ما أصعب أن تكون لبنانياً حراً هذه الأيام.
أن تكون لبنانياً حراً يعني أن تعيش منبوذاً من محيطك أولاً السائر في ركاب الزعيم المُلهَم حامي حمى المذهب والطائفة .
أن تكون لبنانياً حراً شيعي المذهب مثلاً فأنت شيعة سفارة
أن تكون لبنانياً حراً شيعي المذهب مثلاً فأنت شيعة سفارة ، تارة أميركية وأخرى بريطانية ، سلبي ، إنهزامي ، تطبيعي .
إقرأ أيضاً: «الدولارات الطازجة» تَنشل جنوبيين من العوز..و«الطاسة الكورونية» ضائعة!
إن كنت ماروني المذهب فأنت ماروني خليجي تارة ، وإسرائيلي تارة أخرى ، فوضوي ، تابع ، أو مرتزِق .
إن كنت على مذهب أهل السنة والجماعة ، فأنت إما إرهابي من أنصار داعش والنصرة ، أو عميل تتواصل مع أعداء الأمة والوطن من عرب وأجانب وصهاينة ، متطرف ، حاقد ، أو إلغائي .
أن تكون لبنانياً حراً يعني أن تُحرَم من حقوقك في المساعدات ومشاريع الدعم ، غذائية كانت أم صحية ، لأن أطراف المافيا الحاكمة تتولى توزيعها على الأتباع والمناصرين وحتى المحظوظين منهم فقط .
يعني أن تُحرَم من مقعد لولدك في بعض كليات الجامعة الوطنية ، أو سرير في إحدى المستشفيات لأحد مرضاك ، أو وظيفة لأحد أبنائك في أي دائرة من دوائر دولتك ، فقط لأنك غير مدعوم من زعيم الطائفة الأكبر .
أن تكون لبنانياً حراً يعني أن تنحت في الصخر بأظافرك كي تبني عائلة وبيتا سليما معافى من أمراض الطائفية والمذهبية ، ومن موبقات التبعية للزعيم السياسي أو الديني ، ومحصن بالأخلاق في بلد بات الإنسان الخلوق فيه كالقابض على الجمر في ظل الفلتان الحاصل الناتج عن الثقافة السائدة – ثقافة العصابة والمافيا – التي تشجع عليها أطرافها المختلفة وتعيش وتنمو بها .
أن تكون لبنانياً حراً هذه الأيام يعني أن تتحسس رأسك دائماً وتتحسس سمعتك
أن تكون لبنانياً حراً هذه الأيام يعني أن تتحسس رأسك دائماً وتتحسس سمعتك ، خوفاً من زبانية العصابة من أتباع جهلة قتلة بإسم الوطنية والمقاومة ، أو وسائل ” تجهيل ” يسمونها وسائل ” إعلام ” و ” إعلاميين ” فجرة يحملون أقلاماً مسمومة مأجورة ومحشوة بالكراهية والحقد بإسم الدفاع عن المبادئ والقيم ، يرفضون الرأي الآخر نتيجة إحساسهم الضمني بقصور وعبثية معتقداتهم وعدم صمودها أمام العقل والمنطق .
أن تكون لبنانياً حراً يعني أنك مشروع مهاجر أنت وأبنائك ، كلٌ منكم في مكان من زوايا العالم الأربع ، لا مكان لك في هذا الوطن الذي صادره منك السماسرة وتجار الطائفية والدم بذريعة الحفاظ على ” الحقوق ” أو إستعادتها .
بإختصار … أن تكون لبنانياً حراً يعني أن تكون العين الساهرة التي تقاوم مخرز السلطة بكل ما فيها من ظلم وظلام وفساد وتخلف ، حتى يقضي الله والشعب أمراً كان مفعولا .