موسكو وبكين تريدان تسليح آيات الله

ترامب وايران

معركة جديدة تختمر حول إيران.

في الشهر الماضي، طالبت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الأمم المتحدة رسميا تمديد حظر الأسلحة الدولي المفروض على إيران، والذي من المقرر أن ينتهي في منتصف شهر أكتوبر. يهدف هذا الحظر، وهو جزء من قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231، إلى منع إيران من الحصول على شحنات جديدة من الأسلحة التقليدية المتطورة. عملت إدارة ترامب بجد في الأشهر الأخيرة لبناء تحالف دولي يدعم هذه الخطوة، وتمكنت من حشد بعض الدعم (بما في ذلك من مجلس التعاون الخليجي). لكن الإجراء، أي تمديد الحظر، واجه معارضة قوية في الأمم المتحدة، وعلى الأخص من روسيا والصين، وفشلت الإدارة في النهاية في تمريره.

اقرأ أيضاً: شنكر يغرد خارج السرب اللبناني _ الفرنسي: كل ما بُذل غير كاف!

في أعقاب الهزيمة الدبلوماسية، استحضرت الولايات المتحدة بند “سناب باك” (snapback) الوارد في القرار 2231، الذي يدعو إلى إعادة فرض جميع عقوبات الأمم المتحدة التي تم التراجع عنها نتيجة للاتفاق النووي لعام 2015 المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة. أثارت هذه الخطوة نقاشا قانونيا حادا. رفضت الأطراف الأخرى في الاتفاقية (روسيا والصين والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا) حق أميركا في الدعوة إلى تنفيذ بند “سناب باك” أو “العودة إلى الوراء”، بعد أن قررت إدارة ترامب رسميا في مايو 2018 الانسحاب من الاتفاق النووي. ومع ذلك، وكما جادل الخبراء بشكل مقنع، فإن اللغة الفعلية لقرار مجلس الأمن رقم 2231 لا تزال تمنح الولايات المتحدة الحق بتفعيل أحكام الاتفاقية. يدور النقاش حاليا حول ما إذا كانت الأمم المتحدة ستتصرف في نهاية المطاف، وما الذي قد تفعله واشنطن من جانب واحد إذا لم تتصرف الأمم المتحدة.

ومع ذلك، وفي خضم هذا النقاش، ضاع التفسير الصحيح لسبب فشل الجهود الأميركية في المقام الأول.

قد يؤدي فشل المجتمع الدولي في الاستمرار في تقييد وصول إيران إلى الأسلحة المتطورة إلى اندلاع صراع بين الدول المتوترة في المنطقة للحصول على تلك الأنظمة ردا على ذلك

من المؤكد أن بعض المقاومة على الأقل يمكن أن تُعزى إلى معارضة سياسة “الضغط الأقصى” التي اعتمدتها إدارة ترامب، وكلفت شركاء إيران التجاريين الرئيسيين غاليا. على مدار العامين الماضيين، خرجت الشركات الأوروبية تدريجيا من إيران بسبب المخاوف من العقوبات الأميركية، في حين تم تعريض مبادرات الاتحاد الأوروبي الرئيسية التي تشمل إيران للخطر. بشكل عام، يقدر الخبراء الأوروبيون أن القارة خسرت حتى الآن ما يقرب من 50 مليار دولار في التجارة التجارية مع إيران نتيجة العقوبات الأميركية. وهذا بدوره عزز مقاومة الدول التي تتوق إلى إعادة إشراك طهران بالعمليات التجارية، والاستياء من الضغط الأميركي الذي يمنعها من القيام بذلك.

ومع ذلك، فإن أبرز الجهات المعرقلة هي بلا شك روسيا والصين، وكلاهما يعمل كشريكين استراتيجيين رئيسيين لإيران، وهما على وشك جني الأرباح إذا انتهى حظر الأسلحة. يوضح تقييم حديث أجرته وكالة الاستخبارات الدفاعية التابعة للبنتاغون أن “إيران لا تزال تعتمد على دول مثل روسيا والصين لشراء القدرات التقليدية المتقدمة”. وتشير الدراسة نفسها إلى أن الجمهورية الإسلامية حريصة على “شراء أنظمة أسلحة متطورة جديدة من موردين أجانب لتحديث قواتها المسلحة، بما في ذلك المعدات التي لم تتمكن بشكل أساسي من الحصول عليها لعقود”. بالنسبة لموسكو وبكين، إذن، فإن عرقلة تمديد حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة يرقى إلى مستوى الأعمال الذكية.

ومع ذلك، من المرجح أن يعود هذا التصلب بتكلفة عالية المنطقة.

وهنا، يجدر بنا أن نتذكر أنه قبل اثنتي عشر عاما، أدت المخاوف الإقليمية المتزايدة من توسع برنامج إيران النووي إلى بدء عدد من الدول في الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا السعي للحصول على القدرات النووية. في ذلك الوقت، لاحظ المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في ملف أعد في العام 2008، أن ما لا يقل عن ثلاثة عشر دولة قد بدأت في اتخاذ خطوات جادة نحو الحصول على قدرات نووية خاصة بها. وفي كانت بعض هذه الدول، على الأقل، مدفوعة بعوامل أخرى، كان من الواضح أن دولا أخرى، مثل المملكة العربية السعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة، كانت تبحث عن ثقل استراتيجي موازن لقدرة إيران النووية المتنامية.

الارتفاع الحتمي في الطلب الإقليمي على الأسلحة الروسية والصينية الذي سيتبع انتهاء حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على إيران من شأنه أن يعزز مكاسبهما بشكل أكبر

يمكن للديناميكية عينها أن تتكرر في المستقبل القريب. وقد يؤدي فشل المجتمع الدولي في الاستمرار في تقييد وصول إيران إلى الأسلحة المتطورة إلى اندلاع صراع بين الدول المتوترة في المنطقة للحصول على تلك الأنظمة ردا على ذلك.

في الواقع، يبدو أن هذا هو بالضبط ما تعتمد عليه موسكو وبكين. تعد روسيا والصين، بالفعل، مصدرين رئيسيين للأسلحة، وعلى مدى نصف العقد الماضي استحوذ البلدان على 21 في المئة (روسيا) و5.5 في المئة (الصين) من إجمالي مبيعات الأسلحة العالمية، وفقا لإحصاءات معهد ستوكهولم الدولي للسلام. لكن الآن، يعمل كلا البلدين بنشاط على توسيع وجودهما ومبيعاتهما العسكرية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. والارتفاع الحتمي في الطلب الإقليمي على الأسلحة الروسية والصينية الذي سيتبع انتهاء حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على إيران من شأنه أن يعزز مكاسبهما بشكل أكبر.

على هذا النحو، فإن الجدل حول حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة، والنقاش الأوسع حول ما إذا كان يجب إعادة فرض العقوبات على إيران، ليس مجرد مسألة إجرائية. إنه تصويت أيضا حول ما إذا كان سيتم السماح لإيران بإعادة التسلح، وما إذا كان جيرانها القلقون سيشعرون بأنهم مضطرون إلى أن يحذوا حذوها. تأمل كل من موسكو وبكين، على الأقل، أن تفعل جميعها ذلك.

السابق
ماكرون في العراق… العين بصيرة واليد قصيرة
التالي
الحركة لـ«جنوبية»: لا يمكن لفئة خربت البلد أن تكون أداة للإصلاح والتغيير