«فضيحة» محفوظ الإلكترونية..«جنوبية» تنتقد الرئاسة و الحكومة!

عبد الهادي محفوظ في مؤتمره
تجاوز رئيس المجلس الوطني للاعلام عبد الهادي محفوظ، كل الخطوط الحمر في مجال حرية الاعلام والتعبير ليؤكد ان في قاموسه الجديد بات إنتقاد "جنوبية" للرئاسة والحكومة تهمة وجريمة مدانة!

في قاموس وأدبيات رئيس المجلس الوطني للاعلام الممد له مع المجلس عبد الهادي محفوظ، وعلى روزنامة ثورة الجياع، بات إنتقاد “جنوبية” للعهد والحكومة والإنحياز الى صوت الناس والشارع، تهمة وجريمة تستوجب التقريع والانذار والتلويح بتحويل الامر الى جرائم المعلوماتية متناسياً ان اوكسيجين لبنان هو الحرية الاعلامية ومساحة الاختلاف مكفولة بالدستور مع حرية التعبير والادلاء بالرأي، ولكن يبدو ان محفوظ يستعيد مشهد “المكتب الثاني” الشهابي عندما كان رجل المخابرات يحدد المانشيتات والعناوين والمضامين للصحف العريقة وقتها!    

ملاحقة معارضي لعهد!

الحنين الى زمن الاحتلال السوري ومشهد تدميم الاعلام وتأميمه يدور في بال محفوظ اذ تلا امس تقريراً اسماه الرصد الاعلامي ويستشف من الكلام الحرفي لمحفوظ في تقريره ان من اليوم وصاعداً كل معارض للعهد هو ملاحق بتهمة الانتماء للشعب وخياراته ضد السلطة الفاسدة و”جنوبية” في صدارة من يُقلق محفوظ على سلامة الحكومة وديمومتها.

وجاء حرفياً في مداخلة محفوظ :” وبالنسبة للمواقع الإلكترونية، فقد تضمنت العديد من المقالات التي تدعو إلى عودة “الثورة” إلى الشارع من باب انتقاد ارتفاع سعر الدولار وغلاء أسعار السلع الإستهلاكية. وتبين أن بعض المواقع وتحديدا جنوبية والمدن شنت حملات مناهضة للحكومة وللرئاسة الأولى، مبنية على تحليلات تم تظهيرها للمتابع والقارئ على أنها حقائق واقعية، وكأن الأزمة المالية والإقتصادية والنقدية هي وليدة البارحة، وكأن المسؤول عنها هو هذه الحكومة بالذات. ومن جهة أخرى، يتبين أن بعض المواقع تقوم بحملة ممنهجة على الحكومة عبر اتهامها بأنها مدعومة، لا بل تقاد، من بعض الأحزاب السياسية على الساحة اللبنانية وعلى رأسها “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” (موقع الجنوبية والمدن)”.

اين وزيرة الاعلام والنقابتين؟

تصنيف محفوظ المواقع بين موال ومعارض وبين مطيع ومشاكس لم يتوقف عند حد التهويل والتخوين والتهديد بل يتماشى مع خطة متكاملة لوضع اليد على صلاحية وزارة الاعلام ونقابتي المحررين والصحافة وهذا لا يتم الا من خلال اليد القاهرة التي تبقيه في المجلس الا وهو “حركة امل” والرئيس نبيه بري.

رغم اعتراض وزيرة الاعلام ونقابتي المحررين والصحافة على أداء محفوظ وتجاوزاته لصلاحياته لم يجرأ احد على وضعه عند حده!

ورغم ان وزيرة الاعلام  منال عبد الصمد كانت تدخلت لدى وزير الداخلية ليسمح خلال “التعبئة العامة” للعاملين في المواقع الالكترونية بالتجول وفق بطاقات صادرة عن المجلس ابدت نقابة المحررين اعتراضها على ما يقوم به محفوظ اعلامياً وببيانات وباتصالات شملت محمد فهمي وعبد الصمد. ولكنها تبقى قاصرة ومكبلة وحتى الساعة لم يوقف محفوظ عند حده ووقف تجاوزاته التي بات لا تعد وتحصى وكل ما يقترفه محفوظ مرتبط بحجم المظلة السياسية الخضراء التي تحميه اليوم ليكون لبري حصة ايضاَ في النقابات عبر خلق نقابة للمواقع الالكترونية بالقوة ولضبطها ووضعها تحت التصرف بالشكل والمضمون.  

صرخة اعلامية في وجه محفوظ

وصباح امس لم يتوقع محفوظ ان يتحول الاجتماع المفخخ الذي دعا اليه وأصر فيه على جمع اصحاب المواقع في كل لبنان تحت حجة ان اللجنة الموقتة للمواقع هي من طلبت الاجتماع به والتشاور وللبت في بعض المواقع التي تغرد خارج السرب، الى جلسة ادانة ومساءلة له يتوقع ان يتحول  الى مساءلة له والى دعوة لاعادة النظر بكل ما يقوم به.

موقعا “العهد” و”الزهراني” اعترضا على ما يسمى باللجنة الموقتة للمواقع واعتبرا مع غالبية الحاضرين ان تهميش الآخرين خطير وطالبوا بتوسيعها او حلها

ومن المفارقات ان اول الاصوات المعترضة على اداء محفوظ وخصوصاً اللجنة الموقته التي يتلطى وراءها محفوظ و9 اشخاص محسوبين عليه، كانت لموقع “العهد” والذي يمثل صوت “حزب الله” الالكتروني على طريقة تأليف “اللجنة الموقتة” والتي هرّبت تحت ستار “كورونا” وتجتمع هنا وهناك وتقرر في عتمة ليل وتذهب صباحاً الى المجلس الوطني بمشهدية مسرحية للقول ان محفوظ والمجلس الوطني للاعلام يعمل من ضمن صلاحياته.

ولم يكتف غالبية الحاضرين بإعادة النظر باللجنة بل طالب صاحب موقع “الزهراني” بحلها وتشكيلها من جديد وهي تعمل في الخفاء وهي التي ألفت على عجل وينتمي ثلثا اعضائها  الى “الثنائي الشيعي” او محسوبون عليه. وهدفها تطويع المواقع وتدجينها والتهويل عليها والتلميح بسحب العلم والخبر. وهذا العلم والخبر الذي يصفه نقيب اعلامي بارز بورقة الالف ليرة.  

تجاوز للصلاحيات

ومعلوم ان صلاحيات المجلس الوطني للاعلام محصورة في المرئي والمسموع  ووفق قانون العام 1994 بينما تخضع الصحف  لقانون المطبوعات بينما المواقع الالكترونية فهناك جدلية في وضعها لا سيما ان لا قانوناً واضحاً ينظم عملها بينما يتذرع محفوظ بجملة في القانون  94/382 الذي “يعتبر كل إشارة صوتية او ضوئية لا تحمل طابع المراسلة الخاصة، اعلاما مرئيا ومسموعا وهذا ما ينطبق على الاعلام المرئي والمسموع وبالتالي هي خاضعة لسلطة المجلس الوطني للإعلام”.

وبعد الجدال الاخير حول ترويج محفوظ وهو اللجنة التي عينها انه ينوي تأسيس نقابة للموقع بعد ان كان قام منذ 9 سنوات بمنح علم وخبر للمواقع ولمحاولة وضع اليد عليها ومراقبتها رغم ان الامر ليس من صلاحياته وفق ما أكدت نقابتا المحررين والصحافة اخيراً فتفريخ نقابة رابعة اعلامية هدفها طائفي ومذهبي اي ان يكون للشيعة ايضاً نقابة اعلامية على غرار نقابة العاملين في المرئي والمسموع  والمحررين والصحافة.

تكميم الافواه

الا ان تجاوزات محفوظ القانونية والاعلامية لم تتوقف في كل ما سبق بل عاد الى عهد الشعبة الثانية عندما كان ينزل ضابط مخابرات الى الصحف ويراقب العناوين ومضمونها ويمنع كل ما لا يتلاءم مع العهد الشهابي. ويبدو ان محفوظ  يحن الى ايام الشهابية والمخابرات اللحودية والسورية!

إقرأ أيضاً: «حوت» الدولار يفترس ليرة اللبنانيين..و «حزب الله» يتحايل بحفنة حصص!

ولعل اخطر ما قاله محفوظ خلال الاجتماع امس هو بيان مكتوب تلاه وقال فيه :”تبين أن بعض المواقع وتحديدا جنوبية والمدن شنت حملات مناهضة للحكومة وللرئاسة الأولى، مبنية على تحليلات تم تظهيرها للمتابع والقارئ على أنها حقائق واقعية، وكأن الأزمة المالية والإقتصادية والنقدية هي وليدة البارحة، وكأن المسؤول عنها هو هذه الحكومة بالذات. ومن جهة أخرى، يتبين أن بعض المواقع تقوم بحملة ممنهجة على الحكومة عبر اتهامها بأنها مدعومة، لا بل تقاد، من بعض الأحزاب السياسية على الساحة اللبنانية وعلى رأسها “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” (موقع الجنوبية والمدن).

عاصفة ردود

هذا الكلام من محفوظ اثار عاصفة ردود في القاعة حيث تدخل اكثر من 4 اصحاب مواقع للقول له انتبه لما تقوله فقانون المطبوعات يسمح بالتعبير عن الرأي والحريات العامة لا يمكن تدجينها وان معارضة الحكومة والعهد وانتقاداداءهما وحتى السعي الى اسقاطهما في الشارع وبحركة مدنية سلمية ليست تهمة او نقيصة بل هي مفخرة وتؤكد ان الشعب اللبناني حي.

وبعد ان ادرك محفوظ خطورة ما قاله انسحب مسرعاً وجمع 4 او 5 اعضاء من فريقه المسمى اللجنة الموقتة في مكتبه ومن ثم الترويج لعقد اجتماع موسع آخر.

محاولة ترهيب المواقع وتخويفها تارة بسحب العلم والخبر واخرى بتحويلها الى قسم المعلوماتية والجرائم الفكرية ليس الا توجه هابط من مكان ما عليه لتنفيذه ولو لم يعترض احد عليه لكان مر مرور الكرام.  ومفاده ممنوع ان ينتقد “جنوبية” حزب الله وممنوع ان يعارض العهد وممنوع ان يدعم الثورة وممنوع عليه ان يضيء على بؤر “كورونا” والمطلوب ان تكون المواقع مجرد ديكور لاجتماعات محفوظ لتعويم نفسه وتعزيز دوره قبل المطالبة بتمديد له ومن معه مرة اخرى فمن الضروري البحث دائماً عن دور ولو كان كل الاعلام ضده من الوزيرة الى كل النقابات التاريخية والتقليدية!

السابق
«حوت» الدولار يفترس ليرة اللبنانيين..و «حزب الله» يتحايل بحفنة حصص!
التالي
المجلس الوطني للإعلام هل يقونن المواقع الإلكترونية أم يريد «تطويعها» سياسياً؟