نصرالله يراقب بصمت إنضمام الأسد إلى الترسيم؟

سهل الخيام

هل كانت الانباء التي تواترت في الساعات الماضية  في محلها، والتي تحدثت عن” تبدّل طرأ فجأة” في الكلمة التي كان من المقرر ان يلقيها الأمين العام ل”حزب الله السيد حسن نصرالله مساء الأربعاء في مناسبة ‏أربعين الإمام الحسين؟ ومن عيّنات عن هذه الانباء ما ورد في وسيلة إعلامية مقرّبة من الحزب من “ان الانظار تتجه إلى مفاوضات ترسيم الحدود بين لبنان واسرائيل منتصف الشهر الحالي ،وانه من ‏المتوقع أن يتناول نصرالله هذا الملف في اطلالته مساء الاربعاء ،إلا اذا حصلت ‏مستجدات تفرض نفسها على جدول كلمة السيد”.

في رأي اوساط نيابية مستقلة  تحدثت اليها “النهار” ان هناك حضورا  ما للنظام السوري على طاولة المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل والتي ستنطلق الاسبوع  المقبل برعاية الولايات المتحدة الاميركية والامم المتحدة.ولفتت في هذا السياق الى المعلومات الصحفية التي أشارت الى” الرغبة التي يبديها الثنائي الشيعي ومن خلفه إيران في تطبيع العلاقات الأميركية – الشيعية من دون أن تتسبب في إقلاق النظام في سوريا لجهة إشعاره سلفاً بأنه لا نية لعقد صفقة على حسابه، أو في منأى عنه، وإلا فلماذا وافق جميع هؤلاء على استثناء مزارع شبعا المحتلة من ترسيم الحدود البرية؟” وقالت “ان مجرد استثناء المزارع من الترسيم هو رسالة لتبديد المخاوف لدى دمشق إذا كانت موجودة على خلفية تحييدها لربطها بإيجاد تسوية بين سوريا وإسرائيل.”

اقرأ أيضاً: جمهور حزب الله «يُهلل» لترسيم الحدود.. ماذا عن مقاتليه؟!

في سياق متصل ،أطل السفير السوري لدى لبنان علي عبد الكريم علي الثلثاء الماضي في عين التينة حيث أعلن بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري انه تمت مناقشة “الظروف البالغة الصعوبة التي تمر بها المنطقة والضاغطة على لبنان وسوريا وتحديات الحصار الاقتصادي والتهديدات الامنية والاوضاع المالية العابرة للمناطق، كلها كانت فرصة للاصغاء لدولة الرئيس بري وللتداول وتبادل الرأي في ما يخص العلاقة الوثيقة والعضوية التي تفرضها مصلحة البلدين في التكامل لمواجهة كل انواع التحديات وأولها الحصار الاقتصادي والعقوبات الاحادية والتي سواء سمت أحد البلدين أو سمت الاثنين معا فكلاهما معاقب سمي ام لم يسم”.

وترافق لقاء الرئيس بري والسفير علي ببرقية تهنئة بعث بها رئيس المجلس للرئيس الاسد”في الذكرى السابعة والاربعين لحرب تشرين التحريرية” التي خاضها الجيش السوري أبان حكم الرئيس الراحل حافظ الاسد والتي لم تؤد الى تحرير مرتفعات الجولان السوري التي إحتلتها إسرائيل في حرب عام 1967 .ومع الجولان إحتلت إسرائيل  أيضا مزارع شبعا ولا تزال.

قبل أيام أطل الاسد في مقابلة مع قناة “زفيزدا” الروسية لم يأت فيها على ذكر الجولان المحتل. لكنه أنطلق للكلام بإسهاب ردا على سؤال يتعلق ب”المعركة من أجل تحرير حلب التي يسمونها في كثير من الأحيان ستالينغراد السورية” ،فخاطب الصحافية التي أجرت المقابلة معه قائلا: “المقارنة التي تقومين بإجرائها موجودة لدى المواطنين السوريين”!

في قراءة لاوساط ديبلوماسية عبر “النهار” ان تقديم سفير سلطنة عمان هذا الاسبوع  أوراق اعتماده لوزير الخارجية السوري وليد المعلم ينطوي على دلالات خصوصا بعدما فعّلت دولة الإمارات العربية المتحدة  ومملكة البحرين عمل سفارتيهما في العاصمة السورية نهاية 2018.ومن أبرز هذه الدلالات ان الدول الخليجية الثلاث ترتبط بعلاقات ديبلوماسية مع إسرائيل. وعلّقت الخارجية الاميركية على الخطوة العمانية ب”حث جميع الدول على عدم إعادة العلاقات الدبلوماسية أو التعاون الاقتصادي مع النظام السوري أو تطويرها”، داعيا ” الأسد ونظامه الى اتخاذ خطوات لا رجعة فيها لإنهاء حملة العنف ضد الشعب السوري، وتنفيذ قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254 بصدق أو مواجهة العزلة الدبلوماسية والاقتصادية المستمرة”.
ورأت هذه الاوساط ان “سياسة العصا والجزرة”، تعتمدها واشنطن حيال الثنائي الشيعي في لبنان والنظام في سوريا على حد سواء.وما قالته الخارجية الاميركية حيال الخطوة العمانية التي تمنح الاسد خطوة لفك العزلة عن نظامه ، يماثله ما صرّح به مساعد وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادنى ديفيد شينكر مباشرة بعد إعلان الرئيس بري الاتفاق على بدء مفاوضات الترسيم مع إسرائيل:”  لا أعتقد أننا سنتوقف عن معاقبة المتورطين في دعم حزب الله”.

في المقابل، ما زالت حارة حريك وطهران تغرقان في صمت لافت تقريبا حيال خطوة مفاوضات الترسيم بين لبنان وإسرائيل .وأهم ما في هذا الصمت عدم التركيز على ملف شبعا في مفاوضات ترسيم الحدود البرية المرتقبة علما ان هذا الملف الذي مثّل حجر الرحى في وظيفة “حزب الله” بعد الانسحاب الاسرائيلي عام 2000 من جنوب لبنان ومصادقة الامم المتحدة على هذا الانسحاب بأنه يسدل الستارة على قرار مجلس الامن الدولي الرقم 425 بعد الاجتياح الاسرائيلي للبنان في آذار 1978 وإنشائه منطقة إحتلال جنوب نهر الليطاني.ولم يخرق هذا الصمت سوى السجال العنيف الذي نشب بين النائبيّن جميل السيد وغازي زعيتر  وكلاهما ينتميان الى محور 8 آذار ، وذلك بعد المؤتمر الصحفي الاخير للرئيس بري. فبعدما إعتبر النائب السيد في تغريدة عبر تويتر ان أميركا”إعتمدت معهم أسلوب غازي كنعان: شو بتحب تاكل، عصا أو جزرة؟ عقوبات فساد أو ترسيم؟ دخيلكم، ترسيم الحدود مع إسرائيل أرحم”،رد النائب زعيتر على تغريدة زميله  بالقول: “…معركة ترسيم حدود الوطن خاضها الوطنيون بشرف اما وعي “جميل السيد ” فقد رسم بالعصا والجزرة”.

ليس معروفا ما إذا كانت تغريدة النائب الاول، تفصح عما يكتمه “حزب الله” الذي اوصلت اصواته في إنتخابات 2018 السيد الى البرلمان ،وان تغريدة الثاني ترد بالنيابة عن الرئاسة الثانية التي ينتمي زعيتر الى كتلتها النيابية.لكن المعروف ، ان مفاوضات ترسيم الحدود مع إسرائيل ، تكاد تعيد ترسيم  حدود الادوار التي مارسها كثيرون وفي طليعتهم “حزب الله” الذي يبدو ان امينه العام يراقب ب”صمت” التحولات في الموقف السوري ،وطبعا بعلم من طهران.

السابق
هذه هي أسماء الوفد اللبناني المفاوض!
التالي
لبنان يراوح «في الحفرة»..والسلطة «تُلاعِب» المبادرة الفرنسية!