2020 تفك عقدة «إسرائيل شر مطلق».. حلو لـ« جنوبية»: تعليق المفاوضات هدية إيرانية لبايدن!

الناقورة
وحيدا وقف رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة في الاول من تشرين الاول الماضي، ليعلن أمام الشعب اللبناني عن إطار إتفاق لمفاوضات لترسيم الحدود بين لبنان واسرائيل برعاية الامم المتحدة ووساطة الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن الملف ستتولاه لاحقا رئاسة الجمهورية كون رئيس الجمهورية هو المخول دستوريا توقيع الاتفاقيات الخارجية بإسم لبنان .

يومها إقتصر الحضور على وزيرة الدفاع  وقائد الجيش والوفد “التقني” الذي عُين لاحقا وتولى المفاوضات برئاسة العميد بسام ياسين، وعقب هذا التاريخ إنطلقت المفاوضات في مقر الامم المتحدة في الناقورة على مدى ثلاث جولات.

وتوقف إنعقاد الجولة الرابعة بسبب إعتماد الوفد اللبناني على خرائط مستندة لقانون البحار والتي تخوله المطالبة 2200 كيلومتر مربع بدل لـ 860 كلم التي إرتكز عليها السفير الاميركي فردريك هوف، خلال قيادته المفاوضات غير المباشرة على مدى 10 سنوات مع الجانب اللبناني والتي تمّ في نهايتها إعلان إتفاق الاطار.

رفض إسرائيلي

 ورفضت إسرائيل المقاربة اللبنانية الجديدة لترسيم الحدود، ووجه  وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتس برسائل مباشرة الى الرئيس عون بأن “لبنان غيّر من مواقفه تجاه قضية ترسيم الحدود عدة مرات”.

إقرأ ايضاً: لبنان 2021..مئوية لا مئويتان!

ولوح بطرح حدود الخط 310 البحري ما يعني بحسب متابعين وصول هذا الخط الى أعماق بحرية كبيرة لناحية الشمال، تتعدى خط الطفافات البحرية الحالية في الناقورة والمعروفة بالخط الازرق المائي الذي رسم عام 2000، في حين ان السقف الذي طرحه الوفد اللبناني  منطلقا من اتفاقية الهدنة عام 1949 والقوانين الدولية بهذا الخصوص ما أدى إلى إعلان تأجيل إنعقاد الجولة الرابعة من المفاوضات.

أسباب سياسية لتوقف المفاوضات

وبالرغم من الاسباب التقنية هي التي كانت وراء هذا التوقف، إلا أنه من السذاجة تغييب الأسباب السياسية التي ساهمت في توقف المفاوضات خصوصا أن الاعلان عن إتفاق الاطار جاء بعد أسبوع على فرض وزارة الخزانة الاميركية عقوبات(وفقا لقانون مكافحة تمويل ارهاب الاميركي)على اليد اليمنى لرئيس المجلس أي وزير المالية السابق علي حسن خليل.

سببان وراء تشدد الجانب اللبناني في المفاوضات: الاول المطالبة بتعويضات مقابل القبول بخط هوف والثاني رغبة “حزب الله” في منح “هدية التفاوض” لايران وبايدن!

وقد قرأ العارفون في خفايا السياسة الدولية أن إعلان عن “إتفاق إطار” بيت لبنان وإسرائيل جاء كورقة “حُسن نية” تقدمها إيران كهدية للرئيس الأميركي دونالد ترامب قبيل خوضه معركته الانتخابية، ويوضع لبنان بموجبها على طاولة المساومات الايرانية الامريكية الاسرائيلية”،  في حين أن توقف المفاوضات في جولتها الرابعة تم ربطها بالاسباب السياسية أيضا، أي رغبة إيران في التفاوض مع الادارة الاميركية الجديدة.

العميد حلو

 و في هذا الاطار يشرح الخبير العسكري العميد المتقاعد خليل حلو لـ”جنوبية” أنه “من الناحية  القانونية لبنان يملك الحق بالمطالبة بكامل الاراضي التي ينص عليها قانون البحار منطلقا من إتفاقية الهدنة عام 1949، لكن لبنان إرتكب خطأ من حيث الشكل حين  قدم الخريطة الاولى لحدوده البحرية إلى قبرص في العام 2007 ( وهي مختلفة عما يتضمنه إتفاق الهدنة) وحين أهمل متابعة هذا الملف مع الجانب القبرصي”، معتبرا أن “الجانب اللبناني كان عليه عرض الخرائط (وفقا لإتفاقية الهدنة) منذ بداية طرح الملف بينما عرضها الجانب اللبناني في المفاوضات 2020”.

ويشدد حلو أن “أن الوساطة الاميركية كانت ناشطة وصادقة ولم تكن خبيثة، وإن كان الجانب الاسرائيلي يريد الحصول على أكبر قدر من المكتسبات، وقد بذل السفير هوف جهدا كبيرا في إعداد هذا الملف مستعينا بالخبير الذي رسم الحدود بين البحرية بين الولايات المتحدة وكندا وبين والولايات المتحدة والمكسيك حين تم إكتشاف النفط في البحر، أي أن الاسس كانت علمية وأعطت لبنان  ثلثي  المنطقة المتنازع عليها والثلث لإسرائيل”.

إقرأ أيضاً: سنة التراجع والتضخم والإفقار..سروع لـ«جنوبية»: لبنان نحو الإنهيار الشامل!

يضيف:” الجانب اللبناني أدرك لاحقا أنه يمكنه المطالبة بحقوقه كاملة وفقا لقانون البحار الذي كان يسمح له من الاساس تقديم خرائط وفقا لإتفاقية الهدنة  يطالب  فيها بمنطقة أوسع بكثير من تلك التي حددها خط هوف، بعدها يقدم الاسرائيليون خرائطهم ويحصل تحكيم دولي على الخريطتين”، مشيرا إلى أن “الخريطة اللبنانية بعد ان دخل على هوف على خط الوساطة لم تكن تطالب بحق لبنان وفقا لقانون البحار وهذه المشكلة التي حصلت”.

الجانب اللبناني كان عليه عرض الخرائط منذ بداية طرح الملف بينما عرضها في مفاوضات 2020

إذا هل يمكن ترجيح السبب التقني لتوقف المفاوضات على السبب السياسي؟ يجيب حلو:”توقف المفاوضات لها أسباب متداخلة ، هناك روايات غير مؤكدة  تقول أن الجانب اللبناني يطالب بتعويضات مقابل القبول بخط هوف، وهناك رواية ثانية تقول ان السبب هو حزب الله الذي أعطى ضوء أخضر للمفاوضات ويقف وراء الرئيس عون والوفد المفاوض لا يريد تقديم هدية لترامب و يفضلون تقديم الهدية إلى إدارة بايدن أملا بتخفيف العقوبات عن إيران”.

ملاحظات برسم المفاوضات

كل ما سبق لا يمنع من تسجيل ملاحظات على هامش بدء المفاوضات :

اولا أعلن لبنان إنّ المباحثات لن تكون مباشرةً، بينما أكد الأميركيون والإسرائيليون أنّها محادثات مباشرة. كما اوحى بري (خلال المؤتمر الصحفي) بتلازم ترسيم الحدود البرية والبحرية، في المقابل اشار الموقف الامريكي والاسرائيلي الى ترسيم الحدود البحرية فقط، مع تجاهل الترسيم البرّي، ربما لأن إسرائيل تعتبره منجزاً، بعدما اعلنت ضمّ الجولان وغور الاردن ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا الى اسرائيل، وبالتالي فهو ينتظر التوقيع بالتزامن مع الاتفاق على الترسيم البحري.

الاتفاق الإطار يعني أن لبنان سلك طريق “الاعتراف بإسرائيل” وطريق التطبيع الذي دشّنته دول خليجية ضمن ما عُرف باسم “اتفاق ابراهام”

ثانيا في المؤتمر الصحافي لبري تمّ الكشف عن تاريخ بدء التفاوض السري على ملف ترسيم الحدود الذي امتد لعشر سنوات، اي منذ إقرار قانون النفط بعد التأكد من وجود نفط وغاز بكميات تجارية في المناطق الحدودية مع إسرائيل.

ثالثا ان هذا الاتفاق الإطار يعني أن لبنان سلك طريق “الاعتراف بإسرائيل”، وطريق التطبيع الذي دشّنته دول خليجية ضمن ما عُرف باسم “اتفاق ابراهام” . فلا أحد يفاوض رسمياً وبالمباشر مع “دولةٍ”، لترسيم الحدود معها، دون أن يكون معترفاً بوجودها، ما يعني أن اعتراف حزب الله (بمباركة إيرانية) بدولة اسرائيل أصبح واقعاً.

السابق
سنة التراجع والتضخم والإفقار..سروع لـ«جنوبية»: لبنان نحو الإنهيار الشامل!
التالي
«كورونا» لبنان 2020 بين طائرتي قم ولندن.. فوضى عارمة تُخلّف آلاف الإصابات ومئات الوفيات!