فوضى الغلاء الفاحش.. اللبنانيون بين أنياب الدولار والاحتكار!

ارتفاع اسعار السلع

تستفحل أزمة الدولار في لبنان أكثر واكثر، في ظل الانهيار الحاصل بسعر صرف العملة الوطنية، اذ سجّل الدولار ارتفع أمام الليرة اللبنانية بنسبة 113%، مع تجاوز عتبة 3200 ليرة.
وفيما يستورد لبنان أغلب الحاجيات والأغذية، بدليل أنه قبل أزمة شحّ الدولار كان يصدّر بنحو 3 مليارات دولار، بينما كان يستورد بضائع ومواد أولية من شتى الأنواع والصنوف ومن دول كثيرة حول العالم، بما تصل قيمته إلى نحو 18 مليار دولار، أي أنه كان يستورد عملياً 6 أضعاف ما كان يصدّره إلى شركائه التجاريين من عرب وأجانب مجتمعين.
وهذا ما انعكس خللاً كبيراً في ميزان البلد التجاري، وأنتج عجزاً هائلاً في ميزان المدفوعات كان واحداً من الأسباب الرئيسية التي سحبت سيولة الدولار من شرايين الاقتصاد الوطني، والتهمت تقريباً نصف احتياطي العملات الصعبة لدى “مصرف لبنان” المركزي، بهبوطه تدريجاً من نحو 40 مليار دولار إلى نحو 20 ملياراً حالياً، إذا صحّت التقديرات الرائجة، علماً أن بعض التقارير الدولية كانت حذرت سابقاً من أن الاحتياطي القابل للتسييل والتصرّف لدى البنك المركزي يقل عن 10 مليارات دولار في أحسن الأحوال.

اقرأ أيضاً: صرخة شيعية بوجه نصرالله: كوادر «حزب الله» أكبر الفاسدين!

فوضى الغلاء الفاحش

وسط هذه السيناريوهات الحالية والمستقبلية المظلمة التي لا يوجد في آخر نفقها نقطة مضيئة إلا احتمال استخراج الغاز، وربما النفط لاحقاً، مضافاً إليه لجم الفساد وربما استرداد الأموال المنهوبة أو بعضاً منها، يبدو المستهلكون متروكين لقدرهم، كما الليرة، في أسواق استهلاكية فاحشة الغلاء لامس ارتفاع الأسعار فيها الضعفين أحياناً، وتجاوز هذه المستويات في حالات أُخرى.
ثمة مشكلة بارزة تتمثل في أن المتاجر الصغيرة في الأحياء التي كثيراً ما كانت تبيع بالدين توخياً لسداد فواتيرها عند قبض الرواتب آخر الشهر، باتت تمتنع عن تزويد الزبائن بالحاجيات إلا مقابل “الكاش” لسببين كما يقول تجار:

  • الأول، تقلبات الأسعار، إذ إن صاحب المتجر يشتري بالجملة بسعر معين ويبيع بهامش ربح أعلى بقليل، لكنه يُفاجأ عندما يشتري بضاعة مجدداً بأنه يتسلمها أعلى سعراً وبذلك يعتبر أنه يقع في خسارة مؤكدة إذا انتظر ليقبض من الزبون ثمن السلع بعد أسبوعين أو ثلاثة مثلاً.
  • والسبب الثاني أن كثيراً من الناس خسروا أعمالهم مع إقفال المؤسسات والجمود الاقتصادي الناتج من تدابير مكافحة انتشار فيروس كورونا المستجد، وما تفرضه من حجر منزلي تُستثنى منه بعض الوظائف وحالات الضرورة والطوارئ، وبالتالي يخشى صاحب المتجر من عدم قبض ثمن البضائع التي يبيعها لعائلات قد تعجز عن الدفع.

ويمكن القول إن ما يساهم في تعزيز استشراء الغلاء عاملان أساسيّان:

  • أولاً، أن المصارف التي لا تؤمّن تسهيلات ائتمانية دولارية للاستيراد بسعر الصرف الثابت (1515 ليرة)، ما خلا القمح والأدوية والوقود وفق آلية متفاهم عليها مع “مصرف لبنان” باعتبارها سلعاً حيوية، ما يُضطر مستوردي بقية السلع إلى اللجوء للصرّافين والخضوع لأسعار الصرف التي يطلبونها.
    ولأن سعر الدولار تجاوز الضعفين، بدا واضحاً في المتاجر أن الأسعار ترتفع يومياً تقريباً بنسبة تجاوزت أيضاً الضعفين، لأن التكلفة على المستوردين زادت أكثر من 100%. وهذه الزيادة تُعدّ مبرّرة على ضوء التكاليف.
  • ثانياً، استغلال كبار المستوردين ضعف الرقابة الحكومية في الأسواق، وخصوصاً أصحاب الاحتكارات ممّن يملكون وكالات حصرية لعشرات آلاف السلع التي يحتاج إليها المواطنون، حيث يعمدون إلى تكديسها في مخازن للتحكّم بأسعارها مع أن كثيراً من السلع الغذائية المطروحة في الأسواق والمحالّ التجارية اقترب أجل انتهاء صلاحيتها، ما يعني أنها مستوردة قبل الأزمة بأشهر.
السابق
بعد انخفاض اصابات «كورونا»..هل تُخفّف الإجراءات قريباً؟
التالي
اللبنانيون مهددون بلقمة عيشهم: الرغيف معلّق.. هل تنفجر الأزمة؟