«غزوة» أبي جهل.. فرع لبنان!

الحراك الشعبي

يتعزّى ثوار لبنان المنكوب بين الأمم بين الفينة والأخرى بأحداث تجدد ثقتهم بأن إبلال كيان ما يسمى “دولتهم” من العناية الفائقة لا يزال ممكنًا على التأكيد، وبأن زوال معظم ما يُوهن ذلك الجسدَ الذي لا يزال شابًّا ويجعله طريحًا يكون بخطوة أساسية لا غناء عنها، ألا وهي استبدال مصل آخر بذاك الذي يسري في عروق “الفتى الممدَّد قسرًا” ويُمِدّه بأسباب السقم على الدوام، وأعني به “الطبقة السياسية”.

اقرأ أيضاً: كي لا تبقى الإنتصارات «تنذكر وما تنعاد»!

الثوار المخلصون

أحد هذه الأحداث ربما يكون مرَّ البارحة وتمثَّل في تمكُّن قوى الأمن الداخلي في “فتانا المريض” من توقيف قاتل راس مسقا بعد ساعة واحدة فقط من ارتكابه جريمته، فيعلم المواطن الثائر عندها أن إجراءات تطبيق العدالة الثلاثة (الوصول إلى المرتكِب أولًا والتحفّظ عليه ثانيًا ومحاكمته ثالثًا) هي في إمكان “فتانا” تأكيدًا، إلا إذا أقعده “مصل” الطبقة السياسية السام عنها جميعًا، كما حدث في جريمة اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، أو عن بعضها، كما في أحداث أخرى لا تعد ولا تحصى.

وصف أحد المفكرين في لقاء على “زوم” (ZOOM) معنا يومًا نبيه بري بأنه “شخص يظن بأنه لن يموت ويعمل على هذا الأساس”

وأمام الواقع المرّ الذي لم يستسلم له الثوار المخلصون، يعاني هؤلاء من “نكد” الاضطرار إلى التعايش مع “أوساخ” الطبقة السياسية، والذي تحدث عنه المتنبي في بيته الشهير الذي غدا حكمةً “ومن نَكَدِ الدّنْيا على الحُرّ أنْ يَرَى *** عَدُوّاً لَهُ ما من صَداقَتِهِ بُدُّ”، وقد عاينوا بعض هذا النكد أمس الجمعة، حين تعرّض متظاهرون سلميون في محيط قصر عين التينة للضرب وتكسير السيارات، كما ظهر في الفيديو الحيّ الذي نشره الناشط في الثورة نضال الجردي وأظهر تعرض 5 سيارات لمعتصمين على الأقل للتكسير في محيط قصر عين التينة ظهر الجمعة من قبل حرس مجلس النواب، في حين أفادت فتاة جريح في يدها أن الجيش اشترك في الاعتداء أيضًا، وسط مطالبات بحضور وزير الداخلية محمد فهمي إلى مكان الاعتداء لتوضيح هوية المعتدين ولأي فرع في قوى الأمن يتبعون، في وقت كانت أصوات من خارج الكادر تقول إن “الاستقصاء” اشتركوا أيضًا في “الهجوم”.

اقرأ أيضاً: العهد والحكومة و«الثنائي».. «فيض» من المعجزات والمؤامرات!

أبو جهل

“باسل ومغوار أنت يا أبا جهل. وكيف لا، وأنت تهاجم أناسًا بلا سلاح”، عبارة تهكمية قفزت إلى رأسي من فيلم “الرسالة” لمصطفى العقاد، قالها حمزة بن عبد المطلب وكان لا يزال على عبادة الأصنام لأبي جهل حين كان يعتدي على المسلمين المستضعفين في مكة، ما أثار الحمية في نفسه وكان سببًا في إسلامه، وبدوري أقول: باسل ومغوار أنت يا برّي، وكيف لا وأنت تخاف أشخاصًا معدودين على أصابع اليد يقفون بمنأى من قصر إقامتك الرسمي الشامخ الذي انتقلت إليه من شقة متواضعة في شارع بربور على جثث شباب “المرابطون” وأبناء بيروت وجثث شباب أمل في معارك الزواريب والمخيمات و”إقليم التفاح” وغيرهم كثير. وصف أحد المفكرين في لقاء على “زوم” (ZOOM) معنا يومًا نبيه بري بأنه “شخص يظن بأنه لن يموت ويعمل على هذا الأساس”، ونحن تعاطفًا مع نضال الجردي وزملائه وكل الثوار نقول “كلنا ثورة”، وسيسقط الظالمون كما سقط أبو جهل.

السابق
بعد تحركات احتجاجية واعتراضات.. مالك الشعار يعتذر عن تجديد ولايته مفتياً لطرابلس والشمال
التالي
فضيحة برلمانية تسلب القضاء رفع السرية المصرفية.. أنطوان سعد لـ«جنوبية»: الفاسد لا يحاسب نفسه!