سعد الله مزرعاني لـ«جنوبية»: لنحافظ على استقلالية انتفاضة 17تشرين وأولوياتها

سعد الله مزرعاني الحزب الشيوعي

من موقع زاوية نظره الخاصة ، الذي  يرى منه القيادي السابق في الحزب الشيوعي اللبناني الأستاذ سعد الله مزرعاني ،إلى ثورة 17تشرين الأول 2019، إعتبر أن هذه الثورة كانت ، وقت قيامها ، “أقرب إلى “الثورة” منها إلى الثورة ” وذلك لأن شروطا افتقدتها ، إجتمعت إلى  ظروف قاهرة، جميعها أدت إلى تأجيل تحقيق  هدفها التتويجي المرتجى،  التي قامت من أجله ، إلى حين آخر، ،وهذا الهدف، هو تغيير نظام الحكم في لبنان، ( الذي هو نظام متصف برمته بفساد سلطوي شامل) من أجل استبداله بنظام حكم وطني  أفضل.

لقد أسست الإنتفاضة لإدراك أهمية التغيير

لذا فإن مزرعاني يسميها، “انتفاضة 17 تشرين”، ولقد جاء ذلك في هذا الحوار الذي أجراه معه موقع “جنوبية ” لمناسبة عام على قيام هذه الثورة ،وهنا نص الحوار الذي يحدد فيه مزرعاني نقاط قوتها ونقاط ضعفها ، وما لها وما عليها ، وما ينبغي عليها تداركه في مواجهة ما يعترض طريقها من أزمات  وتحديات  : 

•ثورة 17تشرين الأول 2019 ضد شمولية فساد الحكم اللبناني،  ماذا عنت لك هذه الثورة  ،وكيف كانت نظرتك اليها؟ 

كانت 17 ت. أقرب إلى “الفورة” منها إلى الثورة. ذلك أن من شروط الثورة أن تمتلك برنامجا وقيادة وهدفا مباشرا يبدأ بالاستيلاء على السلطة عبر فرض آلية انتقالية بالإنقلاب أو بالتدرج.  رغم ان إحتجاج 2015ضد تكدس النفايات في الشوارع ومشاركة عشرات الآلاف في التظاهرات ، إلا أن انتفاضة 17ت ١ لم تنجز قفزة نوعية في مجالي التنظيم ووحدة القيادة وترتيب جدول الأولويات.

كلا  التحركين عبرا عن مزاج شعبي ناقم وغأضب ومطالب بالتغيير  ، لكن القوى المحركة (بتشديد وكسر الراء ) كانت ذات طبيعة عفوية . نزول مئات الآلاف إلى الشوارع في كل مناطق لبنان ،وبشكل غير مسبوق حفزته تلك العفوية . إذ لو كانت القوى الحزبية التقليدية التي دأبت على رفع شعار  التغيير هي الداعية ، لما كانت الاستجابة على هذا النحو الواسع . ألعفوية كانت جواز مرور إلى مشاركة أوسع فئات واسعة جدا دون حسابات طائفية وبألوان العلم اللبناني ، لكنها،  الوقت نفسه،  كانت نقطة ضعف الإنتفاضة التي سرعان ما أصبحت حقلا للاستغلال من قبل قوى منظمة،  داخلية وخارجية ، بما في ذلك قوى في السلطة نفسها . 

لم تنته الثورة لأنها لم تبدأ كما ينبغي للثورات أن تبدأ

أنا من الذين رحبوا وشاركوا  . وقد ركزت (بإدغام الكاف ) في كتابات ونقاشات على ضرورة بلورة توجه وبرنامج وأدوات نضالية مناسبة  ، وكذلك بلورة إطار قيادي يدير عملية ضغط متصاعد ومنظم وهادف ، على السلطة . هذا النقص برز تباعا ودفعت الإنتفاضة ثمنه على غير صعيد  ، وأساسا على صعيد فرص تحولها الى ثورة تقود 

أكثرية الشعب اللبناني بشكل مبرمج وفعال لإحداث التغيير المنشود  .

ما حطمته الإنتفاضة 

 •هذا الحدث التاريخي المفصلي  ، يحتم على المثقف اللبناني  ، دورا مواكبا لهذا الفعل التغييري  ، فكيف ترى إلى هذا الدور؟وما هي قراءتك الخاصة للأبعاد الثقافية لهذه الثورة؟

_ كسرت الإنتفاضة ممنوعات سواء بالنسبة إلى السلطة عموما  ، أو بالنسبة إلى رموزها  . لقد حطمت النقمة وردود فعل أطراف السلطة الممعنة في العجز والفئوية والتحاصص والفساد ، حطمت هالات كانت تتمتع بنوع من القدسية والاستعصاء على النقد. . المثقف الملتزم بقضية المعرفة الموضوعية والثورية مدعو إلى ممارسة دور توعوي لا تحريضي فقط  .  إن الوعي بأسباب الأزمة وإدراك مسؤوليات الفئات والشخصيات والطبقات والعلاقات والقيادات… في حصول تلك الأزمة الشاملة وفي سبيل الخروج منها بعد محاسبة وتغيير موضوعيين  ، هي مسؤولية خاصة بالمثقفين الملتزمين بقضايا شعبهم ووطنهم  . 

إدراك تأسيسي 

 •هذه الثورة،  قد أسست لوعي تغييري مستقبلي،  فماذا بإمكاننا إستشرافه من أبعاده ؟ 

_ لقد أسست الإنتفاضة لإدراك أهمية التغيير. أما صيغ التغيير وبرنامجه فقد أخذت المبادرة بشأنها قوى داخلية وخارجية تملك أجندات خاصة،  إجتماعية وسياسية،  كما تمتلك أدوات فعالة في حقول الإعلام والإمكانات البشرية والمادية ، فضلا عن التجربة والخبرة التي أفتقر لها المنتفضون العفويون،  كما بينت التجربة حتى الآن. ذلك يستدعي أن يراجع أطراف الإنتفاضة المستقلون تجربتهم بكل مسؤولية لاستخلاص العبر الضرورية،  كذلك ينبغي على أحزاب التغيير أن تحاول تدارك أزمة علاقاتها بالناس لكي تضيف خبرتها إلى ذوي المصلحة في التغيير بما يؤدي إلى تكوين تيار واسع مؤثر وقادر على تعديل التوازنات خصوصا في الإنتخابات المقبلة،  سواء كانت مبكرة أو عادية.  

 على أطراف الإنتفاضة مراجعة تجربتهم بكل مسؤولية

فضل مطلقات الشرارة 

• بعد مرور عام على قيام هذه الثورة  ،ما هو تقييمك لأداء ثوارها؟فما الذي حققته من نجاح، وما الذي أصيبت به من فشل؟وما يمكننا تحديد ما لها وما عليها في الحكم على مسارها الذي قطعته حتى اليوم؟

 المثقف الملتزم مدعو الى ممارسة دور توعوي لا تحريضي فقط 

_ لقد كان المجموعات المدنية المبادرة(يكسر الدال) فضل إطلاق شرارة الإحتجاج والمثابرة على المضي فيه طيلة سنة كاملة،  ولو بشكل غير متواصل وغير منظم  . إن ما ينبغي المحافظة عليه هو استقلالية الإنتفاضة وسلامة أولوياتها الوطنية وامتناعها عن الانجرار وراء الذين دأبوا ،منذ اليوم الأول،  لتوظيف نقمتها في غير اتجاه الإصلاح المجسد (بإدغام السين المفتوحة ) في تحرير النظام السياسي من منظومة المحاصصة الطائفية التي جعلت لبنان يعيش أزمة وجودية وسط رياح وعواصف مخيفة تجتاح المنطقة الآن،  ولا يقوى على مواجهتها إلا من توفر ( بتشديد الفاء المفتوحة ) له الحد الأدنى من التوحد الوطني السياسي والشعبي . 

أثر الثورة الكبير 

• هل الثورة انتهت كما يشاع اليوم؟ وكيف تنظر إلى الآفاق المستقبلية لثورة 17تشرين الأول 2019 ؟ 

_ لم تنته الثورة لأنها  في الواقع،  لم تبدأ كما ينبغي للثورات أن تبدأ  . لكنها تركت أثرا كبيرا لجهة أن التغيير هو السبيل الوحيد لمعالجة أزمة يئن تحت وطأتها ملايين اللبنانيين . ألموضوع مطروح على من بادروا وشاركوا  ، وكذلك على من يعانون من خسائر هائلة،  ليس أقلها ما يتهددهم من الجوع والهجرة وفقدان مدخراتهم ووظائفهم وأمنهم  … وحتى وطنهم !

السابق
ملف أمير«الكبتاغون»:إتهامية بيروت تُصادق على مذكرة التوقيف في حق بدري ضاهر!
التالي
في المنية: طبيبة تعتدي و3 شبّان على زميلها طبيب وزوجته الحامل.. وتتسبب له بكسر!