات من المؤسس الامام الخميني ومكمل المسيرة السيد علي خامنئي.  

ايران تضرب بشراسة كل المحاولات للتحرر من القبضة البوليسية والعسكرية على الاعلام والحياة السياسية!

فإيران اليوم التي تنازع بين “الكورونا” والعقوبات الاميركية والسعي الى احياء الاتفاق النووي مع واشنطن، تضرب بشراسة كل المحاولات للتحرر من القبضة البوليسية والعسكرية على الاعلام والحياة السياسية بالاضافة الى كتم صوت المعارضين ولا سيما الاصلاحيين واليساريين والعلمانيين.

الاحتجاجات السلمية في ايران تواجه بالقمع والسجون
الاحتجاجات السلمية في ايران تواجه بالقمع والسجون

وبين 1989 و2009 عاش الاصلاحيون “عصراً ذهبياً” من هاشمي رفسنجاني الى محمد خاتمي وفي 4 دورات رئاسية متتالية انتهت في العام 2009 بفوز مرشح المرشد على خامنئي محمد احمدي نجاد ورفض منافسه في جولة الإعادة مير حسين موسوي النتائج، وعدّ نفسه فائزا، واندلعت احتجاجات كبيرة في المدن الإيرانية، سقط خلالها قتلى وجرحى، وتم وضع زعيمي الاحتجاجات رهن الإقامة الجبرية مير حسين موسوي، ومهدي كروبي.

واصدرت محكمة ايرانية حكما بالسجن لمدة ست سنوات بحق نائب رئيس الجمهورية الاسبق في عهد الرئيس محمد خاتمي محمد علي ابطحي، واخلي سبيله بكفالة بلغت 7 مليارات ريال (حوالي 700 الف دولار) كما قدم ابطحي استئنافاً ضد قرار الحكم.

السابق
ساحة الطيران.. من حدد الزمان والمكان
التالي
الصحو ليس طويلاً..إستعدوا لمنخفض جوي عصر الأربعاء!