علي الأمين: سلاح «حزب الله» يمنع التغيير ويحمي الفساد

بعدما عادت قضية نزع سلاح “حزب الله” الى الواجهة من جديد وبقوّة، مع إستئناف عودة الإحتجاجات المطلبية الى الشارع، استعر التوتر بعدما إنقسم الشارع اللبناني بين مؤيد ومعارض لسلاح “حزب الله”. أمّا عن تغيّر عنوان المظاهرات التي انفجرت بـ”تشرين الأول” لأسباب معيشية ومطلبية لها علاقة بالوضع الاقتصادي، قال رئيس تحرير موقع “جنوبية” علي الأمين: “هناك مسار وخيط رابط بين كل الاحتجاجات التي انطلقت من تشرين اول حتى اليوم وربما في المشهد الأخير في 6 حزيران كان تعبير عن انتفاضة بوجه الحجر السياسي إذا صح التعبير”.

أضاف الأمين خلال مداخلة تلفزيونية: “بعد جائحة “الكورونا” استثمرت السلطة في عملية الحجر، إلا أنها ذهبت أكثر في إلغاء الساحات ومظاهر الخيم، ورأى ان “تظاهرة 6/6 كسرت الفكرة التي تقول أن التجمعات والاحتجاجات الجماهيرية لم تعد قائمة، وأنه انتقلنا إلى مرحلة جديدة، مشيرا “أما القول ان موضوع حزب الله كان مطروحا دائماً في جميع التظاهرات، وهناك بعض المجموعات طرحت هذا الموضوع أي تطبيق القرارات الدولية ولا سيما قرار 1559، الا أن حركة الناس هي حالة احتجاج على كل هذه المنظومة الحاكمة بما فيها حزب الله لا سيما وانه مدير اللعبة السياسية”.

السلاح يلعب دور في منع أي عملية تغيير حقيقية في لبنان لذلك هو الحصن الأساسي اليوم للحكومة!

ولفت الأمين الى نقطة أساسية تتمثل بسلاح “حزب الله”، اذ رأى ان “نزع السلاح تم طرحه بداية من قبل “حزب الله” وليس الآخرين، اذ أظهرالأخير خلال الأشهر الستة الماضية لجميع اللبنانيين أن هذه المنظومة الأمنية العسكرية اضافة الى السلاح تلعب دورا اساسيا في منع أي عملية تغيير حقيقية في لبنان لذلك هو الحصن الأساسي اليوم تشرين للحكومة كما كان الحصن الأساسي”.

وذكّر الأمين هنا بخطاب السيد نصر الله الشعير خلال ثورة 17 تشرين عندما قال لا سقوط للحكومة وأن التغيير غير وارد في هذا الظرف، ومن ثم جاءت استقالة الحريري وتم الانتقال إلى مرحلة جديدة اذ تم تشكيل حكومة جديدة بمعايير حددها حزب الله، وبالتالي الشعب اللبناني اليوم يرى ان الانقسام السياسي الذي كان في الفترة السابقة حول سلاح “حزب الله” تطور ليصبح أيضا انقساما شعبيا اذ لمس جزء كبير من اللبنانيين أن هذه المنظومة الأمنية العسكرية هي التي تحافظ وتحمي منظومة الفساد القائمة اليوم، وتأبى أي تغيير على مستوى السلطة، بدليل تكرار الاداء السياسي نفسه وعدم القيام بأي اجراءات اصلاحية”.

كما اشار الأمين، انه “لا يبدو أن ثمة مؤشرات للإصلاح وهذا ما ظهر جليا في ملف التعيينات الذي جرى تمريره في مجلس الوزراء والذي شكّل اشتفزازا كبيرا لجمعيع اللبنانيين، لجهة مبدأ المحاصصة في التعيينات الإدارية دون النظر إلى أي اعتبار”.

مقايضة بين “حزب الله” والقوى السياسية المعارضة

ورأى الأمين ان “القوى الأساسية (أي جنبلاط وجعجع والحريري) تنتظرعلى أبواب حزب الله، وهو ما يظهر من خلال سلوك هذه القوى السياسية، وتابع “فهي تتوقع في حال أراد حزب الله تغيير هذه الحكومة (وهو لن يقوم بذلك) أو أنه إذا عمدت الى تغيير سلوكها السياسي عبر الاهتمام بالأوضاع المعيشية والمطالب الشعبية، فأنهم ينتظرون كي يدخلوا في مشهد السياسي مجدداً والحكومة، ما يعني العودة إلى السيناريو السابق قبل حكومة حسان دياب”، واضاف ” أنا أعتقد أنه ثمة تفاهمات بين حزب الله وهذه القوى السياسية تقوم أولا على مبدأ المقايضة، الا ان حزب الله يتفادى مواجهتها في هذه المرحلة في المقابل كل طرف لديه رهنات في الوقت الحالي”.

جنبلاط ، جعجع والحريري ينتظرون على أبواب حزب الله!

كذلك شدد الأمين أن “جنبلاط لديه رهنات تتعلق ربما بالحسابات الطائفية الدرزية، او انه لا يريد الدخول بمواجهة مع حزب الله، أما الحريري سعد فهو أيضاً في ظل “اليتم الإقليمي” يجد انه من الأفضل أن تبقى الخيوط ممتدة مع “حزب الله” أو انه يتطلع لتسويات في وقت لاحق وبالتالي يجب أن يكون جاهزا لهذ ا الأمر، وفيما يتعلق بجعجع فان رهانات رئاسة الجمهورية لا تزال فوهو ما يتحكم بتحركاته السياسية اليوم، وهو يعتقد أنه يمكن أن يصل إلى مبتغاه”.

وعمّا إن كانت الحجج التي كان يقدمها حزب الله للدفاع عن سلاحه تغيرت بعد 17 تشرين، قال الأمين: “هذا موضوع بالتأكيد أساسي ومحوري في لبنان وهو مطروح منذ العام 2005 تحديداً، وحتى بعد حرب تموز 2006 والنقطة الأساسية التي كان يحاول اللبنانيون إقناع حزب الله فيها هي مسألة الانخراط في الاستراتيجية الدفاعية أي الخلاص، لكن حزب الله كان يتهرب من هذا الموضوع، مذكرا “بخطابات نصر الله التهديدية والتحذيرية في حال المس بالسلاح، وتابع ” لا شك أن لا أحد يرفض أن يكون هناك نقطة قوة للبنان، لكن هل يستطيع احد اقناعنا أنها فعلا كذلك؟”.

نتذكر خطابات نصرالله التهديدية والتحذيرية والمس بالسلاح ستقطع يده وما إلى ذلك كل هذا التهويل!

ولفت الأمين أن “لدى ايران نقطة قوة في لبنان لجهة ان الدولة اللبنانية ليست الجهة المؤثرة او المقررة بملف السلاح وليست لها أي دور نظرا لكون السيد حسن نصر الله هو المكلف بإدارة هذا الموضوع، ولا تستطيع أي جهة رسمية ولا حتى جميع اللبنانيين ان يؤثروا بمسار هذا السلاح، لذلك هذا السلاح وجدناه في سوريا ووجدناه في دول عديدة”، اذ قرر السيد نصر الله أو إيران أن مصلحة لبنان تقتضي أن نذهب إلى سوريا علماً أن الحكومة اللبنانية أصدرت وقتها كلام واضح عن سياسة النأي بالنفس وعن عدم التدخل في الشأن السوري، لكن حزب الله والسيد حسن نصر الله تحديداً قرر أن مصلحة لبنان أن نذهب إلى سوريا”، وتساءل الأمين: “هل يستطيع ان يقرر كل فرد في لبنان بنفسه مصلحة لبنان العليا، ان كان ذلك فهل هناك دولة أو لا؟”.

ورأى الأمين انه “كان ثمة فرصة لحزب الله خلال الـ15 سنة الماضية أن يذهب إلى استراتيجية دفاعية ، وتابع “فإذا كان فعلاً يريد أن يحمي لبنان كان هذا يتطلب جهدا أساسيا للوصول إلى استراتيجية دفاعية، وأن تكون إمرة السلاح في يد الدولة اللبنانية، ولكن هذا السلاح له حسابات إقليمية”.

وعن ردّة الفعل العنيفة تجاه المتظاهرين المطالبين بنزع سلاح حزب الله، علما انهم من حيث العدد لا يشكلون عامل ضغط كبير، قال الأمين “حزب الله تقصّد دس هذا الموضوع أكثر مما كان مطروحاً من قبل بعض المجموعات التي طالبت بتطبيق الـ1559، الا ان الأغلبية لم ترفع هذا الشعار ولم تطرحه، لكن الحزب عمد الى التجييش الشعبي للايحاء بأن التحركات تستهدف سلاحه”. ورأى أن “هدف حزب الله كان أولاً محاولة فرز معين في البلد خارج الصراع القائم اليوم الذي يتصل بالوضع الاقتصادي وبوضع الدولة كلها، وبنفس الوقت استخدم هذه الوسيلة من أجل حماية الحكومة”، وتابع “النقطة الاستراتيجية أو التكتيكية لحزب الله كان الهدف الأساسي عدم التصويب على الحكومة، فالمتظاهرون يريدون بطبيعة الحال التغيير الحكومي لتشكيل حكومة مستقلين، وحزب الله يدرك أن التغيير الحكومي اليوم سيكون محرجا، والحكومة المقبلة لن يستطيع التحكم بها كما تحكّم بتشكيل هذه الحكومة، وبالتالي فرض هذا الموضوع كان له هذه الوظيفة”.

الى ذلك اعتبر الأمين انه ” لو ان حزب الله حريص على عدم وقوع الفتنة كما حاول ايهامنا في البيانات الصادرة عنه، كنا على الأقل شهدنا عملية اعتقال لبعض الذين قاموا بإطلاق هذه الشعارات المسيئة اثناء المظاهرات في الوقت الذي تقوم فيه الأجهزة الأمنية باعتقال كل شخص يعبر عن رأيه على الفيسبوك ضد السلطة أو ضد أي مسوؤل، فيما لم نشهد اعتقال او تحقيق لهؤلاء الذين كادوا أن يحدثوا فتنة مذهبية سنية شيعية وربما مسيحية – إسلامية، وهو ما يؤكد على أن هذه الأوراق يجري استخدامها سياسياً وتجري حمايتها”، مشيرا “بما ان حزب الله لم يذهب إلى معالجة الموضوع إلى النهاية هذا يعني أنه متورط في استخدام هذه الأوراق وسوف يستخدمها ربما في مراحل لاحقة عندما يحتاج الأمر، وهذا مصدر الخطر الذي يمكن أن يواجهنا أيضاً في المرحلة المقبلة”.

إقرأ أيضاً: علي الأمين يُعلّق حول توقيت التظاهرات المطالبة بنزع السلاح.. ما علاقة صندوق النقد؟

وعمّا إن كان العالم يترك لبنان وحيداً لمعالجة مسألة شديدة الاستعصاء و7 أيار الشهير كان سابقة في هذا المجال، قال الأمين: “لنعترف ونقر وبحسب وجهة نظري أقول أن هذا السلاح عندما كان يهدد إسرائيل كان له قيمة ويجب أن نعود كيف تم احتقار السلاح المقاومة من قبل حزب الله بقرار سوري وإيراني وتحويل المقاومة إلى ورقة سورية إيرانية على الحدود مع إسرائيل. وتبع “السلاح حظي بحماية دولية وإلى حد ما إقليمية عندما أثبتت وظيفته منذ عام 2006 تحديداً أصبحت وظيفته داخلية وبدأ هذا السلاح يقرر في اللعبة السياسية اللبنانية، وأيضاً عندما أصبحت وظيفته في الحرب السورية وفي مناطق أخرى ونحن ندرك الذين سقطوا لحزب الله في معارك سواء في لبنان أو باتجاهات غير إسرائيل وفي سوريا وفي مناطق أخرى يتفوقون على الذين سقطوا للكيان الإسرائيلي”.

ورأى الأمين ان “السلاح بدأ ينكشف عن وظيفته الحقيقية، فلو كان فعلاً وظيفته مواجهة إسرائيل فكل اللبنانيين ضد إسرائيل ولا أحد يزايد بهذا الأمر، لكن هذا السلاح أصبح يقرر في الوضع الداخل اللبناني، وبطبيعة الحال أصبح اللبنانيون في مواجهة هذا السلاح لأنه يحمي حكومة دياب ويحمي المحاصصة والفساد بروحية أن هناك توافق وما إلى ذلك”، وتابع “البلد ينهار ويتدمّر وحزب الله يصرّ على أن يحمي هذه المنظومة بذرائع شتى، ولذلك تقديري أن السلاح سيكون بمواجهة اللبنانيين، ففي حال أي تغيير الناس ستجد نفسها مجبرة على الاصطدام مع هذا السلاح وبالتالي قد يطول الأمر وقد يقصر لكن هذه الوضعية لا يمكن أن تستمر بمنطق الأمور”.

وختم الأمين: “إذا لم نصل إلى هذه المعضلة سواء بالدخول الجدي حول الاستراتيجية الدفاعية وان لا يكون هناك سلطتين في لبنان دولة ودويلة وثنائيات يحاولون تبريرها والتي أوصلت البلد اليوم إلى مأزق وبلد معزول يعاني من أزمة اقتصادية ومالية، يعاني من فساد وليس فقط منالضغط الخارجي”. وتباع “البعض يقول أن الضغوط الخارجية هي التي أدت بوضع اللبناني إلى الانهيار، لكن ثمة دور ايضا لحجم الفساد داخل لبنان علما ان السلاح كان يحمي هذه المعادلة لأسباب مختلفة، وهو الذي أوصل البلد إلى هذه الحالة ،وبالتالي الاستمرار بهذا الوضع يعني إما انهيار لبنان انتهائه تماماً أو الدخول في صراعات وفوضى عارمة ،وبالتالي المسألة ذاهبة بهذا الاتجاه لا مجال إعادة خروج لبنان من هذا المأزق من دون حل هذه المعضلة”.

السابق
فيلم جديد عن حياة الأميرة ديانا يروي قصة انفصالها!
التالي
الفساد والتبعية «ملحمة» لبنانية من الكنعانية إلى «الخمينية»!