دراما «محاربة التكفير».. آخر صيحات الأنظمة في كتم الحريات!

دراما تكفير ضباط مصر
أن تذهب لمشاهدة الدراما فهذا خيارك الشخصي، لكن أن تعيش تحت ظل أنظمة قمعية فذلك سيحتم عليك دراما لا تخرج من فلك السياسة، بل تصب في صالح استبداد يدّعي أنه ينقذ الشعب من خطر التكفيرين!

ماذا يعني أن تحارب التكفير، هذا المصطلح الجديد الذي بات يخترق الإعلام الرسمي كصيغة محدثة عن مفردة “إرهابي” والتي أنتجت من أجل محاربتها عشرات الاعمال الدرامية العربية منذ نهاية التسعينات وحتى مطلع الربيع العربي.

وبين حظر عرض مسلسل “الطريق إلى كابول” على قناة MBC وجدل عرض مسلسل “ما ملكت أيمانكم” في أوساط التجمعات الدينية داخل سوريا، بتنا اليوم أمام دراما جديدة تضاهي في أيدولوجيتها ما قدّم سابقاً، بل هي تمعن في إيهام الشعوب بقدرة الأنظمة على تطهير الأرض والقضاء على ما بات يسمى “التكفير”.

لنعود إلى رواية النظام السوري في إعلامه الرسمي الذي جند لصالح رؤية النظام في القضاء على كل أشكال المعارضة داخل سوريا، فكانت النتيجة اعمال درامية وسينمائية وثقت مرحلة محاربة النظام لمعارضيه لكن بإظهارهم جميعاً بصيغة “التكفير” أي الذين يجدون في الدين مطية لتحقيق غاياتهم، بل أنهم يأخذون من الدين القشور ويحاولون فرضه على الناس بالقوة.

الدراما السورية المسيسة

نمط جديد من الدراما سيتزامن مع مشروع “داعش” في المنطقة وخطاب الإعلام الرسمي الأحادي في قتالها مع تمويه أي شكل لأشكال المعارضة السياسية الحزبية والمدنية، الجميع بعرف النظام السوري تكفيرين والدراما ما هي إلا وسيلة لنقل هذه الأفكار على مدى تسع سنوات من الصراع السوري.

على أبواب الموسم الرمضاني يقدم النظام السوري مسلسلاً جديداً باسم “حارس القدس” يصبغه بنكهة مناهضة التكفير، وذلك عن طريق رواية سيرة حياة المطران السوري هيلاريون كبوجي، سحب المسلسل كامل الميزانية المرصودة لإنتاجات المؤسسة الحكومية المعناة بالدراما، وحشر من بابه إلى محرابه برسائل موجهة ضد “التفكيرين” اتكاءً على موقف المطران هيلارين قبل وفاته باحتفاله بـ”تحرير” مدينة حلب.

إقرأ أيضاً: حتى الناجي الوحيد لم يعد كذلك.. مسلسل سوري تنبأ بتفشي وباء «كورونا» قبل عشر سنوات!

هذا الموقف الذي بنى عليه النظام مسلسلاً كاملاً طالب بشار الأسد شخصياً بتنفيذه، يأتي ليتحدث تحت شعار يلوك به النظام باحتراف أي “القضية الفلسطينية” ويظهر مسيحي الشرق على أنهم ضحايا التكفير من سوريا إلى فلسطين وحتى مصر.

مصر وتمجيد الجيش

مصر التي بدورها تعيش أسوء حالات حرياتها الفنية تحت سيطرة المخابرات المصرية على القطاع الفني كاملاً، فأعادت إكمال سيرة الإخوان المسلمين قبل عامين عبر الجزء الثاني من مسلسل “الجماعة” والذي صور الإخوان على أنهم حركة “تكفيرية” بالكامل وكل أتباعها إرهابيين.

وفي الموسم الحالي تقدم مصر مسلسل “الاختيار” وينتقي المنتج تامر مرسي الذي يحتكر الدراما المصرية بيد منتج واحد، ويأتي العمل من بطولة الفنان أمير كرارة الذي قدّم لثلاثة مواسم متتالية بصيغة ضابط الشرطة ذي الأخلاق العالية إذ ينذر حياته لصالح مكافحة الإرهاب في بلاده.

المسلسل الجديد يروي حياة الضابط أحمد المنسي قائد الكتيبة 103 صاعقة، الذي استشهد في كمين مربع البرث في مدينة رفح عام 2017، أثناء التصدى لهجوم إرهابى في سيناء، لكن المسلسل أثار الجدل منذ بداية التحضير له حيث أشار صديق المنسي وليد الهواري عبر فيديو نشره على يويتوب نهاية العام الفائت إلى المتجارة بقضية صديقه من خلال إنتاج مسلسل سيتقاضى كرارة عليه لوحده خمسة ملايين جنيه.

وتساءل الهواري لو كانت قيمة إنتاج المسلسل دفعت على تأمين مبنى الكتيبة التي احتمى فيها المنسي أثناء الاشتباكات مع فصائل مسلحة في سيناء أعلنت ولائها لتنظيم داعش ألم يكن ليحمي نفسه ولا يسقط شهيداً، “ولم نكن لنصنع مسلسل عن حياته حالياً.. لأنه سيكون حي بيننا” هكذا ختم الهواري كلامه.

أما برومو المسلسل فجاء مستفزاً لدرجة عالية حيث يزخر بالجمل التي تمجد بوطنية الضباط المصريين وتبرز الجماعات المسلحة على أنها وباء أسود سيفتك بالبلاد، ويتابع البرومو بتحريضه حين يذكر جملة مفادها أن أهل سيناء هم الذين سينقذون الموقف إذا وقفوا إلى جانب الجيش وأثبتوا وطنيتهم في وجه “التكفيرين”.

بذلك يأتي اسم “الاختيار” ليقول للشعب بشكل مبطن إما أن تقفوا مع الدولة وتكونوا أبطال أو أن ترفضوا ذلك وستصنفون خونة تدعمون “التكفيرين”.

إقرأ أيضاً: مسلسل «البروفيسور» يستشهد بقمع أجهزة الأمن المصرية احتجاجات 25 يناير!

فهل تساعد الصيغة الدرامية الجديدة أنظمة جائرة كالنظامين السوري والمصري على إنقاذ نفسيهما وتلميع صورتهما في المنطقة كمدافعين في الصفوف الأولى ضد الإرهاب وبواحد من أحدث أشكاله “التكفير”؟!

السابق
إيران تتخبط «كورونياً» وإقتصادياً..60500 إصابة والوفيات إلى 3739!
التالي
تعميم سلامة يلاقي صداه في «عودة»..طلب لإستفادة الزبائن!