خالد العزيّ لـ«جنوبية»: حزب الله دفع في إدلب ثمناً لأجندة خارجية

حزب الله
كاتب ومحلل السياسي، أستاذ في العلاقات الدولية بالجامعة اللبنانية، باحث في القضايا الدولية وفي الشؤون العربية وتطورات المنطقة، إنه الدكتور خالد العزيّ.

ما مدى قدرة الحراك على رسم خارطة السياسة الداخلية اللبنانية؟ يشدد الدكتور  العزّي، قائلا “الحراك يخصنّا بالدرجة الأولى، وهو حالة رفض للحياة التي نعيشها، والسلطة السياسية لم تستطع الاستجابة لمطالب الحراك بشكل عام، علما أن الحراك لم يكن يطلب المستحيل إنما كان يطلب شروطا معينة، وعلى السلطة الاستجابة لها، وبالتالي كانت تمارس لعبة اعادة تكوين نفسها، وكأنه لم يحصل شيء في البلد منذ أربعة اشهر ونصف”.

اقرأ أيضاً: «حزب الله» يُمنى بـ«هزيمة إلهية» في إدلب.. ولا عزاء الشهداء

الحراك هو نتيجة عجز السلطة

ويضيف “هذا يعني أنه نتيجة ارباك السلطة وعجزها عن ايجاد البديل، البلد في حالة انهيار، وإفلاس، ومقاطعة، وشبه جوع، وأمام ارباك في المشهد السياسي، فالسلطة لا تزال تسعى لتفصيل الثوب الداخلي على قياسها وقياس تحالفاتها الخاصة بتوازنات داخلية معينة، وهذا سيؤدي إلى تصعيد المشهد أكثر فأكثر، وكل يوم نرى السلطة تُدهش العالم في تعاملها مع الدَين العام، ومع المصارف، واليوم مع “الكورونا”، وكيفية تعامل السلطة مع هذا الفيروس، وبالتالي اخفقت وعرّضت حياة الناس للخطر”. وعن دور حزب الله الإقليمي الأخير، يؤكد العزيّ لـ”جنوبية” أن “وجود حزب الله في إدلب ليس بسبب أجندة خاصة به، إنما هو ارتباط أجندته بمصالح دولة أخرى التي تحارب دولة على أرض ثالثة، فلبنان أصبح ينفّذ ليس سياسته، ولا يعزز دوره المحلي أو دوره الإقليمي، إنما الدور المطلوب منه. مما سيدّفع الحزب خسائر لا ناقة له فيها ولا جمل. وبالتالي لم يعد من وجود للشعارات الكبيرة التي حاول الحزب اقناع الناس بها في بداية الحرب في سوريا بأنها حرب المقدّسات، ومنع الإرهاب، ومنع التسلل”. 

وجود حزب الله في إدلب ليس بسبب أجندة خاصة به، إنما هو ارتباط أجندته بمصالح دولة أخرى

حزب الله يقاتل بأجندات إقليمية وخارجية

وأوضح “اليوم في إدلب، المعركة هي معركة جيوبوليتيكية، مرتبطة تحديدا بالأتراك لمنع التسلل واعادة توزيع الأدوار التي إتفق عليها في آستانة و”سوتشي”، ولكن كما يبدو حاولوا القطف حبة حبة، وعندما اعترض الأكراد سمحوا لهم بالوصول إلى مسافة 30 كيلومتر، التي هي الحدود والنقاط المتفق عليها في “سوتشي”. وبالتالي “الحزب دفع ثمنا ليس له به علاقة، وليس بالدفاع عن معركة، وحاله حال الجيش السوري وحال الميليشيات السورية التي باتت تقاتل بأجندات إقليمية وخارجية. فوضع إدلب كان منذ البداية يحدد الدور الريادي والمطلوب”.

إدلب منطقة أمن قومي لتركيا

وبخصوص الوضع وبركان البارود المتفجر، يشرح العزيّ، بالقول “طبعا معركة إدلب هي أمّ المعارك بالنسبة لرسم خريطة السياسية الجديدة لسوريا، لأن تركيا ترى أن إدلب هي منطقة أمن قوميّ لها، لذا كان الإتفاق بين الروس والأتراك في البداية على تنفيذ اتفاقات “سوتشي” وآستانة، ولكنها تعثّرت بعد معارك شرق الفرات التي لم تسمح فيها روسيا لتركيا بالتمدد، فكان جواب تركيا عدم تسليم المنطقة في إدلب، التي كانت روسيا تحاول وصل الطرق الرئيسية فيها لكي تقول انتهت العملية العسكرية في سوريا ويجب توظيفها في الحلّ السياسي”.

خالد العزي
الباحث في القضايا الدولية وفي الشؤون العربية وتطورات المنطقة الدكتور خالد العزّي

روسيا تحاول إبعاد تركيا عن المشهد 

ورأى ان “هذا الحلّ السياسي يرضيّ طرفيّ المعركة، وهما الطرف الرئيس والمباشر أيّ الأميركي، أما الطرف غير المباشر فهو الإسرائيلي، وبالتالي روسيا تحاول انتزاع هذا الحل السياسي وابعاد تركيا عن المشهد، وعدم تقاسمها مع الحلول السياسية القادمة. فسوريا ترى تركيا بغضّ النظر عن دورها، ترى بأن هناك دورا صغيرا يجب أن تلعبه وإن كان حجمه صغيرا، وبالدرجة الأولى حماية مصالحها”.

لتركيا علاقة قوية مع الغرب وأميركا الذين لا يزالان ينظران إلى تركيا بعين الاعتبار

تلقى حزب الله الضربة القاسية ودفع ثمنا باهظاً

ومن هنا “حاولت روسيا ابعاد تركيا عن المشهد، لكن مع التصعيد التركي وقفت بوجهها، ثم سُمح لها بتوجيه ضربة قاسية للوجود الإيراني، وهذا الإتفاق تم بين روسيا وأميركا وتركيا، وبالتالي تلقىّ حزب الله الضربة القاسية ودفع ثمنا باهظا في منطقة لم يعد بالإمكان أن يستمر وجوده فيها، لذلك تركيا حاجة مهمة لروسيا وعلاقتها بها أكبر من معركة في إدلب، فهناك علاقة جيوسياسية كبيرة، وبالنسبة لتركيا هناك علاقة قوية لا يزال الغرب وأميركا ينظران إلى تركيا بعين الاعتبار، وإن كانا لا يثقان بأردوغان، ولكن تركيا أصبحت عاملاً مهماً رغم كل شيء”.

اقرأ أيضاً: أمهات قتلى حزب الله «يرقصن مذبوحات من الألم».. ماذا يقول الطب النفسي؟

الإتفاق هو ابعاد العامل الإيراني

ويختتم العزيّ عرض  بالقول “كما يبدو أن الإتفاق هو أنهم يريدون ابعاد العامل الإيراني الذي أصبح ضعيفا في المنطقة، من خلال السماح لتركيا بهذا التوجه، وإبتعاد روسيا عن المواجهة، ربما لأنها لا تريد المواجهة مع تركيا، ولأنها لا تريد أن تعطيّ للغرب فرصة جديدة للتقرّب من تركيا أكثر. وربما تركيا حققت ما تريد (أيّ 30 كلم في منطقة إدلب) في النقاط الموجودة عليها، وهذا يعني أننا ذاهبون إلى اتفاق “سوتشي” جديد أو إتفاق آستانة جديد مع الأتراك، بعيدا عن وجود حزب الله أو إيران بمن فيهم الحرس الثوري”.

السابق
لأول مرّة.. النيابة العامة تتخذ اجراءات قانونية ضد ٢٠ مصرفا لبنانيا!
التالي
قمة الصراع على إدلب.. لقاء أردوغان وبوتين المنتظر!