السلطة تتقهقر أمام العصا الأميركية والجزرة الفرنسية!

اميركا فرنسا

 لا كهرباء، لا ماء، لا بنى تحتية تتناسب والتزايد الطبيعي للسكان، لا وسائل نقل عامة، لا فرص عمل، لا سياسات إقتصادية، لا إدارة نزيهة، لا سياحة، لا بيئة نظيفة، لا إنماء متوازن، لا علاقات خارجية مستقرة، لا زراعة مدعومة إلا على الأسطح والشرفات، لا إستقلال إلا في كتب التاريخ، لا سياسة صحية، لا خدمات، لا أمن إلا بالتراضي، لا عقد إجتماعي صالح، لا مصادر طبيعية مستفاد منها، لا صناعة، لا تنمية ولا تخطيط، لا توظيف  وتخمة في القطاع العام، لا قانون إلا على المسحوقين، لا عدالة إجتماعية ولا حماية ولا مساءلة والأمر متروك بيد الراعي ومن يعتبرهم من الرعية.

عندما يصبح الإنفاق مُقتصر على السلة الغذائية وبالعملة المحلية عند السواد الأعظم من المواطنين، نكون قد دخلنا في معضلة إنزلاق الفئات ومنها بالتحديد الفئة المتوسطة صمام أمان الإستقرار الإجتماعي إلى الطبقات الأدنى أي إلى  تلك المُعرضة للفقر والفقيرة، مقايضة هذه الطبقة حريتها والتنازل عنها مقابل الإفادة من السياسات الحكومية المفروضة المتتالية والقائمة يضعف وجودها ويقلل من فرص تأثيرها و يقلص من دورها أو هو يلغيه في المحاسبة التي تضطلع فيها مثيلاتها في الدول المستقرة، شح الوظائف أو بالأحرى خضوعها لمزاج الطبقة الحاكمة وترافقها مع تدهور نوعية التعليم والحماية الاجتماعية والرعاية الصحية المعرضة أصلا لزيادة في التكلفة، كما وإقتصار الخطط الإنمائية على نحو يضمن للسياسيين تقوية شبكة مصالحهم وتأمين دعم أمتن لسياساتهم الشخصية، مضافاً إليها تراكم الإحباط جراء عدم القدرة على الإحتجاج سيضاعف من فرضية حصول الإنهيار والوصول إلى ما لا يمكن أن يحمد عقباه. رفاه العيش لا يمكن له أن يستمر أو أن يتحقق من دون دعم الطبقة الوسطى ووجودها وزيادة أعدادها. ذلك أن الفرق كبير بين التمكين والصدقة، الإعانات والمساعدات ليست هي المخرج من الأزمة و دعم بعض السلع لن يكون هو الحل.

اقرأ أيضاً: الفاتيكان يبارك المظلة الدولية فوق لبنان بقيادة فرنسا ورعاية أميركا.. وأول الغيث «عرس الإستشارات»!

الحماية الإجتماعية

الحماية الإجتماعية بهدف تحقيق التنمية الشاملة، والدعم المعتمد على جودة مقومات الحوكمة هي البديل الصالح للعبور إلى الإنفراج والحؤول دون وقوع الإنفلاج الكلي الغير قابل للعلاج، إرساء قواعد العدالة والشفافية والمساءلة هي الطريق الصالح للخروج من النفق، توفر التعليم النوعي للجميع و خلق فرص عمل للمتعلمين يضطلع بها ساسة متنورين يتمتعون بعقل سديد وإنشاء شبكة أمان صحية وضمان إجتماعي هي السبيل الوحيد الممكن للتخلص من رقعة الزيت التي وسخت نسيج المجتمع وتتسع بشكل مضطرب يوما بعد يوم.

البعض يعتبر تكليف سعادة السفير مصطفى أديب بمهمة التأليف مريح، ترؤسه لحكومة (المهمة) المدعومة من الفرنسين يعتبر فسحة أمل للبنانيين، تحرك الرئيس الفرنسي الفيروزي الهوى بإتجاه إنجاح التكليف ومن ثم التأليف وسعيه الحثيث عبر إتصالاته لتذليل بعض العقبات الداخلية والخارجية سينقلنا إلى مرحلة التنفيذ. المرحلة الأولى ستكون بإتجاه وقف النزيف، بعدها سيجلس الطقم المتهم بالفساد إلى طاولة حوار مستديرة خالية طبعاً من النبيذ، يدعو إليها  الراعي الفرنسي للتخفيف من حدة التناحر القائم بينهم من جهة، وبين بعض منهم مع الخارج مشارك في الصراعات الإقليمية-الدولية للتقليل من إنعكاساتها السلبية على التسوية الداخلية، ذلك أنها معضلة تحتاج إلى وقت أكبر لحلها لأنها متشعبة ويلزمها توافق وإتفاق بين الأطراف المتقاتلين.

 التسوية اللبنانية


 التسوية اللبنانية كما يقول ويردد بعض المتفائلين سيكتب لها العبور. لأنها كما يصرون حازت على رضى الجميع،  ففرنسا بالنسبة إليهم  قدمت الحل الوحيد، و وحدها من بين دول عالم بادرت بالامس واليوم إلى إقامة مؤتمرات داعمة للبنان وما زالت تعد بمزيد منها اللبنانيين، هي أمنت لهم بمعية أصدقاءهم وأصدقاءها المليارات التي للأسف أهدرها الساسة المحليين على مر السنين. فهل يتكرر سيناريو الهدر أم أن الأم الحنون ستعتمد مبدأ الوصاية  لضمان نجاح الرعاية خصوصا وأن التجارب السابقة أثبتت أن الحكم في لبنان قاصر ومن توالى على حكمه مؤخراً جُلهم من المغامرين المقصرين؟.


في معظم الأديان سواء منها السماوية أو الأرضية، التوبة موجودة في الكتب إلى جانب القصاص الشديد، كثير من قادة تلك الأديان كانوا على الكفر ومن الظالمين إلى أن أتتهم الهداية فكانوا من السادة الغر المحجلين الميامين، فهل يبقى الأمل في بلادنا معقود على توبة ثلة الفاسدين النصوحة الصادقة التي لا عودة فيها إلى التفلت والمعصية والظلم المريب؟، أما أنهم من الشدة سيدّعون ذلك وكعادتهم إذا ما نجوا وفي الفلك ركبوا و إلى البر وصلوا وسلِموا أشركوا مجدداً وإلى طغيانهم وأهوائهم وشهواتهم عادوا من جديد؟.مما لا شك فيه أن الجزرة فرنسية، لكن العصا كما دوماً أمريكية وتسوية القش أبطالها عيدان ثقاب صناعة الإقليميين. فهل تشتعل سريعا أم أن إشعالها ينتظر استبدالها بأخرى ستأتي بغير توقيت؟.

السابق
بالصور: كلب يشتم روائح بشرية تحت الركام في الجميزة.. والاشتباه بوجود ناجين!
التالي
تحقيقات المرفأ تابع.. القاضي صوّان يستمع لحسان دياب