حرب الأسعار رسالة سعودية مزدوجة إلى روسيا ومنتجي النفط الصخري

النفط

فقدت أسعار النفط ما يصل إلى ثلث قيمتها الاثنين في أكبر خسائرها اليومية منذ حرب الخليج عام 1991، بعد أن أشارت السعودية إلى أنها سترفع الإنتاج لزيادة حصتها في السوق، في خطوة قال الخبراء إنها ستجعل روسيا أكبر الخاسرين بعد أن عارضت اتفاقا مع أوبك بقيادة السعودية للتوصل إلى اتفاق جديد بشأن خفض الإنتاج والتحكم في الأسعار.

وخفضت السعودية أسعار البيع الرسمية ووضعت خططا لزيادة الإنتاج الشهر المقبل بعد إحجام روسيا عن المشاركة في خفض كبير آخر اقترحته منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) لتحقيق الاستقرار في أسواق النفط.

ويُنهي تفكك المجموعة المعروفة باسم تحالف أوبك+، والتي تضم أعضاء أوبك علاوة على منتجين مستقلين بينهم روسيا، تعاونا استمر لما يزيد عن ثلاث سنوات لدعم السوق.

ويعني انهيار هذا التحالف أنه سيكون بوسع أعضاء أوبك والمنتجين من خارجها نظريا الضخ كما يحلو لهم في سوق متخمة أصلا. وقال المحلل في مجموعة “أواندا” للاستشارات المالية جيفري هالي “يبدو أن السعودية تنوي معاقبة روسيا” بقرارها كسر الأسعار.

وإن كانت روسيا تبدو من المستفيدين من أن يقضي تراجع الأسعار على المنافسة التي يقودها منتجو النفط الصخري في الولايات المتحدة، فإن السعودية هي المستفيد على المدى البعيد من تقويض هذا الإنتاج البديل، الذي ساعد الولايات المتحدة على الوصول إلى نوع من الاكتفاء الذاتي من النفط.

ويضع القرار السعودي واشنطن أمام إشكالية مزدوجة؛ فمن جهة يحقق خفض الأسعار وعدا للرئيس دونالد ترامب بتقييد سعر النفط، لكنه من جهة أخرى يهدد صناعة النفط الصخري المترنحة أصلا بسبب كلفة الإنتاج العالية، ويضع ضغوطا على شركات النفط التقليدية.

اقرأ أيضاً: أين الشعب السوري من إتفاق «سوتشي»؟!

وقال مصدران لوكالة رويترز إن السعودية تخطط لزيادة إنتاجها إلى ما يزيد عن عشرة ملايين برميل يوميا في أبريل بعد انتهاء الاتفاق على كبح الإنتاج الحالي في نهاية مارس.

ودأبت الرياض على إنتاج حوالي 9.7 مليون برميل يوميا في الأشهر القليلة الماضية.

وردت وزارة المالية الروسية الاثنين على ما يروج من تفسيرات بأن الخطوة السعودية ستوجه ضربة قوية لموسكو التي يعتمد جزء كبير من خططها الاقتصادية على عائدات النفط، بالقول إن روسيا يمكنها التكيف مع أسعار النفط بين 25 و30 دولارا للبرميل لفترة تمتدّ من ست إلى عشر سنوات قادمة.

وقالت الوزارة إنها قد تلجأ إلى صندوق الثروة السيادية الروسي لضمان الاستقرار على صعيد الاقتصاد الكلي، إذا استمر نزول أسعار النفط، كاشفة عن أنه حتى الأول من مارس، حوى الصندوق أكثر من 150 مليار دولار، أي ما يعادل 9.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لروسيا.

في المقابل، أوردت وكالة “سبوتنيك” الروسية نقلا عن مدير الموارد الطبيعية والسلع بوكالة فيتش للتصنيف الائتماني، دميرتي مارينتشينكو، قوله إن انخفاض أسعار النفط إلى ما يقارب 30 دولارا للبرميل، يهدد بعجز موازنة روسيا وتخفيض قيمة عملتها.

وذكر مارينتشينكو أنه “من غير المرجح أن تقبل موسكو بتراجع أسعار النفط إلى ما يقرب من 30 دولارا للبرميل، لأن ذلك سيخلق لها مشكلة كبيرة”.

وقال كريستيان مالك، رئيس قسم أبحاث النفط والغاز لأوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا لدى جيه بي مورجان، “تكشف هذه الأزمة عن أن السعودية ليست راغبة في دعم منتجي النفط الصخري وغيره. هم يعجّلون التباطؤ في النفط الصخري”.

وكان النهج الذي تتبعه السعودية للتوصل إلى اتفاق مع روسيا هو عبارة عن عرض غير قابل للتفاوض للانضمام إلى خطة خفض الإنتاج من خلال خفض 1.5 مليون برميل إضافي يوميا، مما يؤدي إلى خفض إجمالي الإنتاج إلى 3.6 مليون برميل يوميًا أو حوالي 4 في المئة من خط الإمداد العالمي.

ويُعتقد أن مثل هذا النهج قد أغضب موسكو، التي لا ترى نفسها شريكا صغيراً.

واعتبرت وكالة بلومبرغ الاقتصادية أن سبب رفض روسيا التوقيع على تعميق وتمديد اتفاق خفض إنتاج النفط هو النفط الصخري، الذي تعد الولايات المتحدة أكبر منتج عالمي له.

وذكرت أن وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك دخل قاعة الاجتماعات في منظمة أوبك بالعاصمة النمساوية فيينا، الجمعة، وقلب طاولة الاتفاق رأسا على عقب؛ ما أصاب جميع وزراء طاقة الدول المشاركة بالصدمة.

وأخبر نوفاك نظيره السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان بأن روسيا لا ترغب في خفض إنتاج النفط أكثر. وقال له إن “الكرملين قرر أن دعم الأسعار سيكون بمثابة هدية لصناعة النفط الصخري في الولايات المتحدة”.

من جانبه، قال رئيس معهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية في موسكو ألكسندر دينكين “لقد قرر الكرملين التضحية بـ ‘أوبك+’ لوقف تزايد إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة”.

وأضاف دينكين لوكالة بلومبرغ “إنها رسالة من موسكو إلى واشنطن التي وقفت أمام مشروع نورد ستريم للغاز الروسي نحو ألمانيا.. بالطبع، قد يكون الاضطراب مع السعودية أمرا محفوفا بالمخاطر، لكن هذه هي استراتيجية روسيا الحالية”.

السابق
هل أصبح لبنان دولة فاشلة؟
التالي
خطوة مهمة لاحتواء «كورونا».. هذا متوسط فترة حضانة الفيروس!