صيادو صور..جباه سمراء و بحر بلا سمك!

الصيد في صور مهنة متعبة

مضى على مواظبة محمد داوود على بحر صور نحو ثلاثة عقود للاستمتاع بصيد السمك” بالصنارة”، ولم يعرف محمد الذي وفق باكثر من كيلو غرام من سمك “المواسطة” شحا كمثل هذه السنة .

ينصب يوميا صنارته على الكورنيش الشمالي لبحر صور،  بمحاذاة المرفأ التجاري بين غابة من صنارات زملائه، الذين اعتادوا منذ سنين على كسب رزقهم من البحر الواسع، بحجمه والضيق بخيره في هذه الايام كغيره من ابواب الرزق .

فعدد صيادي السمك بالصنارة والغطس وحتى “البارودة”، تضاعف منذ ارتفاع حدة التدهور الاقتصادي والمعيشي ، وبات العشرات من ابناء المدينة والقرى المجاورة على وجه التحديد، يجدون في هذه الهواية التي تحولت الى مهنة، موردا ماليا بسيطا يسد حاجتهم في تدبر امورهم المعيشية، ويلجأ البعض منهم الى إعلانات على صفحات الفيس بوك، مرفقا بارقام هواتفهم عن الصيد حسب الطلب للزبائن، الذين يستحسنون حصولهم على سمك طازج رغم تحليق اسعاره عاليا.

إقرأ أيضاً: «حزب الله» يَشُد حزام التقشف..لا طحين بعد نفاد العراقي!

كثير من هواة الصيد يقضون ساعات طوال، للفوز بأسماك متنوعة من هذا البحر المعروف بجودة اسماكه، وأيضا منهم يملون من فترة الانتظار، فيجمعون صناراتهم وسلال القش التي ترافقهم ويعودون خائبين الى  بيوتهم .

تحولت هواية صيد السمك بالصنارة و”البارودة” في صور وجوارها الى مهنة منذ ارتفاع حدة التدهور الاقتصادي والمعيشي!

علي عبود الستيني الذي لوحت الشمس وجهه ولم تغفر له القبعة الصينية الواسعة من حجبها، هو واحد من هؤلاء الذين يمدون صناراتهم بهدوء الى المياه المتلاطمة على مقربة من الجامعة الاسلامية عند الكورنيش الجنوبي للمدينة، كان التأفف واضحا على محياه، مكتفيا بتمتمات يسهل معرفة محتواها .

بحر مدينة صور الذي يبحر فيه يوميا مئات الصيادين على مراكبهم لمسافات طويلة جنوبا وشمالا، لصيد ما تيسر من سمك لا يوازي صيده الاكلاف العالية لثمن الشباك وأصلاح القوارب وبدل المازوت، لا يقفل قلبه أمام وافدين جدد دفعهم الوضع المالي الى تطوير هواياتهم في عملية صيد الاسماك (سلطان ابراهيم ،مليقة ، زرزور ،بلاميدا ،لقز، بوري، جربيدة وغيرها)،تتراوح اسعار أنواعها بدء من عشرين الف للكيلو وصولا الى نحو مئة الف .

طور محمد شور هوايته في صيد السمك، ليتحول شيئأ فشيئا الى صياد محترف،فالى جانب عمله الاساسي في احدى الشركات الخاصة،  الذي تراجع نسبيا في ظل الازمة الاقتصادية وجائحة كورونا وزيادة اعباء الحياة، يمارس شور وهو أب لعائلة متوسطة، الصيد بواسطة الغطس والقصبة والجرجارة وهي انواع مسموح بها قانونا، وقد وجد في هذا النشاط الاضافي بابا للرزق، والتصدي للضائقة الاقتصادية بعرق جبينه وخبرته ومثابرته لاجتياز الازمة المستفحلة .

يشكو صيادو ميناء صور من “قلة الرزق” هذا العام والكميات المُصادة لا توازي ثمن الشباك وإصلاح القوارب وبدل المازوت!

بحر صور بالنسبة الى محمد اصبح اكثر ملاذا وأمانا، فلا يبخل عليه يوما في النصيب من الاسماك رغم ارتفاع عدد الصيادين وتفاوت الحظ فيما بينهم، ويضيف محمد ان هذا الرزق الذي يأتي بالكد والتعب، وتمضية ساعات على الشاطىء وعمق البحر “يمدنا بقسم من متطلبات العيش على قد الحال.. و يبعدنا عن العوز”.

صيد السمك من هواية الى مهنة متعبة
صيد السمك من هواية الى مهنة متعبة
السابق
«حزب الله» يَشُد حزام التقشف..لا طحين بعد نفاد العراقي!
التالي
المقاتلون العائدون من سوريا..آثار نفسية تتماهى مع حرب فيتنام!