واشنطن تكشف الأوراق.. هكذا تفكر روسيا حيال الأسد!

بشار الأسد روسيا

هل تخلت موسكو عن الأسد؟ سؤال بات يطرح بشكل كبير في الأوساط الأميركية مؤخراً، والذي يكشف عن تحول السياسة الأميركية إلى تقييم الوضع الروسي بعد خمس سنوات على التدخل العسكري الروسي في سوريا، والذي أدى إلى نتائج كارثية على المعارضة السورية والبنية التحتية وساهم في تمكين الميليشات المقاتلة إلى جنب النظام من تحقيق مصالحها على امتداد الجغرافيا السورية.

في هذا الإطار، أصدر مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية “سي.أس.آي.أس” تقريره السنوي المتعلق ببرنامج “مشروع التهديدات الدولية”، والذي جاء تحت عنوان “حرب موسكو في سوريا”. وتضمن التقرير، الذي احتوى على 116 صفحة، تحليلا لمسار التدخل الروسي في سوريا منذ عام 2015، أكد فيه أن الرئيس فلاديمير بوتين حقق أهدافه السياسية والعسكرية “القصيرة الأمد فقط” في دمشق، وذلك من خلال “تفادي سقوط نظام الأسد” وإفشال محاولة الولايات المتحدة إطاحته.

دروس موسكو في سوريا كثيرة فشوكة القيصر انكسرت خاصة مع الإبقاء على تواجد عسكري “خفيف” على الأرض، وهذا ما شكل تطوّر لافت في تاريخ الاستراتيجيات العسكرية الروسية. فموسكو، التي اعتادت دوماً على الدفع بآلتها العسكرية الكبيرة، اعتمدت هذه المرّة في نزاعها بسوريا على سلاح الجوّ وتحديدا على الطائرات من دون طيار إضافة الى وحدات عسكرية ومدنية، حيث جزء صغير منها تابع للقوات الخاصة.

إقرأ أيضاً: إيران وسوريا يعلقان بين «كماشة» إسرائيل وروسيا!

في حين أِشار التقرير إلى أن أهداف موسكو النهائية في سوريا غير واضحة وأن المسار التكتيكي الذي سلكته يظهر عدم رغبتها في دفع المزيد من التكاليف في سوريا، خاصة أنها جربت كافة أنواع الأسلحة واستعرضت قواها العسكرية ورغم ذلك لم تتمكن من إعادة هيكلة النظام وتأمين الشرعية الدولية التي تضمن لروسيا صورة براقة لتدخلها العسكري في سوريا أمام العالم.

بالمقابل أشار التقرير إلى اعتماد موسكو في معاركها الميدانية على عنصر “المتعاقدين العسكريين المدنيين” مثل “مجموعة ڤاغنر” الروسية الخاصة، ومجموعات مسلحة تابعة لـ “نمور القوات السورية” و”حزب الله” اللبناني وميليشيات من العراق وباكستان وأفغانستان ودولٍ أخرى، وهذه كلها شكلت استراتيجية حالت دون تكبّد القوات الروسية خسائر بشرية فادحة.

فمن ناحية نجحت موسكو نجحت في إنقاذ عديدها البشري، إلا أنها فشلت في تهدئة الحرب الأهلية وفي جعل مكاسب الأسد الحربية غير قابلة للتبدّل في المستقبل القريب. في حين تعرضت الحملة العسكرية الروسية وخصوصًا في ما يتعلق بمنطقة إدلب (شمال غرب سوريا) إلى مرحلة من التوقف التكتيكي نظرا إلى العوائق التي تعترضها.

ورغم أن العديد من الأوساط السياسة الأمريكية يعلمون أن بقاء الأسد أو عدمه غير ضروري لتحقيق موسكو أهدافها داخل سوريا وفي المنطقة، خاصة مع امتلاك موسمو صداقات ومصالح مع إسرائيل ومع تركيا، على الرغم من أن العلاقة مع الأخيرة غير جيّدة. في حين تبدو الاستراتيجية العسكرية القادمة لروسيا تقوم على عمليات المراقبة والرصد وجمع المعلومات بدلا من التورط المباشر.

فالقوات الروسية على الأرض داخل سوريا تضطر للتعامل مع ميلشيات مسلحة مثل “حزب الله”، ضمن علاقة موقتة وآنية وغير مستقرة قد تفضي إلى قطع موسكو أواصر هذه العلاقة إذا ما حصل اتفاق دولي على شكل المستقبل السياسي في سوريا .

إضافة إلى أن موسكو تدرك جيدا أن سمعة الجيش الروسي في الداخل وفي العالم هي على المحك من خلال التنسيق مع جماعات متهمة دوليا بالإرهاب، ما يعني أن موسكو أمام خيارين إلا الاحتفاظ بالأسد والعلاقة مع الميليشيات المرتبطة بنظامه ودفع ذلك بسمعتها عالمياً إلى الحضيض أكثر، أو حسم موضوع التخلي عن الأسد بعد اتفاق الأطراف المتورطة في النزاع على ذلك وحفظ روسيا ماء وجهها لمرحلة ما بعد الأسد.

السابق
زيارة غير ذات صفة لعقيلة دياب.. وتصريحات مستنكرة تستفز اللبنانيين!
التالي
جديد فضيحة التلاعب بالدولار.. هيئة تحقيق خاصة في المركزي ورفع السرية المصرفية عن عمليات حمدان!