رياض عيسى لـ«جنوبية»: الشارع على موعد مع تحرّكات ضاغطة غير مسبوقة

رياض عيسى
ناشط مدني وسياسي، مستشار وخبير في قضايا المجتمع المدني والديموقراطية والإنتخابات، مستشار ومدرّب في الإدارة والتنمية البشرية والمهارات الحياتية، إنه الناشط رياض عيسى.

يتحدّث عيسى لـ”جنوبية”، فيقول ردا على سؤال حول عودة الحراك، إن “موضوع الغلاء ليس بجديد، وكذلك عدم قدرة الناس على التحمّل، فهو موضوع قديم جدا، فالحد الأدنى للأجر غير كاف للعيش بكرامة في لبنان، والسلطة لا تحافظ على كرامة الانسان، بل تجعل المواطنين محتاجين للمساعدات من أي طرف من الطبقة السياسية التي جعلت من المواطنين أشخاصا يستعطون الخدمة ولقمة العيش، إذ ربطت لقمة العيش بها من خلال الانتخابات. وقد تحوّل اللبناني إلى شخص يعيش على خدمات تقدّمها بعض القوى رغم أنها قليلة، وربطته بزعيمه بسبب مساعدات الطبابة والتعليم والوظيفة، وإن كانت هي حق مكتسب”.

اقرأ أيضاً: عباس زكي إسماعيل لـ«جنوبية»: السلطة إستغلت الوباء للحدّ من الحراك

رهينة الزعيم

ويشدد بالقول “الشعب اللبناني غير قادر على التحمّل، لكنه واقع بين خيارين: إذا تحرّك قد يخسر وظيفته لأن هناك من يمسكه كونه يعمل عند صاحب عمل لا يرحم، أو عند زعيم سياسيّ ربطه به، هو رهينة الزعيم ورهن إشارته، لذا لا ينزل المواطن إلى الشارع للمطالبة بحقوقه”. ويشرح بالقول إن “الحركة العماليّة مفككة، والسلطة السياسية أمسكتها ووضعت اليد عليها بعد أن كانت تقفل البلد، وباتت النقابات شبه وهمية وطائفية وسياسية، ولا ينتسب أكثر من 5% من العمال إليها. ومن الصعب أن يتحرك المواطنون من تلقاء أنفسهم، إلاعن طريق الحراك الشبابي الذي حصل في 17 تشرين”.

الطبقة الحاكمة الفت حكومة “مستشارين” سياسية بإمتياز 

اللبناني ينتظر المساعدات

ويكمل بالقول “الشعب اليوم لا يمكنه الصمود، بل غير قادر على الصمود، وهو موعود بمساعدات عبارة عن 400 ألف ليرة من وزارة الشؤون الإجتماعية، والفقراء ينتظرون المساعدة من هذا الحزب أو ذاك. وبرأيي سينفجر الشارع والناس ستجوع، وسيكون هناك تحركات ضاغطة لم يسبق للبنان أن رأى لها مثيلا”. ويرى أن “اللبناني لم ينزل إلى الآن إلى الساحات لأنه إلى اليوم لم يقتنع أن هذه الطبقة السياسية غير قادرة على اخراجه من النفق، وهو يراهن على الحكومة  ويعتبرها حكومة إنقاذ. فالزعماء يأمنّون غطاءً سياسياً لها، لذا ستكون التحركات محدودة وفي مناطق معينة ومن خلال شد العصب الطائفي، وسيتحركون وفق رغبة الزعيم”.

الكورونا خدمت السلطة

وينبّه إلى أنه “شئنا أم أبينا الكورونا خدمت السلطة لأنها أبعدت اللبنانيين إلى بيوتهم، وهي خدمة العمر، فهناك شريحة كبيرة من المواطنين ملتزمين بالحجر، ولا يثقون بقدرة الحكومة على تأمين الطبابة في حال أصيبوا بالفيروس، وكل ما نراه ليس إلا تمثيلية لأن لا أعداد الفحص كافية، ولا النشاطات التي تقوم بها الوزارات مظبوطة لأنه لا تعبئة عامة حقيقية، والحركة في الشارع شبه طبيعية في بعض الأماكن، ولعبة “مفرد – مجوز” لا تقدّم ولا تؤخر. لذا يجب إلزام الناس ببيوتها، وإلا الناس ستكون أمام خيارين: إما الموت الكورونا أو الموت جوعا”. ويردف “أمام هذا الواقع الناس ستنزل إلى الشارع، وقد شهدنا عدم الإلتزام بالتعبئة، لكن الحراك ابتكر طرقاً جديدة، لحماية أنفسهم، وقد حاول البعض حرق أنفسهم، والإعتصام أمام المصارف، فهم يبحثون عن طرق جديدة، ويعملون على تنظيم صفوفهم أكثر، وفي أية لحظة ستشهد الشوارع حشوداً كبيرة”.

150 ألف لبناني فقدوا أعمالهم

ويصف الوضع الاقتصادي، بالقول “الحرمان والفقر يضرب كل المناطق، والناس تحاول جاهدة لأن تتخطى هذه الأزمة، فالناس في القرى عادت إلى الزراعة لتأمين قُوتها، وتأمين الحد الأدنى من المونة، بالمقابل لم نلحظ أيّ تحرك لوزارة الزراعة أو وزارة الشؤون الإجتماعية. وثمة عدد كبير من المواطنين، بما يزيد عن 150ألف لبناني، قد فقدوا أعمالهم وهناك أعداد موازية تقبض نصف راتب، أما المياومين الذين فقدوا اعمالهم فهم ما بين 25 إلى 30 % بطالة، لذا سيعيش  ما نسبته 60 إلى 70% من اللبنانيين تحت خط الفقر ما لم تبادرالسلطات إلى إتخاذ اجراءات مُعينة. والطبقة الفقيرة ستكون بحاجة ماسّة لأيّ دعم. وما يساعد أن المجتمع اللبناني يتضامن مع نفسه، وهذا ليس بغريب حيث نشهد حركة تبرعات في القرى وعبر البلديات أو عبر الجمعيات”. ويعلن أن “الحراك حقق إنجازات كبيرة، و منذ 6 أشهرإلى اليوم، وأثبت أنه طرف أساسيّ على الساحة، إذ فرض أجندة على الحكومة الحاليّة والتي ستليها، فهي مضطرة لتحقيق مطالب الثورة. وقد شهدنا أعداد المشاركين التي كانت ترتفع وتنخفض بحسب الأوضاع السياسيّة، والبعض ظن أنه باستقالة سعد الحريري تحققت المطالب، والبعض الآخر ما زال يطالب بإصلاحات إقتصادية، وسنكمل المطالبة بإنتخابات مبكّرة. والبعض قال لنعطِ فرصة لحكومة حسان دياب”.

الجميع إلى الشارع

ويكشف أن “الآخر اعتبر أن هذه الحكومة تحمل صفات الإستقلالية والتكنوقراط. لكن تبيّن أن هذه الحكومة هي أعجز من أن تقدّم حلولاً اقتصادية وبرامجَ وخططا إنقاذية، وكل من كان بالحراك صار مقتنعاً أن الحلّ هو بتقصير ولاية مجلس النواب لأنه شريك في السلطة، ويؤّمن لها الغطاء، وهي حكومة سياسية بإمتياز لأن الوزراء الحاليين هم مستشارون سابقون للسياسيين. واليوم إقتنع اللبنانيون أن التغيير يجب أن يكون جذريّاً، وكانوا سابقا خائفين من التغيير، ولن نعجزعن ايجاد حلول وأفكار للتحركات، وستشهد المرحلة المقبلة تحركات، وسينزل الناس زحفا بسبب الغلاء، ومن كان لا زال يعبّر عن غضبه ضد الطبقة السياسية من داخل منزله سينزل إلى الشارع، خاصة أن صغار المودعين أحسّوا أن المصرف سيأخذ أمواله، وأن هذه الأموال لن تمكنّه من شراء حاجته لإسبوع، فحكماً سيتحرك الشارع. وأخشى إرتفاع معدل الجريمة والسرقة لأنه ستزيد بسبب الغلاء والجوع”.

نحو  70% من اللبنانيين تحت خط الفقر

الحاجة إلى قضاء مستقل

ويستدرك أن “الثوار اليوم ينظمّون أنفسهم ويعملون ضمن حركات سياسية ستبرز وستنشأ أحزاب جديدة ومعارضات جديدة، وهم يضعون خططا، وينظمون صفوفهم بشكل كبير جداً، وخططاً إنقاذية من قبل اختصاصيين لو استعانت الحكومة بهم لكانت وفرّت الكثير من الوقت، وللأسف الحكومات تتبع سياسة إلغاء الآخر وتضرب بعُرض الحائط كل الاقتراحات والحلول التي قدّمها الحراك. ونحن ما زلنا بحاجة إلى قضاء مستقل حتى يحاسب الفاسدين، والذين ساعدوا بتهريب الأموال الى الخارج والسرقة. ونحن ذاهبون إلى مرحلة جديدة مفترض ان يكون الشعب اللبناني قد وعيّ بما يكفي إلا إننا سنواجه رجال دين وسياسيين، وسيستخدمون كل الوسائل لأنهم يملكون المال والقدرات في محاولة للمحافظة على جذورهم وليقنعوا المواطنين أن الثورة هي خراب وفراغ وخطرعلى لبنان”.

اقرأ أيضاً: أحمد مطر لـ«جنوبية»: لإستقطاب الجمهور الحزبي الخارج من السلطة

ضد الطبقة السياسية

ويختم الناشط  عيسى، قائلاً “باختصار عندما قررنا النزول إلى الشارع والقيام بالثورة كان لنا أسبابنا، واليوم زادت هذه الأسباب. وإذا كان هناك سبب، فقد صار لدينا اليوم 300 سبب للنزول إلى الساحات. وطبعا إذا نوينا القيام بالثورة فليس هناك نصف ثورة، بل ثورة كاملة، وبذلك النظام الأمني سينقّض علينا، وسيستفرد بنا. وهناك محاولة لإجهاض الثورة التي قامت ضد الفساد والفاسدين، ضد الطبقة السياسية. ونحن نحمل شعار “كلنّ يعني كلنّ” لأنهم جميعهم مشاركين بالفساد، ويقومون بعملية تصفية حسابات، ومتلهون عن معالجة الأمور.

السابق
بالفيديو: تكسير واجهة «جمعية المصارف».. وساحة الشهداء تجمع الثوار مجدداً!
التالي
مناجاة في زمن المعاناة!