سويسرا تتحرك لكشف مصير 400 مليون دولار.. استهداف «الحاكم» أم الحُكام؟!

مصرف لبنان

لا يمكن فصل اللغط الحاصل حول طلب المدّعي العام في سويسرا مساعدة قانونية من السلطات اللبنانية للتحقيق مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وشقيقه رجا سلامة، ومُساعدته ماريان الحويّك، حول قيامهم بحوالات مصرفية يصل مجموعها إلى نحو 400 مليون دولار، عن المؤشرات التي تُظهر أن بلاد الارز تعيش حالة تفكك في كافة قطاعاتها سواء الصحية (التخبط الحاصل في كيفية معالجة وباء كورونا) والاقتصادية والمالية (إستنزاف الاموال المخصصة لدعم السلع من دون إيجاد بديل أو منع التهريب لإبقاء هذا الدعم أطول فترة ممكنة)، أو سياسيا (التعنت الحاصل من القوى السياسية لتأمين مكتسباتها في الوزارات والخدمات).

إقرأ أيضاً: تحويلات بقيمة 400 مليون دولار: سويسرا تطلب مساعدة لبنان بتحقيق يطال سلامة.. كيف كان الردّ؟

لكن الجدل الذي أحدثه الطلب السويسري يدفع للتساؤل عن كيفية مقاربة السلطات السياسية لهذا الملف، خصوصا أنها منقسمة( منذ إندلاع الازمة وتبخر 54 مليار دولار من المصارف) بين مؤيد لإقالة سلامة ومحاكمته ( فريق رئيس الجمهورية ميشال عون  ورئيس الحكومة المستقيل حسان دياب) وبين متمسك ببقائه في موقع تحت حجة أن البلد يغرق ولا يمكن لأي طرف المغادرة وحده( فريق الرئيس نبيه بري وسعد الحريري). بالاضافة إلى مشروعية البحث عن المعنى الحقيقي للطلب السويسري، هل هو إتهام وإشتباه بسلامة أم أنه منهجية عمل مصرفية معتمدة عالميا؟

الطابة بملعب هيئة التحقيق

في البداية لا بد من القول أن الطابة هي ملعب السلطات اللبنانية وهيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان التي يرأسها سلامة لإعداد تقرير يجيب على تساؤلات المدعي العام السويسري، خصوصا أن  وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال ماري كلود نجم  كانت قد كشفت لوكالة “رويترز” أنّها “تسلّمت طلب تعاون قضائي موجّهاً من السلطات القضائية في سويسرا، وسلّمت الطلب إلى النائب العام التمييزي لإجراء المقتضى.

في المقابل تضع مصادر مصرفية كل ما يحصل في خانة “التجاذبات المالية والسياسية الحاصلة في لبنان”، توضح لـ”جنوبية” أن “السلطات السويسرية أكثر حساسية تجاه نظامها المالي من أي بلد في العالم، ومتابعتهم للملفات بهدف الحفاظ على هذا النظام بعيدا عن أي شبهة أو إشكالية يمكن أن تخترقه، ولذلك فهم يحرصون على التعاون مع كل الدول لتحصين هذا النظام ولو من باب جمع المعلومات”.

يضيف:”ليس من الضروري أن يكون هدفهم من جمع هذه المعلومات هو التشكيك بجهة معينة أو شخص معين، بل هذا التحرك هو نمط عمل خاص بهم، وربما القصد من الضجة السياسية والاعلامية المُثارة حول هذا الطلب هو إنتهاز الفرصة لوضع الحاكم جانبا بحجة التحقيق بالموضوع ( كونه رئيس هيئة التحقيق) بغض النظر إذا كان هناك ملف أو تهمة أو إشتباه أم لا، وبذلك يمكن أن تتحقق أهداف من يريد إقالة الحاكم تحت ستار أن التحقيق هو مطلب غربي”.

ويختم:”هذا البلد موبوء وللاسف  القطاع المصرفي والشعب اللبناني هو من يدفع الثمن”.

إجراء مصرفي متعارف عليه

 يوافق الخبير الاقتصادي الدكتور إيلي يشوعي على التفسير القائل بأن الطلب السويسري هو إجراء مصرفي متعارف عليه عالميا، ويشرح لـ”جنوبية” أن النظام المالي السويسري يحرص على معرفة مصدر الاموال التي توضع في مصارفه كقاعدة عمل مصرفي موجودة في العالم كله، وعلى أساس الجواب الذي يصلها يتم القبول بوضع الاموال في المصارف السويسرية”.

 يضيف:”أعتقد أن هذا هو المنطلق من الطلب السويسري تجاه القضاء اللبناني،  والضجة المثارة حول الحاكم هدفها معرفة إذا حان الوقت لخروجه من المشهد الداخلي، خصوصا أن هذه المسألة لم تعد محصورة بالداخل اللبناني لكي تتعرض للتمييع كالعادة بل هناك جهة دولية تطالب بنتيجة هذا التحقيق”.

يشوعي لـ”جنوبية”: إجراء مصرفي “يحشر” الدولة

 ويعتبر أن “الطلب السويسري “يحشر” الدولة اللبنانية، هناك تقرير يجب أن يقدم من هيئة التحقيق المصرفية إلى السلطات السويسرية، فماذا سيكون التبرير؟”.

يشدد يشوعي على أنه “من حيث المبدأ فإن تحويل الاموال من لبنان إلى سويسرا عشية توقف المصارف عن دفع الدولار للمودعين لديها هو تحويل غير قانوني (بالرغم من أنه لدينا حرية تحويل الاموال إلى الخارج قانونا)،لأنه في هكذا ظرف يصبح التحويل حكرا على فئة ضيقة من الناس عرفت سلفا بموضوع  الانهيار، وإستفادت من هذه المعلومة وحوّلت أموالها إلى الخارج “. 

ايلي يشوعي خبير اقتصادي
ايلي يشوعي
السابق
بعدما هزّت قضيتها الرأي العام.. رئيس محكمة بعلبك يفنّد ما حصل مع غنى البيّات!
التالي
محاولة اغتيال نجل جورج حسواني.. أسرار خفية في شحنة «نترات الأمونيوم»