صراع الأخوين الحريري.. ما بين السُلطة والمال!

سعد وبهاء الحريري

بعد التوتر الذي عصف بالعلاقة بين الشقيقين بهاء وسعد الحريري وتمثل برد من مكتب بهاء الإعلامي ورد مُضاد من نواب تيار المستقبل، كتب غسان صليبي على صفحته على “فايسبوك” مقالاً فنّد فيه العلاقة بين الشقيقين قائلاً:” يستغرب المرء حماسة بهاء الحريري للانضمام الى شلة الزعماء في لبنان في زمن الانهيار والانحطاط على كافة المستويات، وعجز السلطة عن تقديم اية معالجات.فما الذي يجعل من رجل اعمال ناجح، ان يقرر الغرق في وحول السياسة اللبنانية في ظرف يتعرض فيه جميع الزعماء السياسيين الى هجاء وشتم من قبل الشعب”؟

أضاف: “كُتِب الكثير عن العلاقة بين السلطة والمال. فالمال عامل اساسي في الوصول الى السلطة، عبر الخدمات والاعلام والعلاقات والرشوة وغيرها. والسلطة اقصر الطرق واضمنها للإستيلاء على منابع المال، عبر شرعنة السرقة والتسلط من جهة، وحمايتهما امنيا وقضائيا من جهة ثانية. والتجربة اللبنانية غنية بالأمثلة، حول علاقة الشرّين.لكن بعض الناس يفضلون مراكمة المال، وبعضهم الآخر تستهويهم أكثر ممارسة السلطة. هذا ما كان يقال مثلا عن الأخوين الرئيسين امين وبشير الجميل. فالاول أُتهم بحبه للمال فيما أُتهم الثاني بحبه للسلطة. وقد استلم الاول السلطة بعد مقتل الثاني”.

إقرأ أيضاً: ردٌّ قاسٍ من «المستقبل» على بهاء الحريري: لم تشاركنا قراءة الفاتحة عن روح والدك.. أين كنت؟!

ولفت صليبي الى أنه “يبقى ان القسم الأكبر من المتمولين يسعون للاستحواذ على المال والسلطة معا، والحفاظ عليهما.توزيع الادوار بين الرئيس سعد الحريري وأخيه بهاء، بعد مقتل والدهما رفيق الحريري، قام على اساس تركيز الاول على السلطة والثاني على جمع الاموال.يبدو ان الامور تبدلت، بعد صعوبات سعد الحريري المالية، وهزائمه السياسية. فسعد بات يفتقد الى المال لكنه لا زال يحتفظ بالزعامة. في حين ان بهاء يملك المال لكنه يفتقد للزعامة.فقرر الأخ الأكبر إزاحة اخيه عن زعامة السنة، واضعا امكانياته المالية وعلاقاته الدولية والاقليمية في خدمة طموحه السياسي. هل يهجس بهاء الحريري بممارسة السلطة”؟

أضاف: “لا تبدو السلطة اليوم في لبنان مصدرا امينا لتكديس الاموال، في ظل الشح المالي. الا إذا اعتبر البعض ان الوجود في السلطة، يحجز له مكانا مميزا عندما يحين الوقت لشراء اصول الدولة لسد العجز ودفع الديون. او عندما يحين الوقت لتنفيذ مشاريع “سيدر” او غيرها، إذا نفذت.اما الوصول الى السلطة من اجل السلطة، فالأمر مستبعد في الظروف الحالية.فهذا يتطلب مسبقا إطاحة الأخ الكبير بالأخ الاصغر. وليس امام بهاء الحريري من اجل اضعاف خصمه واستقطاب الشارع السني، سوى رفع سقف المواجهة ضد حزب الله. وقد ذهب فعلا بهذا الاتجاه من خلال مضمون بياناته. لكن مشكلة بهاء الحريري ان حزب الله هو السلطة الفعلية اليوم وحارسها الامين، والمقرر الاول بشأن الدخول الى جنتها والخروج منها”.

وقال صليبي: “على الارجح، ان لا المال ولا السلطة هما ما يدفعان ببهاء الحريري الى الحلول محل أخيه سعد. لذا اعتقد بأن ما يجذب بهاء الحريري أكثر هي الزعامة، على الاقل في هذه المرحلة.والزعامة في لبنان هي اشبه برعاية القطيع. فالزعيم هو الراعي والاتباع هم القطيع. ومن مسؤولية الراعي هداية القطيع الى حيث يجب ان يذهب لتأمين احتياجاته. لكن الراعي يحتاج دائما الى راعٍ اقليمي، ذات مرجعية مالية ودينية تشبع القطيع من جهة وتقنعه بأحقية قضيته من جهة أخرى، هذه القضية التي يرفع لواءها الزعيم. وهذا ما يحرص على تأمينه اليوم الأخَوان اللدودان، من خلال اتصالاتهما الاقليمية”.

ولفت الى أنه “صحيح ان الزعامة تسعد صاحبها في الظروف العادية وتجلب معها العظمة والجاه وما يتنج عنهما من “حقوق” يستأثر بها الزعيم على حساب الآخرين. وصحيح أيضا ان الزعامة تضفي شيئا من البهاء على الزعيم امام اتباعه حتى ولو كان قبيحا. لكن الزعامة وبدون ادنى شك، هي مضنية اليوم، وقد تؤدي الى متاعب جمة يواجهها الزعيم.لذلك إن الإنجذاب اليها، في الوضع اللبناني الحالي، يحتاج الى دوافع إضافية. وبحسب آعتقادي ان الدافع الاقوى عند بهاء الحريري هو دافع الوراثة، وراثة الزعامة من أبيه الرئيس رفيق الحريري. سيما ان رفيق الحريري جاء أيضا من عالم المال الى عالم السياسة. وبهذا يكون بهاء قد اتبع خطى أبيه”.

أضاف: “أوليست الزعامة في لبنان وراثية؟ لماذا على بهاء الحريري ان يشكل استثناءً وهو الأخ الأكبر؟ أليس رفض تولي الزعامة هو تنكر للقيم العائلية المقدسة وتقصير في القيام بالواجب؟ الا يكفي انه تخلى عن هذه المسؤولية منذ خمسة عشر سنة، وربما قيل عنه في حينه انه لم يكن جديرا بها ولا قادرا عليها؟ لا شك ان الزعامة بالنسبة لبهاء الحريري تلبي حاجة نفسية عميقة، مؤلمة ومزمنة.ليس معروفا بعد كيف سينتهي صراع الأخوين اللدودين. ولمن ستكون الكلمة الفصل في حسم الموضوع: للجمهور السني ام للراعي الإقليمي؟ وهل سيبقى الصراع في اطاره السلمي، على عكس الصراع الدامي بين الإخوة في التاريخ العربي الاسلامي”؟

وختم: “هناك طرف ثالث له دوره ويجب عدم إغفاله، وهو على تواصل مباشر مع الجمهور ومع الراعي الإقليمي. فلطالما جرى الحديث في الأحزاب عن الحرس القديم، اي عن فريق الصف الثاني المؤلف من العقائديين والنواب والوزراء وزعماء المناطق. وهؤلاء لا يحرسون الزعيم بقدر ما يحرسون “القضية”. و”القضية” هي مصلحة السنّة وموقعهم في التركيبة اللبنانية. وحرص الحرس القديم على “القضية”، هو من حرصهم على مواقعهم، التي حصلوا عليها من خلال ترويجهم لهذه “القضية”. لا يهمني على الاطلاق من سينتصر في معركة الأخوين. فلا سعد الزعامة ولا بهاؤها هما ما يشغلني، بل كيفية تحرير الزعامة من عنصري الوراثة والمال. أي عمليا التخلص من مفهوم الزعامة من اساسه، وتحوّل شعبي اللبناني، من مجموعات قطعان، الى جماعة من المواطنين المستقلين الاحرار”.

السابق
تخزين وإنتاج الطاقة الكهربائية من خلال الرمال!
التالي
«المبادرة الوطنية» تثمّن كلام غوتيريش.. حزب الله «مُرشد» المفاوضات مع صندوق النقد!