الخلل القانوني ينخر المحكمة الجعفرية (١٨): التظاهر أمام أبوابها يفتح «باب الإجتهاد» لا العناد!

الشيخ محمد علي الحاج

لم يكن من اللافت اطلاقاً تلك التظاهرة التي نُظّمت على باب المحكمة الشرعية الجعفرية في بيروت، حيث إن الأمور تتفاقم نتيجة أداء ومكابرة أهل الحل والعقد، الذين ليسوا بصدد معالجة الأمور بتاتاً.

لا يهم إدارة المحكمة الجعفرية إلا ترسيخ واقعها، وتثبيت سلطتها، كذلك هي أهداف المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى وهيئته “الشرعية”.. فلم نلحظ خلال أكثر من نصف قرن من الزمن أي حرص على دور هذه المؤسسات، وكيفية جعلها تواكب متطلبات الحياة.. لتبقى فاعلةً وحيويةً.

بأي حق تكون القوانين الشرعية الرسمية في إيران والعراق مختلفة عن لبنان حيث تتعارض مع الشرع والدين؟ 

وحينما نتحدث عن تعديل قوانين المحاكم الجعفرية، وتحديثها، فإننا لا نقصد بذلك تلك القضايا الثابتة التي لا نقاش فيها وحولها؛ بل نعني بها الأمور التي هي مورد نقاش واختلاف واجتهاد.. حيث تتوفر حينها مساحة واسعة، ينبغي الأخذ منها بما يتلاءم مع حاجات عصرنا.

وهو تساؤل استنكاري نوجهه لأهل الحل والعقد في المجلس الشيعي والمحكمة الجعفرية:- ماذا يعني باب الإجتهاد مفتوح لدى الشيعة؟ – وما هي أهمية وجود صلاحية قانونية للهيئة الشرعية في المجلس الشيعي لوضع القوانين والتشريعات المتعلقة بالمحاكم الجعفرية؟ 

إقرأ أيضاً: الخلل القانوني ينخر المحكمة الجعفرية(١٧): فضيحة «تمرير» الإمتحانات تتسلل الى دورة القضاة!

وأين الدليل على إلزام المجتمع الشيعي اللبناني بالأخذ بوجهة نظر فقهية واحدة؟ – وبأي حق تكون القوانين الشرعية الرسمية في إيران والعراق مختلفة عن لبنان، وهي في إيران والعراق شرعية ولا يوجد فيها أي شائبة، ولكن في لبنان تكون تتعارض مع الشرع والدين؟ 

وهكذا هي تساؤلات عديدة، برسم الإدارة الدينية الرسمية الشيعية في لبنان، بل وبرسم “السيد” و”الأستاذ” اللذين يتحملان المسؤولية الأكبر عن هذه القضايا.

وقد كنا أشرنا – في مقالنا السابع ضمن هذه السلسلة من مقالاتنا – لكون المذهب الجعفري يتحلى بكون باب الإجتهاد مفتوح، وبأن للمكلف الحق في الأخذ برأي من شاء من الفقهاء، وهذا من ميزات المذهب الجعفري، الذي يريد ساسته أن لا يبقى له ولا أي ميزة!

ونكرر موقفنا، بأنه المفترض أن تعكف لجان من المتخصصين لتطوير أنظمة المحكمة الجعفرية، ويستحسن أن يتم الاستعانة بقضاة الشرع المتقاعدين، كونهم أصحاب خبرة عالية في هذا المقام. 

يجب البحث في أفضل الآراء الفقهية في شأن سن الحضانة وما يناسب مجتمعنا

لذا، يجب البحث في أفضل الآراء الفقهية في شأن سن الحضانة، وما يناسب مجتمعنا، بل وبكافة الأحكام الشرعية الإجتهادية التي هي موضع نقاش فقهي.

وإلا ستستمر الاعتراضات، كما ستتفاقم المشاكل الاجتماعية والأسرية في ظل إبقاء الأنظمة القديمة، التي قد لا تتناسب مع نمط الحياة المعاصر.

لا سيما بعدما عدلت كافة الطوائف اللبنانية أنظمتها، فليس من المقبول إبقاء المحكمة الشرعية الجعفرية بعيدة عن حركة مواكبة متطلبات العصر.. وإلا فإن مطلبنا بإلغاء المحاكم الدينية الرسمية كافة في لبنان سيتزايد، وسيكون أكثر حاجةً وواقعيةً.

السابق
بسبب العطلة إنخفاض فحوصات «كورونا»..والنتيجة أقل بـ1122 حالة من الأمس!
التالي
لبنان 2021..مئوية لا مئويتان!