بري «يطبخ» الانتخابات النيابية على «نار» درزية «خفيفة»!

بري جنبلاط ارسلان
بدا لافتاً اهتمام رئيس مجلس النواب نبيه بري بالمصالحة الدرزية التي جاءت بعد خلاف امتدَّ قرابة السنة على أثر تداعيات صراعات انتخابية أفرزتها الانتخابات النيابية الماضية سنة 2018 كانت حصيلتها حادثة قبرشمون الدموية والتي امتدت طولاً في الشارع الدرزي وتحصَّنت بالخلافات المتجذرة بين الرموز السياسية لطائفة الموحدين الدروز.

الطائفة الدرزية التي ما زالت تعاني انقساماً عامودياً ترتب على أثره وجود زعامتين دينيتين واحدة رسمية وأخرى شبه رسمية للطائفة الواحدة، واحدة معترف بها دستورياً وأخرى غير معترف بها دستورياً .. ولعلها المرة الأولى التي تشهد فيها طائفة الموحدين في لبنان منذ  وجود الكيان اللبناني على الخارطة الجغرافية منذ قرن من الزمن، لعلها المرة الأولى التي تشهد فيها الطائفة وجود زعامتين دينيتين بهذه الوضعية الحرجة في عرض واحد، وهذا إن دلَّ على شيء فإنما يدل على مدى تأثير الواقع والقرار السياسي في الواقع والقرار الديني في لبنان !

إقرأ أيضاً: بالصور: برّي عرّاب المصالحة بين جنبلاط وأرسلان.. ماذا عن دماء الضحايا؟

وليس وضع سائر الطوائف في لبنان أشفى حالاً مما عليه الموحدون الدروز في هذا الجانب، فبحكم كون الزعيم الديني الرسمي لكل طائفة موظفاً في الدولة اللبنانية ويتم تعيينه بقرار سياسي حكومي وبرلماني ورئاسي كان الزعماء الدينيون الرسميون مرتهنون للقرارت السياسية التي تارة يظهرون فيها أبطالاً وأخرى يظهرون فيها أتباعاً، وكل ذلك بحسب اختلاف المقتضيات الظرفية والمناخات السياسية والاجتماعية ، وبحسب تفاوت التمثيل الجماهيري والشعبي لمن يريد التصدِّي لمثل هذه المناصب من رموز الطوائف اللبنانية ..

قطع الطريق على تيارات جديدة

ومنطلق المصالحة التي اجتهد الرئيس بري لتحقيقها يتلخص في إحالة ملف حادثة قبرشمون للقضاء المختص، وإيجاد تقارب سياسي بين المكونات السياسية الدرزية لتشكيل قوة حليفة قوية في الشارع الدرزي يمكن استثمارها في الانتخابات النيابية المقبلة التي يُحتمل بل يتوقع بل قد يؤكد البعض من أنها قد تطيح برؤوس كبيرة من كل الاتجاهات بعد المتغيرات الميدانية التي فرضها الواقع الاقتصادي والنقدي والاجتماعي المحلي والإقليمي والدولي، خصوصاً ما جاء على وقع انتفاضة 17 تشرين وما تلاها من تحركات شعبية وتدخلات مُستجدَّة، تُنذر بولادة تيارات سياسية جديدة في أكثر من طائفة ومنطقة ودائرة انتخابية ..

منطلق المصالحة التي اجتهد الرئيس بري لتحقيقها يتلخص في إحالة ملف حادثة قبرشمون للقضاء وإيجاد تقارب سياسيلتشكيل قوة حليفة قوية في الشارع الدرزي يمكن استثمارها في الانتخابات النيابية المقبلة

ويظهر أن توحيد القوى السياسية الدرزية في رؤية الرئيس بري هو المدماك الأول في طريق الحديث عن قانون انتخاب جديد على أساس لبنان دائرة انتخابية واحدة على أساس النسبية، فالرئيس بري بدأ بحلحلة عُقد مشروع القانون الانتخابي من البوابة الدرزية، وهو قد يبدو مطمئناً للبيئة الشيعية بنسبة كبيرة ولكنه لا يُخفي مخاوفه من المفاجاءات التي قد تفرضها المتغيرات التي قد تأتي من شريحة من الوسط الشيعي ليس القرار السياسي بيديها في المرحلة الراهنة..

ويظهر – أيضاً – أن منطلقات هذا التحرك التوحيدي الذي فتح الرئيس بري بابه واستفتحه بتوحيد الموحدين سياسياً، يظهر أنه ينطلق من تحذيرات الرئيس بري لحلفائه في اللعبة السياسية من كون اختلافهم في الرأي وإبقائهم على التباعد السياسي قد يضعفهم ويخرجهم من اللعبة في مرحلة ما بعد الانتخابات المقبلة، سيما إذا تمكنت الحكومة الحالية من الصمود إلى زمن الانتخابات، مما سيشجع الرأي العام على خوض معركة التغيير بدعوى جدوى التجربة الحكومة الحالية التي تدعي انها تتبنَّى مطالب الحراك الشعبي المطلبي رغم كونها جاءت من رحم القوى السياسية التي انفجر الحراك في وجهها في انتفاضة 17 تشرين ..

فهل ستصمد المصالحة الدرزية لتحقق للرئيس بري مُنيته بتعزيز فرص قانون انتخابي جديد على أساس النسبية للبنان دائرة انتخابية واحدة ؟ وهل ستتمكن المصالحة من ضمان بقاء التحالفات القائمة لمرحلة ما بعد الانتخابات ؟ أم سيكون لرموز هذه المصالحة حظهم من كومة الرؤوس الكبيرة المتوقع أن تتقاعد عن العمل السياسي على وقع الانتخابات المقبلة ؟

السابق
حين يعلن رئيس «الإفساد».. الحرب على الفساد!
التالي
الأزمة الإقتصادية تابع.. ربع موظفي الجامعة الأميركية الى البطالة!