الجبل «يوقظ» الديوك والخراف عند الحاجة.. ويُضيئ «اللوكس» بدلاً من لعنة الظلام!

تربية المواشي
كسائر المناطق اللبنانية، استفاق الجبل على أزمة مالية خانقة لم يعتدها حتّى في أسوأ الحقبات التي مرّت على لبنان.. فكيف تُصارع هذه المناطق في لبنان الأزمة؟

بالرغم من إستشعاره الأزمة المالية منذ أشهر وقبل تردي الأوضاع إلى ما آلت إليه اليوم، لم يأخذ أبناء الجبل كلام رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط على محمل الجد كما حصل منذ اللحظة الأولى التي قفز فيها الدولار عن عتبة الـ5000 ليرة وبدأت أسعار السلع والمواد الغذائية ترتفع بشكل جنوني.

الإنهيار المدوي لقيمة العملة الوطنية أجبر اللبناني عموماً، وأبناء الجبل خصوصاً الذين كانوا قد ابتعدوا منذ زمن عن أساليب العيش القروية والتحقوا بقطار “التمدن” و”العولمة”، إلى العودة لحياة الأجداد بدءاً من تحضير الخبز على الحطب أو داخل المنازل إلى تربية الدجاج والماعز وزراعة الاراضي التي أُهملت لسنوات بفعل انشغال أصحابها.

تدخل القرى التي لم تسمع فيها صوتاً يعلو فوق أصوات زعماء المنطقة، وأبناءها يتذمّرون من الأوضاع المعيشية الصعبة

تدخل القرى التي لم تسمع فيها صوتاً يعلو فوق أصوات زعماء المنطقة، وأبناءها يتذمّرون من الأوضاع المعيشية الصعبة، منهم من يشكر جنبلاط على حدّة بصيرته التي عهدوها منذ زمن وقدرته على استباق الأزمات، حتّى وإن كان ضالعاً بها، وآخرون يحضّرون المساعدات الإجتماعية والغذائية مع رئيس الحزب الديمقرطي اللبناني طلال أرسلان الممثل بوزير الشؤون الإجتماعية رمزي مشرفية في حكومة “الإنقاذ”، أمّا اللاحزبيين، وأبناء الساحات والثورات، تراهم ثائرين على الزعامتين، رافضين مبدأ الزراعة والحصاد الذي دعا اليه جنبلاط، ورافسين للإعاشات المقدّمة من أرسلان وغيره من الأحزاب.

حنين غير “طوعي” الى الماضي

عموماً، يسود الجبل، حالة من الحنين الغير “طوعي” الى الماضي، الديوك تصيح مرغمة، بعدما عادت الى حدائق المنازل، متقاعدون متفرّغون لا للسياحة والإستمتاع بتعويضات نهاية الخدمة، بعد سنوات طوال من العمل، بل متفرغون للعمل في الزراعة وتربية الماعز مرغمين، بعدما بات كيلو جبنة “الموزيريلا” مثلاً 40 الف ليرة لبنانية بعدما كان سعره لا يتجاوز الـ15 الف، حتّى العائلات التي تُعتبر ميسروة، باتت تسعى لبناء المزارع وتربية الدجاج بعدما أصبح سعر كرتونة البيض 17 الف بعدما كان سعرها لا يتجاوز 5 آلاف ليرة.

يسود الجبل، حالة من الحنين الغير “طوعي” الى الماضي، الديوك تصيح مرغمة، بعدما عادت الى حدائق المنازل

الزراعة في الجبل

أمّا اللحوم، التي باتت كحلمٍ يُراود مُخيّلة ابناء الجبل بعدما فاق سعر كيلو اللحم الـ50 الف ليرة، بعدما كان سعره لا يتخطّى 16 الف ليرة، فاستبدلوها بالدجاج البلدي، أو بتربية الخراف الصغيرة، كي يتم ذبحها عند الحاجة، أو عند أي مناسبة.

أيادٍ ثقيلة على الخبز

حتّى الجدّات اللواتي اعتدن تحضير الخبز منذ أكثر من 20 عاماً، باتوا غرباء عن هذه المهمّة، باتت ثقيلة على أيديهم المتعبة، الى ان علّموا بناتهنّ حرفة قد تُنقذ جيلاً كاملاً إذ ما استمر الوضع على هذا الحال، فترى دُخان الخبز يتصاعد من البيوت، وذلك بعدما أصبح سعر ربطة الخبز 2000 ليرة، حتّى النسوة الذين امتهنوا تحضير خبز “الصاج” وبيعه “للبيارتة” كما يقولون، باتوا يُقنّنون البيع، ويحصرونه بين أبناء البيت الواحد. فالأزمة طويلة، ولم تبدأ بعد.

خبز الصاج

تموين مُبكر

بالإضافة الى كل ما ذُكر، إنطلق أبناء الجبل الى تموين أنفسهم ليس فقط لإستقبال فصل الشتاء الذي لا يزال قدومه مُتأخّراً، إنما لمواجة الأزمة المالية، بدءً من جمع الزعتر من الحقول، وتحضير الكشك على اسطح المنازل، بالإضافة الى صناعة المشمش والحلويات الطبيعية بعدما تخطّى سعر مرطبان “النوتيلا” الـ 40 الف ليرة.

“اللوكس” يعود مُجدداً

الجبل، الذي دخلت اليه خدمة الإشتراك بالمولدات منذ أكثر من 11 عاماً، وأنهى من خلالها حقبة “اللوكس” وقنديل “الكاز”، عاد أبنائه مُجدداً ليُفتّشوا عن “شاشة للوكس” الذي يعرفه أبناء الجبل جيّداً، حتّى أراضيهم باتت مطمراً ليس فقط “للنفايات” التي طمرنا بها “الزعماء”، بل مكاناً آمناً أيضاً لطمر “غالونات” من البنزين والمازوت والكاز تحت التراب كي لا تشتعل من حرارة الشمس، تمهيداً لأي أزمة قد تطرأ في القريب العاجل.

اللوكس

ضِف على هذا كلّه، أزمة المياه التي تستعرّ كالعادة في فصل الصيف، الى ان باتت معظم البيوت تحوي “بيك أب – لنقل المياه” وتوصيلها الى المنازل، أمّا الغير مقتدر على شراء هذه الوسيلة، فتراه يذهب الى “النبعة” بدون “جرّة” إنّما بـ”غالونات بلاستيك”.

السابق
بالفيديو: ظهور خاطف لنورمان أسعد يثير جدل الغياب عن الإعلام!
التالي
من هو منشد «حزب الله» علي بركات؟