معارضو الثنائي يسألون: من هم شيعة السفارة؟

جمهور حزب الله

لم تكن ردود الفعل التي صدرت بعد إعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري قبل أيام عن إنطلاق المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل منتصف الشهر الجاري حالة عابرة ، بل تشير الى انها بداية مسار من النقاش الداخلي والخارجي الذي سيرافق هذا التطور لفترة طويلة.ولعل ابرز هذه الردود ، وفق قراءة اوساط شيعية بارزة معارضة للثنائي الشيعي ل”النهار” ،ما بدأ يتفاعل في البيئة الشيعية نفسها .فماذا تقول هذه القراءة؟

في مستهل ملاحظاتها على هذا الحدث ، تشير هذه الاوساط الى ان ثنائي “حزب الله” وحركة “أمل” ، خلال الاعوام الماضية كان يدعو الى عدم تحديد وقت للمفاوضات، لكن الجانب الاسرائيلي كان يصرّ في المقابل على تحديد مهلة زمنية لها.وعلى ما يبدو ان الثنائي تراجع عن مطلب الوقت المفتوح ، وبات يقبل  بتحديد أمد المفاوضات التي ستمتد كحد أقصى الى ثلاث سنوات بدءا من إنطلاقها في منتصف تشرين الاول الجاري ، ما يعني ان نهايتها سيكون حكما في منتصف تشرين الاول سنة 2023 .

اقرأ أيضاً: هل يخضع لبنان للوصاية الدولية؟

ثاني ملاحظات الاوساط الشيعية البارزة ان ثنائي الحزب والحركة كان يطالب بفصل الترسيم البحري عن الترسيم البري ،  لكنه عاد وقبل بالترسيم المزدوج بناء لطلب إسرائيل أيضا .وكانت المفارقة ، ما ذكرته صحيفة “الشرق الاوسط ” بالامس “ان  ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل  سيتم باعتماد خطين: الأول، الخط الذي رسمته اتفاقية الهدنة(عام 1949). والثاني، الخط الأزرق الذي تم التوصل إليه بموجب القرار الدولي 1701 الذي أوقف العدوان الإسرائيلي على لبنان في تموز 2006”. وقالت  أن ترسيم الحدود البرية “يبدأ من خط الهدنة في رأس الناقورة وينتهي في الجزء اللبناني من بلدة الغجر المحتلة، ولا يشمل مزارع شبعا المحتلة، باعتبار أنها مشمولة بالقرارين 242 و338 اللذين كانا قد صدرا عن مجلس الأمن الدولي لوقف الحرب السورية- الإسرائيلية وليس بالقرار 425 الذي يدعو إسرائيل للانسحاب من الأراضي اللبنانية.” وتعلّق الاوساط الشيعية البارزة في المعارضة على ما ورد في الصحيفة ، فتقول ان هذه التفاصيل تعني بوضوح ان الثنائي عموما  ، و”حزب الله” خصوصا ، قد تخلى عن ربط المزارع بالحدود اللبنانية البرية المتنازع عليها بين لبنان وإسرائيل ، بعدما كان يصرّ على هذا الربط طوال عشرين عاما بعد الانسحاب الاسرائيلي من جنوب لبنان تطبيقا للقرار 425 .
ثالث ملاحظات الاوساط ذاتها ،ان “حزب الله” جاهر على مدى اعوام بالاعتراض على دور الولايات المتحدة الاميركية في مفاوضات الترسيم مشددا على حصرها بالامم المتحدة .لكنه اليوم ، ووفق لما اعلنه الرئيس بري في مؤتمره الصحفي الاخير ،بات قابلا بالرعاية الاميركية المباشرة، والتي ستتم تحت رعاية مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الادنى ديفيد شنكر الذي سيكون مشاركا مباشرة في إنطلاقا المفاوضات في الناقورة بعد أقل من تسعة أيام.

في المقابل، هناك معطيات أدلى بها الرئيس بري في مؤتمره الصحافي الاخير شرح فيها كيف إتجهت الامور الى واشنطن كي تتولى ملف مفاوضات الترسيم منذ عشرة اعوام خلت .وهو قال:” اثر التأكد من وجود غاز ونفط في حدودنا البحرية، انطلقت شخصيا منذ عام 2010 اي منذ عقد من الزمن تماما، بمطالبة الامم المتحدة وامينها العام بان كي مون بترسيم الحدود البحرية ورسم خط أبيض في البحر المتوسط الازرق.اثر تردد الامم المتحدة وتمنعها بل وطلبها مساعدة الولايات المتحدة الاميركية، بادرت بطلب المساعدة شخصيا”.

وتسأل الاوساط الشيعية المعارضة:كم كانت حملات حزب الله عنيفة وتضمنت تهديدا مباشرا لكل الشخصيات والهيئات الشيعية طوال العقد الماضي تحت عنوان ان هؤلاء هم من جماعة شيعة السفارة الاميركية في لبنان.فهل إنضواء الثنائي الشيعي اليوم تحت عباءة الرعاية الاميركية التي يرتديها الديبلوماسي شنكر، الذي هو من أشد منتقدي حزب الله ، أمر لا يصل الى مستوى لقب “شيعة السفارة” قلبا وقالبا”؟

في موازاة ذلك ، لا تزال الحملة الاعلامية في إيران مستمرة ضد المبادرة الفرنسية التي أطلقها الرئيس إيمانويل ماكرون في زيارته للبنان في الاول من الشهر الماضي.وجاء في صحيفة “وطن امروز يوم الاحد الاخير ” تحت عنوان “فرنسا بيدق اميركي بلبنان” الاتي :”فرنسا تتحرك في الساحة اللبنانية في اطار خطة اميركية هدفها النهائي اضعاف المقاومة وتجريد حزب الله من السلاح.بعبارة اخرى، تستخدم اميركا فرنسا عمليا، كبيدق لتمرير مخططاتها بلبنان .وجسّدت زيارات الرئيس الفرنسي للبنان بعد الانفجار بمرفأ بيروت وما شهدته من طرحه لوصفة خاصة بشأن الوضع السياسي ومستقبل لبنان وتشكيل حكومة جديدة ، بمجموعها النيات الاميركية نفسها ، نيات تهميش المقاومة وتجريد حزب الله من السلاح . وبالطبع، تم تقديم هذه النيات الخفية في ورق سليفون زاهي الالوان يعكس تعاطفا ظاهريا مبالغ فيه مع محنة لبنان واللبنانيين ووعود بمساعدات مشروطة بالعمل في اطار تلك الوصفة التي فشلت تماما.”

بالطبع ما يقال في طهران ليس مطابقا لما يقال في الضاحية الجنوبية لبيروت.فهنا ، كلام متجدد عن بدء عودة مياه الود بين “حزب الله” وفرنسا الى مجاريها.لكن في الوقت نفسه، هناك صمت لافت تقريبا ، سواء في الضاحية أو في طهران،عن التطور “التاريخي” كما قالت واشنطن في وصفها للمفاوضات المرتقبة بين لبنان وإسرائيل .

هل هذا الانقسام بين الجمهورية الاسلامية وبين اهم أذرعها في المنطقة ، مجرد سوء تفاهم؟ السؤال الذي طرحته الاوساط الشيعية المعارضة عبر “النهار” ينطوي على جواب .فهي سألت:”هل إنضواء الثنائي الشيعي اليوم تحت عباءة الرعاية الاميركية أمر لا يصل الى مستوى لقب “شيعة السفارة”؟

فعلا انه زمن التحولات والتي ما زلنا في بدايتها!

السابق
ترسيم الحدود وانهيار سرديات المقاومة
التالي
لبنان يواجه خطر «كارثة الفقر».. «إندبندنت» تحذّر: الدولار بـ 17500!