ندوة حول حدود المنطقة الاقتصادية البحرية اللبنانية.. وقضايا النفط والغاز

لبنان النفط

مع بدء حفر البئر النفطي في لبنان، عقدj ندوة حول “حدود المنطقة الاقتصادية البحرية اللبنانية وقضايا النف’ والغاز”، تحدث فيها الدكتور شربل سكاف، العميد خليل الجميّل والدكتور عصام خليفة.

وألقى سكاف كلمة قال فيها:

1-الاكتشافات في الحوض الشرقي للمتوسط وتحضيرات الدولة اللبنانية

تعتبر الموارد الطبيعية عاملاً اساسياً في تأمين حسن سير الاقتصاد العالمي. وابتداءاً من العام 2004 يلعب الغاز الذي اصبح يعتبر اداة جيوستراتيجية أساسية دوراً هاماً على الصعيد العالمي. فهو الطاقة الاكثر استخداماً بعد النفط ويزداد الطلب عليه سنوياً بين 2.5% و 3%. ويستمر التنقيب عن الغاز لتلبية الاحتياجات العالمية خاصة مع تقدم طرق الاستكشاف العلمية الجديدة في البحار والمحيطات. في هذا الاطار تأتي اكتشافات شرقي المتوسط : ففي اسرائيل 10 حقول مكتشفة لتاريخه  بين العامين 2004- 2016 أهمها حقل  Leviathan، وفي قبرص بدأ الاستكشاف عام 2007، وتكلل باكتشاف حقل Aphrodite  في العام 2011. في مصر مجموعة اكتشافات اهمها حقل ظهر عام  ال 2015  الذي يعتبر من اهم الاستكشافات التي قامت بها شركة  . ENI أما في سوريا فوقعت الحكومة السورية اتفاقاً مع SoyuzNeftgaz لبدء الاستكشاف في العام 2013 بدون اي خطوة عملية.

في السياسة الدولية المعاصرة، الموارد الطبيعية تعتبر عاملاً اساسياً في فهم طبيعة العلاقات الدولية. فبالنسبة لدول شرقي المتوسط فان الاكتشافات تحمل تحديات داخلية وخارجية مع تبعات على الصعد الاقتصادية والسياسية والجيوستراتيجية. فالموارد الطبيعية باتت رديفاً للقوة، ومصدراً للنزاعات والحروب. Razmig Keucheyan يعتبر ان الموارد الطبيعية كانت دائماً ملازمة للنزاعات في اطار الحروب بين الدول أو الحروب الاهلية.  Michael Klare يرى ان بعد انتهاء الحرب الباردة اصبحت الحروب اقل ايدوليوجية واكثر ارتباطاً مع فكرة السيطرة على الموارد الطبيعية. Bertrand Badie  يقول ان الحروب الاممية ( Guerre Interetatique) انتهت لصالح حروب السيطرة على الموارد أو السلطة.

إقرأ أيضاً: بعد نسب العهد «أبوة» النفط لنفسه.. جهاد شمص لـ«جنوبية»: الثورة تتصدى «علمياً» لمنع النهب!

مع بدء الاستكشافات في الحوض الشرقي للمتوسط، باشرت الدولة اللبنانية العمل على خطين متوازيين: اطلاق الدراسات البحرية للمنطقة الاقتصادية الخالصة ورسم الاطار المؤوسساتي لادارة الملف. فلقد قامت الشركة البريطانية Spectrum  والنروجية PGS  ب 7 دراسات للبحر اللبناني منذ العام 2000 حتى 2013 شملت 15252  Km2  دراسات زلزالية ثلاثية الابعاد (3D) و3200 كلم2 من المسوحات الزلزالية ثنائية الابعاد(2D)   من اصل اجمالي مساحة المنطقة الاقتصادية الخالصة البالغة 22,730  Km2. وافتتحت وزارة الطاقة Data Room  عام 2011 حيث وضعت الدراسات بمتناول الشركات العالمية الراغبة في الاستثمار في البحر اللبناني. وقد بلغت حصة الدولة اللبنانية من عائدات الدراسات اللبنانية حوالي 40 مليون دولار اميركي في حين تقدر مجمل البيوعات بحوالي 150 مليون دولار. (من دون الاخذ بعين الاعتبار الدراسات التي اجريت للبر اللبناني عامي 2013 و 2015).  وعند اطلاق دورة التراخيص الاولى عام 2013 تقدمت 52 شركة بطلبات تأهيل،  تأهل منها 46 من كبرى الشركات العالمية.

عمدت الدولة اللبنانية الى بلورة إطار تشريعي ومؤسساتي لملف الغاز منذ بداياته عام 2007 متضمناً مجموعة قوانين ومراسيم. ولقد استعانت منذ البدء بدولة النروج من خلال البرنامج الحكومي النروجي “النفط للتنمية” (Oil for Development) الذي يهدف الى مساعدة الدول النامية على استثمار مواردها الطبيعية.ولقد وقعت الاتفاقية لاول مرة عام 2006 و جددت 3 مرات لتاريخه. ونتج عنها المساعدة على صياغة مجموعة قوانين أهمها القانون 2010/132 “الموارد البترولية في المياه البحرية” الذي نتج عنه تأسسيس هيئة ادارة قطاع البترول التي لعبت دورا محورياً في التحضير لبدء عملية الاستكشاف التي انطلقت مؤخراً في 25 شباط 2020 (2017/57 “الاحكام الضرائبية المتعلقة بالانشطة البترولية” و 2018/84 “دعم الشفافية في قطاع البترول”)، المراسيم التطبيقية، اتفاقية الاستكشاف والانتاج (EPA)، تدريب اعضاء هيئة النفط وموظفي الوزارات المعنية، المساعدة على اعتماد مبادرة الشفافية الدولية في مجال الصناعات الاستخراجية في كانون الثاني 2017 (ITIE) ، اشراك المجتمع المدني في الاشراف على حسن سير القطاع، مسودة قانون الصندوق السيادي ومشروع قانون التنقيب على النفط في البر.

2-التحديات : اشكالية ترسيم الحدود + قدرة الدولة ومؤوسساتها + سياستها الخارجية + الانقسام الداخلي وتشعباته الاقليمية

اشكالية ترسيم الحدود

طرحت الاستكشافات المستجدة في شرقي المتوسط اشكالية ترسيم الحدود اللبنانية مع كل من قبرص وسوريا واسرائيل. فبظل حالة العداء والحرب مع اسرائيل واستمرار الاشكالية الدائمة في صعوبة تحديد الحدود البرية والبحرية مع سوريا والانقسام الداخلي حول طبيعة العلاقة معها، عمدت الدولة الى توقيع اتفاقية ترسيم حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة عام 2007 مع قبرص. صادق البرلمان القبرصي على الاتفاقية في حين لم يصادق البرلمان اللبناني عليها بالرغم من المراجعات القبرصية العديدة (الاتفاقية لم تحل الى المجلس النيابي ناهيك عن الضغوط التركية على لبنان لعدم التصديق). فبادرت قبرص الى توقيع اتفاقية في العام 2010 مع اسرائيل نتج عنها نزاع حدودي بحري بين الدولتين.  تجدر الاشارة الى ان الدبلوماسية السورية وجهت عام 2011 رسالة الى الامم المتحدة عبر سفيرها بشار الحعفري تعترض فيها على الحدود اللبنانية البحرية المعلنة بموجب المرسوم 6433/2011.  تتحمل الدولة اللبنانية مسؤولية الاخطاء والتبعات التي نجمت عن اتفاقية قبرص: فمن جهة لم تكن الاتفاقية تقنياً لصالح لبنان كونها اعتمدت خط الوسط (Mediane) و ذكرت ان النقطة 1 هي النقطة الثلاثية المشتركة بين قبرص واسرائيل ولبنان في حين أنها النقطة 23  فاستندت اليها اسرائيل فيما بعد لتكون اساس المشكلة. وانتظر لبنان العام 2011 للاضاءة على الاخطاء المرتكبة بعد ندوة في جنيف من تنظيم ASDEAM (Association Suisse pour le dialogue Euro – Arabo – Musulman)  لتكليف UKHO بدراسة حول الحدود البحرية لتكتشف الدولة اللبنانية بانه يحق لها بمساحة اضافية ابعد من النقطة 23. واعطت دراسة UKHO 3 سيناريوهات يعطي الاول منها لبنان 1350 كلم2 أضافي (خط وسطي بدون اخذ جزيرة تخلت بعين الاعتبار)، و الثاني 500 كلم2 اضافي (خط وسطي مع اخذ ½ جزيرة تخلت بعين الاعتبار)، و الثالث 200 كلم2 اذا اعتمد الخط العامودي. فالاخطاء التي وقعت فيها الدولة اللبنانية ادت الى نزاع جديد مع اسرائيل وتوتير العلاقة مع قبرص، علماً انه في ظل الوضع القائم، تبرز صعوبة تطبيق القانون الدولي واعتماد طرق حل النزاعات الحدودية البحرية كون الدول المحيطة بلبنان لم توقع على اتفاقية Montego Bay التي تنظم وترعى كيفية حل النزاعات.

قدرة الدولة ومؤسساتها على ممارسة السيادة من خلال ملف الغاز + الانقسام الداخلي

 يعتبر ملف الغاز أداة تمت من خلالها دراسة قدرة الدولة اللبنانية على ممارسة  سيادتها  بعد العام 2005، وذلك بعد ان اصبح لبنان من جديد لاعباً يتم التعاطي معه بشكل مباشر من قبل القوى الكبرى. وبين الغاز كذلك مدى قدرة مؤسسات الدولة اللبنانية على ممارسة سيادتها من خلال ادارة ملف شائك كالنفط، ومدى استعداد القوى السياسية لتجاوز الخلافات للسير قدماً في الملف، علماً ان الانقسامات والتوازنات الطائفية طبعت كل مراحل الملف (اعتماد القانون 132، مشروع مسودة الصندوق السيادي، هيئة ادارة قطاع البترول باعضائها الممثلين للطوائف الست المؤوسسة، اختيار البلوكات وما فجرته من صراع بين باسيل وبري…). فانعكاس الانقسام السياسي على التقدم في ملف الغاز لم يقتصر فقط على 8 و 14 اذار بل تعداه الى داخل الفريق الواحد (عون – بري)  الذي منذ العام 2005 كان له ارجحية واضحة في ادارة الملف بالنسبة الى باقي القوى السياسية (قوى 14 اذار كانت تعطي الاولوية للقضايا السيادية فضلاً عن الضغوط الامنية والاغتيالات التي طالتها). فالكباش السياسي والطائفي فرض مجموعة تسويات أدت الى اعادة اطلاق دورة التراخيص الاولى عام 2017 على أثر انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية وتسمية سعد الحريري رئيساً للوزراء بعد ان تم تأجيلها منذ العام 2013 على اثر استقالة الرئيس ميقاتي (تم اقرار مراسيم النفط 42 و 43 في الجلسة الحكومية الاولى برئاسة سعد الحريري بعد ان كانت تأجلت 6 مرات). فتعرقل الملف لاكثر من 3 سنوات دفع خلالها لبنان واقتصاده ثمن الانقسمات السياسية تأخيراً في بدء التنقيب عن الغاز. (شكلت لجنة وزارية في عهد حكومة تمام سلام وعقدت عشرات الاجتماعات بدون ان تفضي الى اعادة اطلاق دورة التراخيص، علماً ان الحكومة لم تكن متحمسة للتسريع في الملف)  وضعفت ثقة كبرى الشركات العالمية في قدرة الدولة اللبنانية على المضي قدماً في الملف. وبرزت العلاقة بين التسويات السياسية الكبرى وملف الغاز الذي اصبح جزءاً لا يتجزء منها بالاضافة الى الدور المحوري لوزراة الطاقة والمياه التي تحولت الى وزارة سيادية تحاور كبرى الشركات العالمية وتضطلع بدور أساسي في ادارة الملف، تتنازع على استلامها كبرى الطوائف والاحزاب. كذلك ظهر الدور المحوري للجيش اللبناني والادارات والمؤسسات المدنية في ادارة ملف الغاز والاستعدادات التي قامت بها، بالاضافة الى دور المجتمع المدني والجمعيات الاهلية والاعلام والجامعات في مواكبة الملف.

3- التحديات الاقليمية : الصراع في شرقي المتوسط بين تركيا ومصر (بوابة الطاقة) وبروز احلاف نفطية جديدة (5)

أما على الصعيد الاقليمي، فاسرائيل التي امنت الاكتفاء الذاتي، تسعى لتعزيز كسر عزلتها الاقليمية وتصدير غازها عبر خلق ديناميكية اقتصادية جديدة تمكنها من تكبير دائرة نفوذها وسيطرتها في المنطقة مطلقة مشروع انبوب للغاز (East Med) بالتعاون مع قبرص واليونان وبمساهمة من الاتحاد الاوروبي نحو القارة الاوروبية . أما مصر، فتعزز موقعها كمركز اساسي لتصدير الغاز بعد الاكتشافات الغازية في المتوسط وبناء معامل لتسييل الغاز بطاقة استعابية كبيرة تعتبر الوحيدة في المنطقة بعد فشل كل من اسرائيل وقبرص في بناء معامل مماثلة (المفاوضات حصلت بين  Noble Energy  و Woodside Petroleum لكنها لم تنجح). واطلقت مصر منتدى الغاز في شرق المتوسط الذي يضمها مع كل من فلسطين والاردن وقبرص واليونان وايطاليا واسرائيل والذي يجعل منها لاعباً اساسياً في المنطقة. اما تركيا، فتسعى لكسر الطوق عليها بعد وصول الرئيس السيسي الى سدة الحكم في مصر وفشل محادثات السلام لاعادة توحيد جزيرة قبرص، مستفيدة من وقوعها على تقاطع خطوط الغاز القادمة من الشرق من جهة بحر قزوين والشمال من جهة روسيا الى اوروبا ساعية لتعزيز دورها وتكبير دائرة نفوذها مع افضلية واضحة لمصر لكي تكون هي الحلقة التي من خلالها سيتم تصدير معظم غاز شرق المتوسط. كذلك ايران التي تملك احتياطات كبيرة من الغاز، فلقد اطلقت عدة مشاريع لانابيب الغاز وسعت الى تعزيز دورها ونفوذها السياسي والاقتصادي والعسكري في كل من العراق وسوريا ولبنان لكن هذه المشاريع تعثرت اثر العقوبات الاميركية المتجددة وسقوط الاتفاق النووي بعد وصول الرئيس الاميركي دونالد ترامب.

4- التحديات الدولية: وساطة فاعلة للولايات المتحدة، نفوذ تاريخي لاوروبا ودور متجدد لروسيا

أما الصعيد الدولي، أوجد الغاز الذي يعتبر عاملاً اساسياً لفهم العلاقات الدولية سبباً اضافياً لتدخل القوى الكبرى بصورة مباشرة مع امكانية ان يكون عامل سلام أو نزاعات. فالولايات المتحدة الاميركية تقوم منذ العام 2011 بوساطة فاعلة من اجل حل النزاع البحري بين لبنان واسرائيل مكثفة من مساعداتها العسكرية والاقتصادية للبنان، في حين ان روسيا عززت دورها ووجودها العسكري المباشر في شرق المتوسط مع بدء الحرب السورية عام 2011 فضمنت حصرية التنقيب عن الغاز السوري والمشاركة في التنقيب في البحر اللبناني عبر ائتلاف الشركات الذي تقوده شركة TOTAL الفرنسية ويضم Eni  الايطالية و Novatek الروسية. أما الاتحاد الاوروبي الذي يجد في المنطقة امتداداً لنفوذ تاريخي متجدد، فحضوره الفاعل اقتصادياً وثقافياً ومشاركته العسكرية في اليونيفيل تمت ترجمته عبر المشاركة الفاعلة لكبرى شركاته النفطية في الاستكشاف والتنقيب في كل من لبنان وقبرص ومصر، مع العلم ان اولوية الاتحاد الاوروبي تبقى في تنويع مصادر الغاز الطبيعي للتخفيف من الاعتماد بشكل رئيسي على الغاز الروسي.

5- الخلاصة (5)

ان الغاز ساهم في تجديد الدور الاقتصادي التاريخي لمنطقة شرقي المتوسط التي اصبحت مسرحاً للقضايا الكبرى وحلقة جيوبوليتيكية اساسية. واضاف طبقة جديدة من النزاعات الى القائمة أصلاً، وادى الى بروز محاور نفطية سياسية جديدة. كما انه ساهم في خلق ديناميكية دولية للتسابق نحو المنطقة، وادى الى ظهور لاعبون جدد كدولة النروج التي تعتبر قوة متوسطة صاعدة ومحايدة. واصبح الغاز قضية اقتصادية وسياسية محورية في السياسة اللبنانية، وتم تحويله الى اداة ووسيلة للنزاعات والحلول في ان معاً، ساهم في تزكية الصراعات الطائفية بدون أن يؤدي الى حرب أهلية. وعادت الدولة اللبنانية من خلال الغاز لاعباً يسعى لممارسة دوره وسيادته وان بشكل غير كامل مع الاشارة ان الغاز عزز موقع لبنان كدولة مستقلة يتطلع الجميع الى التعاون معها.

أما د. عصام خليفة فقال: “من المسلم به ان قضية الحدود البرية والبحرية والجوية لكل دولة هي مسألة بالغة الأهمية. ونذكّر في هذا المجال بقول الباحث الألماني هاوز هوفر: الدولة هي حدودها. بالنسبة للحدود البحرية اتفق الباحثون على انها تعيّن المدى المائي الذي تمارس عليه الدولة سيادتها كما على اليابسة من أراضيها. وبعد ان كانت، في الماضي على بعد يتراوح بين 2 و 5 كلم عن الشاطئ، فقد أصبحت حدود المياه الإقليمية تصل الى 12 ميلاً بحرياً انطلاقاً من “خط الأساس البحري” على الشاطئ أي الخط المستقيم الذي يصل بين رؤوس النقاط البارزة لشاطئ الدولة المطلة على البحر. وفي مطلع القرن العشرين أخذ الحوض الشرقي للبحر المتوسط يعرف أهمية متزايدة بفعل التنقيبات النفطية والغازية الجارية فيه من تركيا شمالاً الى مصر وليبيا جنوباً.

أولاً: إشكالية الحدود البحرية:

بالنسبة لحدود منطقتنا البحرية يمكن ان نورد النقاط التالية:

  1. بدأت الدولة اللبنانية بالمبادرة الى ترسيم حدودها البحرية مع قبرص وسوريا وإسرائيل عام 2002.
  2. في العام 2007 وقّع لبنان مع قبرص اتفاقية لترسيم الحدود البحرية اعتمد فيها خط الوسط. مع ان الدول القارية، بحسب القانون الدولي، لها مساحة اقتصادية بحرية تتجاوز تلك التي تخص دول الجزر البحرية المقابلة. إضافة الى ذلك بين النقطتين 1 جنوباً و 6 شمالاً حصل تراجع عن الحقوق اللبنانية. (الخبراء اللبنانيون كانوا من وزارة الاشغال وكان محمد الصفدي وزيراً لتلك الوزارة).
  3. لكن لم يلبث خبراء من الجيش اللبناني – من مديرية الشؤون الجغرافية – ان قاموا بتعديل نقطة الحدود الجنوبية. فعدلوا النقطة رقم 1 بالنقطة 23.
  4. في 14 تموز أودع لبنان الأمم المتحدة وقبرص احداثيات حدوده البحرية المعدّلة. ولكن قبرص بادرت الى توقيع اتفاق (بتاريخ 17 كانون الأول 2010) مع إسرائيل انطلاقاً من النقطة 1 بدلاً من النقطة 23. وقد قامت إسرائيل بتاريخ 12 تموز 2011 بترسيم حدودها مع لبنان حيث ضمّت مساحة لا تقل عن 860 كلم2 من المنقطة البحرية اللبنانية.
  5. في العام 2011 أصدرت الحكومة اللبنانية المرسوم رقم 6433 الذي تضمّن حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة مع سوريا وقبرص وإسرائيل.
  6. يحق للبنان ان يحتسب المساحة البحرية بناء على طول الشاطئ المتعرج ولكن تم احتساب هذه الحقوق بناء على الخط المستقيم الذي أفقدنا ما يعادل حوالي 15% منها.

ثانياً: النفط والغاز:

        يبدو ان هناك الكثير من الدراسات والأبحاث التي اكدت وجود النفط والغاز في المستطيل المائي لشرق المتوسط. لا بل ان إسرائيل بدأت بخطوات عملية خاصة في حقول leviathan, tanin, tamar, dalit karich .

وحقل Aphrodite بالنسبة لقبرص.

        ومنذ أيام بدأت شركة توتال الحفر في المربع رقم 4 اللبناني. ولن أدخل في الكلام عن كميات الغاز والنفط المتوقعة في المربعات اللبنانية العشرة، على امتداد شرق المتوسط لكن حسبي الإشارة الى ما توصلت اليه مؤسسة رسمية أميركية عام 2010 درست أعماق شرق المتوسط من مصر الى تركيا (83 الف كلم2)فوجدت ان الغاز متوافر بما يساويأو يزيد على 124 تريليون قدم مكعب من الغاز و 1,7 بليون برميل من النفط. وحصة لبنان 24%من هذه الثروة. أي ان حصة لبنان 850 مليار م3 من الغاز قيمتها 1700 مليار$. و425 مليون برميل من النفط قيمتها 21 مليار$ تقريباً. واذا كان من المفترض ان تحصل الدولة على 40% من شركات التنقيب، فهذا يعني انها تحصل على 700 مليار $ بحسب أسعار هذه الأيام، ومن النفط يمكن ان تحصل على 10مليار $. على صعيد تطور مسألة استغلال لبنان للثورة النفطية والغازية يمكننا عرض ما يلي:

  1. منذ العام 2002 بدأ المسح للشاطئ اللبناني.
  2. في 24/8/2010 صدر القانون رقم 2010/132 وهو قانون جيّد على ما يقول اغلب الخبراء.
  3. في العام 2013 حصل تأليف الهيئة الناظمة لقطاع البترول.
  4. في العام 2017 صدر المرسوم 2017/43. وقد ورد في المادة الخامسة منه: “لن يكون للدولة مشاركة في دورة التراخيص الأولى”.
  5. يعتبر الخبراء الوطنيون أمثال د. نقولا سركيس ان المرسوم مناقض للقانون، وانه يعني “تنازلاً كارثياً عن حقوق ملكية الدولة على النصيب الذي يعود لها من الإنتاج. فاذا اعتبرنا على سبيل المثال ان نصيب الدولة المتفق عليه هو 4% من مجموع بترول وغاز مكتشف قيمته 50 مليار دولار في رقعة من العشر رقع البحرية، فهذا يعني بالعربية الفصحى خسارة ملكية نصيب يعود للدولة في ظل المشاركة الفعلية قيمته 20 مليار دولاراً” بينما المشاركة التي نص عليها قانون البترول – والتي تمارسها أكثر من 70 دولة في العالم – تعني مشاركة فعلية في كل العمليات الصناعية والتجارية.
  6. ان تطبيق المرسوم 43 يؤدي الى رسم رمزي واتاوة من أتعس ما يكون على الغاز اذ انها لا تتجاوز 4% من قيمة الإنتاج (أي اقل من ثلث نسبة 12.5% التي تبنتها إسرائيل مثلاً والتي تشكل المعيار السائد في العالم). وضريبة دخل 20% مقابل معدل 26% في البلدان الأخرى. واستناداً الى هذه المعطيات يتبيّن ان حصة لبنان خلال السنوات الأولى من الإنتاج ستتراوح بحدود 47%. هذا في أفضل الحالات، أي في حال قدمت الشركات ارقاماً حقيقية عن حساباتها وارباحها، دون ان ننسى إمكانية إعلانها عن خسائر، مما لا يترك للبلد المضيف سوى الاتاوة الهزيلة المذكورة أعلاه. يبقى ان حصة الـ 47% التي يمكن تأملها في أحسن الحالات هي أدني بأشواط من حصة % 85-65 التي تحصل عليها الدول التي تطبق نظام تقاسم الإنتاج الذي نص عليه القانون البترولي اللبناني قبل ان يزوّره المرسوم 2017/43″.
  7. من الأهمية بمكان الاستمرار بتمثّل التجربة النروجية في موقفها حول الصندوق السيادي.
  8. ضرورة وضع خطة على المديين المتوسط والبعيد على صعيد تحضير الكوادر البشرية (معاهد متخصصة ومراكز أبحاث) وتحضير الأسواق، ومصانع البتروكيماويات وخطوط النقل وما اليها. مع ضرورة اصلاح وتأهيل مصفاتي طرابلس والزهراني.
  9. إبعاد السياسة عن هذا الملف وتكليف مسؤولين اكفياء لادارة هذا القطاع.
  10. الاهتمام بالبترول في البر فقد بيّن البروفسور العالِم داني عازار (الأستاذ المميز في الجامعة اللبنانية) ان هناك عدة مناطق لبنانية تحتوي على النفط وبخاصة الصخري منه.
  11. لقد دفشت إسرائيل توتال 25 كلم في البلوك 9، وهي تعمل في كاريش على بعد 4 كلم من حدودنا. مع العلم ان مسؤول النفط الإسرائيلي صرّح بان المنطقة 9 تنطوي على ثروة (نفط – غاز) لا تقل قيمتها عن 74 مليار $.
  12. إيجاد مخططات لمدن صناعية للمنتجات النفطية (ادوية، اسمدة الخ…)
  13. محاولة عدم الدخول في الصراع الدولي المحتدم حول استغلال حقول النفط اللبناني والانفتاح على الأوروبيين والأميركيين والروس والصين وربما غيرهم.

في الخلاصة اما ان ندخل هذا القطاع في نفق الفساد الداخلي الذي نعاني من نتائجه، واما ان نحافظ عليه كقاعدة لمواجهة مصاعبنا الاقتصادية وتأمين مستقبل واعد لأجيالنا القادمة. وكذلك اما ان ندخل في لعبة الأمم الإقليمية والدولية ونكون أدوات لمطامعها في ثرواتنا، فنودي بالوطن الى الانهيار، واما ان نحافظ على استقلالنا وسيادتنا ونستغل ثرواتنا لمصالح شعبنا وهذا هدف حركتنا الثقافية وعاميتنا الكبرى. وبذلك نبني للإنسان وحقوقه وللبنان وقوة دولته ومجتمعه في المئوية الثانية لذكرى اعلان دولة لبنان الكبير.

من جهته، تحدث العميد خليل الجميّل عن إشكالية الحدود البحرية اللبنانية قائلاً:

من ناحية الجنوب:

بدأت الإشكالية عندما خالفت قبرص اتفاقيتها مع لبنان عام 2007 بحيث رسّمت حدودها مع إسرائيل اعتباراً من النقطة رقم واحد وليس اعتباراً من النقطة 23 كما اودعت الى قبرص والأمم المتحدة في 14/7/2010 أي قبل ترسيم قبرص وإسرائيل بحوالي خمسة أشهر. الامر الذي خلق منطقة فحاولت إسرائيل قضمها ومساحتها حوالي 860 كلم مربع. بينما حدود لبنان البحرية بالواقع تتعدى الحدود التي عينها لبنان الى ابعد بكثير من النقطة 23 لناحية الجنوب.

من ناحية الشمال:

رسّم لبنان حدوده البحرية مع سوريا عام 2011، بموجب المرسوم 6433/2011 واعترضت سوريا عليه وهي تعتبر ان حدودها مع لبنان البحرية تبدأ بخط 2700 درجة من مصب النهر الجنوبي الكبير من حدود المنطقة الاقتصادية الحصرية بينما رسّم لبنان حدوده البحرية مع سوريا بموجب طريقة خط الوسط المعتمدة عالمياً بينما الطريقة السورية غير معتمدة في أي قانون بحري معلن وفيه يخسر لبنان 962 كلم مربع من حدوده البحرية مع سوريا.

من ناحية قبرص:

رسّم لبنان حدوده البحرية مع قبرص عام 2007 بطريقة خط الوسط وهي طريقة غير معتمدة بين بلد قاري له واجهة بحرية وجزيرة مقابلة والمفروض الترسيم بطريقة طول الاتجاه العام للشاطئ والذي يزيد مساحة حدود لبنان البحرية لناحية القرب حوالي 2640 كلم مربع.

الاقتراحات:

إعادة النظر بالمرسوم رقم 6433/2011 وترسيم الحدود من ناحية الجنوب دون اخذ تأثير صخره (تخليت) ومن الغرب باعتماد نسبة طول الاتجاه العام للشاطئ ومن الشمال حسب الخط المعلن في المرسوم المذكور وعدم الاخذ بالخط السوري 2700 المتوازي مع خطوط العرض. 

السابق
بعد الصين.. إيطاليا الاكثر تضرراً بفيروس كورونا!
التالي
«الإشتراكي» يُعلن عن تسجيل حالتي «كورونا» في الشويفات.. وسيارة تجوب المنطقة للتحذير!